اﻟﻮﺟﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻺرﻫﺎب
ﻣﻊ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻗﺘﻞ اﳌﺼﻠﲔ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪا أول ﻣﻦ أﻣﺲ اﻟﺠﻤﻌﺔ، اﺗﻀﺢ أن اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﻮاﺟﻪ ﺗﻄﺮﻓﴼ وإرﻫﺎﺑﴼ ﻣﻐﺎﻳﺮﴽ ﳌﺎ ﺗﻢ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ ﺧﻼل اﻷﻋﻮام اﻟﺜﻼﺛﲔ اﳌﺎﺿﻴﺔ، واﻟــــﺬي ﺣـــﺎول اﳌــﺘــﻄــﺮﻓــﻮن واﻹرﻫــﺎﺑــﻴــﻮن إﻟــﺼــﺎﻗــﻪ ﺑـﺎﻟـﺪﻳـﻦ، ﺧﺼﻮﺻﴼ اﻟﺪﻳﻦ اﻹﺳـﻼﻣـﻲ. إﻧﻨﺎ ﻓﻲ »ﻣﺮﻛﺰ اﳌﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻟﻠﺤﻮار« أﻛﺪﻧﺎ ﻣﻨﺬ إﻃﻼق ﻣﺒﺎدرة اﻟﺤﻮار ﺑﲔ أﺗﺒﺎع اﻷدﻳﺎن واﻟﺜﻘﺎﻓﺎت أﻫﻤﻴﺔ اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺪﻳﻦ ﺟﺰءﴽ ﻣﻦ اﻟﺤﻞ، وﻟﻴﺲ أﺳﺎس اﳌﺸﻜﻠﺔ. وﻗﺪ واﺟﻪ ﻫﺬا اﻟﻨﺪاء ﺻﻌﻮﺑﺎت ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ إﻗﻨﺎع اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ وﺻﻨﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻓﻲ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ اﻷﺳﺎس. وﺧﻼل اﻷﻋﻮام اﻷرﺑﻌﺔ اﳌﺎﺿﻴﺔ، وﺑﺨﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺻﻌﻮد ﺗﻨﻈﻴﻢ »داﻋﺶ«، ﺑﺪأ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ وﻛﺬﻟﻚ اﳌـﺆﺳـﺴـﺎت اﻟـﺪوﻟـﻴـﺔ اﻟﺒﺤﺚ ﻋـﻦ ﻣﻌﺎﻟﺠﺎت دﻳﻨﻴﺔ ﻟﻠﺘﻄﺮف ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﺑـﲔ اﻷﻓـــﺮاد واﻟـﻘـﻴـﺎدات واﳌـﺆﺳـﺴـﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻣﻊ ﺻﺎﻧﻌﻲ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻹﻳﺠﺎد ﺣﻠﻮل ﻋﺎﺟﻠﺔ وﻧﺎﺟﺤﺔ ﳌﺼﺎﺋﺐ اﻟﺘﻄﺮف واﻹرﻫـــﺎب، وأﺻﺒﺢ ﺻﻨﺎع اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻐﺮب ﻳﺠﺮون ﻣﺤﺎوﻻت ﺑﺎﺋﺴﺔ ﻣﺘﺨﺒﻄﺔ أﻣﻼ ﻓﻲ إﻳﺠﺎد ﻣﻌﺎﻟﺠﺎت ﺗﻨﺎﺳﺐ اﻹﻳﻤﺎن اﳌﻄﻠﻖ ﺑﻔﺼﻞ اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ، وﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﻓـﻲ اﻟـﺪﻳـﻦ ﻛﺠﺰء ﻣـﻦ اﻟﺤﻞ ﻓـﻲ ﻣـﺤـﺎوﻻت ﳌﻜﺎﻓﺤﺔ اﻟﺘﻄﺮف واﻹرﻫــــﺎب. وﻗــﺪ ﺗﺮﺗﺒﺖ ﻋﻠﻰ ذﻟــﻚ ﻣﻌﺎﻟﺠﺎت ﻓﺎﺷﻠﺔ ﻻ ﺗﻘﻞ ﺧﻄﺮﴽ ﻋﻦ ﻓﺸﻞ اﳌﺤﺎوﻻت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﳌﻜﺎﻓﺤﺔ اﻹرﻫﺎب.
وﻓــﻲ أﺛـﻨـﺎء ﻫــﺬه اﳌــﺤــﺎوﻻت واﳌــﺒــﺎدرات اﻟﺘﻲ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺗﺼﻌﻴﺪ إﻋــﻼﻣــﻲ وﺳـﻴـﺎﺳـﻲ ﻣـﺘـﻄـﺮف ﻣــﻮﺟــﻪ ﺿــﺪ اﻹﺳــﻼم واﳌﺴﻠﻤﲔ، وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ اﻷﻗﻠﻴﺎت اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻌﺮﻗﻴﺔ، ﺷﻬﺪت اﳌـﺠـﺘـﻤـﻌـﺎت اﻟــﻐــﺮﺑــﻴــﺔ ﻧــﻤــﻮ اﻟــﺤــﺮﻛــﺎت اﻟـﺸـﻌـﺒـﻮﻳـﺔ وارﺗــﻔــﺎع ﺷﻌﺒﻴﺔ اﻷﺣﺰاب اﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ اﳌﺘﻄﺮﻓﺔ، واﻟﺘﻲ وﺟﺪت ﻓﻲ ﻛﺮاﻫﻴﺔ اﻹﺳﻼم واﳌﺴﻠﻤﲔ واﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ أرﺿﴼ ﺧﺼﺒﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟـﺪﻋـﻢ اﻟﺸﻌﺒﻲ وﺗﻘﻠﺪ اﳌﺴﺆوﻟﻴﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﺨﻄﺎﺑﺎت اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ وﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﺠﺪ اﻟـﺪﻋـﻢ واﳌـﺴـﺎﻧـﺪة، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻤﻜﻦ ﺑﻌﺾ اﳌـﺘـﻄـﺮﻓـﲔ ﻣــﻦ ﺗﻘﻠﺪ زﻣـــﺎم اﳌـﺴـﺆوﻟـﻴـﺎت وإدارة اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﳌﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﺗﻄﺮف وإرﻫﺎب ﺟﺪﻳﺪ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﻪ ﻣﺜﻴﻞ. ﻓﻬﻮ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻹرﻫﺎب اﻟﺬي ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ آﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ، وﻳﺴﺘﺨﺪم وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، وﻣــﻮﺟــﻪ ﺿــﺪ ﻓـﺌـﺎت دﻳﻨﻴﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﻛﺎﳌﺴﻠﻤﲔ ﺛــﻢ اﻟﻴﻬﻮد. وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻦ ﺟﺮاﺋﻢ إرﻫﺎﺑﻴﺔ ﺿﺪ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﻓﻲ ﻣـﻮاﻗـﻊ ﻋــﺪة، وآﺧــﺮﻫــﺎ ﻓـﻲ ﻧـﻴـﻮزﻳـﻠـﻨـﺪا، أو ﺿـﺪ اﻟـﻴـﻬـﻮد ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻴﺘﺴﺒﺮغ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، ﻳﺆﻛﺪ أﻧﻨﺎ ﻣﻘﺒﻠﻮن ﻋﻠﻰ أﺧﻄﺮ أﻧﻮاع اﻟﺘﻄﺮف واﻹرﻫﺎب اﳌﺴﻨﻮد ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﻨﺘﺨﺒﺔ، وﺗﻮﺟﻬﻬﺎ وﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻷﺣــﺰاب واﻟـﻘـﻴـﺎدات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ اﳌﺘﺸﺪدة، واﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻢ اﻟﺘﻄﺮف واﻹرﻫـــﺎب وﺗﺴﻮﻗﻪ ﻣﻦ ﺧـﻼل ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﻨﻮات اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ، ﻣﺴﺘﻐﻠﺔ وﻣﺴﺘﻔﻴﺪة ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺎت اﳌﺘﻨﻮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. ﻓﻠﺬﻟﻚ ﻋـﻠـﻴـﻨـﺎ أن ﻧــﻜــﻮن ﻣـﺴـﺘـﻌـﺪﻳـﻦ ﳌــﻮاﺟــﻬــﺎت ﻣــﻊ أﺧــﻄــﺮ ﻣـﺮاﺣـﻞ اﻟﺘﻄﺮف واﻹرﻫﺎب، اﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﺳﺘﻤﺮارﻫﺎ وﻧﺠﺎﺣﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻘﻠﺪ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺎت اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻣﻦ اﳌﺤﺘﻤﻞ أن ﻧﺮى ﻗﺮﻳﺒﴼ إﺑﺎدات ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻷﻗﻮام ﺑﺴﺒﺐ دﻳﻨﻬﻢ أو ﻟﻮﻧﻬﻢ. وﻗﺪ ﻳﺼﻞ اﻟﺨﻄﺮ إﻟﻰ ﻣﺪاه ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺮارات اﻟﻨﻮوﻳﺔ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ أﺣﺰاب وﻗﻴﺎدات ﻳﻤﻴﻨﻴﺔ ﻣﺘﻄﺮﻓﺔ، وﻫﺬا ﻧﺮاه ﻳﺤﺪث ﺑﺘﺼﺎﻋﺪ ﺳﺮﻳﻊ وﺧﻄﻴﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺪول ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ.
ﻟـﻘـﺪ ﺑـﺬﻟـﻨـﺎ ﻓــﻲ »ﻣــﺮﻛــﺰ اﳌــﻠــﻚ ﻋـﺒـﺪ اﻟــﻠــﻪ اﻟــﻌــﺎﳌــﻲ ﻟـﻠـﺤـﻮار ﺑــﲔ أﺗــﺒــﺎع اﻷدﻳــــﺎن واﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺎت« ﻣــﻦ ﺧــﻼل اﻟـــﺪول اﳌﺆﺳﺴﺔ وﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ وﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻨﻤﺴﺎ وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ واﻟﻔﺎﺗﻴﻜﺎن ﺑﺼﻔﺘﻬﺎ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، وﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺠﻠﺲ اﻹدارة اﳌﻜﻮن ﻣﻦ اﳌﺴﻠﻤﲔ واﳌﺴﻴﺤﻴﲔ واﻟﻴﻬﻮد واﻟﺒﻮذﻳﲔ واﻟﻬﻨﺪوس، وﻣﺠﻠﺲ اﺳﺘﺸﺎري ﻣﻜﻮن ﻣﻦ ﺧﻤﺴﲔ ﻋﻀﻮﴽ ﻣﻦ ﺧﻤﺲ ﻋﺸﺮة دﻳﺎﻧﺔ وﻣﻌﺘﻘﺪﴽ، ﺟﻬﻮدﴽ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻟﻠﺘﻨﺒﻴﻪ إﻟﻰ ﺧﻄﺮ اﻟﺘﻄﺮف واﻹرﻫﺎب اﻟﻘﺎدم.
إن ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻗﺘﻞ اﳌﺼﻠﲔ ﻓﻲ ﻧﻴﻮزﻳﻠﻨﺪا ﻟﻴﺴﺖ إﻻ ﻣﺆﺷﺮﴽ ﻋﻠﻰ ﺑﺮوز ﻇﺎﻫﺮة أﻛﺒﺮ ﻟﻄﺎﳌﺎ ﺣﺬرﻧﺎ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ »ﻣﺮﻛﺰ اﳌﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻟﻠﺤﻮار«. وﻟﻦ ﺗﺘﻼﺷﻰ ﻫﺬه اﻟﻈﺎﻫﺮة إﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻜﺎﺗﻒ ﺟﻬﻮد اﻷﻓﺮاد واﳌﻨﻈﻤﺎت ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻗﻴﻢ اﻟﺤﻮار واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ، واﻷﻫﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻫﻮ ﺗﻮﻓﺮ اﻹرادة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺴﻦ ﻗﻮاﻧﲔ ﺗﺠﺮم ﻣـﻌـﺎداة اﳌﺴﻠﻤﲔ وﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ أﺗﺒﺎع اﻷدﻳــﺎن اﻷﺧﺮى، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﻣﻊ ﻣﻌﺎداة اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ.