ﻣﺮوﻳﻦ... ﺷﺎﻋﺮ اﻟﻀﻤﻴﺮ اﻷﺧﻼﻗﻲ
رﺣﻞ ﻋﻦ ١٩ ﻋﺎﻣﴼ
رﺣــــﻞ ﺻــﺒــﺎح أﻣــــﺲ ﻋـــﻦ ١٩ ﻋــﺎﻣــﴼ اﻟـﺸـﺎﻋـﺮ اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻲ دﺑﻠﻴﻮ إس ﻣــﺮوﻳــﻦ أﺣــﺪ أﺑـــﺮز اﻟـﺸـﻌـﺮاء اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ اﳌﻌﺎﺻﺮﻳﻦ، واﻟﺤﺎﺋﺰ ﻋـﻠـﻰ ﺟــﺎﺋــﺰة ﺑــﻮﻟــﻴــﺘــﺰر، وﺷـﺎﻋـﺮ اﻟــــﻮﻻﻳــــﺎت اﳌــﺘــﺤــﺪة ﻋــــﺎم ٠١٠٢، ﻣـﺨـﻠـﻔـﴼ أﻛــﺜــﺮ ﻣـــﻦ ٠٢ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺔ ﺷﻌﺮﻳﺔ، وﺗﺮﺟﻤﺎت ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﺪدﴽ ﻟﻜﺒﺎر اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻌﺎﳌﻴﲔ، وﻣﻨﻬﻢ أوﺳــــﻴــــﺐ ﻣـــﺎﻧـــﺪﻟـــﺸـــﺘـــﺎم وﺑــﺎﺑــﻠــﻮ ﻧـــﻴـــﺮودا، إﺿــﺎﻓــﺔ إﻟـــﻰ ﻋـــﺪة ﻛﺘﺐ ﻧﺜﺮﻳﺔ.
واﺷــﺘــﻬــﺮ ﻣـــﺮوﻳـــﻦ ﺑـﻤـﻮاﻗـﻔـﻪ اﻹﻧــﺴــﺎﻧــﻴــﺔ اﳌــﻨــﺎﻫــﻀــﺔ ﻟـﻠـﻌـﻨـﻒ واﻟــــﺤــــﺮب واﻟــــﻼﻣــــﺴــــﺎواة، ﺣﺘﻰ ﻟﻘﺐ ﺑﺸﺎﻋﺮ اﻟﻀﻤﻴﺮ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ. وﻟﻢ ﻳﺘﻬﺎدن ﻣﺮة ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻔﻪ ﺗﻠﻚ. وﺗﺠﺴﺪ ذﻟــﻚ ﻓـﻲ رﻓﻀﻪ ﺟﺎﺋﺰة ﺑـﻮﻟـﻴـﺘـﺰر ﻋـــﺎم ١٧٩١، ﻗــﺎﺋــﻼ إﻧـﻪ »ﻟــــﻦ ﻳــﺸــﻌــﺮ ﺑــﺎﻟــﻔــﺨــﺮ ﻛـﺄﻣـﻴـﺮﻛـﻲ ﺑــﺘــﺘــﻮﻳــﺠــﻪ ﻫـــــﺬا« ﺑــﻌــﺪﻣــﺎ ﻓﻌﻠﺖ أﻣــﻴــﺮﻛــﺎ ﻣـــﺎ ﻓــﻌــﻠــﺖ ﻓـــﻲ ﻓـﻴـﺘـﻨـﺎم. وﻟﻜﻦ ﻋﺎد وﻗﺒﻞ اﻟﺠﺎﺋﺰة ﺑﻌﺪﻣﺎ اﺳـــﺘـــﺤـــﻘـــﻬـــﺎ ﻋـــــﻦ دﻳـــــﻮاﻧـــــﻪ »ﻇـــﻞ ﺳــﻴــﺮﻳــﻮس« ﻋــﺎم ٩٠٠٢. وﻛـﺬﻟـﻚ رﻓﺾ ﻋﻀﻮﻳﺔ »اﳌﻌﻬﺪ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻟــﻠــﻔــﻨــﻮن واﻵداب« ﻋــــﺎم ٢٧٩١، ﺛــﻢ ﻋـــﺎد وﻗـﺒـﻠـﻬـﺎ ﻋـــﺎم ٧٧٩١. ﺛﻢ اﻧــﻬــﺎﻟــﺖ ﻋــﻠــﻴــﻪ اﻟــﺠــﻮاﺋــﺰ اﳌـﻬـﻤـﺔ ﺑﻌﺪ ﻫـﺬا اﻟﺘﺎرﻳﺦ. وﺑﺎﺧﺘﺼﺎر، ﻟﻢ ﺗﺒﻖ ﺟﺎﺋﺰة إﻻ وﻧﺎﻟﻬﺎ، ﺑﺤﻴﺚ اﻋﺘﺒﺮ أﻛﺜﺮ اﻟﻜﺘﺎب اﻷﺣﻴﺎء »ﻓﻮزا ﺑـﺎﻟـﺠـﻮاﺋـﺰ ﻣــﻊ أﻧــﻪ أﻛـﺜـﺮ اﻟﻜﺘﺎب زﻫﺪﴽ ﺑﻬﺎ«.
ﻛﺎن ﻣﺮوﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﻘﻠﺔ اﻟــﺬﻳــﻦ ﺗـﺠـﺴـﺪ ﻓـﻴـﻬـﻢ اﻻﻧـﺴـﺠـﺎم ﺑــﲔ اﻹﺑــــﺪاع واﳌــﻤــﺎرﺳــﺔ. ورﺑـﻤـﺎ دﻓﻌﻪ ﻫﺬا ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﻣــﻦ ﺣـﻴـﺎﺗـﻪ إﻟـــﻰ اﻻﻧــﺴــﺤــﺎب ﻣﻦ ﻫـﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ »اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ«، اﳌﻠﻲء ﺑﺎﻟﻈﻠﻢ واﻟـﻘـﺒـﺢ، إﻟــﻰ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻟـﻴـﺤـﺘـﻔـﻲ ﺑــﻬــﺎ ﻓـــﻲ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺎﺗـﻪ اﻟـــﺸـــﻌـــﺮﻳـــﺔ ﻋـــﻠـــﻰ ﻣــــــﺪى ﺛــﻼﺛــﲔ ﻋـــﺎﻣـــﴼ. ﻟــﻜــﻦ، ﻣـــﻊ ذﻟــــﻚ، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟــﻘــﻮل إﻧـــﻪ »ﺷــﺎﻋــﺮ رﻋـــــﻮي«، أو إﻧــﻪ »ﺷــﺎﻋــﺮ اﻟـﻄـﺒـﻴـﻌـﺔ«، ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺗـــﻮﺣـــﺪه ﺷــﺒــﻪ اﻟــﺼــﻮﻓــﻲ ﻣـﻌـﻬـﺎ، واﻟﺘﻐﻨﻲ ﺑﺠﻤﺎﻟﻬﺎ اﻟﻔﻄﺮي، ﻛﻤﺎ ﻳـﺬﻫـﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻨﻘﺎد اﻟﻐﺮﺑﻴﲔ. إﻧـــــــﻪ ﺷــــﺎﻋــــﺮ ﻏـــﻀـــﺐ ﺑـــﺎﻟـــﺪرﺟـــﺔ اﻷوﻟــــﻰ، وﺷــﺎﻋــﺮ ﺣــﺐ أﻳـﻀـﴼ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ. ﻏﻀﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺼﻨﺎﻋﻲ اﻟــﺬي دﻣــﺮ اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، وﻋــــﻠــــﻰ اﻹﻧــــــﺴــــــﺎن اﻟــــــــﺬي أﻓـــﺴـــﺪ ﻫــــﻮاءﻫــــﺎ، ﺑــﻌــﺪﻣــﺎ ﻓــﺠــﺮ ﻏﻀﺒﻪ ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺗﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﻜــﻮﻟــﻮﻧــﻴــﺎﻟــﻴــﺔ، واﻟــﺤــﺮب، واﻟﻈﻠﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ. وﻫﻮ ﺷﺎﻋﺮ ﺣــﺐ ﻟــﻬــﺬا اﻹﻧـــﺴـــﺎن اﳌــﻌــﺬب ﻓﻲ اﻷرض، وﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺄﻛﻠﻬﺎ »اﻟــﺨــﺮاب اﻟـﺤـﻀـﺎري«، اﻟﻮﺣﺶ اﻟـــﺬي ﻳـﺪﻣـﺮ ﻣــﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣــﻦ ﺑــﺮاءة ﻋﺎﳌﻨﺎ. إﻧﻪ ﻣﻐﻨﻲ اﻟﺮوح واﻟﺴﻤﻮ اﻹﻧــﺴــﺎﻧــﻴــﲔ اﻟــﻠــﺬﻳــﻦ ﻳﺘﻀﻤﻨﺎن ﺑــﻌــﺪﴽ ﺑــﻮذﻳــﴼ واﺿــﺤــﴼ، ﻓــﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺧــﻼ ﻣـﻨـﻬـﻤـﺎ، ﻛــﻤــﺎ اﻧــﻌــﻜــﺲ ذﻟــﻚ ﻓــﻲ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺘـﻪ »اﻟــﻘــﻤــﻞ«، اﻟـﺘـﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ ﻋـﺎم ٧٦٩١ ﻛـﺮد ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻰ ﺣـﺮب ﻓﻴﺘﻨﺎم. ﻳﻘﻮل ﻓـﻲ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣــﻌــﻪ ﻋـــﻦ دور اﻟــﺸــﺎﻋــﺮ: »ﻫــﻨــﺎك ﻧﻮع ﻣﻦ اﻷﻣﻞ اﳌﻠﺢ ﻧﺮاه ﻓﻲ ﺷﻌﺮ اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳﻨﻘﺬ اﻟﻌﺎﻟﻢ. إن اﳌـــــﺮء ﻳـــﺤـــﺎول أن ﻳــﻜــﺘــﺐ ﻛـﻞ ﻣـﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻋـﻦ أﺷـﻴـﺎء ﻳﺤﺒﻬﺎ ﻣــﺎ دام ﻫـﻨـﺎك وﻗــﺖ. وأﻧــﺎ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻫــﺬا دور اﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ... أﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ؟ ﻧﺤﻦ ﻧﺒﻘﻰ ﻧﻌﺒﺮ ﻋﻦ ﺣﺒﻨﺎ وﻏﻀﺒﻨﺎ، وﻧﺮﺟﻮ، رﺑﻤﺎ ﺑﻼ أﻣﻞ، أن ﻳﺘﺮك ذﻟﻚ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ«.
ﺗـــــﺤـــــﻮل ﻣــــــﺮوﻳــــــﻦ ﺣــﻴــﺎﺗــﻴــﴼ ﻛــﺜــﻴــﺮﴽ، وﺗــﺮاﻓــﻖ ذﻟـــﻚ ﺑــﺎﻟــﺘــﻮازي ﻣﻊ ﺗﻄﻮر ﻓﻨﻪ اﻟﺸﻌﺮي، اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻣﻨﺬ ﺻــﺪور ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ اﻷوﻟﻰ »ﻗﻨﺎع ﻟﺠﺎﻧﻮس« - وﻫﻮ رب اﻟﺒﺪاﻳﺎت واﻟﺘﺤﻮﻻت واﻟﺰﻣﻦ واﻟـــــﻨـــــﻬـــــﺎﻳـــــﺎت ﻓــــــﻲ اﻷﺳــــــﻄــــــﻮرة اﻟـﺮوﻣـﺎﻧـﻴـﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ - اﻟـﺼـﺎدرة ﻋــــﺎم ٢٥٩١ إﻟــــﻰ آﺧــــﺮ ﻛـــﺘـــﺎب ﻟـﻪ وﻫـــﻮ »اﻟـــﺠـــﻮﻫــﺮي« ﻋـــﺎم ٧١٠٢. ﻟﻘﺪ ﺟــﺮب ﻛـﻞ اﻷﺳـﺎﻟـﻴـﺐ، ﺷﻌﺮا وﻧـــــﺜـــــﺮا، وﻛــــﺘــــﺐ اﻟـــﺸـــﻌـــﺮ اﻟــﺤــﺮ واﳌﻮزون، وﺑﻠﻐﺔ ﻛﺜﻴﻔﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﺗﺮﻛﺖ ﺗﺄﺛﻴﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ واﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺸﺒﺎب.
وﻟﻸﺳﻒ، ﻟﻢ ﻳﺘﺮﺟﻢ ﳌﺮوﻳﻦ اﻟــﻜــﺜــﻴــﺮ إﻟــــﻰ اﻟــﻌــﺮﺑــﻴــﺔ، ﻣـــﺎ ﻋــﺪا ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﺳﺮﻛﻮن ﺑﻮﻟﺺ ﳌﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣـﻦ ﻗﺼﺎﺋﺪه، وﻛــﺎﻧــﺖ ﻟــﻸﺳــﻒ ﻣـﻀـﻄـﺮﺑـﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ ﻛﺜﻴﺮة ﻓﻲ رأﻳﻨﺎ.
وﻟﺪ وﻟﻴﻢ ﺳﺘﺎﻧﻠﻲ ﻣﺮوﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻋﺎم ٧٢٩١ ﻟﻘﺲ ﺑــﺮوﺗــﺴــﺘــﺎﻧــﺘــﻲ ﻳـﺘـﺒـﻊ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﳌﺸﻴﺨﻴﺔ، وﻧﺸﺄ ﻓﻲ ﻧﻴﻮﺟﺮﺳﻲ وﺳـﻜـﺮاﻧـﺘـﻮن، ﺑﻨﺴﻠﻔﺎﻧﻴﺎ. ﺑﻌﺪ ﺗــﺨــﺮﺟــﻪ ﻋـــﺎم ٨٤٩١، ﺗﺨﺼﺺ ﻓــﻲ اﻷدب اﻟــﺮوﻣــﺎﻧــﺴــﻲ، ﺛــﻢ ﺑـﺪأ ﺑﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺸﻌﺮ، ﻗﺒﻞ أن ﻳﺼﺪر ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻪ ٢٥٩١، اﻟـﺘـﻲ ﻳـﻘـﻮل إﻧـﻬـﺎ ﺟــﺎءت ﺗﺤﺖ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻗــﺮاءاﺗــﻪ اﻟـﺮواﺋـﻴـﺔ، وﺧﺎﺻﺔ ﻟﺠﺰﻳﻒ ﻛﻮﻧﺮاد وﻟﻴﻒ ﺗــﻮﻟــﺴــﺘــﻮي، أﻛــﺜــﺮ ﻣـــﻦ ﻗـــﺮاءاﺗـــﻪ اﻟﺸﻌﺮﻳﺔ. واﻧﺘﻘﻞ ﻓﻲ ﻋﺎم ٦٧٩١ إﻟــــــﻰ ﺟــــﺰﻳــــﺮة ﻫــــــــﺎواي ﻟـــﺪراﺳـــﺔ اﻟــﺒــﻮذﻳــﺔ، واﺳــﺘــﻘــﺮ ﻧـﻬـﺎﺋـﻴـﴼ ﻓﻲ ﻣﺎوي اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﺎ ﻟﺤﲔ رﺣﻴﻠﻪ أﻣﺲ.