Asharq Al-Awsat Saudi Edition

موسكو تستكمل ترتيبات استئناف نشاط القوات الدولية في الجولان

أشارت إلى اتصالات مع دمشق وأنقرة بخصوص »المنطقة الأمنية« شمال سوريا

- موسكو: رائد جبر

أعــــلـــ­ـنــــت مـــــوســ­ـــكـــــو، أمــــس (الإثنين)، أنها أنجزت الترتيبات المـــتـــ­عـــلـــقـ­ــة بــــــعــ­ــــودة قـــــــــ­ـوات فــك الاشتباك التابعة للأمم المتحدة إلى المناطق الفاصلة بين القوات الــــســـ­ـوريــــة والإســـرا­ئـــيـــلـ­ــيـــة فـي الــجــولا­ن. وأفــــاد بـيـان عسكري بأن »الظروف باتت مهيأة لعودة طواقم الأمم المتحدة إلى ٦ مراكز مــــراقــ­ــبــــة«، بــعــد نـــشـــاط مـكـثـف قـــامـــت بـــه الــشــرطـ­ـة الـعـسـكـر­يـة الــــروسـ­ـــيــــة فـــــي المــنــطـ­ـقــة خـــلال الـشـهـور الـثـلاثـة المـاضـيـة. وقـال رئـيـس قسم الشرطة العسكرية فــــي وزارة الــــدفــ­ــاع الـــروســ­ـيـــة، الجنرال فلاديمير إيفانوفسكي: »نحن الآن في منطقة مرتفعات الــجــولا­ن عـلـى خـط بــرافــو، على الجانب السوري الشرقي، حيث تـم إنـشـاء ٦ مـراكـز مـراقـبـة منذ نـهـايـة الــعــام المــاضــي، لتسهيل عــمــلــي­ــات مـــراقـــ­بـــة الــــوضــ­ــع فـي المنطقة المنزوعة السلاح، فضلاً عن مراقبة وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل«.

وزاد فـــــــــ­ي حـــــــدي­ـــــــث إلــــــى الــصــحــ­افــيــين، أمــــــس، أنـــــه »تــم تــجــهــي­ــز المــــواق­ــــع بــالــكــ­امــل مـن الناحية الهندسية«، موضحاً أنه »يمكننا الـقـول إنـه تمت تهيئة كـل الـظـروف لتتمكن قــوة الأمـم المـتـحـدة لمـراقـبـة فـض الاشـتـبـا­ك مـن وضـع مواقعها، والـبـدء في الــعــمــ­ل بـشـكـل كــامــل عــلــى خـط برافو، لتنفيذ المهام التي قامت بها قبل عام ٢٠١٣.«

وأشـــــــ­ـــار الــــجـــ­ـنــــرال إلــــــى أن العسكريين الــروس والسوريين يــقــومــ­ون بــتــدريـ­ـبــات مـشـتـركـة بالقرب من »خط برافو،« مؤكداً وجــود »خـطـة واحـــدة« لحراسة وتأمين المنطقة.

كــانــت الـــقـــو­ات الــدولــي­ــة قـد جمدت نشاطها في المنطقة منذ عام ٢٠١٣ بسبب تدهور الوضع الأمـــنــ­ـي فــيــهــا، وأعــلــنـ­ـت سـحـب قـواتـهـا فــي الــعــام الــتــالـ­ـي، بعد تعرض ٤٥ عنصراً من جنودها لـلاخـتـطـ­اف فــي أغـسـطـس (آب) .٢٠١٤ وقــــد تـــم تــحــريــ­رهــم فـي سبتمبر (أيلول) من العام ذاته. وأعــلــنـ­ـت الأمـــــم المــتــحـ­ـدة الــعــام الماضي بدء تنفيذ عملية إعادة تـدريـجـيـ­ة لــقــوات حـفـظ الـسـلام الـتـابـعـ­ة لـهـا إلـــى »خـــط بــرافــو« الـفـاصـل بــين الــجــزء المـحـتـل من هضبة الـجـولان والـجـزء الواقع تحت سيطرة السلطات السورية.

وبدأت روسيا نشاطاً مكثفاً نــهــايــ­ة الــــعـــ­ـام المــــاضـ­ـــي لإعـــــاد­ة تــطــبــي­ــع الــــوضــ­ــع فــــي المــنــطـ­ـقــة، بعدما كانت قد توصلت قبل ذلك إلى اتفاق لإقامة منطقة خفض التصعيد في المنطقة الجنوبية الـــســـو­ريـــة، وأعـــقـــ­ب ذلــــك سـحـب القوات الإيرانية والقوات التابعة لـطـهـران مـن المنطقة الجنوبية، ونــــشـــ­ـر وحــــــــ­ــدات مـــــن الـــشـــر­طـــة الــعــســ­كــريــة الـــروســ­ـيـــة لـتـعـزيـز الأمــــــ­ن فــيــهــا. وكــــــان لافـــتـــ­اً، فـي هـذا الإطــار، أن إسرائيل اتهمت فـي وقــت سـابـق مـن هــذا الشهر علي موسى دقدوق، وهو عضو فــي »حـــزب الــلــه« الـلـبـنـا­نـي كـان محتجزاً في العراق في اتهامات بقتل جنود أميركيين، بتشكيل شـبـكـة حـــرب عـصـابـات سـوريـة لشن هجمات عبر الحدود على أهــــــــ­ـداف إســـرائــ­ـيـــلـــي­ـــة، بـحـسـب مـــا أوردتـــــ­ـــه وكـــالـــ­ة »رويــــتــ­ــرز«. وقــــــال الـــنـــا­طـــق بـــاســـم الـجـيـش الإسرائيلي، الكولونيل جوناثان كونريكوس: »لن نسمح لـ(حزب الـــلـــه) بــتــأســ­يــس بــنــيــة تـحـتـيـة إرهابية في الجولان قادرة على ضــرب المـدنـيـي­ن الإسـرائـي­ـلـيـين،« كـــمـــا نــقــلــت وكــــالــ­ــة الــصــحــ­افــة الـفـرنـسـ­يـة. وجــــاءت الاتـهـامـ­ات ضـــد دقـــــــد­وق فـــي الـــوقـــ­ت الـــذي تسعى فـيـه إسـرائـيـل للحصول على اعتراف أميركي بسيادتها على أجــزاء مـن هضبة الجولان احـتـلـتـه­ـا فــي حـــرب عـــام ١٩٦٧، وتعتبرها منطقة عـازلـة مهمة أمنياً.

وأعــلــن نــائــب قــائــد الــقــوات الــروســي­ــة فــي ســوريــا، سيرغي كـورالـيـن­ـكـو، فـي أغـسـطـس (آب) المـاضـي، أن الـشـرطـة العسكرية الــروســي­ــة أمــنــت وصـــــول قـــوات فـــك الاشـــتــ­ـبـــاك (الأنــــــ­ــــدوف) إلــى مرتفعات الجولان عبر الأراضي الـــســـو­ريـــة لــلــمــر­ة الأولـــــ­ـــى مـنـذ انـدلاع النزاع السوري. وأوضح كــورالــي­ــنــكــو أنـــــه خـــــلال الـــنـــز­اع المــســلـ­ـح فـــي ســـوريـــ­ا لـــم تـتـمـكـن بعثة الأمم المتحدة من العمل في مواقعها على الأراضي السورية، حــــيــــ­ث كـــــانــ­ـــت تــــحــــ­ت ســـيـــطـ­ــرة المـسـلـحـ­ين، مـشـيـراً إلــى أن أفــراد الـبـعـثـة كـانـوا يـضـطـرون لتفقد تـلـك المـنـاطـق، والــوصــو­ل إليها عبر الأراضي اللبنانية، وأضاف أن الشرطة العسكرية الروسية تقدم كل المساعدة اللازمة للبعثة الأمـــمــ­ـيـــة لــتــفــق­ــد المـــــوا­قـــــع الــتــي دمرتها الحرب من أجل البدء في إعادة إعمارها.

وكـان من المقرر، وفق إعلان وزارة الـدفـاع الـروسـيـة فـي ذلك الــحــين، إنــشــاء ٨ نــقــاط مـراقـبـة على الجانب السوري من منطقة فـــك الاشـــتــ­ـبـــاك لمــنــع حـــــدوث أي استفزازات. ولم توضح موسكو، بــعــد الإعــــــ­ـلان أمـــــس عـــن إقــامــة ٦ مــراكــز مــراقــبـ­ـة، مــا إذا كـانـت ستواصل عمليات إنشاء مراكز جديدة في المنطقة.

عـلـى صـعـيـد آخــــر، حصلت مـــوســـك­ـــو عـــلـــى مـــــا وصــــــف فـي الـصـحـافـ­ة الــروســي­ــة بــ »غـنـيـمـة حرب ثمينة « خلال عمل وحداتها في منطقة الجولان، إذ أعلن قائد كتيبة الشرطة العسكرية، رستم نوماخادجيف، أن وحدة روسية عـثـرت خــلال قـيـامـهـا بحفريات عـلـى دبــابــة سـوفـيـاتـ­يـة الصنع من طراز »تي ٣٤«، كانت مدفونة تــحــت الـــرمـــ­ال فـــي مـنـطـقـة خـط الترسيم الـفـاصـل بـين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان.

وأوضــــــ­ـح نــومــاخـ­ـادجــيــف: »كنا نقوم بإعداد وتركيب نقطة مراقبة على الخط الفاصل بين سوريا وإسرائيل. وخلال العمل، اكتشفنا في الأرض مادة صلبة تـبـين بـعـد الـكـشـف عـلـيـهـا أنـهـا دبـابـة سوفياتية مـن طــراز (تي )،٣٤ كـــانـــت قـــد أعــطــبــ­ت خــلال الــحــرب، وبـقـيـت فـي المـكـان منذ عام ١٩٧٣ .«

وأوضح القائد العسكري أن الـقـوات الروسية قامت »بإعادة صــيــانــ­ة الـــدبـــ­ابـــة وتـنـظـيـف­ـهـا، تــحــضــي­ــراً لــعــرضــ­هــا فــــي وقــت لاحــــــق، خــصــوصــ­اً مـــع اقـــتـــر­اب موعد الـذكرى الـ٧٥ للنصر على النازية .«

إلــــــــ­ى ذلــــــــ­ــك، أكــــــــ­د المـــبـــ­عـــوث الـخـاص لـلـرئـيـس الــروســي إلـى الــشــرق الأوســــط ودول أفـريـقـيـ­ا نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، أن المشاورات ما زالت جــاريــة مــع الـحـكـومـ­ة الـسـوريـة والأطـــــ­ـــراف المـعـنـيـ­ة بـخـصـوص المنطقة الأمنية في شمال سوريا. ورداً عــلــى أســئــلــ­ة صـحـافـيـي­ن حــــول تـــطـــور­ات المــنــاق­ــشــات فـي شـــــأن الــخــطــ­ة الــتــركـ­ـيــة لإقــامــة منطقة آمـنـة على طـول الـحـدود مــــع ســــوريــ­ــا، قـــــال بـــوغـــد­انـــوف إن »المــــــش­ــــــاورا­ت مــســتــم­ــرة مـع الـحـكـومـ­ة الـسـوريـة، وكـذلـك مع الأطــــــ­راف المـعـنـيـ­ة الــتــي تـشـارك فــي إطـــار (آســتــانـ­ـة)، وبطبيعة الــحــال مــع أنــقــرة، فـالاتـصـا­لات مـسـتـمـرة مـــع الــجــانـ­ـب الـتـركـي عـلـى كـل المـسـتـوي­ـات السياسية والعسكرية والأمنية«.

ولــفــت بـــوغـــد­انـــوف إلــــى مـا وصــفــه بــأنــه »بـــــطء فـــي تـنـفـيـذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقاً«. ومـن دون أن يحمّل أي طـــرف المـسـؤولـ­يـة عــن ذلـــك، قـال الـدبـلـوم­ـاسـي الــروســي إن على الأطراف أن »تتحلى بالصبر كي تتمكن مـن اتـخـاذ الـقـرار بشكل مـدروس، بغية تحقيق الأهـداف في القضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي في سوريا، خصوصاً في الشمال، ولا سيما إدلب«.

وزاد: »بـــالـــط­ـــبـــع، أمــامــنـ­ـا كثير من المهمات من أجل إعادة بــنــاء الـبـنـيـة الـتـحـتـي­ـة، وعـــودة الـــــلاج­ـــــئــــ­ـين، ودفـــــــ­ـــع الـــتـــس­ـــويـــة الـسـيـاسـ­يـة، وتـطـبـيـع الـعـلاقـا­ت داخـــــــ­ـــــــل مــــــكــ­ــــونــــ­ــات المـــجـــ­تـــمـــع السوري«، لافتاً إلى أن الأوضاع باتت تتحسن في سوريا بشكل مـــلـــحـ­ــوظ، رغــــــم وجـــــــو­د بـعـض المشكلات التي تحتاج مزيداً من الجهد للتغلب عليها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia