التقارب بين الحريري وريفي يتعزز ويؤسس لتعاون سياسي وانتخابي
تـــــــعـــــــود عـــــــلاقـــــــة رئــــيــــس الــحــكــومــة الــلــبــنــانــيــة سـعـد الـــــحـــــريـــــري ووزيــــــــــــر الــــعــــدل الــســابــق أشـــــرف ريـــفـــي، إلــى الــتــعــافــي ســريــعــاً، بــعــد لـقـاء المـــصـــالـــحـــة الـــــــذي جـمـعـهـمـا الأســـبـــوع المـــاضـــي فـــي مـنـزل رئــــيــــس الـــحـــكـــومـــة الأســـبـــق فـــــــــؤاد الــــســــنــــيــــورة، وأســـــس لـــــطـــــي ثـــــــــــلاث ســــــــنــــــــوات مــن الـــخـــلافـــات المــســتــحــكــمــة، إذ بـدأت أطر التعاون السياسي والانــــتــــخــــابــــي تـــرتـــســـم بــين الــرجــلــين، مــن خـــلال الــزيــارة التي قامت بها ديما جمالي
ّ مــرش ــحــة تـــيّـــار »المــســتــقــبــل« لـــلانـــتـــخـــابـــات الـــفـــرعـــيـــة فـي مدينة طرابلس (شمال لبنان) إلـى منزل ريفي، لشكره على دعمه لها في الانتخابات، بعد أن أبـطـل المجلس الـدسـتـوري عضويتها بـنـاء عـلـى الطعن
ّ الـذي تقدّم به مرشح جمعية »الأحباش« طه ناجي، المقرب مــــن »حـــــــزب الــــلــــه« والـــنـــظـــام السوري.
وإذا كــــانــــت المــصــالــحــة بــــين الـــطـــرفـــين ســـهّـــلـــت عـلـى »المستقبل« معركة إعادة ديما جمالي إلى معقدها النيابي، فإنها ستؤسس بالتأكيد إلى مرحلة من التعاطي الإيجابي بـيـنـهـمـا فــي المـسـتـقـبـل، وفـق تعبير مستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق عمّار حـــــوري الـــــذي أكــــد لـــ »الــشــرق الأوسـط«، أن »لقاء المصالحة الذي حصل في منزل الرئيس الــــســــنــــيــــورة، طـــــــوى مــرحــلــة الـــخـــلافـــات الــســابــقــة، وأعــــاد الـعـلاقـة كـمـا كـانـت عليه قبل اســتــقــالــة الــــوزيــــر ريـــفـــي مـن حكومة الرئيس تمام سلام«. وقــــــال: »لا شــــكّ أنــنــا دخـلـنـا مــرحــلــة جــــديــــدة ومـخـتـلـفـة، بدليل أن العتاب بين الرئيس الــحــريــري والـــلـــواء ريــفــي عن فــــتــــرة الــــخــــلافــــات الــســابــقــة لــــم تــســتــغــرق ســـــوى دقــائــق معدودة، والأمـور تتجه نحو التعاطي المبني على التفاهم والإيجابية والتعاون .«
وكــــــــــــان الافـــــــــتـــــــــراق وقـــــع بـــين الـــحـــريـــري وريـــفـــي عـلـى أثـــر إعـــلان الأخــيــر اسـتـقـالـتـه بــشــكــل مــفــاجــئ مـــن حـكـومـة الـرئـيـس تـمـام ســـلام، فــي ٢١ فبراير (شباط) ٢٠١٦ من دون التنسيق مـع الـحـريـري الـذي ســمّــاه وزيــــراً لـلـعـدل فــي تلك الــحــكــومــة، ووصـــــل الــخــلاف ذروتــــــه بـــين الـــرجـــلـــين، خــلال الانـــتـــخـــابـــات الــبــلــديــة الــتــي خـاضـهـا ريــفــي فــي طـرابـلـس بـمـواجـهـة تـحـالـف الـحـريـري ورئـــيـــس الــحــكــومــة الأســبــق نـــجـــيـــب مــــيــــقــــاتــــي، وتــمــكــن خــلالــهــا ريـــفـــي مـــن اكــتــســاح المقاعد البلدية بكاملها، لكنه أخفق في تكرار هذا الانتصار في الانتخابات النيابية.
ورأت مـصـادر مـقـرّبـة من ريـفـي أن زيـــارة ديـمـا جمالي »تـــــأتـــــي كـــتـــرجـــمـــة طـبـيـعـيـة للتفاهم والمصالحة الكبيرة مـع الـحـريـري، الـتـي تتخطى المقعد النيابي في طرابلس.« وأكدت لـ »الشرق الأوسط«، أن اللواء ريفي قام بخطوة كبيرة بــعــدم تــرشــحــه لـلانـتـخـابـات فـي طـرابـلـس، كـي لا تستفيد قــوى الـثـامـن مــن آذار مــن أي مواجهة انتخابية بين ريفي و»المــســتــقــبــل«، وهـــو (ريــفــي) طلب من أنصاره أن يشاركوا بـــكـــثـــافـــة فـــــي الانــــتــــخــــابــــات، ويـــــــأخـــــــذوا بـــعـــين الاعـــتـــبـــار الظروف التي أملت المصالحة مع الحريري، وشدد على عدم التراخي كي لا يفوز مرشح ٨» آذار« في الانتخابات الفرعية.
وبـرز دور الوزير السابق رشــيــد دربــــاس كــعــرّاب لـهـذه المـــصـــالـــحـــة، بـــالـــتـــعـــاون مـع الـــرئـــيـــس فـــــــؤاد الـــســـنـــيـــورة، حيث تـولّـى دور المنسّق قبل عشرة أيام من لقاء الحريري - ريفي، كما أمّن ظروف المواتية لزيارة المرشحة ديما جمالي لــلــواء ريـفـي ّوشــــارك فــي هـذا الــلــقــاء، وتـــوق ـــع دربــــــاس فـي تصريح لــ »الـشـرق الأوســط،« أن »تـــؤســـس المــصــالــحــة إلــى تـــعـــاون فـــي المــرحــلــة المـقـبـلـة، لأن في ذلك مصلحة للجميع ولمدينة طرابلس خصوصاً،« مشيراً إلـى أن جالي »شكرت الـــلـــواء ريــفــي عــلــى مــبــادرتــه وعـزوفـه عن الترشح ضدها، بـيـنـمـا جــــدد ريـــفـــي الـتـأكـيـد بــأنــه لــن يـمـكّـن الآخـــريـــن من الاصـطـيـاد بـالمـاء الـعـكـرة، من خلال الانتخابات الفرعية في عاصمة الشمال .«
ولم يحدد الطرفان ما إذا كانت المصالحة أعـادت ريفي إلــــى الــعــبــاءة الــحــريــريــة، أو أسست لتفاهم سياسي لمرحلة ما بعد الانتخابات الفرعية، غـيـر أن المـــصـــادر المــقــربــة من ريــفــي أوضــحــت أن »صـفـحـة حـقـيـقـيـة فـتـحـت مــع الـرئـيـس الــحــريــري بــــدأت بـالـصـراحـة والــتــنــاغــم، وأزالـــــــت رواســــب الخلافات التي استمرت لثلاث سـنـوات.« ولفتت إلـى أنـه »لم يكن هناك خلاف على الأهداف الاستراتيجية، بل على مقاربة كـلّ منهما للوصول إلـى هذه الأهـــــــداف«. وذكـــــرت المــصــادر نــفــســهــا بـــــــأن ريــــفــــي »لــيــس منخرطاً في تيار (المستقبل) تنظيمياً، لكنه ابن الحريرية الـسـيـاسـيـة، ومــا يـجـمـعـه مع سـعـد الــحــريــري أكــبــر بكثير مـمـا يـفـرقـهـمـا، وإذا كـــان من تمايز بينهما فسيكون تمايزاً منظماً، والمـرحـلـة المقبلة هي مرحلة تعاون وتناغم.«