Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ملف النازحين يجمع »الاشتراكي« و»القوات« برؤية متقاربة

جنبلاط ووزير الشؤون يجمعان على أن عوائق العودة موجودة في سوريا وليس لبنان

- بيروت: نذير رضا

عــكــس الــتــلاق­ــي بــالمــوق­ــف من عــــــودة الـــنـــا­زحـــين الـــســـو­ريـــين فـي لـبـنـان إلـــى بــلادهــم، بــين »الـحـزب الـتـقـدمـ­ي الاشــتــر­اكــي« و»الــقــوات اللبنانية«، أمـس، جبهة سياسية تجمع الطرفين لمواجهة الحملات الــســيــ­اســيــة الـــتـــي تـــدفـــع بــاتــجــ­اه إعادتهم إلـى سـوريـا، وهـو ما بدا أنه ردّ على الدعوات للتنسيق مع النظام السوري، من خلال التأكيد عـلـى أن الـنـظـام الــســوري لا يـريـد عودتهم.

والـــــتـ­ــــقـــــ­ى رئـــــيــ­ـــس »الـــــحــ­ـــزب الاشــــــ­تــــــراك­ــــــي« الــــنـــ­ـائــــب الـــســـا­بـــق ولـيـد جـنـبـلاط، مـع وزيــر الـشـؤون الاجــتــم­ــاعــيــة، عـلـى الـتـأكـيـ­د على أن مـشـكـلـة عـــــودة الــنــازح­ــين تـقـع فـــي ســــوريــ­ــا، ولـــيـــس فـــي لــبــنــا­ن. فـفـي المـؤتـمـر الـــذي عـقـده »الـحـزب الاشـتـراك­ـي« تـحـت عـنـوان »لبنان والــنــاز­حــون مـن ســوريــا: الـحـقـوق والهواجس ودبلوماسية العودة«، اعتبر جنبلاط أن عـودة النازحين الـــســـو­ريـــين لـــن تـتـحـقـق طـــالمـــ­ا أن الـنـظـام الــســوري يـرفـض الــعــودة. ورأى أن »هناك خوفاً لدى هؤلاء«، مــتــســا­ئــلاً: »مـــن ســيــؤمــ­ن الــعــودة الآمنة لهم كي لا يعودوا ويُعذبوا ويُـقـتـلـوا؟«، وقــال: »نـؤيـد المـبـادرة الـروسـيـة، ولـكـن عليها أن تعطي ضـمـانـات«، متمنياً ألا يبقى هـذا الملف بعيداً عن الوزارات المعنية كي يؤمَن الحد الأدنى لهم من العيش الكريم في التعليم وغير التعليم.

ولا تخفي مصادر »الاشتراكي« أن الــحــزب يـتـلاقـى مــع »الـــقـــو­ات« وعــــــــ­ـدد مـــــن الـــــقــ­ـــوى الــســيــ­اســيــة بالموضوع السيادي والاستقلال­ي والمصالحات، كما أن هناك ًتقارباً بالرؤية حول ملف اللاجئين، قائلة لـ »الشرق الأوسـط«، إن هناك عدداً من الخطوات والتصرفات بالداخل تشير إلى محاولة لدفع النازحين إلـــى الــداخــل الــســوري بـمـعـزل عن المـخـاطـر والـتـقـار­يـر الـتـي تتحدث عـــن فــصــل الـــرجـــ­ال عـــن الــعــائـ­ـلات والـنـسـاء، واختفاء هــؤلاء، كما أن هـنـاك تقارير تتحدث عـن أنـه يتم تصفيتهم، مـشـددة عـلـى أنــه »مـن واجـبـاتـن­ـا الإنـسـانـ­يـة كلبنانيين ألا ندفعهم إلــى وراء الـحـدود بلا ضــمــانــ­ات أمــنــيــ­ة طــالمــا أن نــوايــا النظام واضحة«.

وفيما يشتعل الجدل اللبناني حول ضـرورة التنسيق مع النظام لإعادة اللاجئين، أكدت المصادر أنه »لو كانت هناك رغبة حقيقية لدى النظام لإعــادة الـنـازحـي­ن فـي بيئة آمـنـة مضمونة، فـذلـك يفترض ألا يـحـتـاجـو­ا إلـــى إذن وتــرتــيـ­ـبــات«، مـشـيـرة إلــى أنــه »مــن الــواضــح أن هــنــاك ســيــاســ­ات ســـوريـــ­ة مـعـيـنـة يحاول النظام فرضها، وإذا توفرت عناصر محلية تتواطأ مع النظام لتنفيذ تلك السياسات، فسنتصدى لها انطلاقاً من واجباتنا الإنسانية، دون أن ننكر الأعـبـاء الاقتصادية التي تترتب على بقائهم«. وشددت المصادر على أن إعادة النازحين »لا تتم بمواجهة المجتمع الدولي، بل بالتنسيق معه«.

ويـلـتـقـي مــوقــف جـنـبـلاط مع موقف وزيـر الـشـؤون الاجتماعية ريـــشـــا­ر قــيــومــ­يــجــيــا­ن، وهــــو أحــد ممثلي »الـقـوات اللبنانية«، حيث شـــــدد عــلــى أن »كـــــل الـــكـــل­ام حــول عــودة الـنـازحـي­ن، والـتـهـدي­ـد بفرط الحكومة، وكل التطبيل والتزمير وإعــــلاء الـسـقـوف لا يـلـغـي حقيقة ساطعة يعرفها حلفاء النظام قبل أخصامه، وهـي أن شـروط العودة مـــوجـــو­دة فــي ســوريــا ولــيــس في لبنان«.

وكانت لافتة وتيرة التصعيد فــي كـلـمـة قـيـومـيـج­ـيـان، رداً على منتقدي نتائج مؤتمر بروكسل، إذ قال: »ذهبنا إلى بروكسل وطالبنا بمزيد مـن الـدعـم للبنان وللدولة اللبنانية، لنتمكن من ملاقاة أزمة مـتـأتـيـة مـــن وجـــــود نــحــو مـلـيـون ونصف المليون نازح على أرضها«. وأكـــد: »إنـنـا طـالـبـنـا مـن بروكسل بـعـودة الـنـازحـي­ن إلــى ديـارهـم مع أعلى المسؤولين الدوليين، وطرحنا مـعـهـم ســبــل الـــعـــو­دة والــخــطـ­ـوات الـواجـبـة لتحقيقها، هــذه الـعـودة التي باتت اليوم في سلم أولويات الــــغـــ­ـرب«، مـتـوجـهـاً إلــــى مـنـتـقـدي المشاركين في بروكسل: »لكن ماذا فعلتم أنتم غير المزايدة والشعبوية واستغلال عوز اللبنانيين والبطالة واللعب على الغرائز الطائفية؟«.

وتـــــــا­بـــــــع: »تـــــــــ­ريــــــــ­ـدون عــــــودة النازحين؟ ونحن نريدها، ففعلوا مبادرة (حزب الله) التي لم تأت بأي نـتـائـج بـعـد، وسـتـبـين أن التغيير الديمغرافي قائم على قـدم وساق فـي الـقـصـيـر والـقـلـمـ­ون وكــل غـرب القلمون«. ودعا إلى »تفعيل مبادرة الأمن العام اللبناني، وعند لوائحه الـخـبـر الـيـقـين عـن أسـلـوب النظام فـي انتقاء نسبة عائدين صغيرة لا تتعدى العشرين في المائة ممن يقبل بعودتهم«.

وطالب بالضغط على روسيا لـتـفـعّـل مـبـادرتـه­ـا، »وهـــي الأولـــى بـالـضـغـط عــلــى نــظــام مــديــن لـهـا بالبقاء، واضغطوا على صديقكم ّوحـلـيـفـك­ـم بــشــار، ولـلـبـعـض ولـي أمركم بشار، وليبدي حسن النية ولـــيـــد­عـــو الــــنـــ­ـازحــــين الـــســـو­ريـــين لـلـعـودة إلــى أرضـهـم دون شـروط وإجراءات وعوائق وقوانين تسرق الممتلكات والأراضي منهم.«

بدورها، قالت ممثلة المفوضية الـعـلـيـا لــشــؤون الــلاجــئ­ــين مـيـراي جـيـرار، »لا يــزال الـوضـع هشاً في لبنان، رغم أنه حصل على الكثير مــن الـتـمـويـ­ل، لـكـنـه لــم يـكـن كافياً لـتـقـلـيـ­ص المـــســـ­اعـــدات المـــتـــ­زايـــدة، وهـــنـــا­ك الــكــثــ­يــر قـــد تـــم إنـــجـــا­زه، فتمكنا من تأمين الغذاء والخدمات الصحية والتعليمية .«

وشـــــــد­دت عــلــى وجـــــوب »أن نستعد جيداً للتحديات الآتية،« واعــتــبـ­ـرت أن »مـــا قــدمــه مـؤتـمـر بـروكـسـل يـؤكـد أنـنـا لــن نتخلى عــن الــــدول المـضـيـفـ­ة، وقـــد بـدأنـا بــتــطــب­ــيــق تــــوصـــ­ـيــــات (مــؤتــمــ­ر سيدر) والبنك الـدولـي.« وأكـدت أن الــجــهــ­ات المــانــح­ــة سـتـسـتـمـ­ر بالدعم لتخفيف أعباء النازحين عن الدول المضيفة.

مـن جهته، أكــد عضو »اللقاء الـديـمـقـ­راطـي« وزيــر الـتـربـيـ­ة أكـرم شهيب، أن وزارة التربية مستمرة فـــي جــهــودهـ­ـا لـتـوفـيـر دعــــم أكـبـر مـن الـجـهـات المـانـحـة، قـائـلاً »إنـنـا نعلن تـأيـيـدنـ­ا لأي مــبــادرة جـدّيـة لإعـــادة آمـنـة لـلـنـازحـ­ين الـيـوم قبل الـــغـــد، والمــــبـ­ـــادرة الــوحــيـ­ـدة حـتـى اليوم هي المـبـادرة الروسية، التي نؤيدها، بحاجة إلـى توفير مزيد من الضمانات التي تقنع النازحين بــالــعــ­ـودة عــلــى المــســتـ­ـوى الأمــنــي والـنـفـسـ­ي والــقــان­ــونــي، وطــالمــا أن أزمة النزوح مستمرة، وقرار النظام بـمـنـع الــعــودة قـائـم ومـطـبـق، آمـل أن يبقى مـلـف التعليم بـعـيـداً من التجاذبات السياسية اليومية.«

وأوصى المؤتمر بضرورة إقرار خطة وطنية شاملة في شأن عودة الـنـازحـي­ن الـسـوريـي­ن إلــى بـلادهـم تشكل الأساس السياسي والعملي لـــنـــشـ­ــاط الـــحـــك­ـــومـــة والـــــــ­ـــــــوزا­رات والهيئات المعنية بهذا الشأن. كما أوصـــى بــإعــادة إمــســاك الـحـكـومـ­ة اللبنانية بهذا الأمر، ووقف أشكال التداخل وضياع المرجعية المسؤولة عن الملف، والتأكيد على دور الأمم المـــتـــ­حـــدة والمـــفــ­ـوضـــيـــ­ة الــســامـ­ـيــة لشؤون اللاجئين في رعاية العودة والــنــظـ­ـر إلــــى مــســألــ­ة الـضـمـانـ­ات ومعايير الأمـان المتعلقة بالعودة مع الجهات المعنية في سوريا.

وأكـــــد أن الأســــــ­اس فـــي عـــودة آمـنـة وكريمة للنازحين يكمن في إجراءات حقيقية تُتّخذ في سوريا، وتـــــدفـ­ــــع إلــــــى تــحــفــي­ــز وتــشــجــ­يــع عــودتــهـ­ـم وإزالـــــ­ة كــل الــعــوائ­ــق من أمـامـهـا، وهـنـا يكمن دور المـبـادرة الــروســي­ــة فـــي تــأمــين الـضـمـانـ­ات المطلوبة والضغط لتأمين شروط العودة.

وشـدد المؤتمر على أن تأمين عـــــودة الـــنـــا­زحـــين الـــســـو­ريـــين إلــى بلادهم تستدعي بالدرجة الأولـى حـــلاً سـيـاسـيـاً عـــــادلاً فــي سـوريـا يقوم على ضمانات دولية، وإعلان صريح من السلطات السورية عن تـرحـيـبـه­ـا وتـسـهـيـل­ـهـا وضـمـانـهـ­ا لــعــودة الــنــازح­ــين. ورأى أن دور الـدبـلـوم­ـاسـيـة اللبنانية يـجـب أن يرتكز على الضغط باتجاه الحل الــســيــ­اســي الــــعـــ­ـادل فـــي ســـوريـــ­ا، ودعـا لإبعاد الملف عن الحسابات الطائفية أو الـفـئـويـ­ة الضيقة في الداخل، مشيراً إلى أهمية إشراف وزارة الـداخـلـي­ـة عـلـى أي تـدابـيـر قـــــد تـــتـــخـ­ــذهـــا بـــعـــض الـــبـــل­ـــديـــات لـلـتـضـيـ­يـق عــلــى الــنــازح­ــين بغية الدفع باتجاه العودة القسرية بما يُناقض التزامات لبنان الإنسانية والدولية.

 ??  ?? خلال مؤتمر الحزب الاشتراكي حول النازحين من سوريا
خلال مؤتمر الحزب الاشتراكي حول النازحين من سوريا

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia