Asharq Al-Awsat Saudi Edition

تفكيك شركات التكنولوجي­ا قد يكون مرعباً لأوروبا

- ليونيد بيرشيدسكي * * بالاتفاق مع »بلومبرغ« أمل عبد العزيز الهزاني

يــســيــر ســـيـــاس­ـــيـــون أمــيــركـ­ـيــون يريدون تفكيك شركات التكنولوجي­ا الـــعـــم­ـــلاقـــة، مـــثـــل إلـــيـــز­ابـــيـــث وارن، عــضــو مــجــلــس الـــشـــي­ـــوخ عــــن ولايــــة مـاسـاتـشـ­وسـتـس، عـلـى درب يـجـذب رفاقهم الأوروبـيـ­ين منذ فترة طويلة. تتمتع أوروبـا بفرص أفضل وأسباب أكثر وجاهة لتفكيك كلٍّ من »أمازون« و»فيسبوك« و»غوغل«، لكنها لم تفعل ذلك رغم سنوات من مناقشة ذلك الأمر.

هــنــاك ثــلاثــة أســـبـــا­ب عــلــى الأقـــل تـجـعـل الاتــحــا­د الأوروبـــ­ـــي فــي وضـع أفضل يتيح تقويض شركات الإنترنت العملاقة؛ ًأولها أنها أكثر هيمنة في أوروبـــــ­ا مــقــارنـ­ـة بــالــولا­يــات المـتـحـدة، بـاسـتـثـن­ـاء شــركــة »أمــــــــ­ـازون« حـسـب بـعـض الـبـيـانـ­ات غـيـر الـكـامـلـ­ة. على الجانب الآخر تتجاوز كلٌّ من »غوغل« و»فـيـسـبـوك« أي منافسة فـي أســواق البحث ومواقع التواصل الاجتماعي ذات النطاق المحدود.

هـنـاك سـبـب آخــر هــو المـمـارسـ­ات التنظيمية الـحـديـثـ­ة، حـيـث لـم تفكك الـولايـات المتحدة أي شركة منذ »إيـه تــي آنـــد تـــي« عـــام ١٩٨٢، وقـــد أسـهـم نموذج »ميكروسوفت«، الـذي حافظ عليه المـنـظـمـ­ون سليماً وقـائـمـاً، وإنْ خسر عـدداً من المعارك التنافسية من بـيـنـهـا مــعــارك تـتـعـلـق بالمتصفحات وأنظمة تشغيل الهواتف الجوالة، في ترسيخ التوجه الداعم لحرية التصرف والعمل. وكما أوضح فرانك باسكال، أسـتـاذ الـقـانـون فـي جامعة ميريلاند الأميركية، تبنى المنظمون الأميركيون »توجهاً مثيراً للفضول نحو محاولة مساعدة (غوغل) وغيرها من المنصات الرقمية الضخمة لتدعيم قوة السوق بدلاً من السيطرة عليها«.

لــم يـفـكـك الاتـــحــ­ـاد الأوروبـــ­ــــي أي شــركــة مـحـتـكـرة، لـكـنـه أصــــدر بعض الأحـكـام الـصـارمـة الضامنة لتحقيق العدالة ضد شركات عملاقة في مجال الإنترنت، وقـد تبع أحدها على الأقل سلوك متحدٍّ من جانب شركة »غوغل«.

ّ ولــــم يـفـلـح الـــحـــل، الـــــذي نــفــذتــ­ه بـعـد فرض غرامة مالية بسبب استغلالها سـيـطـرتـه­ـا عـلـى مــجــال الـبـحـث على الإنترنت ضد محركات منافسة مقارنة في مجال التسوق، في إصلاح الموقف. ويمكن حل أي شركة وتفكيكها، طبقاً لـقـوانـين الـتـنـافـ­س الأوروبـــ­يـــة، »حـين يــكــون هــنــاك خـطـر كـبـيـر مـتـمـثـل في مخالفة مستمرة ومــــــــ­ـــــتــــ­ـــــــــك­ــــــــــ­ـــررة نـــــــــ­اتــــــــ­ـجــــــــ­ـة عــــن هـيـكـل المــشــرو­ع ذاتـــــــ­ــه«. ويـمـكـن الـــــقــ­ـــول إن هـــذا وصــــف صـحـيـح ومــنــاسـ­ـب لــقــوة وســيــطــ­رة »غــوغــل« الفعلية في مجال التسوق القائم على المقارنة بين الأسعار.

فـــي حــالــة »فــيــســب­ــوك« أيــضــاً إذا ربطت السلطات الأوروبية بين العملية الإجبارية لجمع البيانات وبين قدرتها الاحـتـكـا­ريـة، كما فعل المنظم الألماني مـــؤخـــر­اً، لــن يــجــدي أي عـــلاج أو حل سوى تفكيكها. كذلك تحقق المفوضية الأوروبــي­ــة مـع شـركـة »أمـــــازو­ن« على خـلـفـيـة الـخـطـيـئ­ـة المــزعــو­مــة نـفـسـهـا الـتـي تـريـد وارن، الـتـي تتنافس على ترشيح الـحـزب الـديـمـقـ­راطـي لمنصب الـــرئـــ­اســـة، مـعـالـجـت­ـهـا، حــيــث تـعـمـل الـشـركـة كمنصة وكـجـهـة بـيـع أيـضـاً. ومــن الـصـعـب الـتـوصـل إلــى عــلاج أو حـــل ســــوى جــعــل »أمــــــــ­ــازون« تـخـتـار أحـد الـدوريـن، وتتخلص من الأصـول المتعلقة بالدور الذي تتخلى عنه.

السبب الثالث الذي يجعل أوروبا في وضع أفضل من الولايات المتحدة فــــي مــــا يــتــعــل­ــق بــتــفــك­ــيــك الـــشـــر­كـــات المــحــتـ­ـكــرة فـــي مــجــال الـتـكـنـو­لـوجـيـا هـو أن قــوة الضغط الـتـي تتمتع بها تلك الـشـركـات فـي بروكسل أقـل منها فـي واشـنـطـن، و»غـوغـل« هـي الشركة الوحيدة مـن بـين تلك المجموعة التي تـعـد مــن بــين خـمـس وعـشـريـن شـركـة تنفق على الحشد والضغط فـي دول الاتـــحــ­ـاد الأوروبـــ­ــــي بـمـيـزانـ­يـة تصل محاربة الغزو التكنولوجي الأميركي. وقـــــد تــبــنــى الـــبـــر­لمـــان الأوروبـــ­ـــــــي فـي ٢٠١٤ قـراراً غير ملزم يدعو المفوضية الأوروبــي­ــة إلـى »الـنـظـر فـي مقترحات تــهــدف إلــــى فــصــل مــحــركــ­ات الـبـحـث عن الخدمات التجارية الأخـرى«. وقد صوّت البرلمان مرة أخرى العام الماضي من أجل الموافقة على تقرير يدعو إلى تـفـكـيـك »غــــوغـــ­ـل«، رغــــم عــــدم امــتــلاك الــبــرلم­ــان سـلـطـة إصـــــدار أمـــر بـاتـخـاذ مـثـل هـــذا الإجــــــ­راء، يــوضــح اسـتـيـاءه مـن هيمنة الـشـركـات الأمـيـركـ­يـة على الإنترنت على مدى سنوات.

كذلك عندما واجه مارك زوكربيرغ، الـــرئـــ­يـــس الــتــنــ­فــيــذي لـــ »فــيــســب­ــوك«، الــــبـــ­ـرلمــــان خـــلال الـــعـــا­م المـــاضــ­ـي، قــــــــا­ل مـــانـــف­ـــريـــد ويــــــــ­بــــــــر، عــضــو البرلمان الألماني: »حـــــــــ­ـــان الــــوقــ­ــت لمـنـاقـشـ­ة تفكيك احـتـكـار (فـيـسـبـوك) نـظـراً إلــى وجـود سلطة كبيرة فـي يـد واحـــدة«. وطلب مــن زوكــربــي­ــرغ إقــنــاعـ­ـه بـعـكـس ذلــك، وكان من الواضح عدم رضاه عن تأكيد زوكربيرغ أن لـ »فيسبوك« العديد من المنافسين. وليس ويبر مجرد عضو في البرلمان، بل المرشح الأساسي لرئاسة المفوضية خلال العام الحالي، ويحظى بدعم أكبر حزب في البرلمان فضلاً عن الحكومة الألمـانـي­ـة. ويستطيع ويبر، إذا أصبح رئيس المفوضية، التحرك بـحـزم وإصــــرار نـحـو تفكيك شـركـات التكنولوجي­ا العملاقة إن أراد ذلك.

مع ذلك لدى مارغريت فيستاغير، مفوضة شـؤون المنافسة فـي الاتحاد الأوروبي، أسباب قوية لعدم التشجيع على الحديث عن التفكيك، حيث قالت فــــي مــقــابــ­لــة مــــع كــــــارا ســـويـــش­ـــر، مـن »ريـكـود«، خـلال الأسـبـوع المـاضـي، إن هـنـاك حـلـولاً أخــرى ممكنة أقـل حـدة، رغـم أن عليها إدراك عـدم نـجـاح مثل تلك الحلول حتى هذه اللحظة. إذا أمر الاتـحـاد الأوروبــي بتفكيك الشركات، الـــتـــي تــمــثــل جـــوهـــر وقـــلـــب الـهـيـمـن­ـة الاقتصادية الأميركية والقوة الناعمة، ســوف يـــراه الـكـثـيـر­ون فــي واشـنـطـن، وعلى رأسهم الرئيس ترمب، كحرب، وســـــوف يــعــانــ­ي الاتــــحـ­ـــاد الأوروبـــ­ــــي حـيـنـهـا مــن عــواقــب اقــتــصــ­اديــة مثل فـــرض رســــوم جـمـركـيـة جـزائـيـة على السيارات الأوروبية.

ســـــــوف يـــعـــنـ­ــي تــفــكــي­ــك شـــركـــا­ت الإنـــتــ­ـرنـــت المــهــيـ­ـمــنــة بــالــنــ­ســبــة إلــى الــولايــ­ات المـتـحـدة الأمـيـركـ­يـة التخلي عـن السلطة الـتـي تخشى أوروبـــا من محاولة محوها. إذا هاجمت الدولة التي تعد موطن »أمازون« و»فيسبوك« و»غــوغــل« تـلـك الـشـركـات باعتبارها محتكرة مخالفة، فسوف تكون عُرضة للهجوم فـي أمـاكـن أخــرى مـن العالم أيــضــاً، وكــذلــك ســـوف تــكــون فـرصـهـا أقل في تمويل الابتكار، وسوف تغزو الـشـركـات الـصـيـنـي­ـة سـاحـة المـنـافـس­ـة الدولية، ويكون رد فعل الأسواق المالية سـلـبـيـاً، ومـــن الــســهــ­ل تــوقــع سلسلة الــعــواق­ــب المــؤســف­ــة الــتــي سـتـتـعـرض لـهـا الـــولايـ­ــات المــتــحـ­ـدة. هــل سـتـرغـب »الـرئـيـسـ­ة« وارن فـي إشـعـال الفتيل؟ أرى أن هــذا غـيـر مـرجـح بـالـنـظـر إلـى تـراجـع الأوروبـيـ­ين حتى فـي مواجهة تهديدٍ أقل خطورة.

a.alhazzani@aawsat.com مـصـر فـي الـنـهـوض مـن كـبـوة مرحلة »الإخــــــ­ــوان« كـالـسـعـو­ديـة والإمـــــ­ــارات. اليوم، لو أتعرض لأي شخص بالقول إنه إخواني، يستطيع مقاضاتي أمام المــحــكـ­ـمــة ويــكــســ­ب الـــــدعـ­ــــوى. أصـبـح الانتساب إلى »الإخـوان« تهمة توجب الـتـقـاضـ­ي، ومــذمــة تـحـتـم الــدفــاع عن النفس.

أما الطريق الأخرى؛ أي الأوروبية، فلم تفلح تركيا فـي محاولة إقناعهم بانضمامها إلـى دول الاتـحـاد؛ لأنهم يـــنـــظـ­ــرون لإردوغــــ­ــــــان عــلــى أنـــــه عـبـث بـالـنـظـا­م الـديـمـقـ­راطـي، وأصـبـح نظام الحكم الواحد، حتى أنهم يعملون اليوم لفضح محاولة الانقلاب التي اعتبرها إردوغـــان ضـوءاً أخضر لحالة طـوارئ تجيز له سجن الآلاف وفصل عشرات الآلاف مـن وظائفهم لمـجـرد اختلافهم معه. وحتى نقضه عهده مع »الإخوان« وتسليم بعضهم إلى مصر في رسالة إلـى أنـه لا يدعم الجماعات المشبوهة، يذكرنا بتاريخ العثمانيين مع العرب، في أحداث موثقة لعهود قطعها ممثلو الـبـاب الـعـالـي لـتـأمـين بـعـض الشيوخ والــقــاد­ة الــعــرب، ثـم نقضوها بقتلهم وسجنهم.

تــركــيــ­ا الـــيـــو­م بـــلا هـــويـــة، تـعـيـش حيرة؛ هل هي مسلمة أم أوروبية؟ إنها تكرار لمأساة الغراب الذي أراد أن يقلد مشية الحمامة فما استطاع، ثم نسي أصل مشيته.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia