أدريان ماريابا: أثبت لمدربي واتفورد أنني لست مجرد تكملة لقائمة الفريق
تمكن من تحدي الصعاب وقيادة ناديه إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي
مرت ثلاث سنوات على آخر مــــرة لــعــب فـيـهـا واتــــفــــورد أمـــام كريستال بالاس في كأس الاتحاد الإنـجـلـيـزي لـكـرة الـقـدم، وكـانـت تــلــك المــــبــــاراة فـــي الــــــدور نـصـف الـنـهـائـي لـلـمـسـابـقـة عـــام ٢٠١٦ على ملعب ويمبلي. وتحمل هذه المباراة ذكريات خاصة للمدافع الإنـــجـــلـــيـــزي صـــاحـــب الأصـــــول الـجـامـايـكـيـة أدريــــــان مــاريــابــا، الذي تدرج في صفوف الناشئين بــنــادي واتـــفـــورد وكــــان يتطلع إلـى مـواجـهـة نـاديـه الـسـابـق في أعــــــرق الـــبـــطـــولات الإنــجــلــيــزيــة على الإطـلاق، لكن ما كان يحلم بــه مــاريــابــا بـــأن يــكــون مــن أهـم المـحـطـات فــي مـسـيـرتـه الـكـرويـة تـحـول إلــى كـابـوس وخيبة أمل كبيرة. يتذكر ماريابا مـا حدث قائلاً: »لقد سافرت مع كريستال بـــالاس (قـبـل الــعــودة لـواتـفـورد حــيــث يــلــعــب حـــالـــيـــا)، لـكـنـنـي فوجئت بـخـروجـي مـن القائمة، ولــــم أجــلــس حــتــى عــلــى مـقـاعـد البدلاء، وشعرت بأنني قد دُمرت تماما. كنا قد لعبنا مـبـاراة في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الأســــبــــوع نــفــســه وشــــاركــــت فـي تلك المـبـاراة. وعندما جئت إلى ويمبلي لكي ألعب أمام واتفورد، الذي نشأت به في مسقط رأسي، اكــتــشــفــت أنـــنـــي خـــــــارج قــائــمــة الــفــريــق تــمــامــا، ولـــم أكـــن حتى ضمن البدلاء، وبالتالي كان الأمر صعبا لـلـغـايـة بالنسبة لـي في ذلك الوقت. لقد حاولت أن أحافظ على هـدوئـي حتى لا أؤثــر على زمـلائـي فـي الفريق، وكـان يوما رائعا للنادي الـذي حقق الفوز، لكنه لـم يكن رائـعـا بالنسبة لي على الإطلاق .«
وبـعـد أربـعـة أشـهـر مـن تلك المـبـاراة، عاد ماريابا مرة أخرى إلــــــى صـــفـــوف نـــــــادي واتــــفــــورد بـــعـــدمـــا رحــــــل عـــنـــه لمــــــدة ثـــلاث سـنـوات ارتـــدى خـلالـهـا قميص كريستال بـالاس. وعـاد ماريابا إلى واتفورد في صفقة انتقال حر وبمقابل مادي زهيد، في صفقة بدت وكأنها مجرد تكملة لقائمة الفريق للموسم الجديد. وفي أول ٣٠ مـبـاراة بـالـدوري الإنجليزي الممتاز في ذلك الموسم، لم يشارك ماريابا في أي دقيقة مع الفريق.
وفـــــــــــي شـــــهـــــر أبـــــريـــــل (نـــــــيـــــــســـــــان) الـــــتـــــالـــــي، اضطر المدير الفني لواتفورد، والتر مـــــــــــــاتـــــــــــــزاري، أن يــمــنــحــه فــرصــة المــشــاركــة بـسـبـب غـيـاب عــدد كـبـيـر مــن الـلاعـبـين بـداعـي الإصــــــابــــــة. واســـتـــغـــل مـــاريـــابـــا الفرصة جيدا وحافظ على مكانه في التشكيلة الأساسية للفريق حتى نهاية الموسم. لكنّ المديرين الفنيين التاليين للفريق، وهما مـاركـو سيلفا وخـافـي غارسيا، لم يقتنعا بقدراته، وأبقياه على مقاعد البدلاء.
لكن الأمور تغيرت بعد ذلك، وشارك ماريابا في ٥٦ مباراة من الـــ٨٥ مـبـاراة التي لعبها الفريق فــي الــــدوري الإنـجـلـيـزي المـمـتـاز منذ أبريل ٢٠١٦، وأصبح الآن في المركز الحادي والعشرين بقائمة أكثر اللاعبين مشاركة في تاريخ واتفورد بـ٣٠٩ مباريات.
يـقـول مــاريــابــا: »لـقـد كـانـت هــنــاك لــحــظــات صـعـبـة لـلـغـايـة فـي مسيرتي الـكـرويـة عندما لم أكــن أشـــارك بـصـفـة دائــمــة. على مدى فترات طويلة مع كريستال بالاس كنت أسافر إلى المباريات ثــم أجـــد نـفـسـي خــــارج الـقـائـمـة تـمـامـا وبـعـيـدا حـتـى عـن مقاعد البدلاء، ولم أكن أشارك إلا نادرا في مباريات الـدوري الإنجليزي الممتاز. لقد كانت الأمـور صعبة لـلـغـايـة مــن الـنـاحـيـة الـنـفـسـيـة، لكنني لم أشك للحظة واحدة فــي قــدراتــي وإمـكـانـيـاتـي. لــقــد أدركــــــت أنــــه يتعين عـلـيّ فقط أن أتـجـاوز هـــــــــــــــــــذه المــــــــرحــــــــلــــــــة الــــــصــــــعــــــبــــــة، وأن أتــمــســك بــالمــبــادئ الـتـي أوصـلـتـنـي إلـى هـذا المـكـان. وقـد تـجـاوزت هذه المرحلة الآن وأثبت لـــنـــفـــســـي أنــــــنــــــي كــنــت أتــــعــــامــــل مـــــع الأمـــــــور بشكل صحيح .«
وأضــــاف : »كــرة الــقــدم هــي ريـاضـة قائمة على الرأي، ويمكنك أن تلعب تــــــحــــــت قــــــيــــــادة مدير فني يثق بـــك ويــؤمــن بــــقــــدراتــــك ويــــدفــــع بــــك فـي المــبــاريــات كــل أســـبـــوع، ثم يأتي مدير فني آخر يعتقد بأنك لن تكون مفيدا بالنسبة لــه، لــذا يتعين عليك أن تثق تماما في قدراتك وإمكانياتك وتــــحــــاول أن تــبــذل كـــل مـــا فـي وسعك لكي تتحسن وتتطور إلى الأفضل، وهذا هو ما أؤمن به تـمـامـا. إنـنـي سـأعـمـل دائـمـا على تطوير مستواي وعليّ أن أكون لاعبا أفضل، وأدرك فــي الــوقــت نـفـسـه أن هـنـاك أمـورا أخـرى لا يتحكم فيها المرء«. إنــه درس كــان يـتـعـين على مـاريـابـا أن يتعلمه مـبـكـراً. فقد انضم ماريابا إلى نادي واتفورد وهو في الثامنة من عمره وتدرج في صفوف الناشئين حتى وصل إلى الخامسة عشرة. لكن النادي قرر عدم تقديم منحة دراسية له، وبـدا الحلم وكأنه أصبح بعيدا للغاية. يقول ماريابا عن ذلك: »كنت ألـعـب مـع فـريـق الناشئين تحت ١٧ عــامــاً عــنــدمــا عـلـمـت بـأنـنـي لــن أحـصـل عـلـى مـنـحـة دراسـيـة كاملة. وفـي الـيـوم التالي، عدت للعب مـع فـريـق الناشئين تحت ١٥ عـــامـــاً، لــقــد شــعــرت فـــي ذلــك الـوقـت وكــأن كـل شــيء قـد انهار من حولي. لكن في اليوم التالي اتخذت قراراً بأنني سأفعل كل ما بوسعي لمواصلة لعب كرة القدم. لم أنظر إلى الأمور بنظرة سلبية، لكنني تعاملت مع ما حدث على أنه حافز بالنسبة لي، وهذه هي المـــبـــادئ الــتــي ألــتــزم بـهـا طــوال حياتي المهنية .«
ويـــضـــيـــف: »عـــنـــدمـــا جـئـت إلـى واتـفـورد، ربما كنت الخيار الــــــســــــادس فـــــي مــــركــــز المـــــدافـــــع، وانـتـظـرت طـويـلا حـتـى حصلت على فرصة المشاركة بسبب غياب عــدد كـبـيـر مــن الـلاعـبـين بـداعـي الإصـابـة. إنـنـي أحــاول دائـمـا أن ألـتـزم بما أعــرف أنــه هـو الشيء الصحيح الذي يتعين عليّ القيام بـه - الـتـدريـب الــجــاد، والـحـفـاظ عــلــى تـــركـــيـــزي، حــتــى يـمـكـنـنـي اسـتـغـلال الـفـرصـة عـنـدمـا تتاح لي«. وعندما كان ماريابا مراهقا الــتــحــق بـــأحـــد الأنــــديــــة لألــعــاب الــقــوى، وكــان يستغل العطلات الـصـيـفـيـة لـلـتـدريـب عـلـى زيــادة سـرعـتـه. ويــقــول عــن ذلـــك: »لـقـد كـنـت سيئا للغاية فـي الـركـض، حيث كنت أجري على بطن القدم، وكنت بحاجة للتعلم بأن أجري على أصابع قدمي«.
وكــان مـاريـابـا أيـضـا أقصر قــامــة مــن مـعـظـم المــدافــعــين، لـذا انـــضـــم إلــــى فـــريـــق لـــكـــرة الـسـلـة لــتــحــســين قــــدرتــــه عـــلـــى الــقــفــز، ويـقـول عـن ذلــك: »انتقلت للعب فــي مــركــز قـلـب الــدفــاع وأنـــا في سـن صـغـيـرة، لكن بــدءا مـن سن الرابعة عشرة فصاعدا كان دائما مـا يقال لـي، كـل عـام، إنـه يتعين علي أن أغير مركزي لكي ألعب في مركز الظهير الأيمن أو منتصف المـلـعـب. لكنني كـنـت أعـلـم جيدا أن أفضل مركز بالنسبة لي هو قلب الدفاع، ولذا بدأت أعمل بكل قـــوة عـلـى تـحـسـين قــدرتــي على القفز وقـطـع الـكـرة فـي التوقيت المــنــاســب«. وأضـــــاف: »لــقــد كـان والــدي يـقـوم بالكثير مـن العمل مــعــي فـــي حــديــقــة المـــنـــزل. إنـنـي أستمتع دائماً بالتحدي المتمثل في اللعب ضد شخص أكبر مني حـجـمـا، لـكـي أثــبــت لــه أن قصر قامتي لن يسبب لي أي مشكلة. وإذا لـم أعمل على تحسين هذه الـنـقـاط، فلم أكــن لأتـطـور بشكل مــلــحــوظ فــيــمــا يـتـعـلـق بـالـقـفـز والارتـقـاء وتوقيت قطع الكرات. فـي الـحـقـيـقـة، إنـنـي لا أعـــرف ما الذي كان من الممكن أن يحدث لو لم أعمل بهذه الطريقة.«
والآن، يــبــلــغ مـــاريـــابـــا مـن العمر ٣٢ عاما، لكنه لا يزال يعمل بـكـل قـــوة وإصـــــرار عـلـى تطوير وتـحـسـين مـسـتـواه. وفــي الآونــة الأخــــيــــرة، بــــدأ مــاريــابــا يـعـتـمـد على نظام غذائي نباتي من أجل تـحـسـين قــدراتــه الـبـدنـيـة بشكل أفـــضـــل، ويـــقـــول عـــن ذلـــــك: »لـقـد بحثت قليلا في هذا الأمر، وقررت الالتزام بهذا النظام الغذائي. أنا لم أكن أبدا من هواة اتباع نظام غذائي لمجرد تقليد الآخرين. وقد قـــال كــثــيــرون إنــنــي اتـبـعـت هـذا النظام الغذائي لمجرد أنه شائع وأنني لن ألتزم به لفترة طويلة، لكنني ما زلـت ملتزما به تماما مـنـذ عــام ونـصـف الــعــام. والآن، لـن أقـول إنني لـن أعـود أبـدا إلى تـنـاول الـلـحـوم، لكني لا أتخيل نفسي أتناول اللحوم مرة أخرى. لقد استفدت كثيرا من هذا النظام الغذائي، وأشعر بأنني أتعافى بشكل أســرع. ومـن الـواضـح أنه كـلـمـا تــقــدمــت فـــي الــعــمــر كـانـت القدرة على التعافي بشكل أسرع مهمة للغاية .«
ويــبــدو مــاريــابــا فــي بعض الـنـواحـي وكـأنـه يجسد الـنـادي الذي يلعب له الآن، والذي انضم إليه للمرة الأولـى قبل نحو ربع قــرن مـن الــزمــان. يـقـول مـاريـابـا: »لا يـمـكـنـنـي أبـــدا أن أبـتـعـد عن واتفورد. وبغض النظر عما أقوم بــه، سـأظـل دائـمـا جـــزءاً مـن هـذا النادي«. وهناك وجه للشبه بين ماريابا ونادي واتفورد، وهو أن كلا منهما يعمل بكل قوة وعزيمة على التقدم نحو الأمام، حتى لو كان المنافس أقوى وأكبر منهما. وهناك ٣١ ناديا إنجليزياً، بما في ذلك كل أندية الدوري الإنجليزي المــمــتــاز بـاسـتـثـنـاء بــورنــمــوث، تــــــجــــــاوز مــــتــــوســــط الـــحـــضـــور الجماهيري لكل فريق منها ٢٠ ألفا و٢١١ متفرجاً هـذا الموسم، لــكــن واتـــفـــورد يــأتــي فـــي المــركــز الثامن بين كل هذه الأندية، كما وصل إلى الـدور نصف النهائي لـكـأس الاتـحـاد الإنـجـلـيـزي بعد الفوز على كريستال بالاس يوم السبت.
يقول ماريابا: »لا أعتقد أننا سـنـتـوقـف عــنــد هـــذا الــحــد. ولا أعتقد أن ملاك النادي سيشعرون بــالــرضــا بـمـا حــقــقــوه. إنــهــم لن يسمحوا للاعبين بــأن ينتابهم شـعـور بـالـرضـا والـتـراخـي، كما أن المدير الفني للفريق لن يسمح بـهـذا أيـضـا. لقد اعتقد كثيرون أننا في هـذه المرحلة من الموسم ســـوف نــكــون فــي مــوقــف صعب ونـسـتـسـلـم، لـكـنـنـا لـسـنـا كـذلـك، نحن نعمل دائـمـا على الحفاظ عـــلـــى مـــســـتـــوانـــا وأن نـتـحـسـن ونتطور، وقد أظهرنا ذلك بالفعل من خلال النتائج والعروض التي قدمناها. ومن يعرف إلى أي مدى يمكن أن يذهب هذا النادي؟ إننا نريد فقط أن ننهي الموسم بشكل جـيـد، وأن نـأخـذ خـطـوة كبيرة أخرى إلى الأمام.«