Asharq Al-Awsat Saudi Edition

أدريان ماريابا: أثبت لمدربي واتفورد أنني لست مجرد تكملة لقائمة الفريق

تمكن من تحدي الصعاب وقيادة ناديه إلى نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي

- لندن: سيمون بيرنتون

مرت ثلاث سنوات على آخر مــــرة لــعــب فـيـهـا واتــــفــ­ــورد أمـــام كريستال بالاس في كأس الاتحاد الإنـجـلـي­ـزي لـكـرة الـقـدم، وكـانـت تــلــك المــــبــ­ــاراة فـــي الــــــدو­ر نـصـف الـنـهـائـ­ي لـلـمـسـاب­ـقـة عـــام ٢٠١٦ على ملعب ويمبلي. وتحمل هذه المباراة ذكريات خاصة للمدافع الإنـــجــ­ـلـــيـــز­ي صـــاحـــب الأصـــــو­ل الـجـامـاي­ـكـيـة أدريــــــ­ان مــاريــاب­ــا، الذي تدرج في صفوف الناشئين بــنــادي واتـــفـــ­ورد وكــــان يتطلع إلـى مـواجـهـة نـاديـه الـسـابـق في أعــــــرق الـــبـــط­ـــولات الإنــجــل­ــيــزيــة على الإطـلاق، لكن ما كان يحلم بــه مــاريــاب­ــا بـــأن يــكــون مــن أهـم المـحـطـات فــي مـسـيـرتـه الـكـرويـة تـحـول إلــى كـابـوس وخيبة أمل كبيرة. يتذكر ماريابا مـا حدث قائلاً: »لقد سافرت مع كريستال بـــالاس (قـبـل الــعــودة لـواتـفـور­د حــيــث يــلــعــب حـــالـــي­ـــا)، لـكـنـنـي فوجئت بـخـروجـي مـن القائمة، ولــــم أجــلــس حــتــى عــلــى مـقـاعـد البدلاء، وشعرت بأنني قد دُمرت تماما. كنا قد لعبنا مـبـاراة في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الأســــبـ­ـــوع نــفــســه وشــــاركـ­ـــت فـي تلك المـبـاراة. وعندما جئت إلى ويمبلي لكي ألعب أمام واتفورد، الذي نشأت به في مسقط رأسي، اكــتــشــ­فــت أنـــنـــي خـــــــار­ج قــائــمــ­ة الــفــريـ­ـق تــمــامــ­ا، ولـــم أكـــن حتى ضمن البدلاء، وبالتالي كان الأمر صعبا لـلـغـايـة بالنسبة لـي في ذلك الوقت. لقد حاولت أن أحافظ على هـدوئـي حتى لا أؤثــر على زمـلائـي فـي الفريق، وكـان يوما رائعا للنادي الـذي حقق الفوز، لكنه لـم يكن رائـعـا بالنسبة لي على الإطلاق .«

وبـعـد أربـعـة أشـهـر مـن تلك المـبـاراة، عاد ماريابا مرة أخرى إلــــــى صـــفـــوف نـــــــاد­ي واتــــفــ­ــورد بـــعـــدم­ـــا رحــــــل عـــنـــه لمــــــدة ثـــلاث سـنـوات ارتـــدى خـلالـهـا قميص كريستال بـالاس. وعـاد ماريابا إلى واتفورد في صفقة انتقال حر وبمقابل مادي زهيد، في صفقة بدت وكأنها مجرد تكملة لقائمة الفريق للموسم الجديد. وفي أول ٣٠ مـبـاراة بـالـدوري الإنجليزي الممتاز في ذلك الموسم، لم يشارك ماريابا في أي دقيقة مع الفريق.

وفــــــــ­ـــي شـــــهـــ­ــر أبـــــريـ­ــــل (نـــــــيـ­ــــــســـ­ــــان) الـــــتــ­ـــالـــــ­ي، اضطر المدير الفني لواتفورد، والتر مـــــــــ­ــــاتــــ­ـــــــــز­اري، أن يــمــنــح­ــه فــرصــة المــشــار­كــة بـسـبـب غـيـاب عــدد كـبـيـر مــن الـلاعـبـي­ن بـداعـي الإصــــــ­ابــــــة. واســـتـــ­غـــل مـــاريـــ­ابـــا الفرصة جيدا وحافظ على مكانه في التشكيلة الأساسية للفريق حتى نهاية الموسم. لكنّ المديرين الفنيين التاليين للفريق، وهما مـاركـو سيلفا وخـافـي غارسيا، لم يقتنعا بقدراته، وأبقياه على مقاعد البدلاء.

لكن الأمور تغيرت بعد ذلك، وشارك ماريابا في ٥٦ مباراة من الـــ٨٥ مـبـاراة التي لعبها الفريق فــي الــــدوري الإنـجـلـي­ـزي المـمـتـاز منذ أبريل ٢٠١٦، وأصبح الآن في المركز الحادي والعشرين بقائمة أكثر اللاعبين مشاركة في تاريخ واتفورد بـ٣٠٩ مباريات.

يـقـول مــاريــاب­ــا: »لـقـد كـانـت هــنــاك لــحــظــا­ت صـعـبـة لـلـغـايـة فـي مسيرتي الـكـرويـة عندما لم أكــن أشـــارك بـصـفـة دائــمــة. على مدى فترات طويلة مع كريستال بالاس كنت أسافر إلى المباريات ثــم أجـــد نـفـسـي خــــارج الـقـائـمـ­ة تـمـامـا وبـعـيـدا حـتـى عـن مقاعد البدلاء، ولم أكن أشارك إلا نادرا في مباريات الـدوري الإنجليزي الممتاز. لقد كانت الأمـور صعبة لـلـغـايـة مــن الـنـاحـيـ­ة الـنـفـسـي­ـة، لكنني لم أشك للحظة واحدة فــي قــدراتــي وإمـكـانـي­ـاتـي. لــقــد أدركــــــ­ت أنــــه يتعين عـلـيّ فقط أن أتـجـاوز هـــــــــ­ــــــــــ­ذه المـــــــ­ـرحـــــــ­ـلــــــــ­ة الــــــصـ­ـــــعــــ­ــبــــــة، وأن أتــمــســ­ك بــالمــبـ­ـادئ الـتـي أوصـلـتـنـ­ي إلـى هـذا المـكـان. وقـد تـجـاوزت هذه المرحلة الآن وأثبت لـــنـــفـ­ــســـي أنــــــنـ­ـــــي كــنــت أتــــعـــ­ـامــــل مـــــع الأمــــــ­ـور بشكل صحيح .«

وأضــــاف : »كــرة الــقــدم هــي ريـاضـة قائمة على الرأي، ويمكنك أن تلعب تــــــحــ­ــــت قــــــيــ­ــــادة مدير فني يثق بـــك ويــؤمــن بــــقــــ­دراتــــك ويــــدفــ­ــع بــــك فـي المــبــار­يــات كــل أســـبـــو­ع، ثم يأتي مدير فني آخر يعتقد بأنك لن تكون مفيدا بالنسبة لــه، لــذا يتعين عليك أن تثق تماما في قدراتك وإمكانياتك وتــــحـــ­ـاول أن تــبــذل كـــل مـــا فـي وسعك لكي تتحسن وتتطور إلى الأفضل، وهذا هو ما أؤمن به تـمـامـا. إنـنـي سـأعـمـل دائـمـا على تطوير مستواي وعليّ أن أكون لاعبا أفضل، وأدرك فــي الــوقــت نـفـسـه أن هـنـاك أمـورا أخـرى لا يتحكم فيها المرء«. إنــه درس كــان يـتـعـين على مـاريـابـا أن يتعلمه مـبـكـراً. فقد انضم ماريابا إلى نادي واتفورد وهو في الثامنة من عمره وتدرج في صفوف الناشئين حتى وصل إلى الخامسة عشرة. لكن النادي قرر عدم تقديم منحة دراسية له، وبـدا الحلم وكأنه أصبح بعيدا للغاية. يقول ماريابا عن ذلك: »كنت ألـعـب مـع فـريـق الناشئين تحت ١٧ عــامــاً عــنــدمــ­ا عـلـمـت بـأنـنـي لــن أحـصـل عـلـى مـنـحـة دراسـيـة كاملة. وفـي الـيـوم التالي، عدت للعب مـع فـريـق الناشئين تحت ١٥ عـــامـــاً، لــقــد شــعــرت فـــي ذلــك الـوقـت وكــأن كـل شــيء قـد انهار من حولي. لكن في اليوم التالي اتخذت قراراً بأنني سأفعل كل ما بوسعي لمواصلة لعب كرة القدم. لم أنظر إلى الأمور بنظرة سلبية، لكنني تعاملت مع ما حدث على أنه حافز بالنسبة لي، وهذه هي المـــبـــ­ادئ الــتــي ألــتــزم بـهـا طــوال حياتي المهنية .«

ويـــضـــي­ـــف: »عـــنـــدم­ـــا جـئـت إلـى واتـفـورد، ربما كنت الخيار الــــــسـ­ـــــادس فـــــي مــــركـــ­ـز المـــــدا­فـــــع، وانـتـظـرت طـويـلا حـتـى حصلت على فرصة المشاركة بسبب غياب عــدد كـبـيـر مــن الـلاعـبـي­ن بـداعـي الإصـابـة. إنـنـي أحــاول دائـمـا أن ألـتـزم بما أعــرف أنــه هـو الشيء الصحيح الذي يتعين عليّ القيام بـه - الـتـدريـب الــجــاد، والـحـفـاظ عــلــى تـــركـــي­ـــزي، حــتــى يـمـكـنـنـ­ي اسـتـغـلال الـفـرصـة عـنـدمـا تتاح لي«. وعندما كان ماريابا مراهقا الــتــحــ­ق بـــأحـــد الأنــــدي­ــــة لألــعــاب الــقــوى، وكــان يستغل العطلات الـصـيـفـي­ـة لـلـتـدريـ­ب عـلـى زيــادة سـرعـتـه. ويــقــول عــن ذلـــك: »لـقـد كـنـت سيئا للغاية فـي الـركـض، حيث كنت أجري على بطن القدم، وكنت بحاجة للتعلم بأن أجري على أصابع قدمي«.

وكــان مـاريـابـا أيـضـا أقصر قــامــة مــن مـعـظـم المــدافــ­عــين، لـذا انـــضـــم إلــــى فـــريـــق لـــكـــرة الـسـلـة لــتــحــس­ــين قــــدرتــ­ــه عـــلـــى الــقــفــ­ز، ويـقـول عـن ذلــك: »انتقلت للعب فــي مــركــز قـلـب الــدفــاع وأنـــا في سـن صـغـيـرة، لكن بــدءا مـن سن الرابعة عشرة فصاعدا كان دائما مـا يقال لـي، كـل عـام، إنـه يتعين علي أن أغير مركزي لكي ألعب في مركز الظهير الأيمن أو منتصف المـلـعـب. لكنني كـنـت أعـلـم جيدا أن أفضل مركز بالنسبة لي هو قلب الدفاع، ولذا بدأت أعمل بكل قـــوة عـلـى تـحـسـين قــدرتــي على القفز وقـطـع الـكـرة فـي التوقيت المــنــاس­ــب«. وأضـــــاف: »لــقــد كـان والــدي يـقـوم بالكثير مـن العمل مــعــي فـــي حــديــقــ­ة المـــنـــ­زل. إنـنـي أستمتع دائماً بالتحدي المتمثل في اللعب ضد شخص أكبر مني حـجـمـا، لـكـي أثــبــت لــه أن قصر قامتي لن يسبب لي أي مشكلة. وإذا لـم أعمل على تحسين هذه الـنـقـاط، فلم أكــن لأتـطـور بشكل مــلــحــو­ظ فــيــمــا يـتـعـلـق بـالـقـفـز والارتـقـا­ء وتوقيت قطع الكرات. فـي الـحـقـيـق­ـة، إنـنـي لا أعـــرف ما الذي كان من الممكن أن يحدث لو لم أعمل بهذه الطريقة.«

والآن، يــبــلــغ مـــاريـــ­ابـــا مـن العمر ٣٢ عاما، لكنه لا يزال يعمل بـكـل قـــوة وإصـــــرا­ر عـلـى تطوير وتـحـسـين مـسـتـواه. وفــي الآونــة الأخــــيـ­ـــرة، بــــدأ مــاريــاب­ــا يـعـتـمـد على نظام غذائي نباتي من أجل تـحـسـين قــدراتــه الـبـدنـيـ­ة بشكل أفـــضـــل، ويـــقـــو­ل عـــن ذلـــــك: »لـقـد بحثت قليلا في هذا الأمر، وقررت الالتزام بهذا النظام الغذائي. أنا لم أكن أبدا من هواة اتباع نظام غذائي لمجرد تقليد الآخرين. وقد قـــال كــثــيــر­ون إنــنــي اتـبـعـت هـذا النظام الغذائي لمجرد أنه شائع وأنني لن ألتزم به لفترة طويلة، لكنني ما زلـت ملتزما به تماما مـنـذ عــام ونـصـف الــعــام. والآن، لـن أقـول إنني لـن أعـود أبـدا إلى تـنـاول الـلـحـوم، لكني لا أتخيل نفسي أتناول اللحوم مرة أخرى. لقد استفدت كثيرا من هذا النظام الغذائي، وأشعر بأنني أتعافى بشكل أســرع. ومـن الـواضـح أنه كـلـمـا تــقــدمــ­ت فـــي الــعــمــ­ر كـانـت القدرة على التعافي بشكل أسرع مهمة للغاية .«

ويــبــدو مــاريــاب­ــا فــي بعض الـنـواحـي وكـأنـه يجسد الـنـادي الذي يلعب له الآن، والذي انضم إليه للمرة الأولـى قبل نحو ربع قــرن مـن الــزمــان. يـقـول مـاريـابـا: »لا يـمـكـنـنـ­ي أبـــدا أن أبـتـعـد عن واتفورد. وبغض النظر عما أقوم بــه، سـأظـل دائـمـا جـــزءاً مـن هـذا النادي«. وهناك وجه للشبه بين ماريابا ونادي واتفورد، وهو أن كلا منهما يعمل بكل قوة وعزيمة على التقدم نحو الأمام، حتى لو كان المنافس أقوى وأكبر منهما. وهناك ٣١ ناديا إنجليزياً، بما في ذلك كل أندية الدوري الإنجليزي المــمــتـ­ـاز بـاسـتـثـن­ـاء بــورنــمـ­ـوث، تــــــجــ­ــــاوز مــــتــــ­وســــط الـــحـــض­ـــور الجماهيري لكل فريق منها ٢٠ ألفا و٢١١ متفرجاً هـذا الموسم، لــكــن واتـــفـــ­ورد يــأتــي فـــي المــركــز الثامن بين كل هذه الأندية، كما وصل إلى الـدور نصف النهائي لـكـأس الاتـحـاد الإنـجـلـي­ـزي بعد الفوز على كريستال بالاس يوم السبت.

يقول ماريابا: »لا أعتقد أننا سـنـتـوقـف عــنــد هـــذا الــحــد. ولا أعتقد أن ملاك النادي سيشعرون بــالــرضـ­ـا بـمـا حــقــقــو­ه. إنــهــم لن يسمحوا للاعبين بــأن ينتابهم شـعـور بـالـرضـا والـتـراخـ­ي، كما أن المدير الفني للفريق لن يسمح بـهـذا أيـضـا. لقد اعتقد كثيرون أننا في هـذه المرحلة من الموسم ســـوف نــكــون فــي مــوقــف صعب ونـسـتـسـل­ـم، لـكـنـنـا لـسـنـا كـذلـك، نحن نعمل دائـمـا على الحفاظ عـــلـــى مـــســـتـ­ــوانـــا وأن نـتـحـسـن ونتطور، وقد أظهرنا ذلك بالفعل من خلال النتائج والعروض التي قدمناها. ومن يعرف إلى أي مدى يمكن أن يذهب هذا النادي؟ إننا نريد فقط أن ننهي الموسم بشكل جـيـد، وأن نـأخـذ خـطـوة كبيرة أخرى إلى الأمام.«

 ??  ?? ماريابا (يمين) بقميص واتفورد في مواجهة جوردان أيو زميله السابق في كريستال بالاس (رويترز)
ماريابا (يمين) بقميص واتفورد في مواجهة جوردان أيو زميله السابق في كريستال بالاس (رويترز)
 ??  ?? ماريابا أكد جدارته بحجز مكان أساسي في قائمة واتفورد
ماريابا أكد جدارته بحجز مكان أساسي في قائمة واتفورد

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia