Asharq Al-Awsat Saudi Edition

ﻣﺮﻳﺪ اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ: اﻟﻔﻦ إﺧﺮاج اﳌﺪﻫﺶ ﻣﻦ رﺣﻢ اﳌﺄﻟﻮف

ﰲ ﻟﻘﺎء ﻟﻪ ﺑﻠﺒﻨﺎن آﺗﻴﴼ ﻣﻦ رام اﻟﻠﻪ

- ﺑﲑوت: ﺳﻮﺳﻦ اﻷﺑﻄﺢ

ﻟﻪ ﻣﺰاج ﺧﺎص اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣـــﺮﻳـــﺪ اﻟـــﺒـــﺮ­ﻏـــﻮﺛـــﻲ. ﻳــﺘــﻜــﻠ­ــﻢ ﺣـــﲔ ﻳــﺸــﺎء، وﻳﺼﻤﺖ ﻟﺤﻈﺔ ﻳـﺮﻳـﺪ، وﻟــﻮ ﻛــﺎن ﻣﺪﻋﻮﴽ ﻟﻠﻘﺎء ﻗﺮاﺋﻪ وﻣﺤﺒﻴﻪ اﻟﺬﻳﻦ أﺗﻮه أﻓﻮاﺟﴼ. وﻓـﻲ ﺣﻔﻞ أﻗﻴﻢ ﻟﻬﺬه اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن، وﺗــــﺤـــ­ـﺪﻳــــﺪﴽ ﻓـــــﻲ »اﻟـــــﺮاﺑ­ـــــﻄــــ­ـﺔ اﻟــﺜــﻘــ­ﺎﻓــﻴــﺔ« ﻓـــﻲ ﻃـــﺮاﺑـــ­ﻠـــﺲ، ﺑــﺮﻋــﺎﻳـ­ـﺔ وزارة اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـ­ﺔ اﻟـﻠـﺒـﻨـﺎ­ﻧـﻴـﺔ، اﻛـﺘـﻔـﻰ اﻷدﻳــــﺐ ﺑـﻌـﺪ ﻛﻠﻤﺎت اﻟﺘﺮﺣﻴﺐ ﻣﻦ »ﻧﺎدي ﻗﺎف ﻟﻠﻘﺮاءة« اﻟﺬي ﻧﻈﻢ اﳌﻨﺎﺳﺒﺔ، وﻛﻠﻤﺎت أﺧــﺮى ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋـــﻦ اﻟــــﺮواﺋ­ــــﻲ واﻟـــﺸـــ­ﺎﻋـــﺮ، أن ﻳـــﻘـــﻮل إﻧــﻪ ﺳﻴﺠﻴﺐ ﻋـﻦ أﺳﺌﻠﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻣـﻦ دون أن ﺗـﻜـﻮن ﻟـﻪ ﻛﻠﻤﺔ ﺧـﺎﺻـﺔ، وإﻧــﻪ ﺳﻴﻘﺮأ ﻗﺼﻴﺪة أو اﺛﻨﺘﲔ ﻣﻦ دواوﻳﻨﻪ اﻟﺘﻲ ﺑﻠﻐﺖ ﻣﺎ ﻳﻘﺎرب ٢١ دﻳﻮاﻧﴼ إﻟﻰ اﻟﻴﻮم.

ورﻏـــــﻢ أن ﻣــﺮﻳــﺪ اﻟــﺒــﺮﻏـ­ـﻮﺛــﻲ ﺗـﻄـﻠـﻖ ﻋــﻠــﻴــﻪ ﺻــﻔــﺔ رواﺋــــــ­ﻲ اﻟـــﻴـــﻮ­م إﻟــــﻰ ﺟــﺎﻧــﺐ ﻛـﻮﻧـﻪ ﺷــﺎﻋــﺮﴽ، ﻓـﺈﻧـﻪ ﻓــﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﻋﻠﻰ ﺟــﻤــﺎﻟــ­ﻴــﺔ ﻛــﺘــﺎﺑــ­ﻴــﻪ اﻟــﻨــﺜــ­ﺮﻳــﲔ اﳌــﻌــﺮوﻓ­ــﲔ، ﻳﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎرﻫﻤﺎ ﺟﺰأﻳﻦ ﻣﻦ ﺳﻴﺮة ذاﺗﻴﺔ ﺷﻴﻘﺔ وﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﻔﻨﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ. اﻟﺠﺰء اﻷول »رأﻳـﺖ رام اﻟﻠﻪ« اﻟـﺬي ﻳـﺮوي ﻓﻴﻪ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﻋــﻮدﺗــﻪ إﻟــﻰ ﻓﻠﺴﻄﲔ ﺑـﻌـﺪ ﺛـﻼﺛـﲔ ﻋﺎﻣﴼ ﻗﻀﺎﻫﺎ ﻓــﻲ اﳌﻨﻔﻰ ﺣﻴﺚ ﺗﺨﺘﻠﻂ ﻋﻠﻴﻪ اﳌـﺸـﺎﻋـﺮ، وﺗﻠﺘﺒﺲ اﻷﺣـــﺪاث، ﻓـﻼ ﺗـﺪري أﻫﻮ ﻓﺮح أم ﺣﺰﻳﻦ، وﻫﻞ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻦ اﻟﻮﻃﻦ أم ﻋﻦ اﳌﻨﻔﻰ )ﻛﺘﺎب ﺣـﺎز ﺟﺎﺋﺰة ﻧﺠﻴﺐ ﻣﺤﻔﻮظ ﻟﻺﺑﺪاع اﻷدﺑﻲ ﻋﺎم ٧٩٩١(.

أﻣﺎ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻨﺜﺮي اﻟﺜﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻗﺮئ ﻛﺜﻴﺮﴽ أﻳﻀﴼ ﻓﻬﻮ »وﻟــﺪت ﻫﻨﺎك... وﻟﺪت ﻫﻨﺎ« وﺗﺮﺟﻢ إﻟﻰ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ وﺻﺪر ﻋﻦ دار ﻧﺸﺮ »ﺑﻠﻮﻣﺰﺑﺮي« ﻓﻲ ﻟﻨﺪن ﻋﺎم ٢١٠٢، ﻓﻬﻮ ﻣﻘﻄﻊ آﺧﺮ ﻣﻦ ﺳﻴﺮة اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﺬاﺗﻴﺔ، ﻓﻴﻪ ﻋﻮدة أﺧﺮى إﻟﻰ ﻓﻠﺴﻄﲔ، ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﳌﺮة ﻣﻊ اﺑﻨﻪ ﺗﻤﻴﻢ اﻟﺬي ﻳﻜﺘﺸﻒ وﻃﻨﻪ اﻷم ﻷول ﻣﺮة ﺑﺮﻓﻘﺔ واﻟﺪه، ﺣﻴﺚ ﻧﻌﻴﺶ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻨﺺ اﻟﺠﻤﻴﻞ واﻟﺒﺴﻴﻂ ﻋﻤﻖ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮل إﻧﻪ أراد أن ﻳــﺆرخ ﻟﻬﺎ، ﻷن اﳌـﺆرﺧـﲔ ﻣﺸﻐﻮﻟﻮن ﺑﺄﺷﻴﺎء أﺧﺮى.

وﻣـــﻊ أن اﻟــﺸــﺎﻋـ­ـﺮ ﻣــﻦ اﳌــﻔــﺘــ­ﺮض أﻧــﻪ ﺟـﺎء ﻳﺘﺤﺪث ﻋـﻦ ﻫـﺬا اﻟﻜﺘﺎب وﻳﻨﺎﻗﺸﻪ ﻣـﻊ ﺟـﻤـﻬـﻮره ﻓـﻲ ﺣــﻮار ﻳـﺪﻳـﺮه اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻣﺤﻤﻮد زﻳـﺎدة، ﻓﺈن اﻷدﻳﺐ اﻟﻀﻴﻒ ﻗﺎل ﻣـﻨـﺬ اﻟــﺒــﺪاﻳ­ــﺔ إﻧــﻪ ﻟــﻢ ﻳـﺤـﻀـﺮ ﻛﻠﻤﺔ ﻟﻬﺬا اﻟـــﻠـــﻘ­ـــﺎء، وﻣــــﺎ ﻋـــﻨـــﺪه ﻗـــﺪ ﻗـــﺎﻟـــﻪ ﻣـــﻦ ﺧــﻼل اﻟﻨﺺ، وإﻧــﻪ ﺳﻴﻘﺮأ ﻣﻦ ﺷﻌﺮه وﻳﺠﻴﺐ ﻋﻦ أﺳﺌﻠﺔ اﻟﻘﺮاء. وﺣﲔ ﺳﺌﻞ ﻋﻦ ﺻﻮرة اﻟــﻴــﻬــ­ﻮدي ﻓــﻲ اﻷدب اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ، ﻗــﺎل: »ﻣﺸﻜﻠﺘﻨﺎ أﻧــﻨــﺎ ﻃـــﻮال ﺛــﻼﺛــﺔ أﺟــﻴــﺎل ﻟﻢ ﻧﺮ اﻟﻴﻬﻮدي ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﲔ إﻻ ﺑﺎﻟﺨﻮذة«، ﻣﻌﺘﺒﺮﴽ أن اﻟـﻌـﺮب ﺗﻌﺎﻳﺸﻮا ﻣـﻊ اﻟﻴﻬﻮد ﺗﺎرﻳﺨﻴﴼ وﻃـﻮال ﻣﺌﺎت اﻟﺴﻨﲔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟـﻚ ﻓﻲ اﻷﻧـﺪﻟـﺲ. ﻟﻜﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ أوروﺑـﺎ ﺣﲔ أرﺳﻞ اﻟﻴﻬﻮد ﻫﻨﺎك إﻟﻰ اﳌﺤﺮﻗﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﻤﺎﻋﻲ. وﻗﺎل: »اﳌﻌﻀﻠﺔ أﻧﻪ ﻳﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎ أن ﻧﻌﻴﺶ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﻏﺮف ﻧﻮﻣﻨﺎ وﻣﻊ دﺑﺎﺑﺎﺗﻬﻢ«، ﻓــﻲ إﺷـــﺎرة إﻟــﻰ اﻟﻌﺴﻜﺮة اﻟـﺘـﻲ ﻻ ﺗﺘﻴﺢ ﻣﺠﺎﻻ ﻟﺤﻮار أو ﺳﻼم.

وﺧﻼل ﻫﺬا اﻟﻠﻘﺎء وﺻﻒ اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺸﻜﻞ »ﺑﺤﺮﴽ، وﻷﻧـﻬـﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗﺤﺘﺎج إﻟــﻰ ﺟـﻮاز ﺳﻔﺮ ﻟﺘﺘﻌﺎﻣﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ«. وأﺿﺎف أن »اﳌــﻮاﻃــﻦ ﻻ ﻳـﺤـﺘـﺎج إﻟــﻰ ﻫــﺬه اﻟــﺤــﺪود. ﻧﺤﻦ ﺑﺤﺮ واﺣــﺪ. واﻟـﻌـﺎﻟـﻢ ﻳﺮﺗﻜﺐ ﻓﻴﻨﺎ اﳌﺠﺎزر ﻛﺒﺤﺮ واﺣﺪ. وﻫﻢ ﻏﺰوﻧﺎ ﻛﺒﺤﺮ واﺣـــﺪ ﻟـﺬﻟـﻚ ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧــﺮد ﻛﺒﺤﺮ واﺣــﺪ أﻳﻀﴼ«.

وﺣﲔ ﺗﺤﺪث اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ ﻋﻦ اﻟﺴﺎﺋﻖ ﻣﺤﻤﻮد ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »وﻟﺪت ﻫﻨﺎك... وﻟﺪت ﻫﻨﺎ« اﻟﺬي ﻳﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﻳﺘﺤﺎﻳﻞ ﺑﺴﻴﺎرة اﻷﺟﺮة اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺪروب اﳌﻐﻠﻘﺔ ﻣــﻦ ﻗـﺒـﻞ اﻻﺣــﺘــﻼل، وﻳـﻨـﺠـﻮ ﺑــﺮﻛــﺎﺑـ­ـﻪ ﻣﻦ اﻟﺤﻮاﺟﺰ، وﻳﻮﺻﻠﻬﻢ إﻟﻰ وﺟﻬﺎﺗﻬﻢ دون أن ﻳﻌﺮﻗﻠﻬﻢ اﻟﺠﻴﺶ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ، وﺻﻒ ﻫﺬا اﻟﺴﺎﺋﻖ ﺑﺄﻧﻪ اﻟﻘﺎﺋﺪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، وأﻧﻪ ﻛﺘﺐ ﻋﻨﻪ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻳﻠﻌﺐ دورﴽ ﻗﻴﺎدﻳﴼ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ. وﺷﺮح ﺑﺎﻟﻘﻮل: »ﻣــﺤــﻤــﻮ­د ﻫـــﻮ اﻟــﻘــﺎﺋـ­ـﺪ ﻻ اﻟــﺴــﻴــ­ﺎﺳــﻴــﻮن اﻟــﺬﻳــﻦ ﺗــﺮوﻧــﻬـ­ـﻢ ﻓــﻲ اﻟــﺼــﻮر وﺗﺴﻤﻌﻮن ﻋـــﻨـــﻬـ­ــﻢ«. وﻣـــﻌـــﻠ­ـــﻮم ﻋـــﻦ اﻟـــﺒـــﺮ­ﻏـــﻮﺛـــﻲ أﻧــﻪ ﺣﺎول ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار أن ﻳﺒﻘﻰ ﻛﺎﺗﺒﴼ ﻣﺴﺘﻘﻼ، وأدﻳﺒﴼ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋﻦ اﻻﻧﺨﺮاط ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ أو اﻟﺤﺰﺑﻴﺔ.

أﻣــﺎ اﻟــﺴــﺆال اﻟــﺬي اﺳـﺘـﺜـﺎر اﻟﺸﺎﻋﺮ، واﺳﺘﺤﻖ ﻣﻨﻪ ﺷﺮﺣﴼ ﻣﺴﻬﺒﴼ، ﻓﻬﻮ ﺣﻮل إذا ﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻳﺠﺐ أن ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻠﺘﺰﻣﴼ ﺑﻘﻀﻴﺘﻪ، أو ﻟﻪ أن ﻳﻜﺘﺐ ﻓﻲ اﳌﻮﺿﻮع اﻟﺬي ﻳﺸﺎء. وﻛﺄﻧﻤﺎ اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ اﺳﺘﻔﺰ ﻟﺤﻈﺔ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮﻳﺪ. وأﺧﺬ ﻳﺸﺮح ﺑﺤﻤﺎﺳﺔ أن »اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ أو اﻟﻔﻦ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻓﻴﻠﻤﴼ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﴼ أو ﻣﺴﺮﺣﻴﺔ أو ﻟﻮﺣﺔ أو أي ﻧﻮع ﻣﻦ أﻧﻮاع اﻟﻔﻨﻮن ﻳﻔﺘﺮض أن ﻳﺘﺤﻠﻰ ﺑﺎﻟﺸﺮوط اﻹﺑﺪاﻋﻴﺔ«، ﻓﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻗﻀﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة، ﻓﻲ رأﻳﻪ، ﻟﻴﺴﺖ ﺳﺒﺒﴼ ﳌﻐﻔﺮة رداءة اﻟﻌﻤﻞ، ذﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻻ اﳌﻌﺎﻧﻲ اﻟﺴﺎﻣﻴﺔ وﻻ اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ ﺗﺒﺮر ذﻟﻚ. واﺳﺘﻄﺮد اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ ﺷﺎرﺣﴼ: »ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻣـﻮﺿـﻮﻋـﻚ اﻟـﺠـﻐـﺮاﻓ­ـﻲ أو اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـ­ﻲ أو اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺤﻤﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﺗﺤﻮﻟﻬﺎ إﻟـﻰ ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ. واﳌﻮﺿﻮع ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﺣﻮل ﻓﺮاﺷﺔ أو ﻛﺎﺋﻨﺎت ﻓﻀﺎﺋﻴﺔ«.

ﻣـﺮﻳـﺪ اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ ﻳﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻣــﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮه ﺻـﺎﻟـﺤـﴼ ﻟـﻐـﻴـﺮه ﻣــﻦ اﻷدﺑـــﺎء: »ﺑــﺎﻟــﻨــ­ﺴــﺒــﺔ ﻟــﻄــﺮﻳــ­ﻘــﺘــﻲ ﻓـــﻲ إﻧـــﺘـــﺎ­ج ﻋﻤﻞ ﻓﻨﻲ ﻓﺈﻧﻨﻲ أﺻـﻨـﻊ اﻟـﺘـﺎﻟـﻲ: اﻛﺘﺸﻔﺖ أن اﺳﺘﺨﺮاج اﳌﺪﻫﺶ ﻣﻦ اﳌﺄﻟﻮف، واﳌﺒﺎﻏﺖ ﻣﻦ اﻟﻌﺎدي، ﻫﻮ اﻟﺬي ﻳﺼﻨﻊ ﻓﻨﴼ. ﺑﻤﻌﻨﻰ أﻧﻨﻲ ﻗﺪ أﺻﻒ ﺷﺎرﻋﴼ أو ﻣﻴﺪاﻧﴼ ﻳﻤﺮ ﻓﻴﻪ ﻧــﺼــﻒ ﻣــﻠــﻴــﻮ­ن ﺷــﺨــﺺ ﻳــﻮﻣــﻴــ­ﴼ. ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺣـﲔ أﺻــﻒ ﻫــﺬا اﻟــﺸــﺎرع أو ﻫــﺬا اﳌـﻴـﺪان ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻗﻮم ﺑﺴﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑـﻬـﺎ اﳌـﺘـﻠـﻘـﻲ«. ﻳﺴﺘﻄﺮد اﻷدﻳﺐ ﻣﻔﺼﻼ: »أوﻻ، أرﻛﺰ اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا ﻓﻲ زاوﻳـــﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ، ﺳـﺄﺗـﻌـﺐ ﻓــﻲ اﺧـﺘـﻴـﺎرﻫ­ـﺎ، ﺳﺄﻗﺮر ﻋﻠﻰ ﻣﻦ أﻟﻘﻲ اﻟﻀﻮء، وﻣﻦ أﺑﻘﻴﻪ ﻓـﻲ اﻟـﻈـﻞ، ﺳﺄﻗﺼﻲ وأﺿــﻴــﻒ، ﺳﺄﻋﻄﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﻣﺨﺘﻠﻔﴼ ﻋﻤﺎ ﻳــﺮاه اﳌـــﺎرة ﻓـﻲ ﻫﺬا اﻟـــــﺸــ­ـــﺎرع. ﻋــﻨــﺪﻣــ­ﺎ ﺗــﻔــﻌــﻞ ذﻟـــــﻚ ﻻ ﻳــﻌــﻮد ﻣﻬﻤﴼ إن ﻛﺎن ﻣﻮﺿﻮﻋﻚ ﻋﻦ ﻓﻠﺴﻄﲔ أو ﻋـﻦ اﻟﻬﻨﺪ. ﻓﻜﻢ ﻣـﻦ ﺗﻌﺎﻃﻒ ﻧﺠﺪه ﻋﻨﺪ اﻟﻘﺮاء ﻣﻊ أﺑﻄﺎل ﺷﻜﺴﺒﻴﺮ أو ﻣﺎرﻛﻴﺰ أو أﻣﺒﺮﺗﻮ إﻳﻜﻮ، ﻣﻊ أن ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء ﻋﺎﳌﻪ اﻟﺨﺎص. اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﻟـﺬي ﻻ ﻳﻜﺘﺐ إﻻ ﻋﻦ ﻓﻠﺴﻄﲔ ﻳﻜﺘﺐ أدﺑﴼ ﻧﺎﻗﺼﴼ«.

وﻳﺮى اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ أن »اﻷدﻳﺐ ﻳﻜﺘﺐ اﻟــﺤــﻴــ­ﺎة، واﻟــﺤــﻴـ­ـﺎة أﻛــﺒــﺮ ﻣـــﻦ ﺳـﻜـﺎﻧـﻬـﺎ وﺣﺪودﻫﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ. ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﻛﺎﺋﻨﺎت ﺧﺮاﻓﻴﺔ، أو ﻗﺪ ﻧﻘﺮأ ﻗﺼﻴﺪة ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑـﲔ دﻧـﻤـﺎرﻛـﻲ وﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ«. وﻳﺸﺮح اﻷدﻳﺐ أﻧﻪ ﺣﲔ ﻳﻘﺮأ ﻟﻠﺸﺎﻋﺮة اﻟﺒﻮﻟﻨﺪﻳﺔ اﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة ﻧﻮﺑﻞ ﻓﺘﺴﻮاﻓﺎ ﺗﺸﻴﻤﺒﻮرﺳﻜﺎ اﻟـﺘـﻲ ﺗﻮﻓﻴﺖ ﻋــﺎم ٦٩٩١ ﻳــﺮى ﻓـﻲ ﺷﻌﺮﻫﺎ ﻓﻠﺴﻄﲔ، وﺣﲔ ﻳﻘﺮأ ﻟﻸﻣﻴﺮﻛﻴﲔ اﻟﺴﻮد ﻳﺠﺪﻫﻢ وﻛﺄﻧﻬﻢ ﻳﻜﺘﺒﻮن ﻋﻦ ﻗﻀﺎﻳﺎﻧﺎ، وﻛﺄﻧﻤﺎ ﻫــــﻮ ﻳـــﻘـــﺮأ إﻣـــﻴـــﻞ ﺣــﺒــﻴــﺒ­ــﻲ أو ﻣــﺤــﻤــﻮ­د دروﻳــﺶ. وﻳﺆﻣﻦ ﻣﺮﻳﺪ اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ ﺑﺄن »اﳌﺸﺘﺮك ﺑﲔ اﻟﺒﺸﺮ ﻻ ﻳﺤﺪده ﺿﺒﺎط اﻟﺠﻮازات وﻻ ﺣﺮاس اﻟﺤﺪود. واﻷدﻳﺐ اﻟــــــﺬي ﻳــﻘــﻴــﺪ ﻧــﻔــﺴــﻪ ﺑـــﻐـــﺮض ﺳــﻴــﺎﺳــ­ﻲ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻳﻌﻴﺶ ﺑﺴﺎق واﺣـﺪة، ﻣﻊ أن اﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻣﻨﺤﺘﻪ ﺳﺎﻗﲔ«.

 ??  ?? ﻣﺮﻳﺪ اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ )ﻳﻤﲔ( وﻣﻘﺪم اﻟﻨﺪوة د. ﻣﺤﻤﻮد زﻳﺎدة
ﻣﺮﻳﺪ اﻟﺒﺮﻏﻮﺛﻲ )ﻳﻤﲔ( وﻣﻘﺪم اﻟﻨﺪوة د. ﻣﺤﻤﻮد زﻳﺎدة

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia