ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ... ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟﺜﻼث
ﲣﺘﺼﺮ أﺟﻤﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻷوروﺑﻲ
ﻧﺎدرة ﻫﻲ اﳌﺪن اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻀﻦ ﻫــﺬا اﻟـﻘـﺪر ﻣـﻦ اﳌﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟــــــﺘــــــﻲ ﺗــــﺠــــﺘــــﻤــــﻊ ﻓـــــــﻲ ﻃــﻠــﻴــﻄــﻠــﺔ )ﺗﻮﻟﻴﺪو(، ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺔ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ أوج ﻋﺰﻫﺎ ﺑﻌﺪ أن اﺳﺘﺤﻘﺖ ﻟﻘﺐ »ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺎت اﻟــــــﺜــــــﻼث« اﻟــــﺘــــﻲ ﺗــــﻌــــﺎﻳــــﺶ ﻓــﻴــﻬــﺎ وﺗـــﻤـــﺎزج اﻹﺳـــــﻼم ﻣـــﻊ اﳌﺴﻴﺤﻴﺔ واﻟﻴﻬﻮدﻳﺔ ﻃﻮال ﻗﺮون، واﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﻌﻠﻮم اﻹﻏﺮﻳﻘﻴﺔ إﻟــــﻰ ﺑــﻘــﻴــﺔ أوروﺑـــــــﺎ ﻋــﺒــﺮ ﻣــﺪرﺳــﺔ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻳــﺪ اﻟـﻜـﺘـﺎب واﳌﻔﻜﺮﻳﻦ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﲔ.
ﺗـــﺒـــﻌـــﺪ ﻃـــﻠـــﻴـــﻄـــﻠـــﺔ ﻧــــﺤــــﻮ ٠٧ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﴽ ﻋﻦ ﻣﺪرﻳﺪ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻄﻬﺎ ﺑﻬﺎ ﻃـﺮﻳـﻖ ﺗﻌﺒﺮ ﺳـﻬـﻮل ﻗﺸﺘﺎﻟﺔ ﻗﺒﻞ أن ﺗـﻄـﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ راﺑــﻀــﺔ ﻋﻠﻰ ﻫــﻀــﺒــﺔ ﻣــﺴــﺘــﺪﻳــﺮة ﻳــﺰﻧــﺮﻫــﺎ ﻧﻬﺮ »اﻟـﺘـﺎج« Tajo اﻟــﺬي ﻳــﺪور ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻛـــﺎﻟـــﺴـــﻮار ﻗــﺒــﻞ أن ﻳــﺘــﺎﺑــﻊ ﺳــﻴــﺮه ﺣﺘﻰ ﻣﺼﺒﻪ ﻓﻲ اﳌﺤﻴﻂ اﻷﻃﻠﺴﻲ ﻋﻨﺪ أﻗـــﺪام اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﺒﺮﺗﻐﺎﻟﻴﺔ ﻟﺸﺒﻮﻧﺔ.
ﻟــﻜــﻦ إذا ﻛــــﺎن اﻟــــﻮﺻــــﻮل إﻟــﻰ ﻃـﻠـﻴـﻄـﻠـﺔ ﺑــﺎﻟــﺴــﻴــﺎرة ﻣـﻬـﻴـﺒـﴼ، ﻓــﺈن اﻟـــﺪﺧـــﻮل إﻟــﻴــﻬــﺎ ﺑــﺎﻟــﻘــﻄــﺎر ﻳﺤﻤﻞ ﻣـــﻔـــﺎﺟـــﺄة ﺟــﻤــﻴــﻠــﺔ ﻋــﻨــﺪ اﻟـــﻮﺻـــﻮل إﻟﻰ اﳌﺤﻄﺔ اﳌﺒﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم ٩١٩١ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮاز اﳌﺪﺟﻦ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﻘﻲ أﺷــــﻜــــﺎﻟــــﻪ وﺧــــﻄــــﻮﻃــــﻪ ﻣــــــﻦ اﻟـــﻔـــﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﺤﺎﺿﺮ ﺑﻘﻮة ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺒﺎﻧﻲ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ.
ﻳـﻐـﺎدر اﻟــﺰاﺋــﺮ ﻣﺤﻄﺔ اﻟﻘﻄﺎر وﻳــــﺘــــﺠــــﻪ ﻣــــﺒــــﺎﺷــــﺮة إﻟـــــــﻰ ﻣـــﺪﺧـــﻞ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻣﻦ ﺑﻮاﺑﺔ »ﺑـــﻴـــﺴـــﺎﻏـــﺮا« اﻟـــﺘـــﻲ ﺗـــﻌـــﻮد ﻟـﻠـﻘـﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ، وﻳﺸﻌﺮ ﻓـﻮرﴽ ﺑﺄن اﻟــﺘــﺎرﻳــﺦ ﺗــﻮﻗــﻒ ﻓــﻲ ﻫـــﺬه اﳌـﺪﻳـﻨـﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺎ زاﻟﺖ ﺷﻮارﻋﻬﺎ وﻣﺒﺎﻧﻴﻬﺎ وﻣﻌﺎﳌﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻨﺬ ﻗﺮون.
ﻃــﻠــﻴــﻄــﻠــﺔ اﻟــــﻴــــﻮم ﻻ ﺗـﺨـﺘـﻠـﻒ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ وﺻﻞ إﻟﻴﻬﺎ اﺑﻦ ﺟﺰﻳﺮة ﻛﺮﻳﺖ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﺔ، اﻟﺮﺳﺎم اﳌـــﻌـــﺮوف ﺑــﺎﺳــﻢ »اﻟــﻐــﺮﻳــﻜــﻮ«، ﻓﻲ ﻋـﺎم ٧٧٥١ وأﻣـﻀـﻰ ﻓﻴﻬﺎ آﺧــﺮ ٧٣ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ أﺑﺪع ﺧﻼﻟﻬﺎ أﺟﻤﻞ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺼﺺ ﻟﻬﺎ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﻣﺘﺤﻔﴼ ﻋﺎﳌﻴﴼ ﻓﻲ اﳌﻨﺰل اﻟﺬي ﻋﺎش ﻓـﻴـﻪ، وﻛــﺎن اﳌـﺤـﺘـﺮف اﻟــﺬي وﻟــﺪت ﻓﻴﻪ ﻣﺪرﺳﺘﻪ اﻟﻔﺮﻳﺪة ﺑﺎﻟﺮﺳﻢ.
ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻛﺎﻧﺖ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺗﺸﺮع أﺑﻮاﺑﻬﺎ أﻣﺎم رﻳﺎح اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻬّﺐ ﻋﻠﻰ أوروﺑــﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻮاﺿﺮ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ، وإﻟﻴﻬﺎ ﺗﻌﻮد ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺔ اﳌــﺒــﺎﻧــﻲ اﻟــﺘــﻲ ﻣــﺎ زاﻟــﺖ ﺗﺮﺻﻊ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻴﻮم. ﻣﻦ ﻫﺬه اﳌﺒﺎﻧﻲ ﻣﺴﺘﺸﻔﻰ »ﺳﺎﻧﺘﺎ ﻛﺮوز« اﻟﻘﺪﻳﻢ اﻟـﺬي أﺻﺒﺢ اﻟﻴﻮم ﻣﺘﺤﻔﴼ ﻟــﻠــﻔــﻦ اﳌــﻌــﺎﺻــﺮ ﻳـــﻀـــﻢ ﻣـﺠـﻤـﻮﻋـﺔ ﻧﻔﻴﺴﺔ ﻟـﻜـﺒـﺎر اﻟـﻔـﻨـﺎﻧـﲔ اﻹﺳــﺒــﺎن ﻓﻲ ﻗﺎﻋﺎﺗﻪ اﻷﻧﻴﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ. وﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻨﻪ ﻣﺒﻨﻰ »آﻟـﻜـﺎزار« اﻟـﺬي ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻣﻄﻼ ﻋﻠﻰ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ. وﻳﻀﻢ ﺣﺎﻟﻴﴼ ﻣﺘﺤﻒ اﻟﺠﻴﺶ ﺑﻌﺪ ﺗﺮﻣﻴﻤﻪ ﻋـﻘـﺐ اﻟــﺪﻣــﺎر اﻟـــﺬي ﻟـﺤـﻖ ﺑــﻪ إﺑــﺎن اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺼﻔﺘﻪ ﻗﻮات اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ﺑﻌﺪ أن رﻓﺾ ﻗﺎﺋﺪ ﺣﺎﻣﻴﺘﻪ ﺗﺴﻠﻴﻤﻪ ﺗﺤﺖ ﺗﻬﺪﻳﺪه ﺑﻘﺘﻞ اﺑﻨﻪ.
ﻣـــﻦ ﻣــﺒــﻨــﻰ »آﻟـــــﻜـــــﺎزار« ﻧـﺘـﺠـﻪ ﻧﺤﻮ ﺟﺴﺮ »اﻟﻘﻨﻄﺮة« ﻟﻠﻌﺒﻮر إﻟﻰ اﻟﻀﻔﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗــﺼــﺮ »ﺳـــﻴـــﺮﻓـــﺎﻧـــﺪو« ﻣــــﻦ اﻟــﻘــﺮن
اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ، وﻣﻨﻪ إﻟﻰ اﻟﺸﻮارع اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ اﳌﺮﺻﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﺤﺠﺮ ﻓﻲ ﺣﻲ »ﺳﺎن ﻣﺎرﺗﲔ« اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺘﻌﺎﻳﺶ ﻓــﻴــﻪ اﳌــﺴــﻠــﻤــﻮن ﻣــــﻊ اﳌــﺴــﻴــﺤــﻴــﲔ واﻟــﻴــﻬــﻮد ﻓــﻲ اﻟـــﻘـــﺮون اﻟــﻮﺳــﻄــﻰ، واﻟـــــــــﺬي ﻳــــﻀــــﻢ اﻟــــﻴــــﻮم ﺣـــﻮاﻧـــﻴـــﺖ اﻟﺤﺮﻓﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻮاﺻﻠﻮن ﺗﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺼﻨﺎﻋﺎت اﻟﻴﺪوﻳﺔ اﳌﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﺪﻣﺸﻘﻴﺔ«.
اﻟــﻄــﺒــﻖ اﻟــﺮﺋــﻴــﺴــﻲ ﻓــﻲ زﻳـــﺎرة ﻃـﻠـﻴـﻄـﻠـﺔ ﻫـــﻮ اﻟــﻜــﺎﺗــﺪراﺋــﻴــﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻻ ﻳــﻀــﺎﻫــﻴــﻬــﺎ أي ﻣــﻌــﺒــﺪ ﻗــﻮﻃــﻲ آﺧﺮ ﻓﻲ أوروﺑــﺎ، ﺗﻌﻮد إﻟﻰ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺛﺎﻧﻲ أﻫﻢ اﳌﺮاﻛﺰ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ ﺑﻌﺪ روﻣﺎ. وﻓــــﻲ داﺧــﻠــﻬــﺎ ﻣــﺠــﻤــﻮﻋــﺔ ﻧﻔﻴﺴﺔ ﻣﻦ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ، أﺑﺮزﻫﺎ ﺛﻼث ﻟــﻮﺣــﺎت أﻧــﺠــﺰﻫــﺎ »اﻟــﻐــﺮﻳــﻜــﻮ« ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻷﺧﻴﺮة ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن ﻓﻨﻪ ﻗﺪ ﺑﻠﻎ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻀﺞ واﻻﻛـــﺘـــﻤـــﺎل ﺟــﻌــﻠــﺖ ﻣــﻨــﻪ ﻣــﺪرﺳــﺔ
ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺑﺬاﺗﻬﺎ. وإﻟــﻰ ﺟﺎﻧﺐ
اﻟﻜﺎﺗﺪراﺋﻴﺔ ﻳﻘﻮم اﻟﻘﺼﺮ اﻷﺳﻘﻔﻲ اﻟﺬي ﻳﺴﺘﺤﻖ زﻳﺎرة ﻣﺘﺄﻧﻴﺔ ﻟﺠﻤﺎل ﻣﻌﻤﺎره. ﻓﻬﻮ ﻳﻤﺰج ﺑﲔ اﻟﻄﺮازﻳﻦ اﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻲ واﻷﻧﺪﻟﺴﻲ، وﳌﺎ ﺗﺰﺧﺮ ﺑﻪ ﻗﺎﻋﺎﺗﻪ ﻣﻦ رواﺋﻊ ﻓﻨﻴﺔ.
وﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أﻧﻪ ﺣﺘﻰ اﳌــﻌــﺎﺑــﺪ اﻟــﻴــﻬــﻮدﻳــﺔ ﻓـــﻲ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﻣــﺒــﻨــﻴــﺔ ﻋــﻠــﻰ اﻟـــﻄـــﺮاز اﻷﻧــﺪﻟــﺴــﻲ، ﺧــــﺼــــﻮﺻــــﴼ ﻛـــﻨـــﻴـــﺲ »اﻟـــﻘـــﺪﻳـــﺴـــﺔ ﻣـــﺎرﻳـــﺎ« اﻟــــﺬي ﻳــﺨــﺎل اﻟـــﻮاﻗـــﻒ ﻓﻲ داﺧﻠﻪ أﻧﻪ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪ.
ﻗﺪ ﻻ ﺗﻜﻮن اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳــﻼﻣــﻴــﺔ ﻇــﺎﻫــﺮة ﻫــﻨــﺎ ﻛــﻤــﺎ ﻓﻲ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ وإﺷﺒﻴﻠﻴﺔ وﻗﺮﻃﺒﺔ، ﻟﻜﻦ ﺗﻄﺎﻟﻌﻚ ﻛﻴﻔﻤﺎ اﺗﺠﻬﺖ ﻓﻲ أﻗﻮاس اﳌـــﺒـــﺎﻧـــﻲ واﻟــــﺮﺳــــﻮم واﻟـــﺸـــﻌـــﺎرات اﳌــــﺤــــﻔــــﻮرة ﻋـــﻠـــﻰ اﳌـــــﺪاﺧـــــﻞ، وﻓـــﻲ اﻟــﺼــﻨــﺎﻋــﺎت اﻟــﺤــﺮﻓــﻴــﺔ واﻷﻃــﻌــﻤــﺔ واﻟﺤﻠﻮى اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺷﺎﺋﻌﺔ ﻓﻲ ﺑــﻼد اﻷﻧــﺪﻟــﺲ وﺗﻔﺘﺨﺮ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ اﻟــﻴــﻮم ﺑﺎﺳﺘﻌﺎدﺗﻬﺎ وﺗﻄﻮﻳﺮﻫﺎ. وﻋــــــﻨــــــﺪﻣــــــﺎ ﺗـــــﺼـــــﻞ إﻟــــــــــﻰ ﺳــــﺎﺣــــﺔ
»زوﻛــﻮدوﻓــﻴــﺮ« اﻟـﺘـﻲ ﻳﻨﺒﺾ ﻗﻠﺐ اﳌﺪﻳﻨﺔ ﺑـﲔ أﻃـﺮاﻓـﻬـﺎ، ﻓــﺈن أول ﻣﺎ ﺗـﻘـﻊ اﻟــﻌــﲔ ﻋـﻠـﻴـﻪ ﻫــﻮ اﻟـﺤـﻤـﺎﻣـﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺸﻌﺮ ﻟﻮﻫﻠﺔ ﺑﺄﻧﻚ ﻓﻲ ﻓﺎس أو ﻣﺮاﻛﺶ.
وﻟـﻌـﻞ ﻫــﺬا اﻟﻌﻤﻖ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﻟﺬي ﺗﺤﺘﻀﻨﻪ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﻣـﺪﻳـﻨـﺔ ﺗـﻌـﺎﻳـﺸـﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟـﺪﻳـﺎﻧـﺎت واﻟــــﺜــــﻘــــﺎﻓــــﺎت اﻟـــــﻜـــــﺒـــــﺮى، وﺑــﻘــﻴــﺖ ﺗـــﺘـــﻤـــﺎزج ﺑـــﺎﻧـــﺴـــﺠـــﺎم ﺣـــﺘـــﻰ ﺑـﻌـﺪ ﺳــﻘــﻮط آﺧــــﺮ اﳌــﻤــﺎﻟــﻚ اﻷﻧــﺪﻟــﺴــﻴــﺔ ﻓـﻲ ﻏـﺮﻧـﺎﻃـﺔ وﺧـــﺮوج اﻟـﻴـﻬـﻮد ﻣﻦ إﺳــﺒــﺎﻧــﻴــﺎ، ﻫــﻮ اﻟـــﺬي ﺟـــﺬب إﻟﻴﻬﺎ داﺋــﻤــﴼ ﻛــﺒــﺎر اﻟــﻔــﻨــﺎﻧــﲔ واﻟــﺸــﻌــﺮاء واﻷدﺑـــــــــﺎء، اﻹﺳــــﺒــــﺎن واﻷﺟــــﺎﻧــــﺐ، ﻳﺒﺤﺜﻮن ﻋﻦ ذﻟﻚ اﳌﻜﺎن اﻟﺬي ﻗﺎل ﻓﻴﻪ اﻟﺸﺎﻋﺮ اﻷﳌﺎﻧﻲ رﻳﻠﻜﻴﻪ: »ﻫﻨﺎ ﺗﺘﻘﺎﻃﻊ ﻧﻈﺮات اﻷﺣﻴﺎء ﻣﻊ ﻧﻈﺮات اﳌﻮﺗﻰ واﳌﻼﺋﻜﺔ«.
ﺟــــﺎء راﻳــﻨــﻴــﺮ ﻣـــﺎرﻳـــﺎ رﻳـﻠـﻜـﻴـﻪ إﻟﻰ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم ٢١٩١ وﻛﺘﺐ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﺻــﻔــﻮة أﺷـــﻌـــﺎره، وﺟــﺎء ﻫــﺎ
ﻫـــﻤـــﻨـــﻐـــﻮاي ﺛــــﻢ ﺗــﺒــﻌــﻪ أورﺳـــــــﻮن وﻳﻠﺰ وآﻓﺎ ﻏﺎردﻧﺮ ﻳﻘﻀﻮن ﻓﺘﺮات ﻃـﻮﻳـﻠـﺔ ﻓــﻲ اﳌـﺪﻳـﻨـﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺨﺘﺼﺮ أﺟــــﻤــــﻞ اﻟــــﺘــــﺎرﻳــــﺦ اﻟــــــــﺬي ﻋــﺎﺷــﺘــﻪ أوروﺑـــﺎ. ﺛﻢ ﻗﺼﺪﻫﺎ أﻳﻀﴼ ﺷﺎﻋﺮ اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻏﺎرﺳﻴﺎ ﻟﻮرﻛﺎ اﻟـــــﺬي ﻗـــــﺎل: »إن ﻫــﺠــﺮﺗــﻨــﻲ ﻳــﻮﻣــﴼ ﻏﺮﻧﺎﻃﺔ، ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻏﻴﺮ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ«.
ﺛﻤﺔ ﺳﺤﺮ ﻓﻲ زﻳﺎرة ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﻳﺪﻓﻊ إﻟﻰ اﻻﺳﺘﺰادة ﻣﻨﻬﺎ وﻳﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻋﻠﻰ اﳌﺮء أن ﻳﻐﺎدرﻫﺎ. ﻟﺬﻟﻚ ﻧﻘﺘﺮح، ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺠﻮال ﻓﻴﻬﺎ ﻃـــــﻮال اﻟــﻨــﻬــﺎر، ﻗــﻀــﺎء اﻟــﻠــﻴــﻞ ﻓﻲ ﻓـــﻨـــﺪق »ﺑــــــــــــــﺎرادور« ﻣــــﻦ ﺳـﻠـﺴـﻠـﺔ اﻟــﻔــﻨــﺎدق اﻷﺛــﺮﻳــﺔ اﻟـﺘـﺎﺑـﻌـﺔ ﻟـــﻮزارة اﻟــــﺴــــﻴــــﺎﺣــــﺔ، واﻟـــــــــــﺬي ﻳــــﻘــــﻊ ﻋــﻠــﻰ اﻟﻀﻔﺔ اﻷﺧـــﺮى ﻣـﻦ ﻧﻬﺮ »اﻟـﺘـﺎج« وﻳﻄﻞ ﻋﻠﻰ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺮاﺑﻀﺔ ﻓﻮق اﻟﻬﻀﺒﺔ. ﻟﻴﺲ أﺟﻤﻞ ﻣﻦ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﺳﻮى ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ﺗﺤﺖ ﺿﻮء اﻟﻘﻤﺮ.