اﳌﻔﻜﺮون ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ
ﻣﻦ ﺗﺄﻟﻴﻒ اﻟﺒﺎﺣﺚ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﺗﻮﻣﺎس ﺑﺮﻳﺴﻮن، وﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﺟﺎن ﻣﺎﺟﺪ ﺟﺒﻮر، ﺻـﺪر ﺣﺪﻳﺜﴼ ﻋﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﺘﺎب ﺑﻌﻨﻮان »اﻧﺰﻳﺎح اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ اﻟـﻐـﺮﺑـﻴـﺔ. ﻧـﻘـﺪ اﻟــﺤــﺪاﺛــﺔ ﻟــﺪى ﻣﺜﻘﻔﻲ ﻣﺎ ﺑـﻌـﺪ اﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ اﻟﺼﻴﻨﻴﲔ واﻟـﻌـﺮب واﻟﻬﻨﻮد«.
ﻳـــﻌـــﺎﻟـــﺞ اﻟـــﻜـــﺘـــﺎب ﻣـــﺴـــﺄﻟـــﺔ اﺳـــﺘـــﻤـــﺮار اﳌــﺮﻛــﺰﻳــﺔ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ واﻟــﻔــﻜــﺮﻳــﺔ ﻟـﻠـﻐـﺮب، وﻳــﺘــﺴــﺎءل اﻟــﻜــﺎﺗــﺐ ﻓــﻲ اﳌــﻘــﺪﻣــﺔ: »ﻛـﻴـﻒ ﻳﺤﺼﻞ أﻧــﻪ ﺑـﻌـﺪ ﻋــﻘــﻮد ﻋـــﺪة ﻣــﻦ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻹﻣــــــﺒــــــﺮاﻃــــــﻮرﻳــــــﺎت اﻻﺳــــﺘــــﻌــــﻤــــﺎرﻳــــﺔ، ﻻ ﻳـــﺰال ﻋـﺎﳌـﻨـﺎ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋـﻠـﻰ اﳌــﻌــﺎرف اﻟﺘﻲ ﺗـــــﻢ ﺗــﻌــﻤــﻴــﻤــﻬــﺎ أﺻـــــــﻼ ﻟــﺘــﺮﺳــﻴــﺦ أﻗـــــﺪام اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ؟ ﳌـﺎذا ﻟﻢ ﻳﺘﺮاﻓﻖ إﻧــﻬــﺎء اﻻﺳـﺘـﻌـﻤـﺎر اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ ﻣــﻊ إﻧـﻬـﺎء اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻔﻜﺮي، ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻬﻢ ﻣﺠﺪدﴽ ﻓﻲ ﺗﻌﺪد ﻣﺮاﻛﺰ اﻹﺷﻌﺎع؟«.
وﻳــــــــــــــــﺮى اﻟـــــــﻜـــــــﺘـــــــﺎب أن اﻹﺟــــــــﺎﺑــــــــﺔ ﺗــــﻤــــﺖ ﻣـــــﻦ ﺧــــــﻼل إﻃــــــــﻼق أﻃــــــﺮ ﺑــﺤــﺜــﻴــﺔ اﺑــﺴــﺘــﻤــﻮﻟــﻮﺟــﻴــﺔ وﺳــﻴــﺎﺳــﻴــﺔ ﻋــــــﺪة، ﻣـﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ: »اﻟﻜﻮﻧﻔﻮﺷﻴﻮﺳﻴﺔ اﻟـﺠـﺪﻳـﺪة«، اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻓﻲ آﺳـﻴـﺎ، ﺛـﻢ أﻋـﻴـﺪ إﺣـﻴـﺎؤﻫـﺎ ﻋﻨﺪ ﻣﻨﻌﻄﻒ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت واﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎت ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺑﺎﺣﺜﲔ أﻣﻴﺮﻛﻴﲔ ﻳﻨﺤﺪرون ﻣﻦ أﺻﻮل ﺻﻴﻨﻴﺔ، و»دراﺳﺎت ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ«، وﻫﻲ ﺛﻤﺮة اﻟﺘﻌﺎون ﺑﲔ ﻣﻔﻜﺮﻳﻦ ﻋﺮب وﻫﻨﻮد ﻳــﻌــﻤــﻠــﻮن ﻛـــﺬﻟـــﻚ ﻓـــﻲ ﺟـــﺎﻣـــﻌـــﺎت أﻣــﻴــﺮﻛــﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ.
وﻳـﺸـﻴـﺮ اﻟــﻜــﺎﺗــﺐ إﻟـــﻰ أن اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮ ﻣﻦ اﻟــﺒــﺎﺣــﺜــﲔ اﻟــﻬــﻨــﻮد ﻃــﺮﺣــﻮا ﻣــﻨــﺬ ﻧـﻬـﺎﻳـﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت ﻣــﻦ اﻟــﻘــﺮن اﳌــﺎﺿــﻲ، أﺳــﺲ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﻧﻘﺪي، ﺗﺄرﻳﺨﻲ وﻧﻈﺮي، ﺣﻮل إرث اﻟﺤﺪاﺛﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ، ﻣﺴﻠﻄﲔ اﻟﻀﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺒﺎس اﻟﻔﻀﺎء اﳌﻔﺎﻫﻴﻤﻲ اﻟﺬي وﺿﻌﻪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﺑـﲔ أﻳــﺪي اﻟـﻬـﻨـﻮد، ﻟﻠﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻲ واﻗﻊ ﺧﻀﻮﻋﻬﻢ ﻟﻠﻬﻴﻤﻨﺔ. ﺗﻤﺤﻮرت ﻋــﻤــﻠــﻴــﺎت اﻟــﺘــﻔــﻜــﻴــﺮ ﻫــــﺬه ﺣــــﻮل ﻣــﺸــﺮوع ﺗﻔﻜﻴﻚ ﻫـــﺬه اﻟـﻬـﻴـﻤـﻨـﺔ، ﻣــﻦ ﺧـــﻼل رﻓـﺾ ادﻋــــﺎءات اﻟـﻐـﺮب ﺑﻤﺸﺮوﻋﻴﺘﻪ اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ، ﻻﻓﺘﴼ إﻟﻰ أن ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﲔ اﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻬﻴﻤﻨﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻃﺮﺣﺖ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺜﻘﻔﲔ ﻋﺮب أﺛﻨﺎء اﻟﻨﻘﺎش اﻟﺬي دار ﺣﻮل اﻻﺳﺘﺸﺮاق، واﻟﺬي اﻧﻄﻠﻖ ﻣـﻊ ﺻــﺪور ﻛـﺘـﺎب إدوارد ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺬي ﺣﻤﻞ اﻟﻌﻨﻮان ﻧﻔﺴﻪ: »اﻻﺳﺘﺸﺮاق«. وﻗـــﺪ اﺗــﺠــﻬــﺖ ﻋــﻤــﻠــﻴــﺎت ﺗـﻔـﻜـﻴـﺮ اﳌـﺜـﻘـﻔـﲔ اﻟــﻬــﻨــﻮد واﻟـــﻌـــﺮب ﻧــﺤــﻮ اﻟــﺴــﻌــﻲ ﻹﻳــﺠــﺎد ﻃﺮاﺋﻖ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ ﻣﺘﻌﺪدة ﺧﺎرج أﻃﺮ اﻟﻐﺮب وﺗﻼﻗﺖ ﺑﺪءﴽ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﻧﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ، وذﻟــﻚ ﺑﻔﻀﻞ اﻟﺘﺤﺎق ﻫــﺆﻻء ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻷﻧﻐﻠﻮﺳﻜﺴﻮﻧﻴﺔ واﻧﺘﺸﺎر ﻧﺼﻮﺻﻬﻢ )اﳌﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ(، ﻣﻤﺎ أﻋﻄﻰ ﻟﻨﻘﺪﻫﻢ ﺑﻌﺪﴽ ﻋﺎﳌﻴﴼ.
ﻳﻨﻘﺴﻢ اﻟـﻜـﺘـﺎب إﻟــﻰ ﺟــﺰأﻳــﻦ: اﻟـﺠـﺰء اﻷول ﺟﺎء ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان »اﻟﻜﻮﻧﻔﻮﺷﻴﻮﺳﻴﺔ اﻟـﺠـﺪﻳـﺪة، ﺣـﺪاﺛـﺔ آﺳﻴﻮﻳﺔ ﻓـﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ«، وﻳـــﺘـــﻀـــﻤـــﻦ ﺛـــــﻼﺛـــــﺔ ﻓــــــﺼــــــﻮل. ﻳـــﺘـــﺤـــﺪث اﻟــﻜــﺎﺗــﺐ ﻓـــﻲ اﻟــﻔــﺼــﻞ اﻷول ﻋـــﻦ أﺻـــﻮل اﻟـﻜـﻮﻧـﻔـﻮﺷـﻴـﻮﺳـﻴـﺔ اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻴــﺔ وﻛﻴﻔﻴﺔ اﻧﻬﻴﺎر وإﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﻜﻮﻧﻔﻮﺷﻴﻮﺳﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻓﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻨﺪ اﻟﻜﻮﻧﻔﻮﺷﻴﻮﺳﻴﺔ واﻟﺤﺪاﺛﺔ اﻵﺳﻴﻮﻳﺔ واﻟﺘﻐﻴﻴﺮات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، أﻣﺎ ﻓـﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻴﺘﻄﺮق إﻟــﻰ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﻘﻄﺔ ﺗﺤﻮل ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻠﻜﻮﻧﻔﻮﺷﻴﻮﺳﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة.
ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ إﻟـــﻰ اﻟــﺠــﺰء اﻟــﺜــﺎﻧــﻲ اﻟــﺬي ﺣﻤﻞ ﻋﻨﻮان »ﻧﻈﺮة ﺟﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮاﻟﻢ ﻏﻴﺮ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ: ﻣﺜﻘﻔﻮن ﻋـﺮب وﻫﻨﻮد ﻓﻲ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة« ﻓﻴﺘﻀﻤﻦ ﻓﺼﻼ ﺣﻮل اﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ واﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻳـــﺘـــﻨـــﺎول ﻛـــﺘـــﺎب اﻻﺳـــﺘـــﺸـــﺮاق ﻹدوارد ﺳﻌﻴﺪ، إﺿـﺎﻓـﺔ إﻟــﻰ ﻓﺼﻞ أﺧـﻴـﺮ ﻳﺮﺻﺪ »دراﺳـــﺎت اﻟﺘﺎﺑﻊ« اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ و»اﳌﻨﻌﻄﻒ اﻟﺴﻌﻴﺪي« وﻣﺸﺮوﻋﺎت اﻟﺘﺄرﻳﺦ اﻟﺒﺪﻳﻠﺔ.
وﺗﻮﻣﺎس ﺑﺮﻳﺴﻮن ﻫﻮ أﺳﺘﺎذ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎرﻳﺲ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ، وﺑﺎﺣﺚ ﻓﻲ »ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺒﺤﻮث اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺎرﻳﺲ« ،(Cresppa) وﻓﻲ »اﻟﺒﻴﺖ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ - اﻟﻴﺎﺑﺎﻧﻲ« -) CNRS .(Tokyo ﻟـــﻪ اﻟــﻜــﺜــﻴــﺮ ﻣـــﻦ اﳌـــﺆﻟـــﻔـــﺎت، ﻣﻦ ﺑــﻴــﻨــﻬــﺎ: »اﳌــﺜــﻘــﻔــﻮن اﻟـــﻌـــﺮب ﻓـــﻲ ﻓــﺮﻧــﺴــﺎ: ﻫﺠﺮات وﺗﺒﺎدﻻت ﻓﻜﺮﻳﺔ«. أﻣﺎ ﺟﺎن ﻣﺎﺟﺪ ﺟﺒﻮر ﻓﻬﻮ أﺳﺘﺎذ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ. ﺑﺎﺣﺚ وﻣﺘﺮﺟﻢ. ﻟﻪ ﻣﺆﻟﻔﺎت ﻋﺪة، ﻓﻀﻼ ﻋـــﻦ ﻋــــﺪد ﻣـــﻦ اﻟــﻜــﺘــﺐ اﳌــﺘــﺮﺟــﻤــﺔ. ﻣـﻨـﻬـﺎ: »ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﻴﺪ اﻟﺠﻨﻮب اﺧـﺘـﺮاع اﻟﻌﺎﻟﻢ« ﻟﺒﺮﺗﺮان ﺑﺎدي.