ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة؟!
ﻳــﺒــﺪو أن اﻧــﺘــﻬــﺎء اﻟـــﺤـــﺮب اﻟــــﺒــــﺎردة داﺧـــﻞ اﻟﺒﻼط اﳌﻠﻜﻲ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺑﲔ اﳌﻠﻜﺔ إﻟﻴﺰاﺑﻴﺚ، ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ، وﺣﻔﻴﺪﻫﺎ ﻫﺎري وزوﺟﺘﻪ ﻣﻴﻐﺎن، ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى، ﻛﺎن اﻟﺒﺸﺎرة اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺤﺮوب اﻟﺒﺎردة اﻷﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺘﺠﻪ ﻧﺤﻮ اﻷﻓـــﻮل. اﳌﻌﻀﻠﺔ ﻓـﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ »اﻟـﺤـﺮب اﻟـﺒـﺎردة« أﻧــﻪ ﻣﺸﺤﻮن ﺑﻜﻞ دﻻﻻت اﻟﺘﻮﺗﺮ ﻓـﻲ اﻟـﺤـﺮوب، وﻟـﻜـﻨـﻪ ﻳﺨﻠﻮ ﻣــﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺨـﻴـﺔ؛ وﻣﻨﺬ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، وﻣـﺎ ﺟـﺮى ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻣﻦ ﺣــﺮوب ﻻ ﺗﻄﻠﻖ ﻓﻴﻬﺎ رﺻـﺎﺻـﺔ، وﻫــﺬا ﻧﻤﻮذج ﻟﻨﻮﻋﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣـــﻦ اﻷﺳــﻠــﺤــﺔ، أو اﻻدﻋــــــﺎء ﺑــﺈﺷــﻬــﺎرﻫــﺎ، وﻟـﻜـﻦ اﻟﺴﻮﻓﻴﺎت واﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﺮﻓﻮن اﻟﺤﺪود اﻟـــﺘـــﻲ ﻳــﻘــﻒ ﻋــﻨــﺪﻫــﺎ اﻟــﺠــﻤــﻴــﻊ. وﻋـــﻨـــﺪﻣـــﺎ أﻋــﻠــﻦ اﻷﻣﻴﺮ وزوﺟﺘﻪ ﻧﻴﺘﻬﻤﺎ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ واﺟـﺒـﺎﺗـﻬـﻤـﺎ اﳌـﻠـﻜـﻴـﺔ، ﻛــﺎﻧــﺎ ﻳـﻌـﻠـﻨـﺎن ﺣــﺮﺑــﴼ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ اﻟﺒﺎﻟﻴﺔ ﻟـﻠـﺘـﺎج، اﻟـﺘـﻲ ﻣــﻦ وﺟـﻬـﺔ ﻧﻈﺮ اﻟــﺰوﺟــﲔ ﻋــﻦ رﻓﻀﻬﻤﺎ اﻟـﺘـﻌـﺮض ﳌــﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﻪ اﻷﻣﻴﺮة دﻳﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، وأﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺣﻤﻼ ﻃﻔﻠﻬﻤﺎ اﻟﺮﺿﻴﻊ »آرﺷﻲ« إﻟﻰ ﻛﻨﺪا. ﻛﺎن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺼﻌﻴﺪ اﳌﺤﺴﻮب اﻟﺬي ﻟﻢ ﺗﺘﺠﺎوب ﻣﻌﻬﺎ اﳌﻠﻜﺔ ﺑﺘﺼﻌﻴﺪ ﻣﻘﺒﻮل، وإﻧﻤﺎ ﺑﺎﺟﺘﻤﺎع ﻣــــﻊ ﺣــﻔــﻴــﺪﻫــﺎ ﻟــــﻢ ﻳــﻌــﻠــﻢ أﺣـــــﺪ ﺑــﻤــﺎ ﺟـــــﺮى ﻓــﻴــﻪ، وﻟﻜﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﺧﺮﺟﻮا ﺑﺼﻴﻐﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ اﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻌﻬﺎ. ﻟــﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺪاد ﻻﺳﺘﻌﺎدة أزﻣﺔ اﳌﻠﻚ اﻟﺬي ﺗﺰوج اﳌﻄﻠﻘﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت، وﻻ ﻛﺎن أﺣﺪ ﻳــﺮﻳــﺪ ﺗــﺬﻛــﺮ أزﻣـــﺔ اﻷﻣــﻴــﺮة ﻣــﺎرﻏــﺮﻳــﺖ وزوﺟــﻬــﺎ اﳌـــﺼـــﻮر ﻓـــﻲ اﻟــﺴــﺘــﻴــﻨــﺎت ﻣـــﻦ اﻟـــﻘـــﺮن اﳌـــﺎﺿـــﻲ،
وﻻ ﻛــﺎن ﻣﻤﻜﻨﴼ أن ﺗﻈﻞ أزﻣــﺔ »أﻣــﻴــﺮة اﻟﻘﻠﻮب« ﻣﺴﺘﺤﻜﻤﺔ ﺣـﺘـﻰ اﻟــﻴــﻮم. ﺣــﻞ اﻷزﻣــــﺔ، وﻣــﺎ ﺑـﺪا ﻛﻤﺎ ﻟـﻮ ﻛــﺎن ﺣـﺮﺑـﴼ ﺑـــﺎردة ﺗـﻬـﺪد اﻟـﻮﺿـﻊ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ، ﺑﻴﻨﻤﺎ اﳌﻠﻜﺔ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺣﻤﻞ اﻟﺘﺎج اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ رأﺳـﻬـﺎ، ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ أن ﻳﺼﻞ ﺑﺴﺮﻋﺔ إﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻪ اﻟﺴﻌﻴﺪة. ﻟﻢ ﻳﻌﺪ ﺑﲔ اﻷﻃﺮاف اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻳﻄﻴﻖ ﻋﻘﻮدﴽ ﻣﻦ اﻟﺤﺮب اﻟـﺒـﺎردة، ﻛﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺟـﺮت ﺑﲔ ﻣﻮﺳﻜﻮ وواﺷــﻨــﻄــﻦ ﻋـﻠـﻰ ﻣـــﺪى أرﺑــﻌــﺔ ﻋــﻘــﻮد ﺗﺨﻠﻠﺘﻬﺎ أزﻣـــﺎت ﻛـﺜـﻴـﺮة. ﻫــﺬه اﳌــﺮة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗـﺎﻣـﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﺑﲔ واﺷﻨﻄﻦ وﺑﻜﲔ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻤﻞ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات؛ وﻻ ﻋﺠﺐ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺑﲔ اﳌﻠﻜﺔ وﺣﻔﻴﺪﻫﺎ اﺳﺘﻐﺮﻗﺖ أرﺑﻌﺔ أﺳﺎﺑﻴﻊ.
ﺷﻲء ﻣﺜﻞ ﻫﺬا ﺟﺮى ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻬﺖ ﻋﺎﺻﻔﺔ اﻷزﻣﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﻹﻳﺮاﻧﻴﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺗﻮاﻓﻘﺖ واﺷﻨﻄﻦ ﻣﻊ ﻃﻬﺮان ﻋﻠﻰ أﻻ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﻣﺠﺎل آﺧﺮ ﻟﻀﺮﺑﺎت ﻣﺘﺒﺎدﻟﺔ. وﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺰاﻣﻦ، ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ، ﺗﻮﻗﻔﺖ اﳌﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺑﲔ ﻗﻮات اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻠﻴﺒﻲ وﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎت ﺣﻜﻮﻣﺔ »اﻟﻮﻓﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ« ﻓﻲ ﻃﺮاﺑﻠﺲ. ﺣﺎﻟﺔ اﻷزﻣﺘﲔ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻘﺎن ﺗﺮاﺟﻌﺖ، وﺑﺎت ﻋﻠﻰ ﻛﻞ أﻃﺮاﻓﻬﺎ أن ﻳﻌﻴﺪ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى، واﻟﺘﻨﻔﺲ ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋــﻦ ﺿــﻐــﻮط اﳌــﻌــﺮﻛــﺔ اﳌــﺮﺗــﻘــﺒــﺔ أو اﳌــﻔــﺎوﺿــﺎت اﳌﺘﻮﻗﻌﺔ. وواﺷـﻨـﻄـﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻌﺪ ﻟﻼﺣﺘﻔﺎل ﺑﺘﻮﻗﻴﻊ اﳌـﺮﺣـﻠـﺔ اﻷوﻟـــﻰ ﻣــﻦ اﻻﺗــﻔــﺎق اﻟﺘﺠﺎري ﻣﻊ اﻟﺼﲔ، ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻬﺖ اﻟﺤﺮب اﻟـﺒـﺎردة ﻣﺒﻜﺮﴽ. أﻛـﺜـﺮ ﻣـﻦ ذﻟــﻚ، ﻓﻔﻲ ﻳــﻮم ﺗﻮﻗﻴﻊ اﻻﺗــﻔــﺎق، ﺟﺮى اﻹﻋﻼن ﻋﻦ ﺗﻮﺻﻞ أﻃﺮاف اﳌﻔﺎوﺿﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺴﺪ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻹﺛﻴﻮﺑﻲ إﻟﻰ اﺗﻔﺎق ﻓﻲ واﺷﻨﻄﻦ ﺣﻮل اﻷﻣﻮر اﻟﺠﻮﻫﺮﻳﺔ، وﺑﻘﻴﺖ ﺻﻴﺎﻏﺔ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﺬي ﺳﻴﻌﻠﻦ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ٨٢ ﻳﻨﺎﻳﺮ )ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ( اﻟﺤﺎﻟﻲ. وﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻷﺳﺒﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ ٠٢٠٢ ﺗﻨﻔﺲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺼﻌﺪاء، واﺑﺘﻌﺪت اﻷزﻣﺎت اﻟﺤﺎدة ﻓﻲ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻋﻦ ﺣﺎﻓﺔ اﻟــﻬــﺎوﻳــﺔ، ﻓــﻼ ﻛــﺎﻧــﺖ ﺣــﺮب ﺑــــﺎردة وﻻ ﺳﺎﺧﻨﺔ، وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﺪﻧﻴﺎ أﻓـﻀـﻞ ﻣﻤﺎ ﻛـﺎﻧـﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﻞ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻌﺎم، وﻋﺎد اﻟﺒﻼط اﳌﻠﻜﻲ اﻹﻧﺠﻠﻴﺰي إﻟﻰ أﻳﺎﻣﻪ اﻟﻄﻴﺒﺔ اﻷوﻟﻰ، اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻼء م ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺘﻄﻠﺐ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻴﻪ.
وﻣـــــﻦ ﺑـــﲔ ﻫـــــﺬه اﻷﺣـــــــــﺪاث، ﻛـــــﺎن أﻛــﺜــﺮﻫــﺎ ﺗﻌﻘﻴﺪﴽ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﺼﻴﻨﻲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ، اﻟﺬي ﻇﻔﺮ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﺑﺘﻌﺒﻴﺮ اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة؛ وأﺣﻴﺎﻧﴼ ﺑﺎﺳﻢ »اﻟﺤﺮب اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ« اﻟﺘﻲ أﺧﺬت ﺷﻜﻼ ﻛﺎن ﻓﻴﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ رﻋﺐ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﻲ ﺳﺒﻘﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺗﺴﺎﺑﻘﺖ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻀﺮاﺋﺐ واﻟﺮﺳﻮم اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ، وﻗــﻴــﻞ إﻧــﻬــﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ ﺳـﺒـﺒـﴼ ﻣـــﻦ أﺳـــﺒـــﺎب ﻧـﺸـﻮب اﻟـــﺤـــﺮب. وﺑــﻌــﺪﻫــﺎ ﻓـــﺈن اﻟــﻨــﻈــﺎم اﻟـــﺪوﻟـــﻲ اﻟــﺬي ﻗﺎم ﻛﺎن ﺣﺮﻳﺼﴼ، ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ إﻧﺸﺎء اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة، وإﻧﻤﺎ أﻟﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﻣﺆﺳﺴﺎت ﺗﺤﺎﻓﻆ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﺼـﺤـﺔ اﻻﻗــﺘــﺼــﺎدﻳــﺔ ﻟــﻠــﺪول، ﻓــﻼ ﺗﻜﻮن ﻋـﺪواﻧـﻴـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟـﺒـﻌـﺾ. وﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﺗﻢ إﻧــﺸــﺎء »ﻣـﻨـﻈـﻤـﺔ اﻟــﺘــﺠــﺎرة اﻟــﻌــﺎﳌــﻴــﺔ« ﺣـﺮﺻـﺖ اﻟـﻮﻻﻳـﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻋﻠﻰ أن ﺗﻠﺤﻖ ﺑﻬﺎ ﻛﻞ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺧﺼﻮﺻﴼ اﻟﺼﲔ وروﺳﻴﺎ، ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﻠﺤﺎق ﻳﻌﻨﻲ اﻟﻮﺟﻮد ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻴﻢ اﻋﺘﻤﺎدﴽ ﻣﺘﺒﺎدﻻ ﻳﺒﻌﺪ اﻟﺪول ﻋﻦ ﺷﺮ اﻟﺤﺮب وﻟﻌﻨﺔ اﻟﻘﺘﺎل. اﳌﺪﻫﺶ أن ﺣـﺪوث ذﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ دوﻧﺎﻟﺪ ﺗﺮﻣﺐ، ﻣﻦ ﺻﺐ اﻟﻠﻌﻨﺎت ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺘﻤﺎد اﳌﺘﺒﺎدل وﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ، اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺮ ﻓﻴﻬﻤﺎ أن اﳌﺸﻜﻠﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﻓــﻲ اﻟــﻘــﺪرات اﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴـﺔ ﻣﻊ اﻟﺼﲔ، وإﻧﻤﺎ ﻷن اﻟﺼﲔ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﻴﺰات ﺧــﺎﺻــﺔ ﺑــﺎﻟــﺪول اﻟــﻨــﺎﻣــﻴــﺔ، وﺗــﺘــﻼﻋــﺐ ﺑـﺄﺳـﻌـﺎر ﻋﻤﻠﺘﻬﺎ، ﻟﻜﻲ ﺗﺴﺘﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ اﻷﺳﻮاق اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ، وﺗــﺠــﺬب اﻟــﺸــﺮﻛــﺎت اﻟــﺪوﻟــﻴــﺔ إﻟـــﻰ أﺣـﻀـﺎﻧـﻬـﺎ. وﻫﻜﺬا أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ، وﻣﻌﻬﺎ ﺣﺮب ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺎردة ﻣﻦ اﻻﺗﻬﺎﻣﺎت واﻻﺗﻬﺎﻣﺎت اﳌﻀﺎدة، وﺗﺮﺟﻢ اﻟﺘﻮﺗﺮ إﻟﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﻓﺮض اﻟﻀﺮاﺋﺐ واﻟﺮﺳﻮم اﻟﺠﻤﺮﻛﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﺒﺎدل وﺳﺮﻳﻊ ﺑﲔ واﺷﻨﻄﻦ وﺑﻜﲔ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺤﺪث ذﻟﻚ ﺑﲔ أﻛﺒﺮ ﺳﻮﻗﲔ ﻋﺎﳌﻴﺘﲔ، وﻓﻲ اﻟﺘﺠﺎرة اﳌﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻓﺈن ﻟﺬﻟﻚ آﺛـﺎرﴽ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ، وﻣﻌﺪل اﻟﻨﻤﻮ ﻓﻲ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎﳌﻲ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺧﻠﻊ اﻟﻌﻤﻼﻗﺎن اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺎن ﻣﻌﺎﻃﻔﻬﻤﺎ، أﺻﻴﺒﺖ ﻛﻞ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺑﺪرﺟﺔ أو ﺑﺄﺧﺮى، ﺑﺎﻟﺰﻛﺎم!
ﻻ أﺣــﺪ ﻳـﻌـﺮف ﻣـﺎ اﻟــﺬي ﺣــﺪث ﻓـﻲ اﻟﺤﺮب اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ، وﻻ اﻻﺳﺘﻌﺪادات اﻟﺘﻲ ﺟﺮى اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑـﻬـﺎ ﺑـﺎﻟـﺘـﺤـﻮل إﻟــﻰ ﺣــﺮب ﺑــــﺎردة، اﻟـﻠـﻬـﻢ إﻻ أن اﻻﻋـﺘـﻤـﺎد اﳌـﺘـﺒـﺎدل ﺑــﲔ اﻻﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﻦ ﻛــﺎن إﻟﻰ اﻟــﺪرﺟــﺔ اﻟــﺘــﻲ وﻟـــﺪت ﻓــﻲ اﻟــﻮﻗــﺖ اﳌــﻨــﺎﺳــﺐ، ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﳌﻀﺎدات اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ اﻟﺘﻲ أوﻻ ﻗﺴﻤﺖ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﻟﺨﻼف اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ إﻟﻰ ﻣﺮاﺣﻞ ﻳﻜﻮن ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻟــﺘــﻌــﺎﻣــﻞ ﻣــﻊ ﻣــﺎ ﻫــﻮ واﺿــــﺢ وﺻــﺮﻳــﺢ؛ وﻣﻦ ﺛﻢ ﻳﻜﻮن ﻣﻤﻜﻨﴼ ﺛﺎﻧﻴﴼ ﺗﻌﻮﻳﺾ اﳌﺘﻀﺮر؛ وﺛﺎﻟﺜﴼ إرﺟﺎء ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺻﻌﺐ وﻣﻌﻘﺪ، وﻏﻴﺮ ﻧـﺎﺿـﺞ، إﻟــﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺗﺎﻟﻴﺔ. وﻫـﻜـﺬا ﻓــﺈن اﺗﻔﺎق اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻷوﻟــﻰ اﻟــﺬي ﺟــﺮى اﻟﺘﻮﻗﻴﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ٥١ ﻳــﻨــﺎﻳــﺮ اﻟــﺤــﺎﻟــﻲ، ﺗـﻀـﻤـﻦ أن ﺗــﻘــﻮم اﻟـﺼـﲔ ﺑـﺸـﺮاء ﻣـﺎ ﻗﻴﻤﺘﻪ ٠٠٢ ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر ﻣـﻦ اﻟﺴﻠﻊ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ٠٥ ﻣﻠﻴﺎرﴽ ﻣﻦ اﳌﻨﺘﺠﺎت اﻟـﺰراﻋـﻴـﺔ. ﺗﺮﻣﺐ ﻛــﺎن ﻳﺮﻳﺪ ﺿــﺮب ﻋﺼﻔﻮرﻳﻦ ﺑــﺤــﺠــﺮ واﺣــــــﺪ: أن ﻳــﻘــﻠــﺺ اﻟــﻌــﺠــﺰ اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻲ اﻟــﺘــﺠــﺎري ﻣــﻊ اﻟــﺼــﲔ؛ وأن ﻳــﻐــﺎزل اﳌــﺰارﻋــﲔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ ﺑﺮﺷﻮة ﻛﺒﻴﺮة، ﻗﺒﻞ ﺷﻬﻮر ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ اﳌﻘﺒﻠﺔ. ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﺮﻣﺐ ﻟﻴﺘﺮك أﻣﺮﴽ ﻟﻠﺼﺪﻓﺔ، ﺣﺘﻰ وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻛـﻞ اﳌــﺆﺷــﺮات، واﻟـﻌـﻼﻣـﺎت ﻓـﻲ اﻟـﺴـﻤـﺎء، ﺗﻘﻮل إﻧﻪ ﺳﻮف ﻳﻔﻮز ﺑﻔﺘﺮة رﺋﺎﺳﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ، وﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎن اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﻮن ﻫﻢ اﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ اﻟــﺸــﻴــﻮخ، وﺳـــﻮف ﻳــﻘــﺮرون ﻣﺼﻴﺮ ﻣﺤﺎﻛﻤﺘﻪ ﻟﺼﺎﻟﺤﻪ.
ﺻـــﺤـــﻴـــﺢ أن ﻣـــــﺎ ﺗـــﺒـــﻘـــﻰ ﻻ ﻳــــــــﺰال ﻛـــﺜـــﻴـــﺮﴽ، وﻣﻮﺿﻮﻋﺎت ﻣﺜﻞ اﳌﻠﻜﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، ودور اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﲔ، وﻣﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ ﻟـﻪ اﻟــﺪوﻟــﺔ ﻣـﻦ دﻋــﻢ، ﻫـﻲ ﻛﻠﻬﺎ ﻣـﻦ اﳌﻮﺿﻮﻋﺎت اﻟﺸﺎﺋﻜﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺴﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻬﻞ، وﻣﻦ رﺋﻴﺲ ﻟﻴﺲ ﻣﻘﺪرﴽ ﻟﻪ اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﺮة أﺧﺮى. ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻤﻪ أن اﻻﺗﻔﺎق ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻪ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ اﻟﻔﻮرﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻟﻌﺎﳌﻲ ﻛﻠﻪ ﺑﺎﻻرﺗﻔﺎع اﻟـﺬي ﺟﺮى ﻓﻲ اﻟﺒﻮرﺻﺎت اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺒﻮرﺻﺔ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ. ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻣﻀﺎﻓﴼ ﻟﻪ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ، وإدارﺗـﻪ ﻟﻸزﻣﺎت ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، ﻟﻦ ﻳﻌﻄﻲ ﳌﻨﺎﻓﺲ ﻓﺮﺻﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﳌﻘﺒﻠﺔ.