Asharq Al-Awsat Saudi Edition

»ﺳﻼﻟﻢ ﺗﺮوﻻر« رواﻳﺔ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌﻮازي اﻟﺬي ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﺨﻴﺎل

ﻣﻦ رواﻳﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﳉﺎﺋﺰة اﻟﺒﻮﻛﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﺛﻴﻤﺔ اﻟﺮواﻳﺔ ﺑﺎﺧﺘﻔﺎء اﻷﺑﻮاب واﻟﻨﻮاﻓﺬ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﱵ ﻳﺮﻣﺰ ﳍﺎ ﺑـ »اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪوﻟﺔ« ﻓﺘﻨﻬﺐ اﻟﺒﻴﻮت واﶈﺎل اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ وﻟﻢ ﻳﺼﻤﺪ ﻣﻨﻬﺎ إﻻ ﻗﺼﺮ اﳊﻜﻮﻣﺔ

- ﻟﻨﺪن: ﻋﺪﻧﺎن ﺣﺴﲔ أﺣﻤﺪ

ﺛـــﻤـــﺔ رواﻳــــــ­ــــﺎت ﻛـــﺜـــﻴـ­ــﺮة ﺗـــﺤـــﻠـ­ــﻖ ﻓـﻲ اﻟــﺨــﻴــ­ﺎل، ﻟـﻜـﻨـﻬـﺎ ﺗـﻨـﻄـﻠـﻖ ﻣــﻦ اﻟــﻮاﻗــﻊ أو ﺗــﺘــﻼﻗــ­ﺢ ﻣــﻌــﻪ ﻟـﺘـﺸـﻴـﺪ واﻗــﻌــﴼ ﻣـــﻮازﻳــ­ـﴼ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﺮاءﺗﻪ إﻻ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺠﺎزي ﻣﻦ دون اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﺑﻤﻌﻄﻴﺎﺗﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﻧﻈﻴﺮﴽ ﻟﻠﺒﻄﻞ اﳌـﺮﻛـﺰي أو أي ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺴﺎﻧﺪة ﻓﻲ اﻟﻨﺺ اﻟﺴﺮدي. ورواﻳﺔ »ﺳﻼﻟﻢ ﺗﺮوﻻر« ﻟﺴﻤﻴﺮ ﻗﺴﻴﻤﻲ اﻟــــﺼـــ­ـﺎدرة ﻋـــﻦ »ﻣـــﻨـــﺸـ­ــﻮرات اﳌــﺘــﻮﺳـ­ـﻂ« ﺑــﻤــﻴــﻼ­ﻧــﻮ اﻟـــﺘـــﻲ وﺻـــﻠـــﺖ إﻟـــــﻰ اﻟــﻘــﺎﺋـ­ـﻤــﺔ اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻟﺠﺎﺋﺰة اﻟﺒﻮﻛﺮ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻦ ﻫــﺬه اﻟــﺮواﻳــ­ﺎت اﻹﺷـﻜـﺎﻟـﻴ­ـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻛﻠﻴﴼ ﻋﻠﻰ ﻓـﻜـﺮة ﺑـﻨـﺎء »اﻟــﻮاﻗــﻊ اﳌـــﻮازي« اﻟﺬي ﻳﻤﺘﺢ ﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﻦ اﻟﺨﻴﺎل، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻈﻞ ﻣﺘﺸﺒﺜﴼ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻵﺳﻴﺎن اﻟﺬي ﻳﻨﺘﻘﺪه، وﻳﻤﻌﻦ ﻓﻲ رﺳﻢ ﺻﻮرﺗﻪ اﳌﻤﺴﻮﺧﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻮﻫﻬﺎ اﻟﻘﺎدة اﳌﺆﻟﻬﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻫﺒﻄﻮا ﻣــﻦ اﻷﻋـــﺎﻟــ­ـﻲ وﻫــﻴــﻤــ­ﻨــﻮا ﻋــﻠــﻰ ﺷﻌﻮﺑﻬﻢ ﺑﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﻜﺬب واﻟﺘﻀﻠﻴﻞ واﻹﻳﻬﺎم.

ﺗـﻨـﺤـﺼـﺮ ﺛـﻴـﻤـﺔ اﻟـــﺮواﻳـ­ــﺔ ﺑـﺎﺧـﺘـﻔـﺎ­ء اﻷﺑــــﻮاب واﻟــﻨــﻮا­ﻓــﺬ ﻣــﻦ اﻟـﻌـﺎﺻـﻤـ­ﺔ اﻟﺘﻲ ﻳــﺮﻣــﺰ ﻟـﻬـﺎ ﺑـــ»اﳌــﺪﻳــﻨـ­ـﺔ اﻟـــﺪوﻟــ­ـﺔ« ﻓـﺘـﻨـﻬـﺐ اﻟــﺒــﻴــ­ﻮت واﻟــﺜــﻜـ­ـﻨــﺎت واﳌــﺤــﺎل اﻟـﺘـﺠـﺎرﻳ­ـﺔ واﳌـﺒـﺎﻧـﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ وﻟــﻢ ﻳﺼﻤﺪ ﻣﻨﻬﺎ إﻻ ﻗﺼﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، ﻛﻤﺎ ﻳـﻔـﺮ اﻟﺴﺠﻨﺎء ﻣــﻦ ﺳـﺠـﻮﻧـﻬـﻢ وﻣـﻌـﺘـﻘـﻼ­ﺗـﻬـﻢ ﻓﻴﺨﺘﻠﻂ اﻟــﺤــﺒــ­ﺎل ﺑــﺎﻟــﻨــ­ﺎﺑــﻞ، ﻟــﻜــﻦ ﻣـــﺎ إن ﻳــﺴــﺘــﺮ­د اﻟـﻜـﺎﺗـﺐ ﻣﻮﻫﺒﺘﻪ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮة ﺑـﻌـﺪ ﻗـﺮاءﺗـﻪ رﺳﺎﻟﺘﻪ اﳌﺘﺄﺧﺮة ﺧﻤﺲ ﺳـﻨـﻮات ﺣﺘﻰ ﻳﺸﺮع ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻓﺘﻌﻮد اﻷﺑﻮاب واﻟﻨﻮاﻓﺬ إﻟﻰ أﻣﺎﻛﻨﻬﺎ وﻳﻨﺤﺴﺮ ﺿﺠﻴﺞ اﻟﺸﺎرع ﻟﻴﻨﻌﻢ ﺑﺎﻟﻬﺪوء واﻟﺴﻜﻴﻨﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ. وﻣﺜﻠﻤﺎ ﻳــﻜــﻤــﻦ اﻟــﺸــﻴــ­ﻄــﺎن ﻓـــﻲ اﻟــﺘــﻔــ­ﺎﺻــﻴــﻞ، ﻓــﺈن أﻫﻤﻴﺔ ﻫـﺬه اﻟـﺮواﻳـﺔ ﺗﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺛﻴﻤﺎﺗﻬﺎ اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺚ اﳌﱳ اﻟﺴﺮدي اﻟﺬي ﻳـــﺮوي ﻗـﺼـﺔ ﻛــﻞ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻋـﻠـﻰ اﻧـﻔـﺮاد ﺳﻮاء ﻓﻲ واﻗﻌﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ أو ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ اﳌـــﻮازي اﻟــﺬي ﺻﻨﻌﺘﻪ ﻣﺨﻴﻠﺔ اﻟـﺮواﺋـﻲ ﺳﻤﻴﺮ ﻗﺴﻴﻤﻲ.

ﻳﺸﺘﻤﻞ اﻟـﻔـﺼـﻞ اﻷول ﻣــﻦ اﻟــﺮواﻳــ­ﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﺟﻤﺎل ﺣﻤﻴﺪي ﻛﻤﺎ ﻳﻀﻊ ﺑﲔ أﻳﺪﻳﻨﺎ اﻟﺨﻴﻮط اﻟﺨﻔﻴﺔ ﻟـﺸـﺨـﺼـﻴـ­ﺔ أوﻟـــﻐـــ­ﺎ اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻨــﻄــﻮ­ي ﻋﻠﻰ ﺑﻀﻌﺔ أﺳـــﺮار ﺗﺘﻜﺸﻒ ﺗـﺒـﺎﻋـﴼ، إﺿـﺎﻓـﺔ إﻟﻰ ﻣﻮح ﺑﻮﺧﻨﻮﻧﺔ وإﺑﺮاﻫﻴﻢ ﺑﺎﻓﻮﻟﻮﻟﻮ، واﺛـﻨـﲔ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﲔ ﻳـﺪﻋـﻲ أﺣﺪﻫﻤﺎ أﻧﻪ ﺷﻘﻴﻖ إﺑﺮاﻫﻴﻢ، اﻟﺬي واﻓﺘﻪ اﳌﻨﻴﺔ، وﺟﺎء ﻟــﻜــﻲ ﻳــﺄﺧــﺬ ﻛــﻞ ﻣــﺎ ﻟــﻪ ﻋــﻼﻗــﺔ ﺑـﺘـﺠـﺎرﺗـ­ﻪ وﻣـــﻼﺑـــ­ﺴـــﻪ اﻟـــﺘـــﻲ وﺿــﻌــﺘــ­ﻬــﺎ أوﻟـــﻐـــ­ﺎ ﻓـﻲ ﻣـﺤـﻔـﻈـﺔ وﺛــــﻼث ﺣــﻘــﺎﺋــ­ﺐ. وﻟــﻜــﻲ ﻧﻤﻬﺪ اﻟﻄﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﻟﻘﺎرئ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل ﺑﺄن ﺣﻮرﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺛﻨﺎن اﺳﻢ »أوﻟـــﻐـــ­ﺎ« ﻗــﺪ وﻟـــــﺪت ﻷﺑــﻮﻳــﻦ ﻣﺠﻬﻮﻟﲔ ﺛــﻢ ﺗـﺒـﻨـﺎﻫـﺎ اﻟـﺴـﻴـﺪ إﺑــﺮاﻫــﻴ­ــﻢ ﺑـﺎﻓـﻮﻟـﻮﻟ­ـﻮ وﻣﻨﺤﻬﺎ ﻟﻘﺒﻪ، وﺑﻌﺪ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﺗﺄﻛﺪ ﺑﻤﺎ ﻻ ﻳﻘﺒﻞ اﻟﺸﻚ أﻧﻬﺎ ﻣﺼﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺒﺮص، ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻻ ﻳﻨﻔﻲ أن اﻟﺪﻣﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺮي ﻓﻲ ﻋﺮوﻗﻬﺎ ﻫﻲ دﻣﺎء ﻧﺒﻴﻠﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻨﻬﺎ إﻟﻬﺔ أو ﻧﺼﻒ إﻟﻬﺔ ﻋﻠﻰ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ.

ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أوﻟﻐﺎ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻟﻜﻦ اﳌﻀﻠﻠﲔ ﺟﻌﻠﻮﻫﺎ ﻛﺬﻟﻚ وأوﻟﻬﻢ ﺟﻤﺎل ﺣﻤﻴﺪي، ﻛﻤﺎ أﻏـﺪﻗـﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﻘﺐ اﻟﺸﺎﻋﺮة وﻫﻲ أﺑــﻌــﺪ ﻣــﺎ ﺗــﻜــﻮن ﻋــﻦ اﻟــﺸــﻌــ­ﺮ ﻷﻧــﻬــﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﻫﻮﺑﺔ أﺻـــﻼ، وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻊ اﻟـﺤـﺎدث اﳌﺮوع واﻷﻟﻴﻢ ﻟﺠﻤﺎل ﺣﻤﻴﺪي وﻳﺼﺒﺢ ﻣــﻘــﻌــﺪ­ﴽ وﻧــﺼــﻒ ﻋــﻨــﲔ ﺗـﻄـﻠـﻘـﻪ وﺗـﺘـﺮﻛـﻪ ﻟـﺤـﺎل ﺳﺒﻴﻠﻪ، ﻓﻬﻮ ﺑـــﻮاب رﻓــﺾ ﻃــﻮال أﻛـــﺜـــﺮ ﻣــــﻦ ﻋــﺸــﺮﻳــ­ﻦ ﻋـــﺎﻣـــﴼ أي ﻧـــــﻮع ﻣـﻦ اﻟــﺘــﺮﻗـ­ـﻴــﺔ ﻷﻧـــﻪ ﻛـــﺎن ﻣــﻌــﺘــﺰ­ﴽ ﺑــﻬــﺬه اﳌﻬﻨﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻻ ﺗﻜﻠﻔﻪ ﺳــﻮى اﻟﻨﻈﺮ إﻟــﻰ وﺟـﻮه اﻟﺪاﺧﻠﲔ واﻟﺨﺎرﺟﲔ إﻟـﻰ ﻣﺒﻨﻰ وزارة اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺘﻠﺼﺺ ﻋﻠﻴﻬﻢ، وﻗــﺪ درب ﺣــﺎﺳــﺘــ­ﻪ اﻟــﺴــﻤــ­ﻌــﻴــﺔ ﺣــﺘــﻰ ﺑــــﺎت ﻳﻤﺘﻠﻚ ذاﻛﺮة ﺻﻮﺗﻴﺔ ﻣﺮﻫﻔﺔ ﻳﻤﻴﺰ ﻓﻴﻬﺎ أﺻﻮات اﻟﺒﺸﺮ واﻟﺤﺠﺮ واﻟﺸﺠﺮ واﻟﺤﻴﻮاﻧﺎت اﻷﻟﻴﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﺮب ﻣـﻦ اﻟـــﻮزارة أو ﻣﻦ ﻣﺤﻞ ﺳﻜﻨﺎه.

ﻳــﻨــﺘــﻤ­ــﻲ إﺑـــﺮاﻫــ­ـﻴـــﻢ ﺑـــﺎﻓـــﻮ­ﻟـــﻮﻟـــﻮ إﻟــﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻼﻣﺮﺋﻴﲔ اﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﻨﺘﺒﻪ إﻟﻴﻬﻢ أﺣـــﺪ، وﻫــﻮ أﺻـــﻼ ﺑــﻼ أﺻــﺪﻗــﺎء ﻣﻜﺘﻔﻴﴼ ﺑــﺬاﺗــﻪ واﺑـﻨـﺘـﻪ ﺣــﻮرﻳــﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻋـــﺎدت إﻟـﻰ اﺳﻤﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺑﻌﺪ أن ﺗﺨﻠﺖ ﻋﻦ اﺳﻢ

أوﻟـﻐـﺎ اﻟــﺬي ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻧـﻬـﺎ ﺗﺸﺒﻪ اﻟـﻨـﺴـﺎء اﻟــﺮوﺳــﻴ­ــﺎت ﻓــﻲ اﻟـﺒـﻴـﺎض وﻗــﻮة اﻟــﺠــﺴــ­ﻢ. ﺛــﻤــﺔ أﻓــﻜــﺎر ﻣـﻬـﻤـﺔ ﻓــﻲ اﻟﻔﺼﻞ اﻟـﺘـﻤـﻬـﻴ­ـﺪي، ﻣــﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ اﺑـﺘـﻜـﺎر ﻣــﻮاﻃــﻦ ﺑﻼ رأس، ﺗﺤﺘﻞ ﺑﻄﻨﻪ ﻣﺴﺎﺣﺔ أﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺟﺴﺪه ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻜﻞ اﻟﺤﻘﻮق ﻣـﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺳﻜﻦ ﺑﻼ ﻣﻘﺎﺑﻞ، وﻇﻴﻔﺔ ﺑﻼ ﻣﺆﻫﻼت، ﻋــــﻼج ﻣــﺠــﺎﻧــ­ﻲ ورﺑـــﻤـــ­ﺎ ﻳــﻜــﻮن إﺑــﺮاﻫــﻴ­ــﻢ أﻧﻤﻮذﺟﴼ »ﻟﻠﺮﺟﻞ - اﻟﺒﻄﻦ«.

ﻳﺤﺘﻞ اﻟﻜﺎﺗﺐ أﻫﻤﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺮواﻳﺔ رﻏﻢ أﻧﻪ ﻳﺒﻴﻊ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻛﻲ ﻳﺆﻣﻦ ﻫﺎﺟﺲ اﻟﻌﻴﺶ، ﻓﻘﺪ أﻧﺠﺰ ﺳﺒﻊ رواﻳﺎت وﺑــﺎﻋــﻬـ­ـﺎ إﻟـــﻰ »اﻟــﺮﺟــﻞ ﺻــﺎﺣــﺐ اﺳــﻤــﻪ«، وﺑﻘﻲ ﻫﻮ ﻣﺘﺨﻔﻴﴼ وﻣﺠﻬﻮﻻ. وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻧﻨﺒﺶ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺨﻪ اﻟﺸﺨﺼﻲ ﻧﻜﺘﺸﻒ أن أﻣـــﻪ ﻗــﺪ ﻣــﺎﺗــﺖ ﻗـﺒـﻞ ﺳﺒﻌﺔ أﻋــــﻮام ﺛﻢ اﻧﺼﺮف إﻟﻰ ﺣﻴﺎﺗﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺣﻴﺚ أﺣﺐ، وﺗﺰوج، وأﻧﺠﺐ، وﻛﺘﺐ رواﻳﺎت، وﺳﺎﻓﺮ إﻟـﻰ اﻟـﺨـﺎرج، ﻟﻜﻦ اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻔﺎرﻗﺔ ﻓﻲ ﺣـﻴـﺎﺗـﻪ اﻹﺑــﺪاﻋــ­ﻴــﺔ أن اﻟـﻜـﺘـﺎﺑـ­ﺔ ارﺗﺒﻄﺖ ﻟﺪﻳﻪ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة واﻻﻧﻄﻮاء. وﻟﻮ دﻗﻘﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻓﺴﻮف ﻧﻜﺘﺸﻒ أﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﺮواﺋﻲ ﺳﻤﻴﺮ ﻗﺴﻴﻤﻲ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﻜﻼﻫﻤﺎ اﻧﺘﻘﻞ ﻣﻦ اﻟﺮﻳﻒ إﻟﻰ وﺳﻂ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ، ﻛﻤﺎ أﻧﻬﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ، وﻟﻌﻞ اﻻﺛﻨﲔ ﻳﺨﺸﻴﺎن اﻧﻄﻔﺎء وﻫﺞ اﳌﻮﻫﺒﺔ.

ﺑـﻌـﺪ أن اﺧـﺘـﻔـﺖ اﻷﺑـــــﻮا­ب واﳌـﻨـﺎﻓـﺬ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻛﻠﻬﺎ ﻫـﺐ ﻣﻮاﻃﻨﻮن »ﺑﻼ رؤوس« ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ اﺑﺘﻜﺮﺗﻬﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣــﺪﻳــﺜــ­ﴼ وذﻫــــﺒــ­ــﻮا إﻟــــﻰ ﺟـــﻤـــﺎل ﺣــﻤــﻴــﺪ­ي ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻋﻤﻴﺪ اﻟﺒﻮاﺑﲔ، وأﻫﻢ رﺟﻞ ﻓﻲ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻵن ﻓﺄﺧﺒﺮﻫﻢ: »اﻧﺘﺎﺑﻨﻲ اﻟﻴﻮم ﺷﻌﻮر ﻏﺎﻣﺾ ﺑﺤﺪوث اﻷﻣﺮ«، وﺧﻄﺐ ﻓﻴﻬﻢ ﻟﺴﺎﻋﺘﲔ ﻣـﻦ دون أن ﻳـﺄﺗـﻲ ﻋﻠﻰ ذﻛــــــﺮ اﻷﺑـــــــ­ــــﻮاب واﻟـــــﻨـ­ــــﻮاﻓـــ­ــﺬ اﳌــــﺘـــ­ـﻮارﻳــــﺔ، ﻓﻤﻮاﻃﻨﻮ »اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﺪوﻟﺔ« ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن إﻟــﻰ إﺟــﺎﺑــﺎت وإﻧـﻤـﺎ إﻟــﻰ رﺟــﻞ ﻳﻮﻫﻤﻬﻢ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻤﻠﻚ ﺗﻠﻚ اﻹﺟﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪرﻫﻢ وﺗـﺠـﻌـﻠـﻬ­ـﻢ ﻳــﺸــﻌــﺮ­ون ﺑـﺎﻟـﺨـﻂ اﻟـﻮﻫـﻤـﻲ اﻟﺬي ﻳﻔﺼﻞ ﺑﲔ ﻋﺎﳌﻬﻢ وﻋﺎﻟﻢ اﻷوﻏﺎد. اﻗـــﺘـــﺮ­ح ﺟـــﻤـــﺎل ﺗــﺸــﻜــﻴ­ــﻞ أﺑــــــﻮا­ب ﺑـﺸـﺮﻳـﺔ ﺗﺤﻮل ﺑﲔ اﻵﻟﻬﺔ واﻟﻬﻤﺞ اﻟﺮاﻏﺒﲔ ﻓﻲ اﻗﺘﺤﺎم ﻗﺼﺮ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ.

ﻻ ﺑــﺪ ﻣــﻦ اﻹﺷــــﺎرة إﻟـــﻰ أن اﻟـﻜـﺎﺗـﺐ اﻗــﺘــﻨــ­ﻰ ﻣـــﻦ ﺑــﺎﺋــﻊ ﺟـــــﻮال ﺻــــﻮرة ﻟـﺮﺟـﻞ زﻧــﺠــﻲ وﻇـــﻞ ﻳـﻔـﻜـﺮ ﻓــﻴــﻪ، وﻣـــﻊ ذﻟـــﻚ ﺑــﺪأ ﻳﻜﺘﺐ ﺑــﻼ ﺗـﻮﻗـﻒ وﻻ ﻳـﻌـﻮد إﻻ ﺑـﺮواﻳـﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻳﺒﻌﺜﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺮﺟﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﺳﻤﻪ. ورﻏـﻢ رواﻳﺎﺗﻪ اﻟﺴﺒﻊ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﺎﺗﺒﴼ وإﻧﻤﺎ ﻣﺠﺮد رﺟﻞ ﺗﻌﺜﺮ ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎت.

ﺗﺘﺸﻜﻞ اﻻﻧـﻌـﻄـﺎﻓ­ـﺔ اﻷﺳــﺎﺳــﻴ­ــﺔ ﻓﻲ ﺣــﻴــﺎة ﺟــﻤــﺎل ﺣــﻤــﻴــﺪ­ي ﺣـﻴـﻨـﻤـﺎ ﻳــﺪﻋــﻮه »اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻀﺌﻴﻞ« وﻳﺨﺒﺮه ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻌﺠﺐ ﺑﺠﺮأﺗﻪ ﺣﲔ ﻳﻘﻒ أﻣﺎم اﻟﻜﺎﻣﻴﺮا وﻳﻮﻫﻢ اﻟــﻨــﺎس ﺑــﺄﻧــﻪ ﻳـﻤـﻠـﻚ ﺣــﻠــﻮﻻ ﳌﺸﻜﻼﺗﻬﻢ، ﻓــﻬــﻮ ﺑـــﺨـــﻼف اﻟـــﺴـــﺤ­ـــﺮة واﳌــﺸــﻌـ­ـﻮذﻳــﻦ ورﺟﺎل اﻟﺪﻳﻦ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ أن ﻳﺼﺪق ﺧﺪﻋﻪ وأوﻫﺎﻣﻪ، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺷﺨﺺ ﻣﺜﻞ »اﻟـﺮﺟـﻞ اﻟﻀﺌﻴﻞ« ﻛﻲ ﻳـﺪرﺑـﻪ ﻋﻠﻰ ﻋﺪم ﻗــﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣــﻦ دون أن ﻳـﻜـﻮن ﻛـﺬاﺑـﴼ ﻓــﻴــﺨــﺼ­ــﺺ ﻟــــﻪ ﺛـــــﻼث ﺳــــﺎﻋـــ­ـﺎت ﻳــﻮﻣــﻴــ­ﴼ وﻳﻌﻠﻤﻪ ﻛــﻞ ﺣـﻴـﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ودروﺑــﻬــ­ﺎ،

ِّ ﻓﺎﻟﺸﻌﻮب ﺗﻔﻀﻞ داﺋـﻤـﴼ أن ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ واﻗﻊ ﻣﻮاز ﻳﻮﻫﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ.

ﻛــﻠــﻤــﺎ ﻳــﺘــﻘــﺪ­م اﻟــﻜــﺎﺗـ­ـﺐ ﻓـــﻲ رواﻳــﺘــﻪ ﻳﺘﺮاﺟﻊ ﺿﺠﻴﺞ اﻟﺸﺎرع وﺗﻈﻬﺮ اﻷﺑﻮاب واﻟﻨﻮاﻓﺬ ﺗﺒﺎﻋﴼ ﻓﻲ ﺷﻘﺘﻪ ذات اﻟﻐﺮﻓﺘﲔ اﳌﺤﺘﻔﻴﺘﲔ ﺑﻌﺰﻟﺘﻪ، وﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻳﻮﻣﴼ ﺗـﺴـﺘـﻌـﻴـ­ﺪ اﳌــﺪﻳــﻨـ­ـﺔ أﺑــﻮاﺑــﻬ­ــﺎ وﻧــﻮاﻓــﺬ­ﻫــﺎ اﳌﺨﺘﻔﻴﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺸﺎرف رواﻳﺘﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻋﻠﻰ اﻻﻧــﺘــﻬـ­ـﺎء، ﻏﻴﺮ أن اﻟــﺮﺟــﻞ ﺻﺎﺣﺐ اﺳـــﻤـــﻪ ﻻ ﻳــــــﺮد ﻋــﻠــﻰ ﻣـــﻜـــﺎﳌ­ـــﺎت اﻟــﻜــﺎﺗـ­ـﺐ ورﺳــﺎﺋــﻠ­ــﻪ اﻟــﺒــﺮﻳـ­ـﺪﻳــﺔ. وﻓــﻲ اﻟــﻮﻗــﺖ ذاﺗــﻪ ﺗﻌﻠﻦ ﻧﺸﺮات اﻷﺧـﺒـﺎر ﻋﻦ ﻗﺒﻮل اﻟﺴﻴﺪ ﺟــﻤــﺎل ﺣـﻤـﻴـﺪي ﺑﺘﺴﻴﻴﺮ اﻟــﺪوﻟــﺔ ﻟﺤﲔ اﻧﺘﺨﺎب رﺋﻴﺲ ﺟﺪﻳﺪ. ﻳﺴﻘﻂ ﺣﻤﻴﺪي ﻣﻦ ﻛﺮﺳﻴﻪ ﻓﻲ ﺣﻀﺮة اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻀﺌﻴﻞ اﻟــﺬي ﺑﻘﻲ ﻣﺴﺘﻤﺘﻌﴼ ﺑﻤﺸﺎﻫﺪﺗﻪ وﻫﻮ ﻏﺎرق ﻓﻲ ﻋﺠﺰه. ﻳﻨﺘﻘﻢ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﻀﺌﻴﻞ ﻣﻦ ﻋﺼﺎم ﻛﺎﺷﻜﺎﺻﻲ ﺷﺮ اﻧﺘﻘﺎم ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ اﻟﻬﺎﻣﺶ، ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﺘﺮف ﺑﺄﻧﻪ ﻇـﻞ ﻋﺼﻴﴼ ﻋﻠﻰ اﳌــﻮت. أﻣــﺎ ﺟﻤﺎل ﺣـﻤـﻴـﺪي ﻓـﻘـﺪ أﻋـــﺎد أوﻟــﻐــﺎ إﻟــﻰ ﻋﺼﻤﺘﻪ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻤﻜﻦ ﺳـﻜـﺎن اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟــﺪوﻟــﺔ ﻣﻦ اﺳﺘﺒﺪال وﺻﻔﻬﻢ »اﻟﻐﺎﺷﻲ« ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬي اﺳﺘﺤﻘﻮه ﻋﻦ ﺟـﺪارة. أﻣﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ اﻟـــــﺬي اﻗــﺘــﻨــ­ﻰ ﺻـــــﻮرة اﻟــﺰﻧــﺠـ­ـﻲ ﻏـﺮﻳـﺠـﺎ ﻓﺴﻮف ﻧﻜﺘﺸﻒ ﻓﻲ ﺧﺎﺗﻤﺔ اﳌﻄﺎف أﻧﻬﺎ وﺟـﻪ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻧﻔﺴﻪ اﻟــﺬي ﻗــﺮر أن ﻳﻜﺘﺐ اﺳﻤﻪ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻨﻮان »ﺳﻼﻟﻢ ﺗــﺮوﻻر« ﳌﺆﻟﻔﻬﺎ ﺳﻤﻴﺮ ﻗﺴﻴﻤﻲ.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia