أﻓﻼم اﻟﻮاﻗﻊ ﻗﺪ ﺗﺘﺼﺪر اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﺑﻌﺪ زوال »ﻛﻮروﻧﺎ«
ﻣﺎ أﺗﻴﺢ ﻟﻠﺘﺎرﻳﺦ أن ﻳﻌﻴﺪ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﺈن ﺳﻴﻨﻤﺎ ﻣـــﺎ ﺑــﻌــﺪ ﻛـــﺎرﺛـــﺔ »ﻛــــﻮروﻧــــﺎ« ﺳــــﻮف ﺗــﻤــﻀــﻲ ﻓﻲ اﺗﺠﺎﻫﺎت داﻛﻨﺔ ﺟﺰﺋﻴﴼ أو رﺑﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻏﺎﻟﺐ. ﺳﺘﺘﻄﺒﻊ اﻹﻧـﺘـﺎﺟـﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ وﺣــﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺪﻛﺎﻧﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ وﻗﺴﻮة اﻟﺤﻴﺎة واﳌــﻮت. ﺷﻲء ﻣﻤﺎﺛﻞ ﳌﺎ ﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻨﺎﺟﲔ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻮ اﻧﺪﻟﻌﺖ ﺣﺮب ﻋﺎﳌﻴﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ودﻣﺮت ﻧﺼﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺜﻼ.
وﺑـﺎء »ﻛﻮروﻧﺎ« اﳌﻨﺘﺸﺮ، ﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺣﺮب ﻋﺎﳌﻴﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ. وإن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺼﻨﻮﻋﴼ ﻓﻲ اﳌﺨﺘﺒﺮات وأﻃـــﻠـــﻖ ﻟـﻴـﺸـﻜـﻞ اﻟـــﻮﺑـــﺎء اﻟـــﻘـــﺎﺗـــﻞ، ﻓــﻬــﻮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﺤﺎﻟﺔ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻔﻬﻮﻣﺔ ﻛﺎﻣﻼ ﺑﻌﺪ، وﻓﻲ ﻛﻠﺘﺎ اﻟﺤﺎﻟﺘﲔ ﻫﻮ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺣﺮب ﻛﺒﻴﺮة ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪﻳﻦ.
ﺑﺬور اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ
ﻳﻼﺣﻆ اﳌﺘﺎﺑﻊ ﻓﻲ إﻃـﺎر اﳌﺮﺣﻠﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة، أن اﻟـﺘـﺎرﻳـﺦ ﺳﻴﻤﺮ ﺑﻌﺪ اﻧـﺘـﺼـﺎر إرادة اﻟﺤﻴﺎة ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺑﺎء، ﺑﺎﳌﺮاﺣﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ، أو ﺣـﺘـﻰ ﺗـﻠـﻚ اﻷوﻟـــﻰ ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﻧﻀﺤﺖ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ ﺑﻠﻐﺔ ﺗﻌﺒﻴﺮﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺄﻟﻮﻓﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺮب اﻷوﻟﻰ وﺣﺘﻰ ﻇﻬﻮر ﻫﺘﻠﺮ واﻟﺤﺰب اﻟﻨﺎزي ﻋﻠﻰ ﺳﺪة اﻟﺤﻜﻢ.
ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ دﺧﻠﺖ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻣــﺴــﺎرﻳــﻦ. اﻷول ﻓــﻲ إﻳــﻄــﺎﻟــﻴــﺎ ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ ﺗﻮﺟﻬﺖ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ إﻟـــﻰ اﻟـﻮاﻗـﻌـﻴـﺔ اﻟــﺠــﺪﻳــﺪة. واﻵﺧــــﺮ ﻓﻲ اﻟـﻮﻻﻳـﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﻠﻮر ﺳﺮﻳﻌﴼ، ﺧﻼل اﻟﺤﺮب وﺑﻌﺪﻫﺎ، ﺗﻴﺎر »اﻟﻔﻴﻠﻢ ﻧﻮار«.
ﻓـــﻲ إﻳــﻄــﺎﻟــﻴــﺎ ﺑــﻌــﺪ اﻟـــﺤـــﺮب أﻗـــــﺪم ﻋــــﺪد ﻣـﻦ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻴﲔ ﻋﻠﻰ اﺗــﺒــﺎع ﻣﻨﻬﺞ ﺟـﺪﻳـﺪ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻳـﺨـﺘـﻠـﻒ ﻋـــﻦ اﻟــﺴــﻴــﻨــﻤــﺎ اﻟــﺘــﺠــﺎرﻳــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺳﻠﻄﺎت ﺑﻨﻴﺘﻮ ﻣﻮﺳﻴﻠﻴﻨﻲ ﻋﺰزﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺣـﻈـﺮ اﻟـﻌـﻤـﻞ ﻋـﻠـﻰ ﻛـﺘـﺎب ﺳـﻴـﻨـﺎرﻳـﻮ وﻣﺨﺮﺟﲔ ﻻ ﻳﺴﺎﻳﺮون اﳌـﻮﺟـﺔ. ﻣـﺎ أن اﻧﺘﻬﻰ اﻟﻌﻬﺪ ﺣﺘﻰ ﺧــﻂ ﺟﻴﺴﺒﻲ دي ﺳﺎﻧﺘﻴﺲ، وﻛــﺎرﻟــﻮ ﻟﻴﺰاﻧﻲ، وﻓـﻴـﺘـﻮرﻳـﻮ دي ﺳـﻴـﻜـﺎ، وروﺑــﺮﺗــﻮ روﺳﻴﻠﻠﻴﻨﻲ وﻣﺨﺮﺟﻮن آﺧﺮون ﻃﺮﻳﻘﴼ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ وﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺎﺋﺪة، ﻗﻮاﻣﻬﺎ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ و- أﺣﻴﺎﻧﴼ - ﻣﻊ ﻣﻤﺜﻠﲔ ﺟﺪد.
ﺳﺎﻋﺪ ﻋﻠﻰ ﺑـﻠـﻮرة ﻫــﺬا اﻻﺗـﺠـﺎه ﺣﻘﻴﻘﺔ أن اﻻﺳـﺘـﺪﻳـﻮﻫـﺎت اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗـﺪ ﺗﻮﻗﻔﺖ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻣﻮﻇﻔﻴﻬﺎ وﻓﻨﻴﻴﻬﺎ اﻧﺨﺮﻃﻮا ﻓﻲ اﻟﺤﺮب، وﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﺎﺗﻮا. ﺑﺬور ﻫﺬه اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ وﺟﺪت ﻓﻲ أﻋﻤﺎل أﻟﻴﺴﺎﻧﺪرو ﺑﻼﺳﻴﺘﻲ ﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﻴﻨﺎت. ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺒﺬور اﺿﻤﺤﻠﺖ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺤﺮب؛ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻧﻄﻼﻗﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﻊ ﻣﻄﻠﻊ اﻷرﺑﻌﻴﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﳌﺎﺿﻲ ﻓﻌﻼ.
اﻷﻓــــــــﻼم اﻟــــــﺒــــــﺎرزة ﻓــــﻲ ﻫــــــﺬا اﻟـــﺘـــﻴـــﺎر ﻛــﺎﻧــﺖ »ﺷﻐﻒ« ﻟﻠﻮﻛﻴﻨﻮ ﭬﺴﻜﻮﻧﺘﻲ )٢٤٩١(، و»روﻣــﺎ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ« ﻟﺮوﺑﺮﺗﻮ روﺳﻴﻠﻠﻴﻨﻲ )٥٤٩١(، و»أﳌـﺎﻧـﻴـﺎ، اﻟﺴﻨﺔ ﺻـﻔـﺮ« ﻟﺮوﺳﻴﻠﻴﻨﻲ )٨٤٩١(، و»ﺳﺎرﻗﻮ اﻟﺪراﺟﺔ« ﻟﭭﻴﺘﻮرﻳﻮ دي ﺳﻴﻜﺎ )٨٤٩١(.
ﻇﻼل اﳊﺮب
ﻓـﻲ اﻟـﻮﻻﻳـﺎت اﳌﺘﺤﺪة، ﻧﺸﺄ ﻣـﺎ أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﻘﺎد اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﻮن اﺳﻢ »اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻷﺳﻮد«. ﻛﺎﻧﺖ اﳌﻮﺟﺔ ﻣﺤﺠﻮﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺤﺮب وﻣﻨﻊ اﻟﻨﺎزﻳﺔ دور اﻟﻌﺮض اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻣﻦ اﺳﺘﻘﺒﺎل إﻧــﺘـﺎﺟــﺎت اﻟـــﺪول اﳌــﻌــﺎدﻳــﺔ. ﺑـﻌـﺪ ﺗــﺤــﺮر ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﺑﺪأت اﻷﻓﻼم اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﺗﻐﺰوﻫﺎ ﻣﺠﺪدﴽ واﻛﺘﺸﻒ ﻧﻘﺎدﻫﺎ ﻫﺬا اﻟﻨﻮع اﳌﻔﺎﺟﺊ. أوﻟﻬﻢ، ﻧﻴﻨﻮ ﻓﺮاﻧﻚ اﻟـﺬي أﻃﻠﻖ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﻤﻴﺔ. أﻣـﺎ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن ﻓﻠﻢ ﻳﻄﻠﻘﻮا ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬا اﻻﺳﻢ إﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﻋﻘﺪﻳﻦ ﻣــﻦ اﻟــﺰﻣــﻦ. ﻇــﻼل اﻟــﺤــﺮب ﻏـﻄـﺖ اﻷﻓـــﻼم اﳌﺒﻜﺮة ﻣــﻦ ﻫـــﺬا اﻟــﻨــﻮع واﺳــﺘــﻤــﺮت ﳌــﺎ ﺑــﻌــﺪﻫــﺎ، ﻋﺎﻛﺴﺔ ﺷـــﻌـــﻮرﴽ ﺑـــﺎﻻﺿـــﻄـــﺮاب اﻟــﻨــﻔــﺴــﻲ واﻻﺟــﺘــﻤــﺎﻋــﻲ. ﺟـــﺎءت ﺑـﻌـﺾ ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ ﻋـﻠـﻰ ﺻﻌﻴﺪ اﻟـﺼـﻮرة واﻷﺳﻠﻮب واﻗﻌﻴﺔ، ﻛﻤﺎ ﺣﻤﻠﺖ ﻗﺪرﴽ ﻣﻦ ﻣﻼﻣﺢ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ أﺣﻴﺎﻧﴼ. ﻓﻴﻠﻤﺎن ﻓﻲ ﻋﺎم ١٤٩١ ﺣﻤﻼ ﺑﻮادر ﻫﺬا اﻻﺗﺠﺎه، ﻫﻤﺎ »اﳌﻮاﻃﻦ ﻛﺎﻳﻦ« ﻷورﺳﻦ وﻟﺰ و»اﻟﺼﻘﺮ اﳌﺎﻟﻄﻲ« ﻟﺠﻮن ﻫﻴﻮﺳﺘﻮن. اﻷول اﻟﺤﻴﺎة اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﻔﻬﺎ اﻷﻟﻐﺎز ﻹﻋﻼﻣﻲ ﻛـﺒـﻴـﺮ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺣـﻴـﺎﺗـﻪ دون ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻛــﻞ ﻣــﺂرﺑــﻪ. واﻵﺧﺮ، ﻓﻴﻠﻢ ﺑﻮﻟﻴﺴﻲ ﻋﻦ ﻗﺼﺔ اﻟﺮواﺋﻲ داﺷﻞ ﻫـﺎﻣـﺖ ﺣــﻮل ﺗﻤﺜﺎل ﺛﻤﲔ ﺗﺘﺨﺎﻃﻔﻪ أﻳــﺪي ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻣﻌﲔ.
اﻟـﺘـﺤـﺮي اﻟـﺨـﺎص ﻛــﺎن اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﳌﺜﺎﻟﻴﺔ ﳌــﺜــﻞ ﺗــﻠــﻚ اﻷﻓــــــﻼم: رﺟــــﻞ ﻻ ﻳـﻨـﺘـﻤـﻲ إﻟــــﻰ رﺟـــﺎل اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻜﻨﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻤﻘﺘﻀﺎه ﻣـﻦ دون ﺗﻘﺪﻳﺮ أﺣﺪ، ﻣﻮاﺟﻬﴼ رﻫﻄﴼ ﻣﻦ اﳌﻌﺎدﻳﻦ، ﺑﻴﻨﻬﻢ رﺟﺎل اﻟـﻘـﺎﻧـﻮن أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻛـﻮﻧـﻪ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻫـﻢ أوﻟـﻰ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ. وﻓﻲ اﳌﻮاﺟﻬﺔ، ﻫﻨﺎك أﺷﺮار ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﻮع وﻓﺌﺔ، أو ﻣﺠﺮم ﻣﺘﺨﻒ ﻓﻲ ﺛﻴﺎب أﻧﻴﻘﺔ.
ﻓـــﻲ ﻛـــﻞ رواﻳــــــﺎت اﻟــﻜــﺎﺗــﺐ اﻟـــﻼﻣـــﻊ راﻳــﻤــﻮﻧــﺪ ﺷـــﺎﻧـــﺪﻟـــﺮ ﻧــﺠــﺪ ﺑــﻄــﻠــﻪ ﻓــﻴــﻠــﻴــﺐ ﻣــــﺎرﻟــــﻮ ﻳـﺨـﻀـﻊ ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ رﺟﺎل اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ ﻣﺤﺎوﻻ، ﻓﻲ ﺑــﻌــﺾ اﻷﺣـــﻴـــﺎن، اﺗــﻬــﺎﻣــﻪ ﺑــﻤــﺎ ﻫــﻮ ﺑــــﺮيء ﻣـﻨـﻪ. وﻫــﻨــﺎك داﺋــﻤــﴼ اﻷﻧــﺜــﻰ اﳌــﺨــﺎدﻋــﺔ ﻣــﻘــﺎﺑــﻞ ﻧـﺴـﺎء ﻃﻴﺒﺎت ﻳﻌﺎﻧﲔ ﻣﻦ ﻏﺪر اﻟﺰﻣﻦ.
ﺑﻄﻞ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻷﺳﻮد إن ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺗﺤﺮﻳﴼ ﺧﺎﺻﴼ ﻓﻬﻮ ﻋﻠﻰ ﺣـﺎﻓـﺔ اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، ﻛﻤﺎ اﻟـﺤـﺎل ﻓـﻲ »ﻣﻦ اﳌﺎﺿﻲ« ﻟﺠﺎك ﺗﻮرﻧﻴﺮ )١٥٩١(، و»ﻫﺬا اﳌﺴﺪس ﻟﻺﻳﺠﺎر« ﻟﻔﺮاﻧﻚ ﺗﺎﺗﻞ )٢٤٩١(.
ﻫـــﺬا اﻹﻧـــﺴـــﺎن اﻟــﻌــﺎﺑــﺲ واﳌــﺘــﺤــﺴــﺲ آﻻﻣـــﴼ ﺧﻔﻴﺔ ﻳﺒﺪﻳﻬﺎ ﻟﻨﻔﺴﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺒﺪﻳﻬﺎ ﳌﺤﻴﻄﻪ، ﻟـﻴـﺲ اﳌــﻴــﺰة اﻟــﻮﺣــﻴــﺪة اﻟـﺘـﻲ ﻋﺮﻓﺘﻬﺎ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ. ﻫﻨﺎك ﺣﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ دﺧـﻞ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺻﻨﻊ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻌﺰول ﻋﻦ اﻟﺒﻬﺠﺔ.
ﻓﻘﺪان ﺗﻮازن
اﻧﺘﻬﻰ اﻟﺘﻴﺎر ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت، ﻟﻜﻦ ﻫﻨﺎك أﻓـﻼﻣـﴼ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﺗﻌﻮد إﻟــﻰ اﻟﺼﻴﻐﺔ ذاﺗﻬﺎ آﺧﺮﻫﺎ »ﻣﺬرﻟﺲ ﺑﺮوﻛﻠﲔ« اﻟـﺬي أﺧﺮﺟﻪ وﻟﻌﺐ دور اﻟﺒﻄﻮﻟﺔ ﻓﻴﻪ إدوارد ﻧﻮرﺗﻮن.
ﻋﻼﻗﺔ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﳌﺎﺛﻠﺔ أو اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻛﺖ ﻇـﻼﻟـﻬـﺎ ﺑـﻌـﺪ أن ﺧــﻤــﺪت ﺑــﺎﻟــﻮﺿــﻊ اﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻲ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻤﻴﺔ. ﻋﺒﺮ اﳌﺨﺮﺟﻮن ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﳌﻨﺎﻓﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻟﻄﺒﻘﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ أو ﻣﻦ ﺧﻼل أﺷﺨﺎص ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻣﻨﻔﺮدﻳﻦ. ﻓﻲ »ﻏﺎﺑﺔ إﺳﻔﻠﺘﻴﺔ« ﻟﺠﻮن ﻫﻴﻮﺳﺘﻮن )٠٥٩١( اﻟﻌﺼﺎﺑﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻫﻲ ﻟﻌﺒﺔ ﻓﻲ ﻳﺪ اﳌﺴﺘﺜﻤﺮ اﻟﺬي ﻳﺮﻳﺪ ﺳﺮﻗﺔ ﻣﺎ ﺳﺮﻗﺘﻪ. ﻓﻲ »ﻫﺬا اﳌﺴﺪس ﻟﻺﻳﺠﺎر« ﻳﻮاﺟﻪ ﺑﻄﻞ اﻟﻔﻴﻠﻢ أﻻن ﻻد، ﻗﻮة ﺑﺎﻃﺸﺔ ﻣﻦ ﻓﺮد واﺣﺪ ﺳﻤﺢ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ اﻟﻨﺎزﻳﲔ ﻟﺠﻨﻲ اﳌﺎل. ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺠﺪ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺆدﻳﻬﺎ ﻻد ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ اﻟﺸﺮﻳﺮة، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺒﻮﻟﻴﺲ اﻟﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮوﻧﻪ ﺧﻄﺮﴽ ﻋﻠﻰ اﳌﺠﺘﻤﻊ.
ﺳــﻨــﺠــﺪ اﻟـــﺤـــﺮب اﻟــﻌــﺎﳌــﻴــﺔ اﻟـــﺜـــﺎﻧـــﻴـــﺔ، اﻟــﺘــﻲ ﺧﺎﺿﺘﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻣﺘﺄﺧﺮة، ﺛﻢ اﺳﺘﻤﺮت ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﻬﺔ ﺟﻨﻮب - ﺷﺮق آﺳﻴﺎ، اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﻓﻘﺪان اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت اﳌﺘﻜﺎﺛﺮة ﺗﻮازﻧﻬﺎ. أورﺳﻦ وﻟﺰ ﻋﺒﺮ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ. ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻣﻊ »دﻳـﻜـﻮر« ﻣﺎﺋﻞ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﺬﻛﺮ ﺑﻔﻴﻠﻢ »ﻋﻴﺎدة دﻛﺘﻮر ﻛﺎﻟﻴﻐﺎري« ﻟﻸﳌﺎﻧﻲ روﺑﺮت واﻳﻦ )٠٢٩١( اﳌﻨﺘﻤﻲ ﻟﻠﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻳﺔ.
ﺟـــﻮل داﺳـــﲔ ﻓــﻲ »ﻣــﺪﻳــﻨــﺔ ﻋــﺎرﻳــﺔ« )٨٥٩١( ﻓﺘﺢ ﺟﺒﻬﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺗﺠﻤﻊ ﺑـﲔ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻷﺳـﻮد واﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻏــﺮار ﺗﻠﻚ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ. ﻗﺒﻠﻪ أم أﻧـﻄـﻮﻧـﻲ ﻣــﺎن ﻓــﻲ »رﺟـــﺎل ﺗــﻲ« )٧٤٩١( و»ﺻﻔﻘﺔ واﺿﺤﺔ« )٨٤٩١( اﳌﺠﺎل ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻌﺘﻤﺪﴽ ﻧﻔﺴﴼ ﺗﺴﺠﻴﻠﻴﴼ واﻗﻌﻴﴼ ﻛﺬﻟﻚ.
ﺗﺒﻌﴼ ﻟﻜﻞ ذﻟﻚ اﻧﻀﻢ اﻟﻔﻴﻠﻢ اﻷﺳﻮد إﻟﻰ وﺿﻊ ﻣﻌﺎد ﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﺘﻬﺎ ﻫﻮﻟﻴﻮود، وﻫﻮ اﻟﺤﺎل ذاﺗﻪ اﻟﺬي ﺷﻬﺪﺗﻪ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻹﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﺑﻮﻻدة اﻟﻮاﻗﻌﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة. واﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ أن ﻛﻞ ﺧﻂ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻻﺣﻘﴼ ﻣﻦ ﻣﻮﺟﺔ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة إﻟﻰ ﻣﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ واﻟﺒﺮازﻳﻞ وﻣﺼﺮ وﺳﻮاﻫﺎ ﻛﺎن ﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻣﻌﺎدﻳﴼ ﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﺘﺮﻓﻴﻪ واﳌﺘﻌﺔ اﻟﻘﺼﺼﻴﺔ واﻟﻨﻬﺎﻳﺎت اﻟﺴﻌﻴﺪة.
اﻟﺒﻄﻞ اﻟﻌﺎري
اﻟـــﺤـــﺎل ﻛـــﺬﻟـــﻚ، ﻛــﻴــﻒ ﻳــﻤــﻜــﻦ ﻟــﻠــﻤــﺄزق اﻟـــﺬي ﻧﻌﻴﺸﻪ أن ﻳﻨﺠﻠﻲ ﺳﻴﻨﻤﺎﺋﻴﴼ؟
ﻫﻞ ﻣﻦ اﳌﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﺨﺮج اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ أو ﺳﻮاﻫﺎ ﺑﺠﺪﻳﺪ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻋﻤﺎ ﻛـﺎن ﺳﺎﺋﺪﴽ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻷرﺑـﻌـﺔ اﻷﺧــﻴــﺮة؟ أم ﺳﺘﺤﺎول اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة وﺗﺴﺘﻤﺪ ﻣﻦ اﳌﺎﺿﻲ ﻣﺎ ﻳﻌﻴﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺪ اﻟﺤﺎﺿﺮ؟
ﻣﻦ اﳌﺤﺘﻤﻞ ﺟﺪﴽ أن ﻧﺠﺪ اﻟﺴﻴﻨﻤﺎ اﻟﺴﺎﺋﺪة ﻗﺪ ﺗﺮاﺟﻌﺖ ﻟﺘﻔﺴﺢ اﳌﺠﺎل أﻣﺎم ﻣﻮﺟﺔ ﻣﻦ اﻷﻓﻼم اﻻﻧﺘﻘﺎدﻳﺔ اﻟـﺪاﻛـﻨـﺔ. ﻋﺎﻟﻢ »ﺑـﻼﻳـﺪ رﻧــﺮ« ﻟﺮﻳﺪﻟﻲ ﺳﻜﻮت )٢٨٩١( وﻋﺎﻟﻢ »ﺗﻘﺮﻳﺮ اﻷﻗﻠﻴﺔ« ﻟﺴﺘﻴﭭﻦ ﺳﺒﻴﻠﺒﺮغ )٧٠٠٢( )وﻛﻼﻫﻤﺎ »ﻧﻮار« ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻲ( ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺤﺎﻟﻲ. واﻗﻊ ﻳﺤﻤﻞ ﺑﻤﻘﺘﻀﺎه وﺑــــﺎﻟــــﻀــــﺮورة آﻻم ﻋـــﺎﻟـــﻢ ﺿـــﻴـــﻊ ﺧـــﻄـــﺎه وﻓــﻘــﺪ اﺗﺠﺎﻫﺎﺗﻪ اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ وﻟﻢ ﻳﺪﻓﻊ اﻟﺜﻤﻦ ﺑﻌﺪ.
اﻟﻮاﻗﻊ، أن اﻷزﻣـﺎت اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻻ ﺑﺪ أن ﺗﺨﻠﻖ ﺳــﻴــﻨــﻤــﺎت ﺗـــﻮازﻳـــﻬـــﺎ، وأﻓـــﻼﻣـــﴼ ﺗــﺘــﺤــﺪث ﻋـﻨـﻬـﺎ. اﻟﻜﺎرﺛﺔ اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ اﳌﺎﺛﻠﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺎ أن ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻠﻰ اﻹﻃﻼق وﻣﻮﺟﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ اﻷﻓﻼم اﳌﻨﺘﻘﺪة ﻟﻠﻜﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﻣﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺪول ﻣﻊ »ﻛﻮروﻧﺎ«. ﻗـﺪ ﺗـﻄـﺮح ﻓـﻲ أﻓــﻼم ﻣﺒﺎﺷﺮة أو ﻗـﺪ ﺗـﻄـﺮح ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﺗﻮﺟﻬﺎت أﺳﻠﻮﺑﻴﺔ ﺗﻨﺘﻔﺪ إﻳﺤﺎء وﺗﻜﻮن ﻣﻠﺠﺄ رﻏـﺒـﺔ اﳌـﺨـﺮﺟـﲔ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋـﻦ آراﺋــﻬــﻢ ﻣﻦ ﺧــﻼل ﺷﺨﺼﻴﺎت ﺗﻌﻜﺲ ﻣــﺎ ﻳﺮﻓﻀﻪ اﻹﻧـﺴـﺎن اﻟﻌﺎدي ﻣﻦ واﻗﻊ اﻷﻣﻮر.
ﻣـــﺎ ﺳــﻴــﺨــﺮج ﻣـــﻦ اﻟــﻠــﻌــﺒــﺔ اﻟـــﺘـــﺠـــﺎرﻳـــﺔ ﺑـﻌـﺪ ﺣﲔ أﻓــﻼم اﻟﺒﻄﻮﻻت اﻟﺨﺎرﻗﺔ؛ ﻛـﻮن اﻟـﻘـﺎدم ﻣﻦ أﻓﻼﻣﻬﺎ، ﺣﲔ ﻳﺒﺪأ ﻋﺮوﺿﻪ ﺑﻌﺪ اﻷزﻣﺔ، ﺳﻴﺜﻴﺮ اﻟﺴﺨﺮﻳﺔ وﻟﻴﺲ اﻹﻋﺠﺎب. ﻟﺴﺎن اﻟﺤﺎل ﻫﻨﺎ ﻫﻮ أن اﻷﺑﻄﺎل اﻟﺨﺎرﻗﲔ اﻟﺬﻳﻦ واﺟﻬﻮا أﻛﺜﺮ أﻋﺪاء اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻗﻮة وﺑﻄﺸﴼ ﺑﺎﺗﻮا ﻋﺎرﻳﻦ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻬﺎﻟﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﺘﻲ أﺣﺎﻃﺖ ﺑﻬﻢ ﺳﺎﺑﻘﴼ ﻗﺒﻞ »ﻛﻮروﻧﺎ«. إﻧﻪ ﺷﻌﻮر ﻋﺎم ﻏﺎﻟﺒﴼ ﻣﺎ ﺳﻴﻨﺠﻠﻲ ﻋﻦ اﻧﺤﺴﺎر اﻟﻜﺒﻴﺮة. وﻟﻮ ﻣﺤﺪودﴽ - ﻷﻓـﻼم اﻟﻜﻮﻣﻴﻜﺲ واﳌﻐﺎﻣﺮات اﻟﻔﺎﻧﺘﺎزﻳﺔ