اﻟﻐﻀﺐ... ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻴﺮان وﻗﻠﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻮر
ﻻ ﻳﺰال ﻣﻦ اﳌﺒﻜﺮ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ اﻟﺠﺰم ﺑﻤﺎ إذا ﻛﺎﻧﺖ أﻋﻤﺎل اﻟﺸﻐﺐ اﻟﺘﻲ ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌــﺘــﺤــﺪة ﻓــﻲ اﻟــﻔــﺘــﺮة اﻷﺧـــﻴـــﺮة ﻳــﻘــﻒ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺧـﻮف ﺣﻘﻴﻘﻲ إزاء وﺟــﻮد ﻋﻨﺼﺮﻳﺔ ﻣﺰﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﻗﻄﺎﻋﺎت ﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ، أم أﻧﻬﺎ اﺳﺘﻌﺮت ﺟـﺮاء ﺣﺴﺎﺑﺎت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ اﳌﻘﺒﻠﺔ.
وﻣﻊ ﻫﺬا، ﺛﻤﺔ أﻣﺮ واﺣﺪ ﻣﺆﻛﺪ: اﺳﺘﻐﻠﺖ اﻟﺪواﺋﺮ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ اﻟﻜﺎرﻫﺔ ﻟﻠﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻓــــﻲ أوروﺑـــــــــﺎ وﻏـــﻴـــﺮﻫـــﺎ اﻟـــﻔـــﺮﺻـــﺔ ﻟــﺘــﺼــﻮﻳــﺮ اﻟـــﻮﻻﻳـــﺎت اﳌــﺘــﺤــﺪة ﻛــﺄﻣــﺔ ﻟـﻴـﺲ ﻟـﺪﻳـﻬـﺎ ﺣﺘﻰ ﻣــﺠــﺮد اﺳــﺘــﻌــﺪاد ﻟــﻼﻋــﺘــﺮاف ﺑـﺎﳌـﻈـﺎﻟـﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺌﻦ ﻣﻨﻬﺎ »اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن ﻣﻦ أﺻﻮل أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ«. وﻟـــﺪى ﻣـﻄـﺎﻟـﻌـﺔ اﳌــﺠــﻼت، ﻳـﺘـﻮﻟـﺪ ﻟـــﺪى اﳌــﺮء اﻧﻄﺒﺎع ﺑـﺄن اﻟﻨﺨﺐ اﻷوروﺑـﻴـﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺎﺑﻊ اﻷﺣـــﺪاث اﻟـﺠـﺎرﻳـﺔ داﺧــﻞ اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌﺘﺤﺪة، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻤﻠﺆﻫﺎ درﺟــﺔ أﻋـﻠـﻰ ﻣـﻦ اﳌـﻌـﺘـﺎد ﻣﻦ اﻟﻔﺨﺮ واﻻﻋﺘﺰاز ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ.
إﻻ أن ﻫـــــﺬه اﻟـــﻨـــﺨـــﺐ ﺗــﺘــﺠــﺎﻫــﻞ ﺑـﻌـﺾ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ.
ﺑــــﺎدئ ذي ﺑــــﺪء، ﺗـﻐـﻔـﻞ ﻫـــﺬه اﻟــﻨــﺨــﺐ أن ﺗﺠﺎرة اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻇﻬﺮت ﻗﺒﻞ ﻓﺘﺮة ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﻣﻮﻟﺪ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة ﻛﺄﻣﺔ. ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﻨﺴﻰ أﻧــﻪ ﺑــﺪاﻳــﺔ ﻣــﻦ اﻟــﻘــﺮن اﻟـﺨـﺎﻣـﺲ ﻋـﺸـﺮ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺠﺎرة اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻋﺒﺮ ﺟﺎﻧﺒﻲ اﻷﻃﻠﺴﻲ ﺑﺼﻮرة أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻧﺸﺎﻃﴼ أوروﺑــﻴــﴼ، ﻓـﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ اﻟـﺬي ﻋﻤﻠﺖ زﻋـﺎﻣـﺎت ﻗﺒﻠﻴﺔ أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺑــﺪور اﳌــﻮرد اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ.
اﻷﻫــﻢ ﻣـﻦ ذﻟــﻚ، أﺑـﻘـﺖ اﻟـــﺪول اﻷوروﺑــﻴــﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﻴﺪ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺒﻼد، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﻣﻊ اﻷﻗﻨﺎن ﻓﻲ روﺳﻴﺎ وإﺳﺒﺎﻧﻴﺎ وإﻧﺠﻠﺘﺮا، واﳌﺰارﻋﲔ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ، و»اﻟﺒﻮﻳﺮ« ﻓﻲ اﻹﻣﺎرات اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ اﻹﻗﻄﺎﻋﻴﺔ، ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺪاد ﻗــﺮون. ﻓﻲ اﳌــﻘــﺎﺑــﻞ، ﻧــﺠــﺪ أن اﻟـــﻮﻻﻳـــﺎت اﳌــﺘــﺤــﺪة أﻟـﻐـﺖ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﺑﻌﺪ ٠٠١ ﻋﺎم ﻓﻘﻂ ﻣﻦ اﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ.
وﻗﺪ اﺿﻄﺮت اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻟﻮﻟﻴﺪة ﺣــﺪﻳــﺜــﴼ إﻟــــﻰ اﻟــﺘــﻌــﺎﻣــﻞ ﻣـــﻊ اﻷوﺿـــــــﺎع اﻟــﺘــﻲ أوﺟﺪﺗﻬﺎ ﻳﺪ اﻟﻘﺪر واﻟﺘﺎرﻳﺦ أﻣﺎﻣﻬﺎ. وﻛﺎن إرث اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﲔ ﻫﺬه اﻟﻈﺮوف، واﺳﺘﻤﺮ ﺣﺘﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ. وﻛﺎن اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﻮن ﻣـﺪرﻛـﲔ دوﻣــﴼ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﺮﴽ ﺧﺎﻟﺼﴼ ﻓﺤﺴﺐ، وإﻧﻤﺎ أﻳﻀﴼ ﻫﻲ ﻋﺎﺋﻖ أﻣــــﺎم اﻟـﺘـﻨـﻤـﻴـﺔ اﻻﻗــﺘــﺼــﺎدﻳــﺔ واﻻﺟــﺘــﻤــﺎﻋــﻴــﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﺑﺒﻼدﻫﻢ.
ﺣــﺘــﻰ ﻋــﻨــﺪ إﻟـــﻘـــﺎء ﻧـــﻈـــﺮة ﺳــﺮﻳــﻌــﺔ ﻋﻠﻰ اﻷدب اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ ﻧﺠﺪ أن ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻟﻢ ﺗﻐﻔﻞ ﻗﻂ. ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، ﺧﺎض ﻛﺘﺎب وﺷﻌﺮاء أﻣﻴﺮﻛﻴﻮن، ﺑﻴﺾ وﺳﻮد، ﺗﺤﺪي ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻓﻬﻢ وﻣﻜﺎﻓﺤﺔ ﻣﺎ اﻋﺘﺒﺮوه ﻧﻘﻄﺔ ﻗﺼﻮر ﻣﺘﻮارﺛﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﻛﻴﺐ اﻟﺠﻴﻨﻲ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻷﻣﺘﻬﻢ.
اﻟــــﻼﻓــــﺖ ﻫــﻨــﺎ أن اﻟـــﻜـــﺘـــﺎب اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻴــﲔ أﺻﺤﺎب اﻟﺒﺸﺮة اﻟﺪاﻛﻨﺔ ﻟﻢ ﻳﻠﺠﺄوا ﻗﻂ إﻟﻰ اﺳــﺘــﻐــﻼل ﻫـــﺬه اﳌــﺴــﺄﻟــﺔ، ﻟـﻠـﻀـﻐـﻂ ﻣــﻦ أﺟــﻞ إﻗــــﺮار ﻧــﻈــﺎم ﺗﻤﻴﻴﺰ ﻋـﻨـﺼـﺮي ﺗـﺤـﺖ ﻣﺴﻤﻰ اﳌﺴﺎواة اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ. اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻧﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﴼ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ ﻧﻈﺮوا إﻟﻰ أﻧﻔﺴﻬﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أﻧﻬﻢ أﻣﻴﺮﻛﻴﻮن ﺗﺼﺎدف أن ﻟــﻮن ﺑﺸﺮﺗﻬﻢ داﻛــﻨــﺔ، وﻟﻴﺴﻮا أﺻـــﺤـــﺎب ﺑــﺸــﺮة داﻛـــﻨـــﺔ ﺗــﺼــﺎدف أﻧﻬﻢ أﻣﻴﺮﻛﻴﻮن.
وﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ »أﺳـﻮد وأﺑﻴﺾ وﻣــﻠــﻮن«، ﻛﺸﻔﺖ ﻫﻮرﺗﻨﺲ ﺟﻴﻪ. ﺳـﺒـﻴـﻠـﺮز أن اﻟــﻜــﺘــﺎب اﻷﻣـﻴـﺮﻛـﻴــﲔ ﻟﻢ ﻳﺘﺼﺮﻓﻮا ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﻬﻤﺸﺔ داﺧﻞ وﻃﻨﻬﻢ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ.
وﺣـــﺘـــﻰ ﻗــﺒــﻞ إﻟـــﻐـــﺎء اﻟـــﻌـــﺒـــﻮدﻳـــﺔ، ﺗــﻮﻗــﻊ ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ دوﻏــﻼس، اﻟـﺬي ﻳﻌﺘﺒﺮ واﺣـﺪﴽ ﻣﻦ أﻋــﻈــﻢ اﻟـﺨـﻄـﺒـﺎء ﻋـﻠـﻰ ﻣــﺮ اﻟــﺘــﺎرﻳــﺦ، ﺣــﺪوث ﺗـﻐـﻴـﻴـﺮ إﻳــﺠــﺎﺑــﻲ داﺧـــﻞ اﻟـــﻮﻻﻳـــﺎت اﳌـﺘـﺤـﺪة. وﻗـــﺎل: »ﻻ أﺷـﻌـﺮ ﺑـﺎﻟـﻴـﺄس إزاء ﻫــﺬه اﻟـﺒـﻼد، ﻓـــﻴـــﺪ اﻟـــﺨـــﺎﻟـــﻖ ﻟــﻴــﺴــﺖ ﻗـــﺼـــﻴـــﺮة، وﻣــﺼــﻴــﺮ اﻟــﻌــﺒــﻮدﻳــﺔ ﻟــﻴــﺲ ﺑــﻤــﺤــﺘــﻮم. وﻟـــﺬﻟـــﻚ، أرﺣـــﻞ وﺑﺪاﺧﻠﻲ أﻣـﻞ. وﺑﻴﻨﻤﺎ أﺳﺘﻠﻬﻢ روح اﻷﻣﻞ ﻣﻦ )إﻋــﻼن اﻻﺳﺘﻘﻼل(، واﳌـﺒـﺎدئ اﻟﻌﻈﻴﻤﺔ اﻟــــﺘــــﻲ ﺗــﻀــﻤــﻨــﻬــﺎ، وﻋـــﺒـــﻘـــﺮﻳـــﺔ اﳌـــﺆﺳـــﺴـــﺎت اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ، ﻓﺈن روﺣﻲ ﻳﻤﻸﻫﺎ اﻻﺑﺘﻬﺎج ﻛﺬﻟﻚ ﺗﺠﺎه اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻴﺮ ﻧﺤﻮﻫﺎ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﺎرﻳﺦ«.
وﻧــﺠــﺪ اﻟـــــﺮوح ذاﺗـــﻬـــﺎ ﻟـــﺪى ﻛـــﺘـــﺎب ﻣﺜﻞ راﻟــــــﻒ إﻟـــﻴـــﺴـــﻮن ﻓــــﻲ ﻛـــﺘـــﺎﺑـــﻪ »اﻟــــﺮﺟــــﻞ ﻏـﻴـﺮ اﳌـﺮﺋـﻲ« ورﻳﺘﺸﺎرد راﻳــﺖ ﻓﻲ »ﻓﻴﺶ ﺑﻴﻠﻲ« )ﺑﻄﻦ اﻟﺴﻤﻜﺔ( وﺗﺸﺴﺘﺮ ﻫﺎﻳﻤﺰ ﻓﻲ »اﻟﻘﻄﻦ ﻳﺄﺗﻲ إﻟﻰ ﻫﺎرﻟﻢ«، ﺑﻞ وﺟﻴﻤﺲ ﺑﻮﻟﺪوﻳﻦ ﻓﻲ »اﻟﺤﺮﻳﻖ اﳌﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ«.
ﻛﻤﺎ أن ﻗﺼﺔ »اﻟــﺠــﺬور« اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ »أﻟﻴﻜﺲ ﻫﺎﻟﻲ« ﺗﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺣﻠﻢ »ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ ﻓﻘﻂ« ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أﻧﻪ واﻗﻊ، وﺗﺘﺒﻊ ﻗﺼﺔ أﺳﺮة ﻣﻦ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﻓﻲ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ إﻟﻰ اﻟﻌﺒﻮدﻳﺔ ﻓﻲ أﻣﻴﺮﻛﺎ إﻟــﻰ إﻧـﺘـﺎج أﺟـﻴـﺎل ﻣـﻦ اﳌــﺰارﻋــﲔ واﳌﺤﺎﻣﲔ واﳌﻬﻨﺪﺳﲔ اﳌﻌﻤﺎرﻳﲔ واﳌﻌﻠﻤﲔ واﻟﻜﺘﺎب اﻟــﺒــﺎرزﻳــﻦ. ﺣـﺘـﻰ رواﻳـــﺔ »اﳌــﺤــﺒــﻮب« ﻟﺘﻮﻧﻲ ﻣــﻮرﻳــﺴــﻮن ﻻ ﺗــﺒــﺪو ﺻــﺮﺧــﺔ ﻏــﻀــﺐ زاﺋــﻒ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﻳﻄﻠﻘﻬﺎ اﻷﺑـﻄـﺎل اﳌﺰﻋﻮﻣﻮن ﻟﺤﺮﻛﺔ »ﺣـﻴـﺎة اﻟـﺴـﻮد ﻣﻬﻤﺔ«، وإﻧـﻤـﺎ ﺗـﺪور ﻋﻦ رﺣﻠﺔ ﺑﻄﻮﻟﻴﺔ ﻧﺤﻮ اﻟﺨﻼص، ﻟﻴﺲ ﻋﺒﺮ إﻋﺎدة ﺧﻠﻖ اﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ، وإﻧﻤﺎ ﻋﺒﺮ اﻟﻐﻔﺮان.
وﻛــﺎن ﻣـﺎرﺗـﻦ ﻟﻮﺛﺮ ﻛﻴﻨﻎ ﻣﺼﺪر إﻟﻬﺎم ﻟﻠﺮوح ذاﺗﻬﺎ وﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﺣﻠﻢ ﺷﺎﻣﻞ ﺟﺎﻣﻊ، وﻟــﻴــﺲ ﻣــﺠــﺮد ﻣــﺸــﺮوع ﻟـﻠـﺮﻓـﺾ واﻟﺘﻤﻴﻴﺰ اﻟــﻌــﻨــﺼــﺮي ﺑـــﻨـــﺎء ﻋــﻠــﻰ ﻟــــﻮن اﻟــﺒــﺸــﺮة. وﻗــﺪ ﻧـﻈـﺮ إﻟـــﻰ اﻟـﻌـﻨـﺼـﺮﻳـﺔ واﻟــﻔــﺼــﻞ اﻟـﻌـﻨـﺼـﺮي ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أﻧﻬﻤﺎ ﺷﺮ ﻳﻌﻮد ﺑﺎﻟﻀﺮر ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﲔ.
ﻣـــﻦ ﺟــﻬــﺘــﻪ، وأﺛـــﻨـــﺎء ﺣـــﻀـــﻮره دروﺳــــﴼ دﻳﻨﻴﺔ ﻓـﻲ اﳌﺪﻳﻨﺔ اﳌــﻨــﻮرة، اﺷﺘﻬﺮ ﻣﺎﻟﻜﻮم إﻛﺲ ﺑﺎﺳﻢ »اﻷخ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ«، ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺮﻏﺐ ﻓـﻲ ﻧﺒﺬ ﻫﻮﻳﺘﻪ اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ. ودارت رﺳﺎﻟﺘﻪ ﺣــﻮل ﻣــﺒــﺎدئ اﻟﻌﻤﻞ اﻟـــﺪؤوب واﻟـﻌـﻤـﻞ ﻋﻠﻰ
ﺗﺤﺴﲔ اﻟﺬات، وﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد اﻷﻧﲔ واﻻﺗﺠﺎر ﺑﺪور اﻟﻀﺤﻴﺔ.
ﻋﻠﻰ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ، ﻟﻢ ﻳﺘﺠﺎﻫﻞ اﻟﻜﺘﺎب اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻴــﻮن ﻣـــﻦ ﺧــــﺎرج أﺻـــﺤـــﺎب اﻟــﺒــﺸــﺮة اﻟــــﺴــــﻤــــﺮاء »اﻟــــﺸــــﺮ اﳌــــــــــﻮروث« اﳌــﺘــﻤــﺜــﻞ ﻓـﻲ اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ. وﻣﻦ ﺑﲔ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺬي ﺗﻨﺎوﻟﺖ ﻫـــﺬه اﻟـﻘـﻀـﻴـﺔ »ﻛــــﻮخ اﻟــﻌــﻢ ﺗــــﻮم« ﻟـﻬـﺎرﻳـﻴـﺖ ﺑﻴﺸﺮ ﺳﺘﻮي و»ذﻫﺐ ﻣﻊ اﻟﺮﻳﺢ« ﳌﺎرﻏﺮﻳﺖ ﻣﻴﺘﺸﻞ.
ﻛﻤﺎ ﻧﺠﺪ أن أﻋﻤﺎﻻ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﺜﻞ »ﺿﻮء ﻓﻲ أﻏﺴﻄﺲ« ﻟﻮﻳﻠﻴﺎم ﻓﻮﻟﻜﺮ و»ﻗﺘﻞ ﻃﺎﺋﺮ ﻣـــﺤـــﺎك« ﻟــﻬــﺎرﺑــﺮ ﻟـــﻲ و»اﻟــــﻔــــﺪان اﻟــﺼــﻐــﻴــﺮ« ﻹرﻳــﺴــﻜــﲔ ﻛـــﺎﻟـــﺪوﻳـــﻞ و»ﺛـــﻼﺛـــﻴـــﺔ اﻟـــﻮﻻﻳـــﺎت اﳌــﺘــﺤــﺪة« ﻟــﺠــﻮن دوس ﺑــﺎﺳــﻮس، ﺧﺎﺿﺖ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ اﻟﺘﺤﺪي ﻋﺒﺮ ﺻﻮر ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ.
وﺣـــﺘـــﻰ ﻓــــﻲ اﻷﻋـــﻤـــﺎل اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت اﻟﺼﻮرة ﻓﻴﻬﺎ ﺳـــﻠـــﺒـــﻴـــﺔ، ﻣـــﺜـــﻠـــﻤـــﺎ اﻟـــﺤـــﺎل ﻓـــﻲ رواﻳـــــــﺔ »ﻋـــــﻦ اﻟــﻔــﺌــﺮان واﻟﺮﺟﺎل« ﻟﺠﻮن ﺳﺘﻴﻨﺒﻚ وﻣـــــﺴـــــﺮﺣـــــﻴـــــﺔ »اﻟـــــﺰﺑـــــﻴـــــﺐ ﻓــــــﻲ اﻟــــﺸــــﻤــــﺲ« ﻟـــﻠـــﻮرﻳـــﻦ ﻫﺎﻧﺰﺑﺮي، ﻟﻢ ﻳﺠﺮ ﺗﺠﺎﻫﻞ ﻗﻀﻴﺔ اﻟﻌﻨﺼﺮﻳﺔ واﻟﻔﺼﻞ اﻟــﻌــﻨــﺼــﺮي. ﻛـﻤـﺎ ﺗـﺸـﻴـﺮ أﻋــﻤــﺎل أﺧـــﺮى ﻣﺜﻞ »اﻧــﻈــﺮ ﻣــﻦ ﺟــﺎء ﻟـﺘـﻨـﺎول اﻟــﻌــﺸــﺎء« ﻟﻮﻳﻠﻴﺎم روز و»اﻟﺮﺟﻞ اﳌﻔﻘﻮد« ﻹف. إل. ﻏﺮﻳﻦ و»ﻓﻲ ﺣــﺮارة اﻟﻠﻴﻞ« ﻟﺠﻮن ﺑــﻮل إﻟــﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﺸﺨﺼﻴﺎت ذات اﻟﺒﺸﺮة اﻟﺪاﻛﻨﺔ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أﻧﻬﺎ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻹﻃﺎر اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻣﻦ دون إﻏﻔﺎل اﻟﻨﻀﺎل اﳌﺮﻳﺮ اﻟﺬي ﺗﺨﻮﺿﻪ.
ﻓﻲ اﳌﻘﺎﺑﻞ، ﻧﺠﺪ أن اﳌﺜﻘﻔﲔ اﻷوروﺑﻴﲔ اﻟــﺬﻳــﻦ ﻳـﻨـﺘـﻘـﺪون اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﳌـﺘـﺤـﺪة ﺑﺴﺒﺐ أﺳﻠﻮب ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ ﻣﻊ »اﻷﻓﺎرﻗﺔ« ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ، ﻻ ﻳــﺤــﻠــﻤــﻮن ﺑـــﺄن ﻳـﻈـﻬـﺮ ﻓـــﻲ ﺑـــﻼدﻫـــﻢ ﻳـﻮﻣـﴼ ﻣﺼﻄﻠﺢ »اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﲔ ﻣﻦ أﺻــﻮل أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ« أو »اﻹﻧﺠﻠﻴﺰ ﻣﻦ أﺻﻮل أﻓﺮﻳﻘﻴﺔ«.
ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، وﺻﻒ أﻓﺮﻳﻘﻲ ﻓﻲ ﺣﺪ ذاﺗﻪ ﻳﺒﺪو أﻧــﻪ ﺟــﺰء ﻣـﻦ إرث اﻹﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ، ﻳﻌﻮد
إﻟـــﻰ اﻹﻣـﺒـﺮﻳـﺎﻟـﻴـﺔ اﻟــﺮوﻣــﺎﻧــﻴــﺔ ﻣـﻨـﺬ ﻣــﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ٠٠٠٢ ﻋــﺎم ﻣﺎﺿﻴﺔ. ﻓـﻲ اﻟــﻮاﻗــﻊ، ﺟﺮى إرﺳــــﺎل ﺑــﺎﺑــﻠــﻴــﻮس ﻛــﻮرﻧــﻴــﻠــﻴــﻮس ﺳﻜﻴﺒﻴﻮ اﻷﻓــﺮﻳــﻘــﻲ إﻟـــﻰ اﳌـﻨـﻄـﻘـﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺗـﻤـﺜـﻞ ﺗـﻮﻧـﺲ اﻟﻴﻮم، ﻟﺸﻦ ﺣﺮب ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺿﺪ اﺋﺘﻼف ﻳﻘﻮده ﺣﻨﺒﻌﻞ وﻗﺒﻴﻠﺔ أﻓﺮي اﳌﺤﻠﻴﺔ. وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻋﺎد ﺳﻜﻴﺒﻴﻮ ﻣﻨﺘﺼﺮﴽ، ﻣﻨﺤﻪ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻴﻮخ ﻟــﻘــﺐ »اﻷﻓـــﺮﻳـــﻘـــﻲ«، وﻓـــﻲ وﻗـــﺖ ﻻﺣـــﻖ ﺑـــﺪأوا ﻳﻄﻠﻘﻮن ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻣﻞ اﻟـﻘـﺎرة اﻟـﻮاﻗـﻌـﺔ ﺟﻨﻮب اﻟﺒﺤﺮ اﳌﺘﻮﺳﻂ، أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ رﻏﻢ اﺣﺘﻮاﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺌﺎت اﻷﻋﺮاق.
وﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ ذاﺗﻪ، ﻧﺎل ﺟﻨﺮال روﻣﺎﻧﻲ ﻗـــــﻮي آﺧــــــﺮ، ﻳـــﻮﻟـــﻴـــﻮس ﻗــﻴــﺼــﺮ، ﻋــﻠــﻰ ﻟـﻘـﺐ »ﺟﻴﺮﻣﺎﻧﻴﻜﻮس« ﺑﻌﺪ اﻧﺘﺼﺎره ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻣــﺘــﻤــﺮدة ﻋــﺮﻓــﺖ ﺑــﺎﺳــﻢ اﻷﳌـــــﺎن داﺧــــﻞ أرض أﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺮوﻣﺎن اﺳﻢ أﳌﺎﻧﻴﺎ، ﻣﺘﺠﺎﻫﻠﲔ اﻟــﺘــﻨــﻮع اﻟــﻌــﺮﻗــﻲ واﻟــﺜــﻘــﺎﻓــﻲ واﻟــﺪﻳــﻨــﻲ اﻟــﺬي ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺘﺎز ﺑﻪ ﺗﻠﻚ اﳌﻨﻄﻘﺔ.
ﺧــــــــﻼل اﻷﺳـــــﺎﺑـــــﻴـــــﻊ اﻷﺧــــــــﻴــــــــﺮة، أﻃـــﻠـــﻖ اﳌــﻨــﺎﻫــﻀــﻮن ﻟــﻠــﻮﻻﻳــﺎت اﳌــﺘــﺤــﺪة ﻛــﺜــﻴــﺮﴽ ﻣﻦ اﻟﻀﺠﻴﺞ اﻟﻐﺎﺿﺐ ﻣـﻦ دون ﺟـﻮﻫـﺮ ﻳﺬﻛﺮ، وأﺷــﻌــﻠــﻮا ﻛـﺜـﻴـﺮﴽ ﻣــﻦ اﻟــﻨــﻴــﺮان دوﻧــﻤــﺎ ﺿـﻮء ﻳــﺬﻛــﺮ. وﻛـــﺎن ﻫـﺪﻓـﻬـﻢ إرﻫــــﺎب اﻷﻏـﻠـﺒـﻴـﺔ، ﻣﻦ ﺧــﻼل اﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑــﺄن ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟـﻜـﺮاﻫـﻴـﺔ إزاء اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة أﻛﺜﺮ اﺗﺴﺎﻋﴼ واﻧﺘﺸﺎرﴽ ﻋﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻷﻣﺮ.
وﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ذﻟﻚ ﺑﻔﻘﺮة وردت ﻓﻲ ﻣﺬﻛﺮات اﻟـﺮﺋـﻴـﺲ ﻳﻮﻟﻴﺴﻴﺲ ﻏــﺮاﻧــﺖ. ﻓـﻲ ﺗﻜﺴﺎس، أﺛﻨﺎء اﻟﺤﺮب اﳌﻜﺴﻴﻜﻴﺔ، ﺗﻮﺟﻪ ﻏﺮاﻧﺖ، اﻟﺬي ﻛﺎن ﺑﺮﺗﺒﺔ ﻣﻼزم، ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺿﺎﺑﻂ آﺧﺮ ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ ﺑــﺸــﺄن أﺻــــﻮات ﻋـــﻮاء ﺑــﺪا أﻧــﻬــﺎ ﺻــــﺎدرة ﻋﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﺬﺋﺎب. وﻋﻨﺪﻣﺎ وﺻﻞ اﻟﻀﺎﺑﻄﺎن إﻟﻰ ﻣﺼﺪر اﻟﺼﻮت »ﻛﺎن ﻫﻨﺎك ذﺋﺒﺎن ﻓﻘﻂ، وﻫﻤﺎ اﻟﻠﺬان ﺻﺪرت ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻛﻞ اﻟﻀﻮﺿﺎء اﻟﺘﻲ ﺳﻤﻌﻨﺎﻫﺎ. وﻛﺜﻴﺮﴽ ﻣﺎ أﺗﺬﻛﺮ ﻫﺬه اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺳﻤﻊ اﻟﻀﺠﻴﺞ اﻟﺼﺎدر ﻋﻦ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ اﳌﺤﺒﻄﲔ... إﻧﻬﻢ دوﻣــﴼ ﻳــﺒــﺪون ﻛـﺜـﺮة ﺣﺘﻰ ﺗـﺒـﺪأ ﻓــﻲ إﺣﺼﺎء أﻋﺪادﻫﻢ«.
أﻃﻠﻖ اﳌﻨﺎﻫﻀﻮن ﻷﻣﲑﻛﺎ ﻣﺆﺧﺮﴽ ﻛﺜﲑﴽ ﻣﻦ اﻟﻀﺠﻴﺞ اﻟﻐﺎﺿﺐ ﻣﻦ دون ﺟﻮﻫﺮ ﻳﺬﻛﺮ وأﺷﻌﻠﻮا ﻛﺜﲑﴽ ﻣﻦ اﻟﻨﲑان ﻣﻦ دون ﺿﻮء ﻳﺬﻛﺮ