اﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﳌﺼﺎدر... ﺻﺮاع اﻟﻐﺎﻳﺎت واﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻓﻲ اﻹﻋﻼم
أﺛﺎر ﻓﺘﺢ ﻫﻴﺌﺔ اﻹذاﻋـﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ اﻟــ »ﺑـﻲ ﺑـﻲ ﺳـﻲ« اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓـﻲ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﺑﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻷﻣﻴﺮة دﻳﺎﻧﺎ اﻟــﺸــﻬــﻴــﺮة ﻋــــﺎم ٥٩٩١، اﻟـــﺠـــﺪل ﻣــﺠــﺪدﴽ ﺣــﻮل ﻗﻀﻴﺔ ﻃــﺎﳌــﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ ﻣـﺤـﻞ ﻧـﻘـﺎش، وﻫــــﻲ ﻫـــﻞ ﻳــﺤــﻖ ﻟــﻠــﺼــﺤــﺎﻓــﻲ اﻟــﺘــﻼﻋــﺐ ﺑــﺎﳌــﺼــﺎدر، وإﺧــﻔــﺎء ﻫـﻮﻳـﺘـﻪ، ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋــﻠــﻰ اﳌــﻌــﻠــﻮﻣــﺎت؟ وﻫــــﻞ ﻳــﻨــﻄــﺒــﻖ ﻣــﺒــﺪأ ﻣــﻴــﻜــﻴــﺎﻓــﻴــﻠــﻲ اﻟــﺸــﻬــﻴــﺮ »اﻟــــﻐــــﺎﻳــــﺔ ﺗــﺒــﺮر اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ« ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻞ اﻹﻋﻼﻣﻲ؟... أم أن اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ واﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﻫﻮﻳﺘﻪ. وﻛﺎﻧﺖ اﻟـ »ﺑﻲ ﺑﻲ ﺳﻲ« ﻗﺪ ﻃﻠﺒﺖ ﻓـﺘـﺢ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻓــﻲ اﻟـﻄـﺮﻳـﻘـﺔ اﻟﺘﻲ أﺟﺮﻳﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ اﻷﻣﻴﺮة اﻟﺘﻲ ﺑﺜﺖ ﻓﻲ ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ ﺛﺎﻧﻲ( ﻋـﺎم ٥٩٩١، وﺷـﺎﻫـﺪﻫـﺎ ﻧﺤﻮ ٨٫٢٢ ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ، وﻗـــﺪ ﺗـﺤـﺪﺛـﺖ ﻓـﻴـﻬـﺎ دﻳــﺎﻧــﺎ ﻋــﻦ »اﻧـﻬـﻴـﺎر زواﺟـــﻬـــﺎ.« وﺟـــﺎء اﻟـﺘـﺤـﻘـﻴـﻖ ﻓــﻲ أﻋـﻘـﺎب اﺗﻬﺎم ﺗﺸﺎرﻟﺰ ﺳﺒﻨﺴﺮ، ﺷﻘﻴﻖ اﻷﻣﻴﺮة اﻟﺮاﺣﻠﺔ، ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﻲ اﻟﺬي أﺟﺮى اﻟﺤﻮار، ﻣـــﺎرﺗـــﻦ ﺑــﺸــﻴــﺮ، ﺑــــ »اﺳـــﺘـــﺨـــﺪام أﺳــﺎﻟــﻴــﺐ ﻣﻠﺘﻮﻳﺔ ﻹﻗﻨﺎع دﻳﺎﻧﺎ ﺑﺎﻟﺤﻮار.«
آراء ﺧـــﺒـــﺮاء اﻹﻋـــــﻼم ﻣـﻨـﻘـﺴـﻤـﺔ ﻓﻲ ﻫــــﺬا اﻟــــﺸــــﺄن. إذ ﻳــﻌــﺘــﻘــﺪ ﺑــﻌــﻀــﻬــﻢ ﺑــﺄن »ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ أن ﻳﻜﻮن واﺿـﺤـﴼ ﻣﻊ ﻣــــﺼــــﺎدره، ﻷن ذﻟــــﻚ ﺻــﻠــﺐ أﺧــﻼﻗــﻴــﺎت اﳌﻬﻨﺔ«، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺮى آﺧﺮون أن »اﻟﺘﺨﻔﻲ ﺟﺎﺋﺰ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ؛ ﻟﻜﻦ وﻓﻖ اﻟﻘﺎﻧﻮن.«
اﻟﺪﻛﺘﻮرة أروى اﻟﻜﻌﻠﻲ، وﻫﻲ ﻣﺪرﺑﺔ وﺑــﺎﺣــﺜــﺔ وأﺳـــﺘـــﺎذة ﺑـﻤـﻌـﻬـﺪ اﻟـﺼـﺤـﺎﻓـﺔ وﻋـــﻠـــﻮم اﻷﺧــــﺒــــﺎر ﻓـــﻲ ﺗـــﻮﻧـــﺲ، ﺗــــﺮى أن »اﻷﺻـــــــــﻞ ﻫــــﻮ أن ﻳــــﻌــــﺮف اﻟـــﺼـــﺤـــﺎﻓـــﻲ، ﻣﺼﺎدره ﺑﻬﻮﻳﺘﻪ، واﻟﻮﺳﻴﻠﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻴﻨﺸﺮ ﻗﺼﺘﻪ ﻋﺒﺮﻫﺎ، واﳌﻮﺿﻮع اﻟـــﺬي ﻳﻌﻤﻞ ﻋـﻠـﻴـﻪ«، ﻣﻀﻴﻔﺔ ﻟــ »اﻟـﺸـﺮق اﻷوﺳـﻂ« أﻧﻪ »ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ أن ﻳﺴﺘﺸﻴﺮ ﻣﺼﺎدره ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻘﻮم ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ اﳌﻘﺎﺑﻼت أو ﺗﺼﻮﻳﺮﻫﻢ، وﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﺗﻘﻊ ﻓـﻲ ﺻﻠﺐ أﺧـﻼﻗـﻴـﺎت اﳌﻬﻨﺔ. ﻛﺬﻟﻚ ﻳـــﺠـــﺐ ﻋـــﻠـــﻰ اﻟـــﺼـــﺤـــﺎﻓـــﻲ ﺗــﺠــﻨــﺐ ﻧــﺸــﺮ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت، ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ اﳌـﺼـﺪر اﻻﻣﺘﻨﺎع ﻋﻦ ﻧﺸﺮﻫﺎ. وإذا ﻛﺎن اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻳﺴﺠﻞ اﳌــﻘــﺎﺑــﻠــﺔ، ﻣـــﻦ أﺟــــﻞ ﺗـــﺪوﻳـــﻦ ﻣــﻼﺣــﻈــﺎت دﻗــﻴــﻘــﺔ، أو ﻟـﺤـﻤـﺎﻳـﺔ ﻧـﻔـﺴـﻪ وﻣـﺆﺳـﺴـﺘـﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﺸﺮ ﻻﺣﻘﴼ، ﻻ ﻳﺠﻮز ﻟﻪ ﻧﺸﺮ ﻫﺬه اﻟﺘﺴﺠﻴﻼت، ﻷﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ اﳌﺼﺪر ﺑﺬﻟﻚ .«
ﻓــــــﻲ اﳌـــــﻘـــــﺎﺑـــــﻞ، ﻳـــــﻘـــــﻮل اﻹﻋـــــﻼﻣـــــﻲ واﻷﻛــﺎدﻳــﻤــﻲ اﳌــﺼــﺮي اﻟــﺪﻛــﺘــﻮر ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻌﻴﺪ ﻣﺤﻔﻮظ، اﻟــﺬي ﺳﺒﻖ ﻟـﻪ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ اﻟـ » ﺑﻲ ﺑﻲ ﺳﻲ « ، أن » ﺑﻌﺾ اﻟﻘﺼﺺ اﻟــﺼــﺤــﺎﻓــﻴــﺔ ﺗـﺘـﻄـﻠـﺐ اﻟــﺘــﺤــﺎﻳــﻞ ﻟﻜﺸﻒ أﺳــﺮارﻫــﺎ... ﻣﻊ أﻧـﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺘﺤﺎﻳﻞ ﺑﺎﻧﺘﻬﺎك اﻟﻘﺎﻧﻮن.« وﻳﻀﻴﻒ ﻣﺤﻔﻮظ ﻟـ » اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ « ، ﻣﺴﺘﻄﺮدﴽ » اﻟﻐﺎﻳﺔ ﺗﺒﺮر اﻟﻮﺳﻴﻠﺔ ... واﻟﺘﺨﻔﻲ ﺟﺎﺋﺰ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﻧﻮاع اﻟﺘﺤﻘﻴﻘﺎت. وﻫﻮ ﻧﻮع ﻣــﻦ أﻧــــﻮاع اﻟــﻜــﺬب اﻟـــﺬي ﻳــﻬــﺪف ﻟﻜﺸﻒ ﺟـﺮﻳـﻤـﺔ ﺳﻴﺘﺮﺗﺐ ﻋـﻠـﻰ وﻗـﻮﻋـﻬـﺎ ﺿـﺮر ﻳﻠﺤﻖ ﺑﺎﳌﺠﺘﻤﻊ، واﻟــﺸــﺮط اﻷﺳـﺎﺳـﻲ ﻫـﻨـﺎ أﻻ ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟـﺼـﺤـﺎﻓـﻲ ﻓــﻲ ﻫـﺬه اﻟــﺤــﺎﻟــﺔ، وﺳــﺎﺋــﻞ ﻏـﻴـﺮ ﻗـﺎﻧـﻮﻧـﻴـﺔ ﻹﻳـﻬـﺎم اﳌـﺼـﺪر ﺑﻌﻜﺲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻣﺜﻞ ﺗﺰﻳﻴﻒ اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ .«
اﻟـــﺼـــﺤـــﺎﻓـــﻲ اﻷﻣــــﻴــــﺮﻛــــﻲ، رون إف ﺳــﻤــﻴــﺚ، ﻓــــﻲ ﻛــﺘــﺎﺑــﻪ ﺣـــــﻮل أﺧــﻼﻗــﻴــﺎت اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ - اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم ٣٨٩١، وﻃﺒﺎﻋﺘﻪ اﳌــﺤــﺪﺛــﺔ ﺣــﺘــﻰ ﻋـــﺎم ٨٠٠٢ - ﻳــﻔــﺮق ﺑﲔ ﻧﻮﻋﲔ ﻣﻦ اﻟﺨﺪاع ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ : اﻷول، ﻫـــﻮ اﻟـــﺨـــﺪاع اﻟــﺴــﻠــﺒــﻲ »اﻟـــــﺬي ﻻ ﻳــﻜــﺸــﻒ ﻓــﻴــﻪ اﻟــﺼــﺤــﺎﻓــﻲ ﻋـــﻦ ﻫــﻮﻳــﺘــﻪ، وﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺎﻟﺘﻈﺎﻫﺮ ﺑﺄﻧﻪ ﺷﺨﺺ آﺧـﺮ. وﻫﻮ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻣﺮﺳﻞ ﻟﻠﻮاﺷﻨﻄﻦ ﺑﻮﺳﺖ ﻓـــﻲ ﺗــﻘــﺮﻳــﺮه ﻋــــﺎم ٣٨٩١ ﻋـــﻦ اﺳــﺘــﻐــﻼل اﻟــﻌــﺎﻃــﻠــﲔ ﺑـــﻼ ﻣـــــﺄوى ﻓـــﻲ اﻟــﻌــﻤــﻞ. أﻣــﺎ اﻟــﻨــﻮع اﻟـﺜـﺎﻧـﻲ ﻓﻬﻮ اﻟــﺨــﺪاع اﻹﻳـﺠـﺎﺑـﻲ، اﻟــﺬي ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻠﻰ اﻧﺘﺤﺎل اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻟــﺸــﺨــﺼــﻴــﺔ أﺧـــــــــﺮى، ﻛـــﻤـــﺎ ﻛــــــﺎن ﻳــﻔــﻌــﻞ ﻫﺎري روﻣﺎﻧﻮف، اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﺑﺼﺤﻴﻔﺔ ﺷﻴﻜﺎﻏﻮ أﻣﻴﺮﻛﺎن، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛـﺎن ﻳﻨﺘﺤﻞ ﺷــﺨــﺼــﻴــﺔ ﻃــﺒــﻴــﺐ أو ﺿـــﺎﺑـــﻂ ﺷــﺮﻃــﺔ، ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺒﺮ.«
اﻟـــــﺪﻛـــــﺘـــــﻮرة اﻟـــﻜـــﻌـــﻠـــﻲ ﺗـــــﻼﺣـــــﻆ أن »ﻫﻨﺎك اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ اﻟﻜﺒﺮى، اﳌﻌﺮوﻓﺔ ﺑﻤﻬﻨﻴﺘﻬﺎ، ﺗﻠﺠﺄ إﻟﻰ ﻣﻤﺎرﺳﺎت ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ ﺑﻜﺎﻣﻴﺮا ﺧﻔﻴﺔ، أو اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﻔﻲ، ﻣـﻦ أﺟﻞ ﺟـــﻤـــﻊ اﳌـــﻌـــﻠـــﻮﻣـــﺎت، ورواﻳـــــــــﺔ اﻟــﻘــﺼــﺺ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﳌﻤﻜﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻴﻬﺎ دون اﻋــﺘــﻤــﺎد ذﻟــــﻚ.« إﻻ أﻧــﻬــﺎ ﺗـﺴـﺘـﺪرك ﻓــﺘــﻘــﻮل »ﻟــﻜــﻞ ﻗــﺎﻋــﺪة اﺳــﺘــﺜــﻨــﺎء، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن ﻣـﻦ اﻟـﻮاﺿـﺢ أن اﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺗﻘﺘﻀﻲ اﻟﺘﺨﻔﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ أن ﺗﻜﺸﻒ اﻟﻔﺴﺎد، أو ﻓـﻲ ﺣــﺎل اﺿـﻄـﺮ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻧــﻔــﺴــﻪ، إذا ﻛــــﺎن ﻫــﻨــﺎﻟــﻚ ﺧــﻄــﺮ ﻳــﻬــﺪده. ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻻﺳﺘﺜﻨﺎءات، ﻳﺠﺐ أن ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎﻟﻚ داﻓﻊ ﻗﻮي ﻳﺒﺮر إﺧﻔﺎء ﻫﻮﻳﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ .«
أﻣـــﺎ ﻣــﺤــﻔــﻮظ ﻓــﻴــﺆﻣــﻦ ﺑـــﺄن »اﻟـﻌـﻤـﻞ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻻ ﻳﻘﺘﻀﻲ اﺳﺘﺌﺬان اﳌﺼﺪر ﻗﺒﻞ اﻟﻨﺸﺮ ﻓـﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟــﺤــﺎﻻت، ﺑﺪﻟﻴﻞ اﻟﻘﺼﺺ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻫﻤﺖ ﻓﻲ إزاﺣﺔ اﻟﺴﺘﺎر ﻋﻦ ﺟﺮاﺋﻢ وﻗﺪﻣﺖ ﻣﺠﺮﻣﲔ ﻟﻠﻌﺪاﻟﺔ « ، ﻣﺘﺴﺎﺋﻼ » ﻫﻞ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻟﻴﺤﺪث ﻟﻮ ﺗﻢ اﺳﺘﺌﺬان اﳌﺠﺮم ﻗﺒﻞ اﻟﻨﺸﺮ؟.«
ﻋـﻮدة إﻟﻰ ﺳﻤﻴﺚ، اﻟـﺬي ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أﻧﻪ »ﻋﻠﻰ ﻣﺪار أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٠٠١ ﺳﻨﺔ أﺛﺎرت ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺘﺨﻔﻲ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت اﻟﺠﺪل . وﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻻﺳﺘﻘﺼﺎﺋﻴﺔ ﻳــﻌــﻮد إﻟـــﻰ ﺗـﺴـﻌـﻴـﻨـﻴـﺎت اﻟــﻘــﺮن اﻟـﺘـﺎﺳـﻊ ﻋـــﺸـــﺮ، ﻋـــﻨـــﺪﻣـــﺎ ﺗـــﻈـــﺎﻫـــﺮت اﻟــﺼــﺤــﺎﻓــﻴــﺔ ﻧﻴﻠﻠﻲ ﺑﻠﻲ - واﺳﻤﻬﺎ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ إﻟﻴﺰاﺑﻴﺚ ﻛﻮﻛﺮان - ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺨﺘﻠﺔ ﻧﻔﺴﻴﴼ، ﻣﻦ أﺟﻞ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻗﺼﺔ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﺎﻣﻞ ﺑﻬﺎ اﳌﺮﺿﻰ ﻓﻲ ﻣﺼﺤﺔ ﺑﻼﻛﻮﻳﻞ ﻟﻸﻣﺮاض اﻟـــﻌـــﻘـــﻠـــﻴـــﺔ، وﺗــــﻨــــﺸــــﺮﻫــــﺎ ﻓــــــﻲ ﺻــﺤــﻴــﻔــﺔ اﻟﻨﻴﻮﻳﻮرك وورﻟـﺪ ﺑﻌﻨﻮان »ﻋﺸﺮة أﻳﺎم ﻓﻲ ﻣﺄوى ﻟﻠﻤﺠﺎﻧﲔ...«... ووﻓﻖ ﺳﻤﻴﺚ »رﻏـــﻢ ﻧــﺠــﺎح ﻫــﺬا اﻟــﻨــﻮع ﻣــﻦ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ؛ ﻓﺈن اﻟـــﺪراﺳـــﺎت ﺗـﺸـﻴـﺮ إﻟـــﻰ أن ٠٧ ﻓــﻲ اﳌـﺎﺋـﺔ ﻣـــﻦ اﳌــﺮاﺳــﻠــﲔ واﻟــﺠــﻤــﻬــﻮر، ﻳـﻌـﺘـﻘـﺪون أن اﻧـﺘـﺤـﺎل اﳌـــﺮء ﺻـﻔـﺔ أﺧـــﺮى، ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺒﺮﻳﺮه ﻣﻄﻠﻘﴼ .«
اﻟـﻜـﻌـﻠـﻲ ﺗــﺬﻛــﺮ ﻓــﻲ ﻫــﺬا اﳌــﺠــﺎل ﺑـﺄن »ﻣـــﻴـــﺜـــﺎق أﺧــــﻼﻗــــﻴــــﺎت اﳌـــﻬـــﻨـــﺔ اﻟــﺠــﺪﻳــﺪ ﻟﻼﺗﺤﺎد اﻟﺪوﻟﻲ ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﻴﲔ، ﻳﻨﺺ ﻓﻲ اﻟﻨﻘﻄﺔ اﻟــﺮاﺑــﻌــﺔ ﻋـﻠـﻰ أﻧــﻪ »ﻻ ﻳﺴﺘﺨﺪم اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻏﻴﺮ ﻋﺎدﻟﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋــﻠــﻰ اﳌــﻌــﻠــﻮﻣــﺎت واﻟــــﺼــــﻮر واﻟــﻮﺛــﺎﺋــﻖ واﻟــﺒــﻴــﺎﻧــﺎت، وﻳـﻌـﻠـﻦ داﺋــﻤــﴼ ﻋــﻦ ﻫﻮﻳﺘﻪ، وﻳـﻤـﺘـﻨـﻊ ﻋــﻦ اﻟــﻠــﺠــﻮء إﻟـــﻰ اﻟﺘﺴﺠﻴﻼت اﻟﺨﻔﻴﺔ ﻟﻠﺼﻮر واﻷﺻﻮات.«...
ﺣـــﻮل ﻗـﻀـﻴـﺔ ﺣـــﻮار اﻷﻣــﻴــﺮة دﻳـﺎﻧـﺎ ﺗـــــﻘـــــﻮل اﻟـــﻜـــﻌـــﻠـــﻲ »ﻓـــــــﻲ ﻫـــــــﺬه اﻟــﻘــﻀــﻴــﺔ ﺗــﺤــﺪﻳــﺪﴽ، ﻻ ﻳــﺒــﺪو أن ﻫــﻨــﺎﻟــﻚ ﻣـــﺎ ﻳـﺒـﺮر ﻟــﺠــﻮء اﻟــﺼــﺤــﺎﻓــﻲ ﻟــﻠــﻜــﺬب. وأﻋــﺘــﻘــﺪ أن
ﻫﺬا ﻫﻮ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺬي دﻓﻊ اﻟﺒﻲ ﺑﻲ ﺳﻲ إﻟــﻰ ﻓﺘﺢ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ، إذ أن ﻣﻴﺜﺎق ﻫﻴﺌﺔ اﻹذاﻋﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺘﻀﻲ اﳌـﺼـﻠـﺤـﺔ اﻟــﻌــﺎﻣــﺔ، ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﻠﺠﺄ إﻟــﻰ اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟـﺨـﻔـﻲ، أو اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺨﻔﻲ، وإﺧﻔﺎء اﻟﻬﻮﻳﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ، ﻟﻜﻦ ذﻟﻚ ﻳﻈﻞ اﻻﺳﺘﺜﻨﺎء ﻻ اﻟﻘﺎﻋﺪة... وﻋﻠﻰ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ أن ﻳﻜﻮن ﺣــﺬرﴽ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻠﺠﺄ إﻟـﻰ ﻫـﺬا اﻷﺳـﻠـﻮب، ﻓﺎﻟﻬﺪف داﺋـﻤـﴼ، ﻫﻮ ﻛﺸﻒ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ وﺗﻘﺪﻳﻢ ﺧﺪﻣﺔ ﻟﻠﺠﻤﻬﻮر، ﻻ ﺗﻮرﻳﻂ اﳌﺼﺎدر.«
وﻓــــــﻘــــــﴼ ﳌــــــﻮﻗــــــﻊ ﻣــــﻌــــﻬــــﺪ »ﺑـــﻮﻳـــﻨـــﺘـــﺮ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ« اﳌﺘﺨﺼﺺ ﻓﻲ اﻹﻋﻼم، »ﻓﻲ ﻋﺎم ٧١٠٢ ﺗﺴﺒﺐ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺣﻮل اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻬﻨﺪي، ﻧﺸﺮﺗﻪ ﺻﺤﺎﻓﻴﺔ ﻫﻨﺪﻳﺔ ﺗﺪﻋﻰ ﺑﻮﻧﺎم أﻏﺮاوال، ﻓﻲ اﻧﺘﺤﺎر اﻟﺠﻨﺪي اﻟﺬي ﺣﺎورﺗﻪ دون ﻋﻠﻤﻪ، ﺑﺎﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ ﻛﺎﻣﻴﺮا ﺧـﻔـﻴـﺔ. ورﻏـــﻢ إﺧــﻔــﺎء اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ ﻫﻮﻳﺔ اﳌـﺠـﻨـﺪ وﺻــﻮرﺗــﻪ ﻓــﻲ اﻟـﻔـﻴـﺪﻳـﻮ؛ ﺟــﺪدت اﻟـﻮاﻗـﻌـﺔ ﻃــﺮح اﻟــﺴــﺆال ﺣــﻮل أﺧﻼﻗﻴﺎت اﳌﻬﻨﺔ « ،
ﻣــﻦ ﺟـﻬـﺘـﻪ، ﻗـــﺎل ﻣـﺤـﻔـﻮظ إن »ﻛــﺎن ﻣﺒﺪأ اﻹﻧﺼﺎف، ﻣﻦ أﻫﻢ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺠﻮدة اﻟــﺼــﺤــﺎﻓــﻴــﺔ. وﻳــﻌــﻨــﻲ ﺣــﻤــﺎﻳــﺔ أﻃـــــﺮاف اﻟﻘﺼﺔ اﻟﺨﺒﺮﻳﺔ ﻣـﻦ اﻷذى اﻟــﺬي ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳﻠﺤﻖ ﺑﻬﻢ، ﺟــﺮاء اﻟﻨﺸﺮ، ﺣﺘﻰ وإن وﻗــﻊ ﻓــﻲ اﳌـﺴـﺘـﻘـﺒـﻞ، ﻓــﺈن ﻟــﻬــﺬه اﻟـﻘـﺎﻋـﺪة اﺳـــﺘـــﺜـــﻨـــﺎءات«، ﻣــﻮﺿــﺤــﴼ أﻧـــﻪ »إذا ﻛــﺎن ﺑـﻄـﻞ اﻟـﻘـﺼـﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻋــﺎﻣــﺔ، واﻟـﻨـﺸـﺮ ﺳـﻴـﺴـﻔـﺮ ﻋـــﻦ ﻛــﺸــﻒ ﻓـــﺴـــﺎد، أو ﺟـﺮﻳـﻤـﺔ ﺗﻬﺪد اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم، ﻓﺈن اﻟﻨﺸﺮ واﺟﺐ، ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﳌﺼﻴﺮ اﻟﺬي ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻣﻊ أﻫﻤﻴﺔ ﺗﻔﻌﻴﻞ اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ أﺧﺒﺎر اﳌﺸﺘﺒﻪ ﺑﻬﻢ ﻗﺒﻞ ﺛﺒﻮت إداﻧﺘﻬﻢ .«
ﻓـــــﻲ أي ﺣــــــﺎل ﻳــــــﺮى ﻣــــﺮاﻗــــﺒــــﻮن أن »اﻟــﺘــﻼﻋــﺐ ﺑــﺎﳌــﺼــﺎدر وﺻــــﺮاع اﻟـﻐـﺎﻳـﺎت ﺳـــﻴـــﻈـــﻼن ﻣـــﺤـــﻞ ﺟــــــــﺪال وﻧـــــﻘـــــﺎش ﺑــﲔ اﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ، وأﻧﻪ رﻏﻢ اﻟﻀﺠﺔ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗــﺤــﺪﺛــﻬــﺎ اﻟــﻘــﺼــﺺ اﻟــﺼــﺤــﺎﻓــﻴــﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ اﻟﺨﺪاع ﻛﻄﺮﻳﻘﺔ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت؛ ﻓﻬﻲ ﺗـﻮاﺟـﻪ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ أﺧﻼﻗﻴﺔ.« وﺣﻘﴼ، ﺳﺒﻖ أن رﻓﻀﺖ ﻟﺠﻨﺔ »ﺟﺎﺋﺰة ﺑﻮﻟﻴﺘﺰر« ﻣﻨﺢ ﺟﺎﺋﺰة ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ »ﺣﺎﻧﺔ ذا ﻣﻴﺮاج« اﻟﺬي ﻧﺸﺮﺗﻪ ﺻﺤﻴﻔﺔ اﻟـ »ﺷﻴﻜﺎﻏﻮ ﺻﻦ ﺗﺎﻳﻤﺰ« اﻷﻣﻴﺮﻛﻴﺔ ﻋﺎم ٩٧٩١ ﻟـ »اﻋﺘﻤﺎده ﻋﻠﻰ اﻟﺨﺪاع ﻓﻲ ﺟﻤﻊ اﳌﻌﻠﻮﻣﺎت « ، ﺑﺤﺴﺐ اﻟﻠﺠﻨﺔ . وﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ، ﻳﺼﻒ ﺑﻌﺾ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔ » اﻟﻜﺬب وﺧـــﺮق اﻟــﻘــﺎﻧــﻮن ﺑــﺄﻧــﻪ ﻓــﻨــﻮن اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﺴﻮداء « ، وﻓﻘﴼ ﻟﻜﺒﻴﺮ ﺻﺤﺎﻓﻴﻲ اﻹﻋﻼم ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ »ﺑﻮﻟﻴﺘﻴﻜﻮ« اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ، ﺟﺎك ﺷﺎﻳﻔﺮ، اﻟﺬي ﻗﺎل إن » ﻣﻌﻈﻢ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔ ﺗــﻘــﺮﻳــﺒــﴼ ﻳـــﻤـــﺎرﺳـــﻮن ﻧـــﻮﻋـــﴼ ﻣـــﻦ اﻟـــﺨـــﺪاع اﻟــﺒــﺴــﻴــﻂ ﻋــﻠــﻰ اﻷﻗــــــﻞ، اﻟـــــﺬي ﻻ ﻳـﺮﺗـﻘـﻲ ﻟﺪرﺟﺔ اﻟﻜﺬب .«