ﺗﺸﺎد... ﻧﻴﺮان اﻟﺼﺮاع اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﺗﻬﺪد ﻟﻴﺒﻴﺎ واﻟﺴﻮدان
وﻓﺎة دﻳﱯ اﳌﻔﺎﺟﺌﺔ ﲢﻴﻂ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﳌﻨﻄﻘﺔ ﺑـ »اﻟﻐﻤﻮض«
ﺟﺎءت وﻓﺎة اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺘﺸﺎدي اﻟــﺴــﺎﺑــﻖ إدرﻳــــــﺲ دﻳــﺒــﻲ اﳌــﻔــﺎﺟــﺌــﺔ ﺑﻌﺪ أﻳﺎم ﻣﻦ ﻓﻮزه ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺳﺎدﺳﺔ، ﻟﺘﻔﺎﻗﻢ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺿﻄﺮاب ﻓﻲ »ﻣﺜﻠﺚ« اﻟــــﺴــــﻮدان - ﺗــﺸــﺎد - ﻟــﻴــﺒــﻴــﺎ، وﻫـــﺬا ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﺎول اﻟﺪول اﻟﺜﻼث اﻟﺘﻘﺎط أﻧــﻔــﺎﺳــﻬــﺎ، ﻣـــﺤـــﺎوﻟـــﺔ ﺗـﻨـﻔـﻴـﺬ ﺑـﻨـﻮد اﺗﻔﺎﻗﺎت ﺳﻼم، ﻛﺎﻧﺖ رﻏﻢ ﻫﺸﺎﺷﺘﻬﺎ اﳌــﺨــﺮج اﻟــﻮﺣــﻴــﺪ اﻟــــﺬي وﺿـــﻊ ﺣــﺪﴽ ﻟــﺴــﻨــﻮات ﻣـــﻦ اﻟــﻘــﻼﺋــﻞ واﻟــﻨــﺰاﻋــﺎت اﳌـــــﺴـــــﻠـــــﺤـــــﺔ. ووﺳـــــــــــﻂ ﻃــــﻤــــﻮﺣــــﺎت اﻻﺳــﺘــﻘــﺮار ﺑـﻌـﺪ ﻓــﻮز دﻳـﺒـﻲ ﺑـﻮﻻﻳـﺔ ﺟـــﺪﻳـــﺪة، ﺧــــﺮج ﻋــﻈــﻴــﻢ ﺑـــﺮﻣـــﺎﻧـــﺪوا، اﳌﺘﺤﺪث ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺘﺸﺎدي، ﻳــﻮم ٠٢ أﺑــﺮﻳــﻞ )ﻧــﻴــﺴــﺎن( اﳌـﺎﺿـﻲ، ﻟﻴﻌﻠﻦ ﻣﻘﺘﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﳌﺠﺪد ﻟﻪ ﺧﻼل اﳌـــﻌـــﺎرك ﺿـــﺪ اﳌـــﺘـــﻤـــﺮدﻳـــﻦ، وﻓــﺠــﺄة ﺧــﻴــﻤــﺖ ﻋــﻠــﻰ اﳌـﻨـﻄـﻘـﺔ ﺣــﺎﻟــﺔ اﻟﻘﻠﻖ ﺗﺨﻮﻓﴼ ﻣﻦ اﻧﻔﺠﺎر ﺑﺮﻛﺎن ﻳﻬﺪد دول ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﺎﺣﻞ اﻷﻓﺮﻳﻘﻲ، وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺴﻮدان وﻟﻴﺒﻴﺎ.
ﺟﻤﺎﻋﺎت ﻋﺎﺑﺮة ﻟﻠﺤﺪود
ﺳﺒﺐ اﻟــﻮﻓــﺎة اﳌﻌﻠﻦ ﻗـﺪ ﻳﻜﻮن أﺣﺪ أﺳﺒﺎب اﻟﻘﻠﻖ، إذ ﻗﺘﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺧﻼل ﻣﻌﺎرك ﻣﻊ ﻣﺘﻤﺮدﻳﻦ ﺗﺸﺎدﻳﲔ ﻣﻦ »ﺟﺒﻬﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟﻮﻓﺎق«، اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﺬ ﻣـﻦ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻣـﻘـﺮﴽ ﻟـﻬـﺎ، ﻟﻴﻨﻬﻲ ﺣــﻜــﻢ إدرﻳـــــﺲ دﻳــﺒــﻲ اﻟــــﺬي اﺳﺘﻤﺮ ٠٣ ﺳــﻨــﺔ، ﺧـــﺎض ﺧــﻼﻟــﻬــﺎ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣـــﻮاﺟـــﻬـــﺎت ﻣــــﻊ ﻣـــﻌـــﺎرﺿـــﻴـــﻪ، ﻣـﻨـﺬ وﺻﻮﻟﻪ إﻟﻰ ﺳﺪة اﻟﺤﻜﻢ ﻋﺎم ٠٩٩١. ﺑﻌﺪﻣﺎ أﻃﺎح ﺑﺴﻠﻔﻪ ﺣﺴﲔ ﺣﺒﺮي.
ﻣـــــﻨـــــﺬ ذﻟــــــــــﻚ اﻟـــــــﺘـــــــﺎرﻳـــــــﺦ، ﻗـــــﺎد دﻳـــﺒـــﻲ ﻋــﻤــﻠــﻴــﺎت ﻋــﺴــﻜــﺮﻳــﺔ ﻛــﺜــﻴــﺮة ﺿــﺪ اﳌــﺘــﻤــﺮدﻳــﻦ، وﻛــــﺎن ﻋــﻠــﻰ رأس اﻟـــﻘـــﻮات ﻓـــﻲ اﻟــﻬــﺠــﻮم ﺿـــﺪ ﺗﻨﻈﻴﻢ »ﺑﻮﻛﻮ ﺣــﺮام« اﻹرﻫـﺎﺑـﻲ، ﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﳌـــــﺎﺿـــــﻲ، ﻋـــﻠـــﻰ ﺷــــﻮاﻃــــﺊ ﺑــﺤــﻴــﺮة ﺗــﺸــﺎد. وﻓــﻖ رﻳـﺘـﺸـﺎرد ﻣﻮﻧﻜﺮﻳﻒ، ﻣﺪﻳﺮ »ﻣﺸﺮوع وﺳﻂ أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ« ﻓﻲ »ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷزﻣــﺎت اﻟـﺪوﻟـﻴـﺔ«، ﻛﺎن دﻳﺒﻲ »ﺣﺮﻳﺼﴼ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻧﻔﺴﻪ ﻟــﻠــﺸــﻌــﺐ ﻛـــﺮﺟـــﻞ ﻋــﺴــﻜــﺮي ﻳـﺴـﻌـﻰ ﻟﺘﺄﻣﲔ اﻟﺒﻼد، ﺑﻬﺪف دﻋﻢ ﺳﻠﻄﺘﻪ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ«. وﺣــﻘــﴼ، ﻫــﻲ اﻟــﺼــﻮرة اﻟﺘﻲ »ﺗﻜﺮﺳﺖ ﺑﻮﻓﺎﺗﻪ وﻫﻮ ﻳﻘﺎﺗﻞ«، ﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﻪ أﺛﺎرت ﻣﺨﺎوف ﻣـــﻦ أن ﻳــﺘــﺰﻋــﺰع ﻣـــﺠـــﺪدﴽ اﺳــﺘــﻘــﺮار ﺗـﺸـﺎد اﻟـﺘـﻲ ﻋـﺎﻧـﺖ ﻣﻨﺬ اﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﻋﻦ ﻓﺮﻧﺴﺎ، ﻋﺎم ٠٦٩١، ﻣﻦ ﻧﺰاﻋﺎت وﺣــﺮوب أﻫﻠﻴﺔ، ورﺑﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺘﺮة ﺣﻜﻢ دﻳﺒﻲ ﻫﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﻫﺪوءﴽ.
ﻣـــﻦ ﺟــﺎﻧــﺒــﻬــﺎ، ﻗــﺎﻟــﺖ اﻟـﺴـﻔـﻴـﺮة ﻣﻨﻰ ﻋﻤﺮ، ﻣﺴﺎﻋﺪة وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﳌﺼﺮي اﻟﺴﺎﺑﻖ، ﻟـ »اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ« ﻣـــﻌـــﻠـــﻘـــﺔ: »ﻣــــــﺎ ﻳــــﺤــــﺪث ﻓـــــﻲ ﺗــﺸــﺎد ﺳــﻴــﻜــﻮن ﻟــﻪ ﺗــﺄﺛــﻴــﺮ ﺑـﺎﻟـﺘـﺄﻛـﻴـﺪ ﻋﻠﻰ اﻟــﺪول اﳌـﺠـﺎورة. ذﻟﻚ أن اﳌﺘﻤﺮدﻳﻦ واﳌﺮﺗﺰﻗﺔ اﻟﺘﺸﺎدﻳﲔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود اﻟــﻠــﻴــﺒــﻴــﺔ ﻣــــﺎرﺳــــﻮا أﻧـــﺸـــﻄـــﺔ ﻛــﺎﻧــﺖ ﺳﺒﺒﴼ ﻓـﻲ ﻣﻘﺘﻞ دﻳـﺒـﻲ، واﻷوﺿـــﺎع ﺣﺎﻟﻴﴼ ﻣﻘﻠﻘﺔ«. وﺣﻘﴼ، ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﻧـــﻔـــﻼت اﻷﻣـــﻨـــﻲ ﻓـــﻲ ﻟــﻴــﺒــﻴــﺎ، ﺑﻤﺎ ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻧــﺘــﺸــﺎر اﻟــﺴــﻼح واﳌــﺮﺗــﺰﻗــﺔ، ﻣــﻦ اﻟــﻌــﻮاﻣــﻞ اﻟــﺘــﻲ ﺗــﻨــﺬر ﺑﺎﻧﻔﺠﺎر اﻷوﺿﺎع. وﻫﻨﺎ ﻳﻘﻮل اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ اﻟــﺴــﻮداﻧــﻲ اﻟـﺪﻛـﺘـﻮر ﻋـﻠـﻲ ﻳـﻮﺳـﻒ، رﺋﻴﺲ »اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﻟﻠﻤﺒﺎدرة اﻟــﺴــﻮداﻧــﻴــﺔ ﻟـﺘـﻌـﺰﻳـﺰ اﻟــﻌــﻼﻗــﺎت ﻣﻊ ﻣــــﺼــــﺮ«، ﻓــــﻲ ﺗـــﺼـــﺮﻳـــﺢ ﻟــــ »اﻟـــﺸـــﺮق اﻷوﺳــــــﻂ«، إن »اﺗـــﻔـــﺎق اﻟــﺴــﻼم ﻓﻲ ﻟـﻴـﺒـﻴـﺎ ﻳــﻨــﺺ ﻋــﻠــﻰ ﻋــــﻮدة اﻟـﺠـﻨـﻮد اﳌﺮﺗﺰﻗﺔ إﻟﻰ دوﻟﻬﻢ. ﻫﺬا أﻣﺮ ﺳﻬﻞ ﻓﻲ اﻟﺴﻮدان ﺣﻴﺚ ﺳﻴﻨﺪﻣﺞ اﻟﺠﻨﻮد اﻟﻌﺎﺋﺪون ﻓﻲ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺴﻮداﻧﻲ، إﻻ أن اﻟﻮﺿﻊ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺠﻨﻮد ﺗــﺸــﺎد، وﻻ ﺳﻴﻤﺎ أﻧـﻬـﻢ دﺧــﻠــﻮا ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك ﻣﺴﻠﺤﺔ ﺷﺮﺳﺔ ﺿﺪ اﻟﺠﻴﺶ اﻟﺘﺸﺎدي... ﻛﺎن اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺘﺸﺎدي ﻧﻔﺴﻪ أﺣﺪ ﺿﺤﺎﻳﺎﻫﺎ«.
ﻣــــــﺎ ﻳـــﺴـــﺘـــﺤـــﻖ اﻹﺷــــــــــــــــﺎرة، أن اﺗﻔﺎق وﻗـﻒ إﻃــﻼق اﻟﻨﺎر ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ وﻗــﻊ ﺧـﻼل أﻛﺘﻮﺑﺮ )ﺗﺸﺮﻳﻦ اﻷول( اﳌـــــﺎﺿـــــﻲ، ﺑــــﲔ »ﺣـــﻜـــﻮﻣـــﺔ اﻟــــﻮﻓــــﺎق اﻟﻮﻃﻨﻲ« اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺨﺬ ﻣﻦ ﻃﺮاﺑﻠﺲ ﻣﻘﺮﴽ ﻟﻬﺎ، وﻗﻮات »اﻟﺠﻴﺶ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻠﻴﺒﻲ« ﺑﻘﻴﺎدة ﺧﻠﻴﻔﺔ ﺣﻔﺘﺮ، وﻣﻘﺮه ﺷﺮق ﻟﻴﺒﻴﺎ. وﻣﻦ ﺑﲔ ﺑﻨﻮد اﻻﺗﻔﺎق اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ رﺣﻴﻞ اﻟﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ اﻷﺟــﻨــﺒــﻴــﺔ، وﺑـﻴـﻨـﻬـﺎ اﻟــﻘــﻮات اﻵﺗـﻴـﺔ ﻣﻦ ﺗﺸﺎد، واﻟﺘﻲ »ﻗﺎﺗﻠﺖ ﺑﺎﻟﻮﻛﺎﻟﺔ ﻟــﺴــﻨــﻮات دﻋــﻤــﴼ ﻟــﺤــﻔــﺘــﺮ«، وﻓـــﻖ ﻣﺎ ﺗﻘﺪر ﻛﻠﻮدﻳﺎ ﻏﺎزﻳﻨﻲ، اﻟﺨﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻟﺸﺄن اﻟﻠﻴﺒﻲ ﺑـ»ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻷزﻣﺎت اﻟﺪوﻟﻴﺔ«. وﻫﻲ ﺗﻮﺿﺢ ﻫﻨﺎ: »رﺑﻤﺎ ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﺳﺒﺒﴼ ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ )ﺟﺒﻬﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟﻮﻓﺎق( اﻟﺘﻮﻏﻞ ﻓﻲ ﺗﺸﺎد ﺑﻌﺪ ﺗﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﺗﺮﺳﺎﻧﺔ ﻣﻦ اﻷﺳﻠﺤﺔ أﺛــــﻨــــﺎء ﻓـــﺘـــﺮة ﻋــﻤــﻠــﻬــﺎ ﻣــــﻊ اﻟــﺠــﻴــﺶ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻠﻴﺒﻲ، إذ ﺗﻈﻬﺮ اﻷﺣﺪاث اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻲ ﺗﺸﺎد أن ﺗﺴﻠﻴﺢ اﻟﻘﻮات اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺳﺘﻜﻮن ﻋﻮاﻗﺒﻪ ﺧـــﻄـــﻴـــﺮة ﻋـــﻠـــﻰ اﺳــــﺘــــﻘــــﺮار اﳌــﻨــﻄــﻘــﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﻬﺎ«.
اﻟﺘﺒﻮ واﻟﻨﺰاع اﳊﺪودي
ووﻓــــﻘــــﴼ ﻟـــﻐـــﺎزﻳـــﻨـــﻲ، ﻓـــــﺈن أﺣـــﺪ أﺳـــــــﺒـــــــﺎب اﻟــــــــﻨــــــــﺰاع ﻓـــــــﻲ اﳌـــﻨـــﻄـــﻘـــﺔ اﻟـﺤـﺪودﻳـﺔ ﺑـﲔ ﺗﺸﺎد وﻟﻴﺒﻴﺎ أﻧﻬﺎ ﻏــﻨــﻴــﺔ ﺑــــﺎﻟــــﺬﻫــــﺐ، ﺑــﻴــﻨــﻤــﺎ ﻳـﺤـﻈـﻰ اﳌــــﺘــــﻤــــﺮدون ﺑــﺘــﻌــﺎﻃــﻒ ودﻋــــــﻢ ﻣـﻦ ﺑــﻌــﺾ ﻟــﻴــﺒــﻴــﻲ اﻟـــﺠـــﻨـــﻮب، ﺧــﺎﺻــﺔ ﻗــﺒــﺎﺋــﻞ اﻟـــﺘـــﺒـــﻮ. وﻣــــﻦ ﺛـــﻢ ﺗــﺘــﺴــﺎء ل إﻟــﻰ »أي ﻣــﺪى ﺳﺘﺴﺘﻤﺮ اﳌﻮاﺟﻬﺔ وﺣﺮﻳﺔ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﳌﺴﻠﺤﺔ اﻟــﻌــﺎﺑــﺮة ﻟـــﻠـــﺤـــﺪود«، وﺗــﻀــﻴــﻒ أن »ﻣــﺎ ﺳﻴﺤﺪث )ﻣﺴﺘﻘﺒﻼ( ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ«.
ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻘﻠﻖ ﻫﺬه ﻳﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﺷﻲء ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎؤل داﺧــﻞ ﺗﺸﺎد، ﺣﺘﻰ إن ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺣﺮﻛﺎت ﻣﺴﻠﺤﺔ ﻋﺎﺑﺮة ﻟـﻠـﺤـﺪود. إذ ﻳــﺮى اﻟـﺪﻛـﺘـﻮر ﺻﺎﻟﺢ أﺑﻮ ﺑﻜﺮ، أﺳﺘﺎذ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ورﺋﻴﺲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺪراﺳﺎت اﻹﻗــﻠــﻴــﻤــﻴــﺔ واﻟـــﺪوﻟـــﻴـــﺔ ﻓـــﻲ ﺗــﺸــﺎد، أن »ﻫــــﺬه اﻟــﺤــﺮﻛــﺎت ﺗــﻈــﻞ ﺣــﺮﻛــﺎت ﺗـــﺸـــﺎدﻳـــﺔ، ﺣــﺘــﻰ ﻟـــﻮ ﻛــــﺎن ﻣــﺮﻛــﺰﻫــﺎ ﻟـــﻴـــﺒـــﻴـــﺎ«. وﻳـــﺘـــﺎﺑـــﻊ ﻓــــﻲ ﺣـــــــﻮار ﻣـﻊ »اﻟـﺸـﺮق اﻷوﺳــﻂ« أن »اﻷﻣــﻮر اﻵن ﺗﺤﺖ اﻟﺴﻴﻄﺮة، وﻻ ﻳﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﻜﻮن ﻟــﻬــﺎ ارﺗــــــــﺪادات ﺧـــــﺎرج اﻟــــﺤــــﺪود... ﻓﺎﻟﺤﻴﺎة ﺗﺴﻴﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻓﻲ ﺗﺸﺎد، واﻟﻌﻤﻞ ﻣﻨﻀﺒﻂ ﺑﻌﺪ ﺗﺸﻜﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ«.
ﻫــﺬا، وﺗﺘﺨﺬ ﺟﺒﻬﺔ »اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟـــــﻮﻓـــــﺎق«، اﻟــﺘــﻲ أﺳــﺴــﻬــﺎ اﻟــﻠــﻮاء ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻬﺪي ﻋﻠﻲ، ﻋـﺎم ٦١٠٢ ﻓﻲ ﺗـــﺎﻧـــﻮا، ﺑــﺸــﻤــﺎل ﺗـــﺸـــﺎد، ﻣـــﻦ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻣــﺮﻛــﺰﴽ ﻟـﻬـﺎ، ﻣــﻊ ﺟـﻤـﺎﻋـﺎت ﺗﺸﺎدﻳﺔ أﺧـــــــﺮى ﻋــــﺎﺑــــﺮة ﻟــــﻠــــﺤــــﺪود. وﺗـــﻘـــﺪر ﻛﻠﻮدﻳﺎ ﻏﺎزﻳﻨﻲ أﻋﺪاد ﻫﺆﻻء ﺑﻨﺤﻮ ٠٠٠٢ ﺷــﺨــﺺ، وﺟــــﺪوا ﻓــﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻣﻜﺎﻧﴼ ﻣﻨﺎﺳﺒﴼ ﻟﻬﻢ، ﺑﻌﺪﻣﺎ ﻃـﺮدوا ﻣـﻦ إﻗﻠﻴﻢ دارﻓـــﻮر ﺑـﻐـﺮب اﻟـﺴـﻮدان ﻋــﻘــﺐ ﺗــﻮﻗــﻴــﻊ اﺗـــﻔـــﺎق اﻟـــﺴـــﻼم ﺑـﲔ اﻟﺴﻮدان وﺗﺸﺎد ﻋﺎم ٠١٠٢، وﻣﻦ ﺛﻢ ﺳﺎﻫﻢ اﻻﻧﻔﻼت اﻷﻣﻨﻲ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب ﺛـــــﻮرة ﻋــــﺎم ١١٠٢ ﻓـــﻲ ﺧــﻠــﻖ ﺑـﻴـﺌـﺔ ﺧﺼﺒﺔ ﻟﻬﻢ، ﺳﻤﺤﺖ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ واﻟﺤﺮﻛﺔ واﻟﺘﺴﻠﺢ.
أﻫﻤﻴﺔ دارﻓﻮر
ﻟــــﻘــــﺪ ﻣـــــﻜـــــﻦ اﺗــــــﻔــــــﺎق اﻟــــﺴــــﻼم اﻟﺘﺸﺎدي - اﻟﺴﻮداﻧﻲ اﻟﺪوﻟﺘﲔ ﻣﻦ اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﳌﺨﺎﻃﺮ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪد ﺣﺪودﻫﻤﺎ، ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ أﻋﻘﺎب ﺣﻘﺒﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﻜﻢ ﻣﻌﻤﺮ اﻟﻘﺬاﻓﻲ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺪوﻟﺘﺎن ﺗﺪﻋﻤﺎن أﻃﺮاﻓﴼ ﻣﺘﻌﺎرﺿﺔ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ، ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﺗﺤﺎول اﻟﺴﻮدان إﻳﺠﺎد ﻧﻈﺎم ﻟﻴﺒﻲ ﺻـــﺪﻳـــﻖ، رﻛــــــﺰت ﺗــﺸــﺎد ﻋــﻠــﻰ ﻣﻨﻊ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﳌﺴﻠﺤﺔ ﻣـﻦ اﺳﺘﻐﻼل ﺣــﺎﻟــﺔ اﻻﻧــﻔــﻼت اﻷﻣــﻨــﻲ ﻓــﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ واﺧـــﺘـــﺮاق ﺣـــﺪودﻫـــﺎ. وﻓـــﻲ اﻟـﻮﻗـﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﺛﺒﺘﺖ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﳌﺴﻠﺤﺔ ﻣــﻦ ﺗـﺸـﺎد واﻟــﺴــﻮدان أﻗـﺪاﻣـﻬـﺎ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ، وﻋﺒﺮت ﺟﻤﺎﻋﺎت اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﳌﺴﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﺗﺸﺎد وإﻗﻠﻴﻢ دارﻓـﻮر وﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎت »اﻟﺠﻨﺠﻮﻳﺪ« اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ اﻟـﺤـﺪود ﺑﺸﻜﻞ ﻣـــﻨـــﺘـــﻈـــﻢ. ووﻓـــــــــﻖ دراﺳـــــــﺔ ﺻــــــــــﺎدرة ﻋـــــــﺎم ٧١٠٢ ﻋــﻦ »ﻣــــــــــــﺸــــــــــــﺮوع اﻷﺳــــــﻠــــــﺤــــــﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة« ﻓﻲ ﺳﻮﻳﺴﺮا؛ »ﺗـــــﻌـــــﺘـــــﺒـــــﺮ اﻹﺧــــــﻔــــــﺎﻗــــــﺎت اﳌﺘﻜﺮرة ﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺎت اﻟﺴﻼم وﻋــﻤــﻠــﻴــﺎت إﻋـــــــﺎدة دﻣــﺞ اﳌﺘﻤﺮدﻳﻦ، وﻗﻠﺔ اﻟﻔﺮص اﻻﻗــــﺘــــﺼــــﺎدﻳــــﺔ، وﻏـــﻴـــﺎب اﻟـﺒـﺪاﺋـﻞ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ ﺗــﺸــﺎد، واﻻﺿــﻄــﺮاﺑــﺎت ﻓــﻲ ﻟـﻴـﺒـﻴـﺎ، واﺳــﺘــﻤــﺮار اﻟــﻌــﻨــﻒ ﻓــﻲ دارﻓــــــﻮر... ﻣــﻦ اﻟـﻌـﻮاﻣـﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﺔ اﳌــﻔــﻀــﻴــﺔ إﻟــــﻰ ﺗــﺪوﻳــﻞ اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ اﳌﺴﻠﺤﺔ ﻓﻲ اﳌﻨﻄﻘﺔ«.
ﺗــــــــــﺰوج إدرﻳــــــــﺲ دﻳــﺒــﻲ ﻋـــﺎم ٢١٠٢ ﻣﻦ أﻣــــﺎﻧــــﻲ ﻫـــــــﻼل، اﺑــﻨــﺔ أﻫﻢ ﻗﺎدة ﻣﻴﻠﻴﺸﻴﺎت »اﻟﺠﻨﺠﻮﻳﺪ« اﻟـــﺴـــﻮداﻧـــﻴـــﺔ، وﻛـــــﺎن ﻧـــــﺰاع دارﻓـــــﻮر ﺳــﺒــﺒــﴼ ﻓــــﻲ ﺗــــﻮﺗــــﺮ اﻟــــﻌــــﻼﻗــــﺎت ﺑــﲔ اﻟﺪول اﻟﺜﻼث، ﻋﻨﺪﻣﺎ دﻋﻢ اﻟﻘﺬاﻓﻲ ﻣﺘﻤﺮدي دارﻓﻮر، وزودﻫﻢ ﺑﺎﻟﺴﻼح ﻋـــﺒـــﺮ ﺗـــــﺸـــــﺎد، وﻛـــــﺎﻧـــــﺖ اﻟـــﻬـــﻮﻳـــﺎت اﳌـــﺸـــﺘـــﺮﻛـــﺔ واﻟـــــــﺮواﺑـــــــﻂ اﻟــﻌــﺎﺋــﻠــﻴــﺔ واﻧـــﺘـــﻤـــﺎء دﻳــﺒــﻲ ﻟــﻘــﺒــﺎﺋــﻞ اﻟـــﺰﻏـــﺎوة ﺳﺒﺒﴼ ﻓﻲ دﻋﻢ ﻣﺘﻤﺮدي دارﻓﻮر، إذ أﻋﻠﻦ دﻳﺒﻲ رﺳﻤﻴﴼ ذﻟﻚ ﻋﺎم ٥٠٠٢، وﻫـــﻮ ﻣــﺎ دﻓـــﻊ اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ اﻟــﺴــﻮداﻧــﻲ اﻟـــــــــﺴـــــــــﺎﺑـــــــــﻖ ﻋــــﻤــــﺮ اﻟﺒﺸﻴﺮ إﻟــﻰ اﻟـــﺮد ﺑـﺪﻋـﻢ اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺘﺸﺎدﻳﺔ اﳌﺴﻠﺤﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ اﻟﺘﺒﻮ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﺷﻤﺎل ﺗﺸﺎد.
اﻷزﻣــــــــــﺔ اﻷﺧــــــﻴــــــﺮة ﻓـــــﻲ ﺗــﺸــﺎد ﺗﺰاﻣﻨﺖ ﻣﻊ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﺠﻨﻴﻨﺔ اﻟـــﺴـــﻮداﻧـــﻴـــﺔ، ﺑــﻐــﺮب دارﻓــــــﻮر ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود ﺑﲔ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ. وﻓﻴﻬﺎ ﻧﺸﺐ ﻧـــــﺰاع ﻗــﺒــﻠــﻲ ﺑـــﲔ ﻗــﺒــﻴــﻠــﺘـﲔ ﻋـﺮﺑـﻴـﺔ وزﻧﺠﻴﺔ راح ﺿﺤﻴﺘﻪ ٠٥١ ﺷﺨﺼﴼ. وﻳﻘﻮل ﻳﻮﺳﻒ إن »اﻻﺿﻄﺮاب ﻓﻲ أي ﻣـــﻦ اﻟــﺒــﻠــﺪﻳــﻦ ﻳــﻬــﺪد اﻟــﺒــﻠــﺪ اﻵﺧــــــﺮ«. إﻻ أﻧــــﻪ ﻓـــﻲ اﻟــﻮﻗــﺖ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻳﺴﺘﺒﻌﺪ أن »ﺗﻌﻮد اﻷوﺿﺎع ﻟﻠﺘﺄزم ﻓﻲ إﻗﻠﻴﻢ دارﻓﻮر، اﻟﺬي ﻳﺸﻬﺪ اﻵن ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﻴﻊ اﺗﻔﺎق ﺟﻮﺑﺎ«، ﻣﺆﻛﺪﴽ أن »اﻟﺴﻨﻮات اﳌـﺎﺿـﻴـﺔ أﺛـﺒـﺘـﺖ إﻣـﻜـﺎﻧـﻴـﺔ ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﻣﺸﻜﻼت اﻟﺤﺪود ﺑﲔ اﻟﺒﻠﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺧــﻼل اﻟــﺘــﻌــﺎون«. ﺛــﻢ ﻳــﺸــﺮح: »ﻛــﺎن اﻟﺘﺪاﺧﻞ اﻟﻌﺮﻗﻲ وﻋﻼﻗﺎت اﻟﻨﺴﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﲔ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﺘﺸﺎدﻳﺔ وﻣﺜﻴﻠﺘﻬﺎ اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ ﻓﻲ دارﻓﻮر ﻣﻦ أﺑﺮز اﻷﺳﺒﺎب ﻓﻲ ﻧﺰاﻋﺎت اﳌﺎﺿﻲ، ﺧــﺎﺻــﺔ أن اﻟـﺮﺋـﻴـﺲ اﻟــﺮاﺣــﻞ دﻳﺒﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎن ﻣﺘﺰوﺟﴼ ﻣﻦ ﺳﻮداﻧﻴﺔ«. وﻫـــــﺬا أﻣــــﺮ ﺗـــﺆﻛـــﺪه اﻟــﺴــﻔــﻴــﺮة ﻋﻤﺮ ﺑﻘﻮﻟﻬﺎ إن »اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ دارﻓﻮر اﻵن ﺷـــﺄن داﺧـــﻠـــﻲ، وﻟـــﻦ ﻳــﻜــﻮن ﻟـﺘـﺸـﺎد ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻴﻪ«.
»اجملﻠﺲ اﻟﻌﺴﻜﺮي« اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻲ
ﺑﻌﺪ وﻓﺎة دﻳﺒﻲ ﺷﻜﻞ اﻟﺠﻴﺶ اﻟــــﺘــــﺸــــﺎدي »ﻣـــﺠـــﻠـــﺴـــﴼ ﻋــﺴــﻜــﺮﻳــﴼ« اﻧـﺘـﻘـﺎﻟـﻴـﴼ ﺳـﻴـﺤـﻜـﻢ اﻟــﺒــﻼد ﳌـــﺪة ٨١ ﺷـﻬـﺮﴽ، وﻳـﻀـﻢ ٥١ ﻋـﻀـﻮﴽ ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﻣـﺤـﻤـﺪ إدرﻳــــﺲ دﻳــﺒــﻲ )٧٣ ﺳـﻨـﺔ(، ﻧــﺠــﻞ اﻟـــﺮﺋـــﻴـــﺲ اﻟــــﺮاﺣــــﻞ. وﻣــــﻊ أن »اﳌﺠﻠﺲ اﻟﻌﺴﻜﺮي« ﺗﻌﻬﺪ ﺑﺈﺟﺮاء اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺣﺮة وﻧﺰﻳﻬﺔ، وﻋﺮﺿﺖ اﳌﻌﺎرﺿﺔ اﻟﻬﺪﻧﺔ، رﻓﺾ »اﳌﺠﻠﺲ« ﻗﺎﺋﻼ: »ﻟﻦ ﻧﺠﻠﺲ ﻣﻊ إرﻫﺎﺑﻴﲔ«. وﻓﻲ اﳌﻘﺎﺑﻞ، ﺷﻜﻜﺖ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻓﻲ ﻧﻴﺎت »اﳌـﺠـﻠـﺲ« وﺗﺨﻮﻓﺖ ﻣـﻦ أن ﻳــﺴــﺘــﻮﻟــﻲ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﺤــﻜــﻢ. وﺧــﺮﺟــﺖ ﻣﻈﺎﻫﺮات ﻓﻲ ﺷﻮارع ﺗﺸﺎد، ﺳﻘﻂ ﻋﻠﻰ إﺛـﺮﻫـﺎ ٦ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻗـﻞ، وﻫـــﻮ ﻣـــﺎ دﻓـــﻊ اﻟــﺮﺋــﻴــﺲ اﻟـﻔـﺮﻧـﺴـﻲ ﻟـﻠـﺘـﻨـﺪﻳـﺪ ﺑــﻘــﻤــﻊ اﳌـــﻈـــﺎﻫـــﺮات، رﻏــﻢ دﻋﻤﻪ ﻟﻠﻤﺠﻠﺲ اﻟﻌﺴﻜﺮي.
وﻟـــــــــﻢ ﻳــــﻘــــﺘــــﺼــــﺮ اﻷﻣــــــــــــﺮ ﻋــﻠــﻰ ﻣــﻈــﺎﻫــﺮات اﳌــﻌــﺎرﺿــﺔ، ﺑــﻞ ﺗﺴﻌﻰ اﻟـــﺠـــﻤـــﺎﻋـــﺎت اﳌــﺴــﻠــﺤــﺔ ﻻﺳــﺘــﻐــﻼل اﻟــــــﻮﺿــــــﻊ، ﻣـــــﺎ ﻳــﻬــﺪد ﺑــــﺪﺧــــﻮل اﻟــــﺒــــﻼد ﻓـﻲ ﺣــﺮب أﻫﻠﻴﺔ ﺟـﺪﻳـﺪة، إذ ﻗـــــــــﺎل ﻛـــﻴـــﻨـــﻐـــﺎﺑـــﻲ أوﻏﻮزﻳﻤﻲ دي ﺗﺎﺑﻮل، اﳌﺘﺤﺪث ﺑﺎﺳﻢ »ﺟﺒﻬﺔ اﻟــﺘــﻐــﻴــﻴــﺮ واﻟـــــﻮﻓـــــﺎق«، إن »اﻟـــﺠـــﺒـــﻬـــﺔ ﺗـﺨـﻄـﻂ ﳌــــﻮاﺻــــﻠــــﺔ اﻟــــﻬــــﺠــــﻮم«. وأﻋﻠﻦ ﻣﺠﻠﺲ »اﻟﻘﻴﺎدة اﻟـــــﻌـــــﺴـــــﻜـــــﺮﻳـــــﺔ ﻹﻧــــــﻘــــــﺎذ اﻟـــــﺠـــــﻤـــــﻬـــــﻮرﻳـــــﺔ«، اﻟـــﺘـــﻲ ﺗــــﺘــــﻤــــﺮﻛــــﺰ ﻓـــــــﻲ ﻟـــﻴـــﺒـــﻴـــﺎ، ﻋــــــــﻦ دﻋــــــﻤــــــﻪ ﻟـــــ»ﺟــــﺒــــﻬــــﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ واﻟــﻮﻓــﺎق«. وﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻻﺣـﺘـﻮاء اﳌﻮﻗﻒ واﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻷوﺿﺎع اﳌﺘﻔﺠﺮة، ﺷﻜﻞ »اﳌﺠﻠﺲ اﻟﻌﺴﻜﺮي« ﺣﻜﻮﻣﺔ »وﺣﺪة وﻃﻨﻴﺔ« ﺗﻀﻢ ٠٤ ﻋﻀﻮﴽ.
ﻓــــــــﻲ ﻫـــــــــــﺬه اﻷﺛــــــــﻨــــــــﺎء، ﺗــــﻌــــﺮﺿــــﺖ ﻓــــﺮﻧــــﺴــــﺎ، اﻟـــﺘـــﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺗﻌﺘﺒﺮ دﻳـﺒـﻲ »ﻓﺘﺎﻫﺎ اﳌــــﺪﻟــــﻞ« ﻻﻧـــﺘـــﻘـــﺎدات ﺑﺴﺒﺐ ﻣـﻮﻗـﻔـﻬـﺎ ﻣــﻦ ﺗــﺸــﺎد، إذ ﻳـﺮى ﻣـــﺮاﻗـــﺒـــﻮن أن رﻏـــﺒـــﺔ ﻓــﺮﻧــﺴــﺎ ﻓــﻲ اﻟــﺤــﻔــﺎظ ﻋــﻠــﻰ ﻣـﺼـﺎﻟـﺤـﻬـﺎ ﻓﻲ واﺣـﺪة ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻌﻤﺮاﺗﻬﺎ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﺟﻌﻠﺘﻬﺎ ﺗﺪﻋﻢ دﻳﺒﻲ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره رﻣﺰﴽ ﻟﻼﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ وﺟﻪ ﺧﻄﺮ اﻟﻔﻮﺿﻰ. وﺑـــــﻌـــــﺪ وﻓـــــــﺎﺗـــــــﻪ، دﻋـــــﻤـــــﺖ ﻓـــﺮﻧـــﺴـــﺎ »اﳌــﺠــﻠــﺲ اﻟــﻌــﺴــﻜــﺮي« ﻟــﻸﺳــﺒــﺎب ذاﺗﻬﺎ. وﻳﺬﻛﺮ أن »اﳌﺠﻠﺲ اﻷﻃﻠﺴﻲ اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻲ« أﺻــــﺪر ورﻗــــﺔ ﺑﺤﺜﻴﺔ، ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺸﻬﺮ اﳌﺎﺿﻲ، ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻴﻬﺎ اﻟــــﻮﻻﻳــــﺎت اﳌـــﺘـــﺤـــﺪة ﺑــــ»ﻟـــﻌـــﺐ دور ﻓـــﻲ أزﻣــــﺔ ﺗـــﺸـــﺎد«، وﺣـــﻤـــﻞ ﻓـﺮﻧـﺴـﺎ »ﻣــﺴــﺆوﻟــﻴــﺔ ﺗـــــﺮدي اﻷوﺿـــــــﺎع ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ وﺗﺸﺎد وﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺴﺎﺣﻞ«.
وﺑــــﻌــــﻜــــﺲ اﳌـــــﻌـــــﺎرﺿـــــﺔ، ﻳــــﺮى أﻧﺼﺎر إدرﻳـﺲ دﻳﺒﻲ أن »اﳌﺠﻠﺲ اﻟﻌﺴﻜﺮي« ﻫﻮ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻈﺮوف اﻻﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ اﻟــــﺘــــﻲ ﺗـــﻤـــﺮ ﺑـــﻬـــﺎ ﺗـــــﺸـــــﺎد، وﻳــﺘــﻔــﻖ ﻣــﻌــﻬــﻢ اﻟــﺪﺑــﻠــﻮﻣــﺎﺳــﻲ اﻟــﺴــﻮداﻧــﻲ ﻋـﻠـﻲ ﻳــﻮﺳــﻒ، ﻗــﺎﺋــﻼ إن »اﳌـﺠـﻠـﺲ اﻟـﻌـﺴـﻜـﺮي ﻫــﻮ اﻟـﺨـﻄـﻮة اﻟـﻮﺣـﻴـﺪة اﻟـــــﺘـــــﻲ ﺗـــﺠـــﻨـــﺐ ﺗـــــﺸـــــﺎد اﻻﻧــــﻬــــﻴــــﺎر واﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ ﺣﺮب أﻫﻠﻴﺔ، واﻟﺤﻔﺎظ ﻋــﻠــﻰ اﺳــﺘــﻘــﻼل اﻟــﺴــﻠــﻄــﺔ اﳌــﺮﻛــﺰﻳــﺔ وﺗـــﻤـــﺎﺳـــﻚ اﻟـــﺠـــﻴـــﺶ، ﺧـــﺎﺻـــﺔ ﺑـﻌـﺪ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣـﺪﻧـﻴـﺔ«. وﻳﻌﺮب ﻳــﻮﺳــﻒ ﻋـــﻦ أﻣــﻠــﻪ ﻓـــﻲ أن »ﺗـﻨـﺠـﺢ ﺗﺸﺎد ﻓﻲ ﺗﺒﻨﻲ اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺴﻮداﻧﻲ اﻟــــﺬي ﻳـــــﻮازن ﺑـــﲔ ﺣــﻜــﻮﻣــﺔ ﻣـﺪﻧـﻴـﺔ وﻣـﺠـﻠـﺲ ﻋــﺴــﻜــﺮي«، وﺗـﺘـﻔـﻖ ﻣﻌﻪ ﻣﻨﻰ ﻋﻤﺮ ﺑﺄن »اﻟﻮﺿﻊ ﺣﺎﻟﻴﴼ ﺗﺤﺖ اﻟـﺴـﻴـﻄـﺮة ﺑـﻌـﺪ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻻﻧـــﺘـــﻘـــﺎﻟـــﻴـــﺔ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗـــﻀـــﻢ ﻣـﻤـﺜـﻠـﲔ ﻋـــﻦ ﻣــﺨــﺘــﻠــﻒ ﺣـــﺮﻛـــﺎت اﳌــﻌــﺎرﺿــﺔ اﻟــﺘــﺸــﺎدﻳــﺔ. وﻫـــﻮ ﻣــﺎ ﺳــﻴــﺆدي إﻟـﻰ اﺳـــﺘـــﻘـــﺮار اﻟــــﻮﺿــــﻊ ﺧـــــﻼل اﻟــﻔــﺘــﺮة اﻟـﻘـﻠـﻴـﻠـﺔ اﳌــﻘــﺒــﻠــﺔ، وﻟـــﻮ ﻇــﻠــﺖ ﻫـﻨـﺎك اﻋﺘﺮاﺿﺎت ﻣﻦ اﳌﻌﺎرﺿﺔ ﻋﻠﻰ أداء اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ، وﺷﻜﻞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت«.
ﻣﻜﻦ اﺗﻔﺎق اﻟﺴﻼم اﻟﺘﺸﺎدي ـ اﻟﺴﻮداﻧﻲ اﻟﺪوﻟﺘﲔ ﻣﻦ اﻟﱰﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اخملﺎﻃﺮ اﻷﺧﺮى اﻟﱵ ﺗﻬﺪد ﺣﺪودﻫﻤﺎ، ﺧﺎﺻﺔ ﰲ أﻋﻘﺎب ﺣﻘﺒﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺣﻜﻢ اﻟﻘﺬاﰲ ﰲ ﻟﻴﺒﻴﺎ