اﻟﺮﻛﺎﺑﻲ وﻃﻪ ﺣﺴﲔ وﺷﻴﺨﻪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻐﺰاﻟﻲ
ﻓــﻲ ﺗـﻘـﺪﻳـﻢ ﻣـﺤـﻤـﺪ ﻋـﺒـﺪ اﻟﻠﻪ اﻟــﺴــﻤــﺎن -وﻫــــﻮ ﻣــﻦ أﺷــﻬــﺮ ﻛـﺘـﺎب »اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ« اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﲔﻷول ﻛـــــﺘـــــﺎب ﻟـــــﺰﻳـــــﻦ اﻟـــﻌـــﺎﺑـــﺪﻳـــﻦ اﻟﺮﻛﺎﺑﻲ، وﻫﻮ ﻛﺘﺎب »اﻟﻨﻮر أوﻟﻰ« اﻟــــﺼــــﺎدر ﻓـــﻲ دﻳــﺴــﻤــﺒــﺮ )ﻛـــﺎﻧـــﻮن اﻷول( ﻋـــﺎم ١٦٩١، ﻗـــﺎل -ﻗــﺒــﻞ أن ﻳﺬﻛﺮ ﻟـﻘـﺎءه ﺑـﻪ ﻷول ﻣــﺮة وﻃﻠﺒﻪ ﻣﻨﻪ أن ﻳﺮاﺟﻊ ﻛﺘﺎﺑﻪ وأن ﻳﻘﺪم ﻟﻪ: »ﻋﺮﻓﺖ أﺧﻲ اﻷدﻳﺐ اﻟﺸﺎب، زﻳﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ اﻟﺮﻛﺎﺑﻲ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات، ﻓـﻘـﺪ ﻛــﺎﻧــﺖ رﺳــﺎﺋــﻠــﻪ ﺗﺼﻠﻨﻲ ﻣﻦ ﺣــــﲔ إﻟــــــﻰ آﺧـــــــﺮ. إﻣــــــﺎ ﻣــﺘــﺴــﺎﺋــﻼ ﺗـــﺴـــﺎؤل اﻷدﻳـــــــﺐ ﻋـــﻦ ﻣــﻌــﻨــﻰ ﻣـﻦ اﳌـﻌـﺎﻧـﻲ اﻹﺳــﻼﻣــﻴــﺔ وإﻣـــﺎ ﻣﻌﻘﺒﴼ ﺗﻌﻘﻴﺐ اﻟﻘﺎرئ اﻟﻮاﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﺎب أﺧﺮﺟﺘﻪ، أو ﻣﻘﺎل ﻛﺘﺒﺘﻪ«.
وﻗــــﺎل ﻓــﻲ ﻓــﻘــﺮة ﻗــﺒــﻞ اﻟـﻔـﻘـﺮة اﻟـﺨـﺘـﺎﻣـﻴـﺔ ﻣــﻦ ﻣــﻘــﺪﻣــﺘــﻪ: »وﺑــﻌــﺪ - ﻓـــﺎﻷدﻳـــﺐ اﳌـــﺆﻟـــﻒ ﻛــﺘــﺐ أﻓــﻜــﺎرﴽ ﺧﺼﺒﺔ، وأﺛــﺎر ﻗﻠﻤﻪ ﻣـﻦ اﳌﻌﺎﻧﻲ اﻟـــﺤـــﻴـــﺔ ﻣــــﺎ ﻳــﺸــﻬــﺪ ﺑــﺴــﻌــﺔ أﻓـــﻘـــﻪ، وﻋﻤﻖ ﺗﻔﻜﻴﺮه، وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻷﻓﻜﺎر وﺗﻠﻚ اﳌﻌﺎﻧﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺟـﻬـﺪ ﻓــﻲ ﺗﻨﺴﻴﻘﻬﺎ وﺗﻨﻈﻴﻤﻬﺎ، ورﺑـــــــﻂ ﺑــﻌــﻀــﻬــﺎ ﺑـــﺒـــﻌـــﺾ ﺣــﺘــﻰ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻋﻨﺎﺻﺮ واﺿﺤﺔ اﳌﻌﺎﻟﻢ وﺧـــﻄـــﻮﻃـــﴼ ﺑــــــــﺎرزة ﺗــــﺤــــﺪد ﻓــﻜــﺮة اﻟــﻜــﺘــﺎب، ﻛـﻤـﺎ أن أﺳــﻠــﻮب اﻷدﻳــﺐ اﻟــــﺸــــﺎب ﻛـــﺜـــﻴـــﺮﴽ ﻣــــﺎ ﻛـــــﺎن ﻳـﺘـﺴـﻠـﻞ إﻟــﻴــﻪ اﻻﻧــﻔــﻌــﺎل ﺑـــﺪرﺟـــﺔ ﻗــﺼــﻮى، ورﺑـﻤـﺎ ﻛــﺎن ﻣﺼﺪر ﻫــﺬا اﻻﻧﻔﻌﺎل اﻟﻐﻴﺮة اﳌﺘﺪﻓﻘﺔ، وﻳﻈﻬﺮ أن ﺻﻠﺘﻪ ﺑــﻮاﻗــﻌــﻴــﺔ اﻹﺳــــﻼم اﳌــﻐــﻠــﻮب ﻋﻠﻰ أﻣـــﺮه وﺛـﻴـﻘـﺔ، ﻓـﻌـﺒـﺎراﺗـﻪ اﻣﺘﺰﺟﺖ ﺑﺎﻟﻘﻮة واﻷﻟﻢ ﻣﻌﴼ«.
وﻛـﻤـﺎ ﺗـــﺮون، ﻓــﺈن ﻣﻠﺤﻮﻇﺘﻪ ﻋـــﻠـــﻰ أﺳــــﻠــــﻮب اﻟـــﻜـــﺎﺗـــﺐ أوردﻫــــــﺎ ﻣــﺸــﻔــﻮﻋــﺔ ﺑــــﺎﻋــــﺘــــﺬار ﻟــــــﻪ. وأﺟــــــﻞ ﺗﻠﻤﺴﻪ اﻟﻌﺬر ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ ﻓﻲ اﳌﻠﺤﻮﻇﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ أﺑﺪاﻫﺎ، ﻟﻴﻜﻮن اﻟﻔﻘﺮة اﻟﺨﺘﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ. إذ ﻗﺎل: »إن اﻟﻜﺎﺗﺐ وإن ﻛـﺎن ﻗـﺪم ﻟﻨﺎ ﺑﺎﻛﻮرة إﻧــﺘــﺎﺟــﻪ اﻷدﺑـــــــﻲ، إﻻ أن اﻟـــﻘـــﺎرئ ﺳـﻴـﺤـﺲ ﺑـﻨـﻀـﻮج ﻓــﻜــﺮه، وﻋﻤﻖ أﺳﻠﻮﺑﻪ، وﻻ ﻳﻌﻴﺐ ﻛﺎﺗﺒﴼ ﻧﺎﺷﺌﴼ ﻛـــﺜـــﻴـــﺮﴽ، ﺣــﺎﺟــﺘــﻪ إﻟـــــﻰ اﻟــﺘــﻨــﺴــﻴــﻖ واﻟـــــﺘـــــﺮﻛـــــﻴـــــﺰ، ﻣــــــﺎ داﻣــــــــــﺖ ﻛـــﺎﻧـــﺖ اﳌــﻌــﺎﻧــﻲ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗــﻨــﺎوﻟــﻬــﺎ ﺗﻨﺒﺾ ﺑـﺎﻟـﻘـﻮة واﻟــﺤــﻴــﺎة، واﻷﻓــﻜــﺎر اﻟﺘﻲ ﻧﺎﻗﺸﻬﺎ ﺗﻤﺘﺰج ﺑﺎﳌﻨﻄﻖ واﻟﺤﺠﺔ اﻟﺴﺎﻃﻌﺔ«.
وﻗـــــﺪ ﻃـــﻠـــﺐ زﻳـــــﻦ اﻟــﻌــﺎﺑــﺪﻳــﻦ اﻟﺮﻛﺎﺑﻲ ﻣﻦ اﻟﺸﻴﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻐﺰاﻟﻲ أن ﻳﻜﺘﺐ ﻛﻠﻤﺔ ﻓــﻲ ﻛـﺘـﺎﺑـﻪ اﻷول. ﻓﻜﺘﺐ ﻛﻠﻤﺔ ﻗـﺼـﻴـﺮة أﺟـــﺰل ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺜﻨﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﻜﺎﺗﺐ. ﻗﺪم ﻟﻬﺎ زﻳﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ اﻟﺮﻛﺎﺑﻲ ﻗﺎﺋﻼ: »ﺗﻔﻀﻞ أﺳﺘﺎذﻧﺎ ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﻣــﺤــﻤــﺪ اﻟــــﻐــــﺰاﻟــــﻲ ﺑـــﻬـــﺬه اﻟــﻜــﻠــﻤــﺔ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮﻳﺔ ﻟﻠﻜﺘﺎب. وإﻧــﻲ ﻷﺷﻜﺮ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﺘﻘﺪﻳﺮ وأﻋﺘﺰ ﺑﻪ، وﺣﺴﺒﻲ ﻣﻦ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ أن ﻳﻨﺎل ﻛـﺘـﺎﺑـﻲ ﻫــﺬه اﻟـﻠـﻤـﺴـﺔ اﻟـﻄـﻴـﺒـﺔ ﻣﻦ ﻗﻠﻤﻪ«.
دار اﻟــﺰﻣــﻦ دورﺗـــﻪ ﺑـﺎﻷﺳـﺘـﺎذ واﻟـﺘـﻠـﻤـﻴـﺬ ﻣــﻦ ﻋـــﺎم ١٦٩١ إﻟـــﻰ أن وﺻـﻞ ﺑﻬﻢ إﻟـﻰ ﻋـﺎم ٦٧٩١، ﻓﻜﺘﺐ اﻷﺳـﺘـﺎذ واﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﺑﺤﺜﲔ ﻟﻨﺪوة »اﻹﻋــــــﻼم اﻹﺳـــﻼﻣـــﻲ واﻟــﻌــﻼﻗــﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ: اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ واﻟﺘﻄﺒﻴﻖ« اﳌــﻌــﻘــﻮدة ﻓــﻲ اﻟــﺮﻳــﺎض، ﻳﺤﻤﻼن اﻟــــــﻌــــــﻨــــــﻮان ﻧــــﻔــــﺴــــﻪ: »اﻟــــﻨــــﻈــــﺮﻳــــﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ واﻟﻌﻼﻗﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ«، وﻛﺎن اﻷﺳﺘﺎذ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﻣﺪﻳﺮﴽ ﻟـﻘـﺴـﻢ اﻟـــﺪﻋـــﻮة ﻓــﻲ ﺟــﺎﻣــﻌــﺔ اﳌـﻠـﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ - ﻓﺮع ﻣﻜﺔ، واﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﻳﻌﻤﻞ ﻣـﺪﻳـﺮﴽ ﻟﻠﺘﺤﺮﻳﺮ ﻓـﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﳌـﺠـﺘـﻤـﻊ« اﻹﺳــﻼﻣــﻴــﺔ، واﳌــﻘــﺎرن ﺑﲔ ﺑﺤﺜﻴﻬﻤﺎ ﺳﻴﺠﺪ أن اﻟﺘﻠﻤﻴﺬ ﺗـﻔـﻮق ﻋﻠﻰ أﺳــﺘــﺎذه ﻓـﻲ اﻟﺘﻨﻈﻴﺮ وﻓﻲ ﺳﻌﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ.
اﻗﺘﺒﺲ زﻳﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ اﻟﺮﻛﺎﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ »اﻟﻨﻮر أوﻟﻰ« ﻣﺮﺗﲔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب »ﻓﻘﻪ اﻟﺴﻴﺮة« ﻣﻊ ذﻛﺮ اﺳﻢ ﻣــﺆﻟــﻔــﻪ اﻟــﺸــﻴــﺦ ﻣـﺤـﻤـﺪ اﻟــﻐــﺰاﻟــﻲ،
واﻗـــــــﺘـــــــﺒـــــــﺲ ﻣـــﻦ ﻛــــﺘــــﺎب »ﺣــﻘــﻴــﻘــﺔ اﻟــــــﺸــــــﻴــــــﻮﻋــــــﻴــــــﺔ« ﻟـــﻜـــﻨـــﻪ ﻟــــــﻢ ﻳـــﺬﻛـــﺮ اﺳــــــــــــﻢ ﻣـــــﺆﻟـــــﻔـــــﻪ. وﻗـــــــــــــــﺪ ﺣــــﺴــــﺒــــﺖ أن اﻟــــــــﻜــــــــﺘــــــــﺎب اﳌــــﻘــــﺘــــﺒــــﺲ ﻣـــﻨـــﻪ ﻫــــﻮ ﻛـــﺘـــﺎب ﻋـﻠـﻲ أدﻫـــــــــﻢ »ﺣــﻘــﻴــﻘــﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ« اﻟﺬي ﺻــــــــــــــــــﺪر ﺿـــــﻤـــــﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ »اﺧﺘﺮﻧﺎ ﻟــﻚ«، وﻫــﻮ ﻛﺘﺎب ﻣــــــــﺸــــــــﻬــــــــﻮر ﻓــــﻲ ﻋﻘﺪي اﻟﺨﻤﺴﻴﻨﺎت واﻟﺴﺘﻴﻨﺎت، وﳌﺎ ﻗﺮأﺗﻪ ﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﺤﺜﴼ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻻﻗﺘﺒﺎس ﻟﻢ أﺟﺪه ﻓﻴﻪ.
وﻟــــــﻮ أﻧــــــﻪ اﻗـــﺘـــﺒـــﺲ ﻣـــــﻦ ﻫـــﺬا اﻟـــﻜـــﺘـــﺎب ﻟـــﻜـــﺎن ﺷــــﺬ ﻓـــﻲ ذﻟــــﻚ ﻋـﻦ اﺗــــــﺠــــــﺎه »اﻹﺧـــــــــــــــﻮان اﳌـــﺴـــﻠـــﻤـــﲔ« اﻟــــﻌــــﺎم. ﻓــــــ»اﻹﺧـــــﻮان اﳌــﺴــﻠــﻤــﻮن« واﻹﺳـــــــــﻼﻣـــــــــﻴـــــــــﻮن ﻋــــــﻤــــــﻮﻣــــــﴼ ﻓـــﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻬﻢ اﻟﻨﺎﻗﺪة ﻟﻠﺸﻴﻮﻋﻴﺔ ﻧﺎدرﴽ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﺒﺴﻮن ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺘﻪ، ﻷن ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻛﺘﺐ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻟﻪ.
وذﻫـــﺒـــﺖ إﻟــــﻰ ﺑـﺒـﻠـﻴـﻮﻏـﺮاﻓـﻴـﺎ اﳌـﻜـﺘـﺒـﺎت اﻟـﻌـﺎﻣـﺔ أﺑـﺤـﺚ ﻋــﻦ اﺳـﻢ ﻣﺆﻟﻒ اﻟﻜﺘﺎب، ﻓﻠﻢ أﻋﺜﺮ إﻻ ﻋﻠﻰ ﻛــــﺘــــﺎب واﺣـــــــﺪ ﻳــﺘــﻀــﻤــﻦ ﻋــﻨــﻮاﻧــﴼ ﺷﺎرﺣﴼ، ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻫﻮ: »ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ: ﺧﻄﻄﻬﺎ وأﻫﺪاﻓﻬﺎ«. ﻣــﺆﻟــﻔــﻪ اﺳــﻤــﻪ ﻣـــﺎﻟـــﻚ، ﺻـــــﺎدر ﻋﻦ ﻣــﻄــﺒــﻌــﺔ اﻟـــﺴـــﻼم ﻓـــﻲ ﺑـــﻐـــﺪاد ﻋــﺎم ٨٥٩١، وﻻ أدري إن ﻛــﺎن ﻫــﺬا ﻫﻮ اﻟﻜﺘﺎب اﳌﻘﺘﺒﺲ ﻣﻨﻪ أم أﻧﻪ ﻛﺘﺎب آﺧﺮ.
وﻣــﺎﻟــﻚ ﻫـــﺬا ﻫــﻮ ﻣــﺎﻟــﻚ ﺳﻴﻒ أﺣــــــﺪ ﻗــــــــﺎدة اﻟـــــﺤـــــﺰب اﻟــﺸــﻴــﻮﻋــﻲ اﻟــﻌــﺮاﻗــﻲ اﻟــﺸــﻬــﻴــﺮ ﻋــﻨــﺪ اﳌـﺜـﻘـﻔـﲔ ﻏـــﻴـــﺮ اﻟـــﺸـــﻴـــﻮﻋـــﻴـــﲔ ﻓـــــﻲ اﳌـــﺸـــﺮق اﻟــــــﻌــــــﺮﺑــــــﻲ ﺑــــــﺎﻋــــــﺘــــــﺮاﻓــــــﺎﺗــــــﻪ ﻋـــﻠـــﻰ اﻟـــﺸـــﻴـــﻮﻋـــﻴـــﺔ واﻋــــﺘــــﺮاﻓــــﺎﺗــــﻪ ﻋــﻠــﻰ اﻟـــﺤـــﺰب اﻟــﺸــﻴــﻮﻋــﻲ اﻟـــﻌـــﺮاﻗـــﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب وﻛﺘﺐ أﺧﺮى ﻛـ»ﻛﻔﺎح اﻷﺣـــﺮار« و»ﺗﺠﺮﺑﺘﻲ ﻓـﻲ اﻟﺤﺰب اﻟــﺸــﻴــﻮﻋــﻲ« و»اﻟــﺸــﻴــﻮﻋــﻴــﺔ ﻋﻠﻰ اﻟــــﺴــــﻔــــﻮد« و»ﻟــــﻠــــﺘــــﺎرﻳــــﺦ ﻟـــﺴـــﺎن: ذﻛﺮﻳﺎت وﻗﻀﺎﻳﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ اﻟﻌﺮاﻗﻲ ﻣﻨﺬ ﺗﺄﺳﻴﺴﻪ ﺣــﺘــﻰ اﻟـــﻴـــﻮم«، وﻫـــﻮ ﺷـﻬـﻴـﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﲔ اﻟﻌﺮاﻗﻴﲔ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻬﻮذا اﻹﺳــﺨــﺮﻳــﻮﻃــﻲ، اﻟــﺨــﺎﺋــﻦ ﻟـﺮﻓـﺎﻗـﻪ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﲔ وﻟﻌﻘﻴﺪﺗﻪ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ.
اﻻﻗﺘﺒﺎس ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﻣﻊ ﻋﺪم ذﻛــﺮ اﺳــﻢ ﻣـﺆﻟـﻔـﻪ ﺗــﻜــﺮر ﻣــﻊ ﻛﺘﺎب اﺳﻤﻪ »اﻟﺼﺪاﻗﺔ«. وﻳﻈﻬﺮ ﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ اﳌﻘﺘﺒﺲ أﻧﻪ ﻛﺘﺎب ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻣﺘﺮﺟﻢ إﻟﻰ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﳌﺆﻟﻒ أﻣﻴﺮﻛﻲ ﺻﺎدر ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻌﺎم اﻟﺬي ﺻﺪر ﻓـﻴـﻪ ﻛــﺘــﺎب اﻟــﺮﻛــﺎﺑــﻲ. ﻓـﺎﻻﻗـﺘـﺒـﺎس ﻛــﺎن ﻋـﻦ إﻧـﺸـﺎء ﺟــﻮن ﻛﻴﻨﺪي ﻓﻲ ﻣـﺎرس )آذار( ﻋﺎم ١٦٩١ ﻣﺸﺮوﻋﴼ ﺳﻤﺎه »ﺟﻴﺶ اﻟﺴﻼم«.
ﺣﺪﺛﻨﺎ ﻣـﻘـﺪم اﻟﻜﺘﺎب ﻣﺤﻤﺪ ﻋــﺒــﺪ اﻟـــﻠـــﻪ اﻟـــﺴـــﻤـــﺎن ﻓـــﻲ ﻣـﻘـﺪﻣـﺘـﻪ -ﻛـــﻤـــﺎ ﺳـــﻠـــﻒ- أن زﻳــــﻦ اﻟــﻌــﺎﺑــﺪﻳــﻦ اﻟﺮﻛﺎﺑﻲ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﻣﺮاﺟﻌﺔ اﻟﻜﺘﺎب واﻟﺘﻘﺪﻳﻢ ﻟﻪ. وﻗﺪ اﺳﺘﺠﺎب ﻟﻄﻠﺒﻪ اﻟﺜﺎﻧﻲ وأﻫﻤﻞ ﻃﻠﺒﻪ اﻷول. ﻓﻠﻮ أﻧﻪ راﺟــﻊ اﻟﻜﺘﺎب ﻟـ»ﺟﻬﺪ اﳌﺆﻟﻒ ﻓﻲ ﺗﻨﺴﻴﻖ وﺗﻨﻈﻴﻢ أﻓﻜﺎره اﻟﺨﺼﺒﺔ وﻣـﻌـﺎﻧـﻴـﻪ اﻟـﺤـﻴـﺔ ورﺑـــﻂ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑــــﺒــــﻌــــﺾ، ﻓــــﺘــــﻜــــﺎﻣــــﻠــــﺖ ﻋـــﻨـــﺎﺻـــﺮ واﺿﺤﺔ اﳌﻌﺎﻟﻢ، وﺧﻄﻮﻃﴼ ﺑﺎرزة ﺗﺤﺪد ﻓﻜﺮة اﻟﻜﺘﺎب«.
وﻟــﻮ أﻧــﻪ راﺟـﻌـﻪ ﻟﻨﺒﻪ اﳌﺆﻟﻒ إﻟـــــﻰ ذﻛـــــﺮ اﺳـــــﻢ ﻣــﺆﻟــﻔــﻲ ﻛــﺘــﺎﺑــﻲ: »ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴﺔ« و»اﻟﺼﺪاﻗﺔ«. وﻋﻤﻞ ﻛﻬﺬا ﻻ ﻳﺤﺘﺎج ﻣﻦ اﳌﺆﻟﻒ إﻟﻰ أي ﺟﻬﺪ.
ﻻ أﺟــﺪ ﺗﻔﺴﻴﺮﴽ ﻹﺧــﻔــﺎء زﻳـﻦ اﻟـــﻌـــﺎﺑـــﺪﻳـــﻦ اﻟـــﺮﻛـــﺎﺑـــﻲ ﻓــــﻲ ﻣـﻄـﻠـﻊ ﺷــﺒــﺎﺑــﻪ اﺳـــﻤـــﻲ ﺻــﺎﺣــﺒــﻲ ﻫــﺬﻳــﻦ اﻟﻜﺘﺎﺑﲔ ﺳﻮى أﻧﻪ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻌﻤﺮ اﻟﻄﺮي ﻛـﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﺷـﺮط ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻠﻦ ﻓﻲ اﺳﺘﺤﻘﺎق أن ﻳﺬﻛﺮ اﺳﻢ اﳌﺆﻟﻒ إﻟـــــﻰ ﺟــــــﻮار اﺳـــﻢ ﻛــﺘــﺎﺑــﻪ، وﻫــــﻮ أن ﻳـــﻜـــﺘـــﺐ »ﻛـــﻠـــﻤـــﺔ« أو »ﻛﻠﻴﻤﺔ« ﺛﻨﺎء ﻋــــــﻠــــــﻴــــــﻪ وﻋــــــﻠــــــﻰ ﻛـﺘـﺎﺑـﻪ، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺷــﻴــﺨــﻪ اﻟــﻐــﺰاﻟــﻲ ﻣﻌﻪ وﻣﻊ ﻛﺘﺎﺑﻪ!
وﻟـﻘـﺪ ﺗﺨﻠﻰ ﻋــــــــــــــــــﻦ ﺷـــــــــﺮﻃـــــــــﻪ ﻏـــﻴـــﺮ اﳌـــﻌـــﻠـــﻦ ﻓـﻲ اﻗــﺘــﺒــﺎﺳــﻴــﻪ اﳌــﺘــﺘــﺎﻟــﻴــﲔ ﻣـــﻦ ﻛـﺘـﺎب »ﻗـﺎدة اﻟﻔﻜﺮ«، إذ ذﻛﺮ اﺳﻢ ﻣﺆﻟﻔﻪ ﻃﻪ ﺣﺴﲔ.
وذﻟــﻚ ﻷﻧــﻪ ﺷﺘﻤﻪ ﻓــﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻗﺘﺒﺎﺳﻪ اﻷول ﻣـﻦ ﻛـﺘـﺎﺑـﻪ، ﻓﻘﺎل: »ﻫﺬا ﺷﺨﺺ ﻣﻤﻦ ﺟﻌﻠﻮا رﻗﺎﺑﻬﻢ ﺟﺴﺮﴽ ﻟﻠﺘﺒﺸﻴﺮ«!
وﺑـــﻌـــﺪ أن أﻧـــﻬـــﻰ اﻻﻗـــﺘـــﺒـــﺎس ﻣـﻨـﻪ ﺣــــﺮض ﻋـﻠـﻴـﻪ، وﻋــﻠــﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻗـــﺎدة اﻟـﻔـﻜـﺮ«، ﻓـﻘـﺎل ﻋـﻦ ﻛــﻼم ﻃﻪ ﺣﺴﲔ اﳌﻘﺘﺒﺲ: »ﻛﻠﻤﺎ ﻗﺮأت ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﻗﻠﺖ: إن ﻫﺬا وﺣـﺪه، ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺼﺪ اﻟﺸﺒﺎب اﳌﺴﻠﻢ ﻋﻦ ﺗﺎرﻳﺨﻪ وﺛﻘﺎﻓﺘﻪ ﺣﻴﺚ إن ﻫﺬا اﻟﻜﻼم ﻛﺎن ﻳــــــــﺪرس ﺿـــﻤـــﻦ ﻣــﻨــﻬــﺞ اﻟــــﺪراﺳــــﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ«.
وﻣﻬﺪ ﻟﻼﻗﺘﺒﺎس اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻛــﺘــﺎﺑــﻪ، ﺑــﺎﻟــﻘــﻮل: »ﺛـــﻢ ﻳــﻘــﻮل ذﻟــﻚ اﻟﺸﺨﺺ ذاﺗـــﻪ، ﻛـﺄﻧـﻪ ﻛـﻠـﻒ ﺑﻬﺪم ﺗﺎرﻳﺨﻨﺎ وﻣﻨﺎﻫﺠﻨﺎ«.
ﻫﺬا اﻟﻨﻘﺪ اﳌﺘﺤﺎﻣﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﻪ ﺣﺴﲔ، ﻫﺬا إذا اﺳﺘﺜﻨﻴﻨﺎ اﻧﻘﻼب ﺗــﻠــﻤــﻴــﺬه ﻣــﺤــﻤــﺪ ﻣــﺤــﻤــﺪ ﺣـﺴـﲔ اﻹﺳـﻼﻣـﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺎﺗﻪ ﻋﻨﻪ واﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ اﻷﺻﻞ إﺳﻼﻣﻴﴼ، ﻳــﻌــﺪ ﻧـــﻘـــﺪﴽ ﻣــﺘــﺤــﺎﻣــﻼ ﻣــﺒــﻜــﺮﴽ ﻓـﻲ ﺗــــﺎرﻳــــﺦ اﻹﺳــــﻼﻣــــﻴــــﲔ، وذﻟـــــــﻚ أن ﺣﻤﻠﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﲔ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ اﻟﻌﻨﻴﻔﺔ واﳌــــﺘــــﻮاﺻــــﻠــــﺔ ﻋـــﻠـــﻰ ﻃـــــﻪ ﺣــﺴــﲔ ﺑــــﺪأت ﻓـــﻲ اﳌــﻨــﺘــﺼــﻒ اﻷﺧـــﻴـــﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎت وأواﺋـــﻞ اﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎت اﳌﻴﻼدﻳﺔ.
ﻓــــﻲ اﻟــﺼــﻔــﺤــﺔ اﻷﺧــــﻴــــﺮة ﻣـﻦ ﻛــﺘــﺎب »اﻟـــﻨـــﻮر أوﻟـــــﻰ« إﻋــــﻼن ﻣﻦ ﻣﻜﺘﺒﺔ »وﻫــﺒــﺔ« ﻧــﺎﺷــﺮة اﻟـﻜـﺘـﺎب، ﺑﺄن ﻛﺘﺎﺑﻬﺎ اﻟﻘﺎدم، ﻫﻮ »اﻹﺳﻼم... ﺣﺘﻰ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ«، وأن ﻫــﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﺗــﺤــﺖ اﻟــﻄــﺒــﻊ. ﺑــﺤــﺜــﺖ ﻋـــﻦ ﻛـﺘـﺎب ﺑــﻬــﺬا اﳌــﺴــﻤــﻰ، وﻟــــﻢ أﺟـــــﺪه. وﻣــﻦ اﳌﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻟﺰﻳﻦ اﻟــﻌــﺎﺑــﺪﻳــﻦ اﻟـــﺮﻛـــﺎﺑـــﻲ. وﻗــــﺪ ﻳـﻜـﻮن ﺗﺮاﺟﻊ ﻋﻦ ﻃﺒﻌﻪ.
ﻓـــــﻲ ﻋــــــﺎم ٠٧٩١ ﺟـــﻤـــﻊ زﻳـــﻦ اﻟـــﻌـــﺎﺑـــﺪﻳـــﻦ اﻟــــﺮﻛــــﺎﺑــــﻲ، وﻫـــــﻮ ﻓـﻲ اﻟﺴﻮدان، ﻣﻘﺎﻻت ﻛﺘﺒﻬﺎ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﻟﺪﻋﻮة« اﻹﺧﻮاﻧﻴﺔ ﺑﲔ ﻋﺎم ١٥٩١ وﻋﺎم ٢٥٩١ وﻋﺎم ٣٥٩١، وﻧـــﺸـــﺮﻫـــﺎ ﻓــــﻲ ﻛـــﺘـــﺎب ﻓــــﻲ »اﻟــــــﺪار اﻟـــﺴـــﻌـــﻮدﻳـــﺔ ﻟــﻠــﻨــﺸــﺮ واﻟـــﺘـــﻮزﻳـــﻊ« ﺑـــﺠـــﺪة، ﻋـــﻨـــﻮاﻧـــﻪ »ﻣــﻌــﺮﻛــﺘــﻨــﺎ ﻣـﻊ اﻟﻴﻬﻮد«. وﻗﺪم ﻟﻪ ﺑﻤﻘﺪﻣﺔ ﻋﺎﻃﻔﻴﺔ وﺣــﻤــﺎﺳــﻴــﺔ ﻣــﺘــﻄــﺮﻓــﺔ ﻓـــﻲ ﺗﺜﻤﲔ ﺳــﻴــﺪ ﻗــﻄــﺐ. وﻛــﺘــﺐ ﻫــﻮاﻣــﺶ ﻓﻲ ﻋــﺪد ﻣـﻦ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻌﻠﻘﴼ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ﻓﻲ ﻣﱳ اﻟﻜﺘﺎب.
اﻟﺪار اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮت ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب أﻧــــﺸــــﺄﻫــــﺎ اﻟـــﺼـــﺤـــﺎﻓـــﻲ واﻟـــﻜـــﺎﺗـــﺐ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻹﺧﻮاﻧﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ. وﻗﺪ ﻛﺮﺳﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺪار ﻣﻨﺬ إﻧﺸﺎﺋﻪ ﻟﻬﺎ ﻋﺎم ٦٦٩١ ﻹﻋﺎدة ﻃﺒﻊ ﻛﺘﺐ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ، وﻃﺒﻊ أﻋﻤﺎل ﻟـﻢ ﻳﺴﺒﻖ ﻟﺴﻴﺪ ﻗﻄﺐ أن ﻃﺒﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺐ ﻣﺜﻞ »ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﻳﺦ - ﻓﻜﺮة وﻣﻨﻬﺎج« و»ﻧﻘﺪ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ« و»اﻟﺸﻬﺎدة ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ« و»اﻟﺼﻼة« و»ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺳﻮرة اﻟـﺸـﻮرى«، واﻋﺘﻨﻰ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﺈﻋﺎدة ﻃﺒﻊ ﺑﻌﺾ أﻋﻤﺎل اﳌﻮدودي وأﺑﻲ اﻟــﺤــﺴــﻦ اﻟـــﻨـــﺪوي وﺳــﻮاﻫــﻤــﺎ ﻣﻦ اﻹﺳــﻼﻣــﻴــﲔ اﻟـﺤـﺮﻛـﻴـﲔ. واﻟـﻐـﺎﻳـﺔ ﻣﻦ إﻧﺸﺎء ﻫﺬه اﻟﺪار أن ﺗﻜﻮن دارﴽ ﻟﺴﻴﺪ ﻗﻄﺐ وﻟﺮﻓﺎﻗﻪ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻹﺳﻼم اﻟﺤﺮﻛﻲ ﻻ دارﴽ ﻟﻠﺴﻌﻮدﻳﺔ وﻟﻠﺴﻌﻮدﻳﲔ، وإن ﺣﻤﻠﺖ اﻟــﺪار اﺳﻢ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ.
ﺑــﻌــﺪ اﻧــﺘــﻘــﺎل زﻳـــﻦ اﻟـﻌـﺎﺑـﺪﻳـﻦ اﻟﺮﻛﺎﺑﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻜﻮﻳﺖ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺔ »اﳌﺠﺘﻤﻊ« اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻓــﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣـــﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑـﻦ ﺳـﻌـﻮد اﻹﺳـﻼﻣـﻴـﺔ ﺑﺎﻟﺮﻳﺎض ﻋـــــﺎم ٨٧٩١، ﺻـــﺎﻫـــﺮ رﻓـــﻴـــﻘـــﻪ ﻓـﻲ اﻟــﻌــﻘــﻴــﺪة اﻹﺧـــﻮاﻧـــﻴـــﺔ واﻟـﻘـﻄـﺒـﻴـﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﺻـﻼح اﻟـﺪﻳـﻦ، ﻓﺘﺰوج ﻣﻦ أﺧــﺘــﻪ، وذﻟــــﻚ ﺑــﻌــﺪ اﻧــﻔــﺼــﺎﻟــﻪ ﻋﻦ زوﺟـﺘـﻪ اﻷوﻟــﻰ أم اﺑﻨﻪ اﻟﺒﻜﺮ ﻓﻲ أﻳــﺎﻣــﻬــﻤــﺎ اﻷﺧـــﻴـــﺮة ﻓـــﻲ اﻟــﻜــﻮﻳــﺖ. وﻣـــﻊ أن ﺣــﺎدﺛــﺔ اﻻﻧــﻔــﺼــﺎل ﻫــﺬه ﻫــــﻲ ﺷـــــﺄن ﻋــﺎﺋــﻠــﻲ ﺧـــــﺎص ﺑـﻬـﻤـﺎ ﻓــﺈﻧــﻪ ﻋــﻠــﻰ أﺛــﺮﻫــﺎ ﺗــﻮﺗــﺮت ﻋـﻼﻗـﺔ اﻟﺴﻠﻔﻴﲔ ﺑـــ»اﻹﺧــﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ« ﻓﻲ اﻟﺴﻮدان. وﺳﺒﺐ ﻫﺬا اﻟﺘﻮﺗﺮ، ﻫــﻮ أن زوﺟــﺘــﻪ اﻷوﻟــــﻰ، ﻫــﻲ اﺑﻨﺔ أﺑــــــﻮ زﻳــــــﺪ ﻣـــﺤـــﻤـــﺪ ﺣـــــﻤـــــﺰة، أﺣـــﺪ ﻗـــﺎدة ﺟـﻤـﺎﻋـﺔ أﻧــﺼــﺎر اﻟـﺴـﻨـﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻮدان!
ﻓــﻲ ﻋـــﺎم ٨٧٩١ أﻋــــﺎدت »دار اﻟــــــﺸــــــﺮوق« ﻟـــﺼـــﺎﺣـــﺒـــﻬـــﺎ ﻣــﺤــﻤــﺪ اﳌـﻌـﻠـﻢ ﻃـﺒـﺎﻋـﺔ ﻛــﺘــﺎب ﺳـﻴـﺪ ﻗﻄﺐ »ﻣــﻌــﺮﻛــﺘــﻨــﺎ ﻣـــﻊ اﻟـــﻴـــﻬـــﻮد« اﻟـــﺬي أﻋــﺪه وﻋﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ زﻳـﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ اﻟـﺮﻛـﺎﺑـﻲ، وﻛـﺎﻧـﺖ »دار اﻟـﺸـﺮوق« ﻓـﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻗـﺪ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ اﻟـــﺤـــﻖ اﻟـــﺸـــﺮﻋـــﻲ اﻟـــﺤـــﺼـــﺮي ﻓـﻲ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻛﺘﺐ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ﻣﻦ أﺧﻴﻪ ﻣـﺤـﻤـﺪ ﻗــﻄــﺐ. ﺛــﻢ ﺗــﻮاﻟــﺖ ﻃﺒﺎﻋﺔ ﻫـــﺬا اﻟــﻜــﺘــﺎب ﻋــﻦ ﻫـــﺬه اﻟـــــﺪار ﻓﻲ ﻃﺒﻌﺎت ﻋﺪﻳﺪة.
ﺛﻤﺔ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ أود ﻟﻔﺖ ﻧﻈﺮ اﻟﻘﺎرئ إﻟﻴﻬﺎ ﺗﺨﺺ ﻃﺒﻌﺎت »دار اﻟﺸﺮوق« ﻟﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب، وﻫﻲ أﻧﻬﺎ ﻧـﺰﻋـﺖ اﳌـﻘـﺪﻣـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻛﺘﺒﻬﺎ زﻳـﻦ اﻟـﻌـﺎﺑـﺪﻳـﻦ اﻟــﺮﻛــﺎﺑــﻲ ﻣــﻦ اﻟـﻜـﺘـﺎب، وأﺑــﻘــﺖ ﻋــﻠــﻰ ﺗـﻌـﻠـﻴـﻘـﺎﺗـﻪ ﻋــﻠــﻰ ﻣﺎ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ﻓﻲ ﻣﱳ اﻟﻜﺘﺎب!
اﻟـﻜـﺘـﺒـﺔ اﻹﺳــﻼﻣــﻴــﻮن اﻟـﺬﻳـﻦ اﺳﺘﻌﺎﻧﻮا ﺑﻬﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻓﻲ ﻛﺘﺒﻬﻢ وﻓـــﻲ ﻣـﻘـﺎﻻﺗـﻬـﻢ ﻻ ﻳـﻠـﻔـﺘـﻮن ﻧﻈﺮ ﻗــﺎرﺋــﻬــﻢ إﻟـــﻰ ﺗـﻠـﻚ اﳌـﻠـﺤـﻮﻇـﺔ وﻻ ﻳﺴﺄﻟﻮن اﻟﺪار ﻋﻦ ﺳﺒﺐ ﺗﺼﺮﻓﻬﺎ ﻫــــﺬا. وﻻ اﻟـــــﺪار ﻧـﻔـﺴـﻬـﺎ وﺟـــﺪت أﻧﻬﺎ ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﺗﺴﻮغ ﻓﻴﻪ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ.
وﻻ ﺷـﻚ أن ﻫــﺬا اﻷﻣــﺮ ﺣﺪث ﺑـــﻌـــﺪ ﻣــــﻮاﻓــــﻘــــﺔ زﻳــــــﻦ اﻟـــﻌـــﺎﺑـــﺪﻳـــﻦ اﻟﺮﻛﺎﺑﻲ، وﻧﺎﺷﺮ اﻟﻜﺘﺎب اﻷﺻﻠﻲ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻼح اﻟﺪﻳﻦ ﻋﻠﻴﻪ. وﻫﻮ أﻣــﺮ ﻣــﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺟـﻮاﻧـﺒـﻪ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﺨﻔﺎﻳﺎه ﺳﻮى اﻟﻌﺎرﻓﲔ ﺑﺪﻫﺎﻟﻴﺰ »اﻹﺧﻮان اﳌﺴﻠﻤﲔ« وﺳﺮادﻳﺒﻬﻢ اﻟﺴﺮﻳﺔ.
اﻟــــﻜــــﺘــــﺎب ﻣـــــﻜـــــﻮن ﻣـــــﻦ ﺗــﺴــﻊ ﻣــﻘــﺎﻻت، ﻣــﺒــﲔ أﺳــﻔــﻞ ﺑــﺪاﻳــﺔ ﻛﻞ ﻣﻘﺎل ﻣﻜﺎن وﺗﺎرﻳﺦ ﻧﺸﺮه ﻣﺎ ﻋﺪا اﳌﻘﺎل اﻟﺮاﺑﻊ واﳌﻘﺎل اﻷﺧﻴﺮ.
اﳌــﻘــﺎل اﻷﺧـــﻴـــﺮ، وﻫـــﻮ اﳌــﻘــﺎل اﳌـــﻌـــﻨـــﻮن ﺑـــــ»إﻟــــﻰ اﳌــﺜــﺎﻗــﻠــﲔ ﻋـﻦ اﻟــــﺠــــﻬــــﺎد« -ﻛــــﻤــــﺎ ﻳــــﻘــــﻮل ﻣــﺤــﻤــﺪ ﺣــﺎﻓــﻆ دﻳــــﺎب ﻓـــﻲ ﻛــﺘــﺎﺑــﻪ »ﺳـﻴـﺪ ﻗﻄﺐ: اﻟﺨﻄﺎب واﻵﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻴﺎ«ﻣﻘﺘﻄﻊ ﻣﻦ ﻛﺘﺎب ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ »ﻓﻲ ﻇـﻼل اﻟــﻘــﺮآن«، وﻧـﺸـﺮ ﻋـﺎم ٠٧٩١ ﻓــﻲ ﻛـﺘـﺎب ﻣﺴﺘﻘﻞ ﻟـﻜـﻦ ﻣــﻦ دون ذﻛﺮ ﻣﻜﺎن اﻟﻨﺸﺮ.
ﺑـــﻠـــﻎ ﻋــــــﺪد ﺗـــﻌـــﻠـــﻴـــﻘـــﺎت زﻳـــﻦ اﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ اﻟـﺮﻛـﺎﺑـﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻻت ﺳﻴﺪ ﻗﻄﺐ ﺛـﻼﺛـﺔ ﻋﺸﺮ ﺗﻌﻠﻴﻘﴼ، ﺛﻼﺛﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻫﻲ ﻣﻨﻘﻮﻟﺔ ﻣـــﻦ ﻛــﺘــﺎب ﻣـــــﺰور ﻋــﻠــﻰ اﻟــﻴــﻬــﻮد، وﻫﻮ ﻛﺘﺎب »ﺑﺮوﺗﻮﻛﻮﻻت ﺣﻜﻤﺎء ﺻﻬﻴﻮن«، أﺗﻰ ﺑﻬﺎ ﻟﻴﺆﻛﺪ ﺻﺪق ﻣــــﺎ ذﻫـــــﺐ ﺳـــﻴـــﺪ ﻗـــﻄـــﺐ إﻟـــﻴـــﻪ ﻓـﻲ ﻣﻘﺎﻟﻪ اﻟﺮاﺑﻊ اﳌﻌﻨﻮن ﺑـ »اﻟﻴﻬﻮد... اﻟﻴﻬﻮد!!!«.
وﺳــــﺄﺗــــﻮﻗــــﻒ ﻋـــﻨـــﺪ ﺗــﻌــﻠــﻴــﻘــﻪ اﻟـــــﻌـــــﺎﺷـــــﺮ ﳌــــﻨــــﺎﻗــــﺸــــﺔ ﺻـــﺤـــﺘـــﻪ. وﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﺑﻘﻴﺔ.