»ﺣﺮﻳﻢ اﻟﺴﻠﻄﺎن« ﻓﻲ ﻣﺰاد »ﺳﻮذﺑﻴﺰ« ﻟﻔﻨﻮن اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ
ﲢﻒ وﻟﻮﺣﺎت وﻣﺨﻄﻮﻃﺎت ﺗﺎرﻳﺨﻴﺔ
أﺛــﺎرت دار »ﺳﻮذﺑﻴﺰ« ﻋﺎﺻﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎت واﻟـﺼـﻮر ﻓﻲ اﻟﺸﻬﺮ اﳌــﺎﺿــﻲ ﺑــﻌــﺪ ﻋــﺮﺿــﻬــﺎ ﻷﻫـــﻢ ﻗﻄﻌﺔ ﻓـــﻲ ﻣـــﺰادﻫـــﺎ اﳌــﻘــﺒــﻞ ﻟــﻔــﻨــﻮن اﻟــﻌــﺎﻟــﻢ اﻹﺳـــﻼﻣـــﻲ واﻟــﻬــﻨــﺪ، وﻫـــﻲ ﻧــﻈــﺎرات ﻣﻐﻮﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪﺳﺎت ﻣﻦ اﳌﺎس واﻟﺰﻣﺮد. واﻵن، ﺗـــﻜـــﺸـــﻒ اﻟــــــــــﺪار ﻋـــــﻦ ﺑـــﺎﻗـــﻲ ﻣـﺤـﺘـﻮﻳـﺎت اﳌــــﺰاد اﻟـــﺬي ﺳـﻴـﻘـﺎم ﻓﻲ اﻟـ٧٢ ﻣﻦ اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺤﺎﻟﻲ، واﻟﺬي ﻳﻀﻢ ﻣــﺠــﻤــﻮﻋــﺔ ﻣـــﻦ اﳌــﺼــﺎﺣــﻒ اﻟـــﻨـــﺎدرة واﳌﺠﻮﻫﺮات اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ واﳌﺨﻄﻮﻃﺎت، إﺿــﺎﻓــﺔ إﻟــﻰ ﻗﻄﻊ ﻣﻤﻠﻮﻛﻴﺔ ﺗﻀﻤﻦ اﻹﻗــــﺒــــﺎل ﻋــﻠــﻰ ﻣــﺘــﺎﺑــﻌــﺔ اﳌــــــــﺰاد، إﻣــﺎ ﻟﻠﺸﺮاء واﻻﻗﺘﻨﺎء أو ﳌﻌﺮﻓﺔ اﻷﺳﻌﺎر اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺤﻘﻘﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﺨﺎرﺟﺔ ﻣﻦ ﺗﺎرﻳﺦ ﻏﻨﻲ ﺣﺎﻓﻞ.
وﻳــﻘــﺪم اﳌــــﺰاد ﻋــــﺪدﴽ ﻣــﻦ اﻟﻘﻄﻊ اﳌﻬﻤﺔ، ﺑﻤﺎ ﻓـﻲ ذﻟــﻚ ﺗﺤﻔﺔ ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ ﺗﻌﻮد ﻟﻠﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ، وﻋﺪد ﻣﻦ اﳌﺼﺎﺣﻒ اﳌﻬﻤﺔ، واﻷدوات اﻟﻔﻠﻜﻴﺔ، واﳌــﻨــﻤــﻨــﻤــﺎت اﻟــﻔــﺎرﺳــﻴــﺔ، وﺳــﺠــﺎدة ﺻﻔﻮﻳﺔ »ﺑﻮﻟﻮﻧﻴﺔ« ﺟﻤﻴﻠﺔ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟـــﻰ ٣ ﻟــﻮﺣــﺎت ﻟـﻠـﺴـﻠـﻄـﺎن ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻷول وزوﺟﺘﻪ واﺑﻨﺘﻪ.
ﺑﻼ ﺷﻚ اﳌﺼﺎﺣﻒ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﺻﻔﺤﺎﺗﻬﺎ إﺑﺪاع أﻣﻬﺮ اﻟــﺨــﻄــﺎﻃــﲔ واﻟـــﺮﺳـــﺎﻣـــﲔ ﺗـﺘـﺼـﺪر اﳌــــــــــــﺰاد، وﻣـــــــﻦ أﺟـــﻤـــﻠـــﻬـــﺎ وأﻫـــﻤـــﻬـــﺎ ﻣﺼﺤﻒ ﻣـﻦ اﻟـﻘـﺮن اﻟـﺴـﺎدس ﻋﺸﺮ ﻣـــﻜـــﺘـــﻮب ﺑــــﻤــــﺎء اﻟــــــﺬﻫــــــﺐ، وﻳـــﻌـــﻮد إﻟـــﻰ ﺑـــﻼد ﻓـــﺎرس ﻓــﻲ ﺣـﻘـﺒـﺔ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺼﻔﻮي.
وﺑـــــــﺤـــــــﺴـــــــﺐ ﺑــــــــﻴــــــــﺎن اﻟــــــــــــــــﺪار، ﻓﺎﳌﺼﺤﻒ ﻳﻌﺪ واﺣﺪﴽ ﻣﻦ ﻋﺪ ٍد ﻗﻠﻴ ٍﻞ ﺟـﺪﴽ ﻣﻦ اﳌﺨﻄﻮﻃﺎت اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻂ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﺠﺰء اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ. وﺑﻔﻀﻞ اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻔﺎﺧﺮ ﻟﻠﺬﻫﺐ ﻓـــﻲ اﳌــﺨــﻄــﻮﻃــﺔ ﺑــﺄﻛــﻤــﻠــﻬــﺎ، وﻟــﻴــﺲ ﻓﻘﻂ ﻟﻠﺼﻔﺤﺔ اﻻﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ اﳌﺰدوﺟﺔ واﻟـــﻌـــﻨـــﺎوﻳـــﻦ، ﻓــــﺈن ذﻟــــﻚ ﻳــﻌــﺪ ﻣـﻴـﺰة ﻧــﺎدرة، وﺗــﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﻘﺘﻨﻴﻬﺎ وﺛﺮوﺗﻪ اﻟﻄﺎﺋﻠﺔ.
وﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ، ﻧﺮى ﻣﺼﺤﻔﴼ ﻛﺎﻣﻼ ﻣﻦ ٠٣ ﺟــﺰءﴽ، ﻛﺘﺒﻪ ﻣﺤﻤﻮد ﺑـﻦ ﺻﺎﺑﺮ ﻣـﻦ اﻟـﺼـﲔ، ﻛﻞ ﺻــﻔــﺤــﺔ ﻓــﻴــﻪ ﻣــﻜــﻮﻧــﺔ ﻣـــﻦ ٥ أﺳـﻄـﺮ ﻣﻜﺘﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﺨﻂ اﻟﺼﻴﻨﻲ ﺑﺎﻟﺤﺒﺮ اﻷﺳﻮد، واﻵﻳﺎت ﻣﻔﺼﻮﻟﺔ ﺑﺰﻫﻴﺮات ذﻫــﺒــﻴــﺔ، وﻋــﻨــﺎوﻳــﻦ اﻟـــﺴـــﻮرة ﺑﺨﻂ ذﻫـــﺒـــﻲ وﻣــــﻠــــﻮن، وﺳـــــﻂ ﻧــﻘــﻮﺷــﺎت ﻷزﻫﺎر وﻧﺒﺎﺗﺎت.
وﻣـــــــﻦ اﻟـــــﺘـــــﺎرﻳـــــﺦ اﻟـــﻌـــﺜـــﻤـــﺎﻧـــﻲ، ﻳــﺤــﻤــﻞ اﳌـــــــﺰاد ﻟــــﻮﺣــــﺎت ﻟــﻠــﺴــﻠــﻄــﺎن ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻷول، وزوﺟﺘﻪ اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﺔ روﻛــــﺴــــﻼﻧــــﺔ، واﺑـــﻨـــﺘـــﻪ اﻟــﺴــﻠــﻄــﺎﻧــﺔ ﻣﻬﺮﻣﺎه.
وﻟــــﻮﺣــــﺔ اﻟـــﺴـــﻠـــﻄـــﺎن ﺳــﻠــﻴــﻤــﺎن اﳌــﻌــﺮوﺿــﺔ ﻓــﻲ اﳌــــﺰاد ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﺶ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎن ﺳﻠﻴﻤﺎن أﻧﺘﺠﻪ ﻓﻲ اﻷﺻــﻞ اﻟـﻔـﻨـﺎن ﻛـﻠـﻮد ﻓـﻴـﻨـﻮن، وﻫﻮ رﺳـــﺎم ﻓـﺮﻧـﺴـﻲ ﻏــﺰﻳــﺮ اﻹﻧــﺘــﺎج ﻣﻬﻢ ﺑﺸﻜﻞ ﻣـﻠـﺤـﻮظ ﻓــﻲ اﻟــﻘــﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋـﺸـﺮ. وﺗــﻌــﻮد اﻟــﺼــﻮرة إﻟــﻰ اﻟـﻘـﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ أو اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ. أﻣﺎ اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﺔ روﻛﺴﻼﻧﺔ، وﻫﻲ اﻟﺰوﺟﺔ اﻷﺳـــﻄـــﻮرﻳـــﺔ ﻟــﻠــﺴــﻠــﻄــﺎن ﺳــﻠــﻴــﻤــﺎن اﻷول، ﻓـــﻬـــﻲ ﻣــــﻮﺿــــﻮع اﻟــــﺼــــﻮرة اﻟﺘﺎﻟﻴﺔ اﳌﻌﺮوﺿﺔ ﻟﻠﺒﻴﻊ ﺿﻤﻦ اﳌﺰاد ﺑﻤﺒﻠﻎ ﺗﻘﺪﻳﺮي ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ٠٥١ أﻟﻒ ﺟﻨﻴﻪ إﺳﺘﺮﻟﻴﻨﻲ. واﻟﺼﻮرة ﺑﻌﻨﻮان
روﻛﺴﻴﻼﻧﺎ )ﺣﺴﻜﻲ ﺣﺮﻳﻢ ﺳﻠﻄﺎن، ٦٠٥١-٨٥٥١(، ورﺳﻤﻬﺎ أﺣﺪ أﺗﺒﺎع اﻟﻔﻨﺎن اﻹﻳﻄﺎﻟﻲ ﺗﻴﺘﻴﺎن )ﺗﻴﺰﻳﺎﻧﻮ ﻓﻴﺘﺸﻴﻠﻲ( ﻓﻲ ﺷﻤﺎل أوروﺑﺎ، أواﺧﺮ اﻟـﻘـﺮن اﻟــﺴــﺎدس ﻋﺸﺮ أواﺋـــﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ.
وﻛـــﺎﻧـــﺖ روﻛــﺴــﻴــﻼﻧــﺎ اﻟــﺰوﺟــﺔ اﳌـــﻔـــﻀـــﻠـــﺔ ﻟـــﻠـــﺴـــﻠـــﻄـــﺎن اﻟــﻌــﺜــﻤــﺎﻧــﻲ ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻟـﻘـﺎﻧـﻮﻧـﻲ اﻷﻃـــﻮل ﺣﻜﻤﴼ ﺑﲔ ﺳﻼﻃﲔ آل ﻋﺜﻤﺎن )اﻣﺘﺪ ﺣﻜﻤﻪ ﻣــﻦ ٠٢٥١ إﻟـــﻰ ٦٦٥١(، وأﺻـﺒـﺤـﺖ أﻗــــــﻮى اﻟـــﻨـــﺴـــﻮة وأﻛـــﺜـــﺮﻫـــﻦ ﻧــﻔــﻮذﴽ ﻓـﻲ اﻟـﺘـﺎرﻳـﺦ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ، وارﺗﺒﻄﺖ ﺑﻌﻼﻗﺔ وﺛﻴﻘﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻣــﻊ زوﺟﻬﺎ اﻟــــﺴــــﻠــــﻄــــﺎن اﻟــــﻌــــﻈــــﻴــــﻢ، ﻛــﻤــﺎ أﻧﺠﺒﺖ ﻟﻪ أرﺑﻌﺔ أﺑﻨﺎء )ﻣﻊ أن اﻷﻋــﺮاف ﻓﻲ ذﻟـﻚ اﻟﻌﻬﺪ ﻛــﺎﻧــﺖ ﺗـﻘـﻀـﻲ أن ﺗﻨﺠﺐ ﻣـﺤـﻈـﻴـﺔ اﻟــﺴــﻠــﻄــﺎن ﻃـﻔـﻼ واﺣﺪﴽ ﻓﻘﻂ(، وﻛﺎﻧﺖ ﻣـــــــــــــــﻦ أﻗـــــــــــــــﺮب اﳌــﺴــﺘــﺸــﺎرﻳــﻦ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﲔ ﻟﻪ.
وﺗــــــــــــــــﻌــــــــــــــــﺪ ﻫـــــﺬه اﻟــﻠــﻮﺣــﺔ اﻟـــــﻔـــــﺨـــــﻤـــــﺔ واﺣـــــــﺪة ﻣـــــــــــــــــــــﻦ اﻷﻋــــــﻤــــــﺎل اﻟـــﻔـــﻨـــﻴـــﺔ اﻟـــﻘـــﻠـــﻴـــﻠـــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺗــــﻢ إﻧـــﺘـــﺎﺟـــﻬـــﺎ ﺧـــــﻼل ﻓـــﺘـــﺮة ﺣــﻴــﺎة روﻛﺴﻴﻼﻧﺎ، أو ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻬﺎ ﺑﻔﺘﺮة وﺟــﻴــﺰة، ﻓـﻀـﻼ ﻋـﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ واﺣــﺪة ﻣـﻦ أرﻗــﻰ اﻟـﺼـﻮر ﻟﺴﻴﺪة ﻋﺜﻤﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ.
وﻻﺳـــﺘـــﻜـــﻤـــﺎل أﻟـــﺒـــﻮم اﻟــﻌــﺎﺋــﻠــﺔ اﻟﺸﻬﻴﺮة، ﻳﻀﻢ اﳌــﺰاد ﺻــﻮرة اﺑﻨﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﺳﻠﻴﻤﺎن اﻷول، ﻣﻬﺮﻣﺎه )ﻣـﺤـﺮﻣـﺔ(، اﻟـﺘـﻲ رﺳـﻤـﺖ ﻓـﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻋﺸﺮ أو اﻟﺜﺎﻣﻦ ﻋﺸﺮ.
وﻣـــــــﻦ اﻟــــﻘــــﻄــــﻊ اﻟــــﺘــــﻲ ﺗــﺤــﻈــﻰ ﺑـــﻤـــﻜـــﺎﻧـــﺔ أﺛـــــﻴـــــﺮة ﻓـــــﻲ ﺳــــــﻮق اﻟــﻔــﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد ﻟﻠﻌﺼﺮ اﳌـــﻤـــﻠـــﻮﻛـــﻲ، وﻣـــﻨـــﻬـــﺎ ﻳــــﻘــــﺪم اﳌــــــﺰاد ﺷـــﻤـــﻌـــﺪاﻧـــﴼ ﻓــﺨــﻤــﴼ ﻣـــﺼـــﻨـــﻮﻋـــﴼ ﻣــﻦ اﻟﻨﺤﺎس اﻷﺻﻔﺮ، ﻣﻄﻌﻤﴼ ﺑﺎﻟﺬﻫﺐ واﻟﻔﻀﺔ، ﻳﻌﻮد ﺗﺎرﻳﺦ ﺻﻨﻌﻪ إﻟﻰ ﻋﺎم ٥٧٢١ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ. وﻳﻌﺪ ﻫــﺬا اﻟﺸﻤﻌﺪان اﳌﺘﻤﻴﺰ أﺟـــﻤـــﻞ ﻧـــﻤـــﺎذج اﻷﻋــــﻤــــﺎل اﳌــﻌــﺪﻧــﻴــﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻓﻲ اﻟﺴﻮق ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٠١ ﺳـﻨـﻮات، وﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﳌﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ذاﺗﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺳــﺘــﻴــﻨــﺎت اﻟــــﻘــــﺮن اﳌـــــﺎﺿـــــﻲ، وﻫـــﻲ اﻟــﺘــﻲ ﻋــﺮﺿــﺖ ﻣــﺆﺧــﺮﴽ ﻓــﻲ ﻣﺘﺤﻒ ﻣﺘﺮوﺑﻮﻟﻴﺘﺎن ﻟﻠﻔﻨﻮن ﻓﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮرك. وﺗــــﺠــــﺴــــﺪ اﻟـــــــــﺰﺧـــــــــﺎرف اﻟـــﺘـــﻲ ﻧــﻘــﺸــﺖ ﻋــﻠــﻴــﻪ ﻣــﻮﻛــﺒــﴼ ﻓﺨﻤﴼ ﻳــــﺼــــﻮر رﺟـــــــﺎل اﻟــﺤــﺎﺷــﻴــﺔ واﳌــــﻮﺳــــﻴــــﻘــــﻴــــﲔ ﻹﻇــــﻬــــﺎر اﺣﺘﻔﺎﻻت اﻟﺒﻼط ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟـــﻔـــﺘـــﺮة، ورﺑـــﻤـــﺎ إﺿــــﺎءة اﳌـــــــــــــﻜـــــــــــــﺎن ﺑـــــــــــــﺂﻻف اﻟـــــــــﺸـــــــــﻤـــــــــﻮع، ﻓـــــــــﻲ أﺟــــــــــــﻮاء ﻏﺎﻣﺮة ﺗﺼﺪح ﻓـــﻴـــﻬـــﺎ أﺻــــــﻮات اﳌـــــﻮﺳـــــﻴـــــﻘـــــﻰ اﻟـﺼـﺎﺧـﺒـﺔ
ﺳـــﺠـــﺎدة ﺻــﻮﻓــﻴــﺔ ﻓـــﺎﺧـــﺮة ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺮ اﻟﺼﻔﻮي واﻟﺨﻴﻮط اﳌﻌﺪﻧﻴﺔ ﺻـﻨـﻌـﺖ ﻓــﻲ ﺑـــﻼد ﻓــــﺎرس )ﻳﺤﺘﻤﻞ ﻓــﻲ ﻣـﺪﻳـﻨـﺔ أﺻــﻔــﻬــﺎن( أواﺋـــﻞ اﻟـﻘـﺮن اﻟــﺴــﺎﺑــﻊ ﻋــﺸــﺮ. وﻗـــﺪ ﻧــﺴــﺠــﺖ ﻫــﺬه اﻟﺴﺠﺎدة ﺧﻼل اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺬﻫﺒﻲ ﻟﻠﻔﻦ اﻟﺼﻔﻮي، وﺗﻤﺖ اﻟﺰﺧﺮﻓﺔ اﻟﻔﻀﻴﺔ واﻟﺬﻫﺒﻴﺔ ﺑﺄﻟﻮاﻧﻬﺎ اﳌﺘﻸﻟﺌﺔ ﻟﻬﺬا اﻟــﻨــﻮع اﻟـــﺬي ﻳـﻄـﻠـﻖ ﻋـﻠـﻴـﻪ اﻟـﺴـﺠـﺎد »اﻟـﺒـﻮﻟـﻮﻧـﻲ« ﻣـﻦ ﺧــﻼل ﻟـﻒ ﺧﻴﻮط ﻣﻌﺪﻧﻴﺔ دﻗﻴﻘﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻣﺘﺪاد ﻗــﻄــﺮ اﻟــﻘــﻄــﻌــﺔ، وﺣــــﻮل ﺧــﻴــﻮط ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻳﺮ ﻳﻤﻜﻦ رؤﻳﺔ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﻬﺎ.
وﻛـﺎﻧـﺖ اﻟـﺴـﺠـﺎدة ﻓـﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺿـــﻤـــﻦ ﻣـــﺠـــﻤـــﻮﻋـــﺔ رﺟــــــﻞ اﻷﻋــــﻤــــﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ إﻟﺒﺮت ﻏﺎري )٦٤٨١-٧٢٩١(، وﻫﻮ أﺣﺪ ﻣﺆﺳﺴﻲ ﺻﻨﺎﻋﺔ اﻟﺼﻠﺐ اﻷﻣــﻴــﺮﻛــﻴــﺔ. وﻛــــﺎن ﻗــﺼــﺮه اﻟــﻔــﺎﺧــﺮ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻳﻤﺘﻠﺊ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل اﻟﻔﻨﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻗﺪﻣﻬﺎ اﻟـﺘـﺠـﺎر اﻟﺬﻳﻦ ﺗـﻮاﻓـﺪوا ﻋﻠﻰ ﻧﻴﻮﻳﻮرك ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ أﻧــﺤــﺎء أوروﺑـــــﺎ واﻟـــﺸـــﺮق اﻷوﺳــــﻂ. وﺑـﻴـﻌـﺖ اﻟــﺴــﺠــﺎدة ﻋـﻨـﺪﻣـﺎ ﺗــﻢ ﺑﻴﻊ اﻟﻘﺼﺮ ﻓﻲ ﻋﺎم ٨٢٩١، ﺣﻴﺚ ﺣﺼﻞ ﻋــﻠــﻴــﻬــﺎ ﺟـــــﻮن دي روﻛـــﻔـــﻠـــﺮ اﻟــــﺬي أﻫــــﺪاﻫــــﺎ ﻻﺣـــﻘـــﴼ ﳌـــﺆﺳـــﺴـــﺔ ﻣـﺘـﺤـﻒ أرﻛﻨﺴﺎس ﻟﻠﻔﻨﻮن اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ. وﺗﻄﺮح اﻵن ﻓﻲ اﳌﺰاد اﻟﻌﻠﻨﻲ ﻷول ﻣﺮة ﻣﻨﺬ ﻗـﺮن ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ ﻟﻼﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ اﻟﻌﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﺻﻨﺪوق اﻻﺳﺘﺤﻮاذ.
وﻧﺮى أﻳﻀﴼ ﻃﺒﻘﴼ ﺿﺨﻤﴼ ﻣﻦ اﻟــﺨــﺰف اﻹزﻧــﻴــﻘــﻲ ﻣـﺰﻳـﻨـﴼ ﺑـــﺄوراق وﻗﻄﻮف اﻟﻌﻨﺐ، وﻗﺪ ﺗﻢ إﻧﺘﺎﺟﻪ ﻓﻲ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم ٠٣٥١ ﺗﻘﺮﻳﺒﴼ. وﻳﻌﺪ اﻟﻄﺒﻖ ﻧﻤﻮذﺟﴼ راﺋﻌﴼ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﴼ ﻣـﻦ اﻟـﺨـﺰف اﻹزﻧـﻴـﻘـﻲ )ﻧﺴﺒﺔ إﻟﻰ ﺑﻠﺪة إزﻧﻴﻖ ﻏـﺮب اﻷﻧــﺎﺿــﻮل( ﻓﻲ أواﺋـﻞ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸﺮ، وﻫﻮ ﻣــﺴــﺘــﻮﺣــﻰ ﻣـــﻦ اﻟــﺘــﺼــﻤــﻴــﻢ اﻟـــﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﺋﺪﴽ إﺑﺎن ﺣﻜﻢ ﺳﻼﻟﺔ ﻣﻴﻨﻎ اﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ، ﺣﻴﺚ ﺗﻢ ﺗﻘﻠﻴﺪه أﻳﻀﴼ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﺤﺠﻢ اﻟﻀﺨﻢ. وﻳﺒﻠﻎ ﻗﻄﺮ اﻟﻄﺒﻖ ٥٫٤٤ ﺳﻨﺘﻴﻤﺘﺮﴽ، وﻫﻮ أﻛﺒﺮ ﻃﺒﻖ إزﻧﻴﻘﻲ ﺗﻢ ﺗﺴﺠﻴﻠﻪ ﺑﺘﺼﻤﻴﻢ ﻳــﺤــﻤــﻞ زﺧـــــــــﺎرف ورق وﻗـــﻄـــﻮف اﻟﻌﻨﺐ.
وﻻ ﻳـــــﺨـــــﻠـــــﻮ ﻣــــــــــــــﺰاد ﻟـــﻠـــﻔـــﻦ اﻹﺳــﻼﻣــﻲ ﻣــﻦ ﻗـﻄـﻊ اﳌــﺠــﻮﻫــﺮات اﻟـﺘـﻲ ﻛـﺎﻧـﺖ ﺗﻤﺜﻞ ﻋـﻨـﺼـﺮﴽ ﻣﻬﻤﴼ ﻓﻲ ﻣﻠﺒﺲ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠﻰ اﻟــــﺴــــﻮاء، وﺗــﺘــﻤــﻴــﺰ اﻟــﻘــﻄــﻊ اﻟــﺘــﻲ ﺗـﻌـﻮد ﻟﻠﻬﻨﺪ ﺑﺎﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﳌﺘﻘﻨﺔ واﻟﻨﻘﻮﺷﺎت اﻟﺒﺪﻳﻌﺔ واﻷﺣـﺠـﺎر اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ.
وﺗـــﻔـــﺘـــﺨـــﺮ اﻟـــﻬـــﻨـــﺪ ﺑــﺘــﻘــﺎﻟــﻴــﺪ اﻟﻔﻨﻮن اﻟﺰﺧﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻨﻘﻄﻊ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻮر ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﺧﻤﺴﺔ آﻻف ﻋﺎم ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ. وﻗﺪ ﺣﺪﺛﺖ ﻃﻔﺮة ﻣـﻠـﺤـﻮﻇـﺔ ﻓــﻲ ﻓــﻨــﻮن اﳌــﺠــﻮﻫــﺮات اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، ﺣﻴﺚ ﺷﻬﺪت ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﳌﺰج ﺑﲔ اﳌﻌﺮﻓﺔ اﻟﺤﺮﻓﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ ﻟﺸﺒﻪ اﻟــﻘــﺎرة اﻟﻬﻨﺪﻳﺔ وﺧـــــﻄـــــﻮط اﳌـــــﻮﺿـــــﺔ اﻷوروﺑـــــﻴـــــﺔ ﻟﺘﻌﻜﺲ ﻣﺬاق اﻟﻌﺼﺮ، وﻳﺒﺮز ﻫﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ ﺟﻠﻴﴼ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﻘﺪ.
وﻣـــﻦ اﳌــﺠــﻮﻫــﺮات اﻟـﺒـﺪﻳـﻌـﺔ، ﻳــﻘــﺪم اﳌــــــﺰاد ﻗـــــﻼدة ﻣــﻐــﻮﻟــﻴــﺔ ﻣﻦ اﻟـــﺰﻣـــﺮد ﻣـﺜـﺒـﺖ ﻓــﻲ أﻋــﻼﻫــﺎ ﻣﻴﻨﺎ ﻳﺘﺨﺬ ﺷﻜﻞ اﻟﺒﺒﻐﺎء، وﻗﺪ ﺻﻨﻌﺖ ﻓﻲ اﻟﻬﻨﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ، وأﺿــﻴــﻒ إﻟـﻴـﻬـﺎ ﻋـﻘـﺪ ﻣــﻦ اﻟـﻠـﺆﻟـﺆ ﻓـــﻲ ﻓــﺘــﺮة ﻻﺣـــﻘـــﺔ. وﻳــﺠــﺴــﺪ ﻫــﺬا اﻟــﻌــﻘــﺪ اﻟـــﺰﻣـــﺮدي اﻟــﻌــﺸــﻖ اﻷزﻟـــﻲ ﻟﻠﻨﺨﺒﺔ اﳌﻐﻮﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎه اﻷﺣﺠﺎر اﻟـﻜـﺮﻳـﻤـﺔ، ﻛـﻤـﺎ أﻧــﻪ ﻳﻠﻘﻲ اﻟـﻀـﻮء ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻣﺰﻳﺔ اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﺰﺧﺎرف، ﻣﺜﻞ اﻟﺒﺒﻐﺎوات واﻟﺘﺄﺛﻴﺮ اﳌﺴﺘﻤﺮ ﻟﻠﻤﺠﻮﻫﺮات اﳌﻐﻮﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻬﺞ اﻷوروﺑﻲ.
ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﺰاد ﻟﻠﻔﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻣﻦ ﻗﻄﻊ اﳌﺠﻮﻫﺮات اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ ﻋﻨﺼﺮﴽ ﻣﻬﻤﴼ ﻓﻲ ﻣﻠﺒﺲ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاء، وﺗﺘﻤﻴﺰ اﻟﻘﻄﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮد ﻟﻠﻬﻨﺪ ﺑﺎﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﳌﺘﻘﻨﺔ واﻟﻨﻘﻮﺷﺎت اﻟﺒﺪﻳﻌﺔ واﻷﺣﺠﺎر اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ.