اﻟﻨﺸﺎط اﻷﺛﺮي ﰲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ
ﻧـﺴـﺘـﻄـﻴـﻊ أن ﻧــﻘــﻮل إن اﻟــﻨــﺸــﺎط اﻷﺛـــــﺮي ﻓﻲ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟـﻌـﺮﺑـﻴـﺔ اﻟـﺴـﻌـﻮدﻳـﺔ ﺑـــﺪأ ﻓــﻲ ﺧﻤﺴﻴﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﳌـﺎﺿـﻲ. وﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﺪاﻳﺎت ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺼﺎدﻓﺔ ﻓﻲ أﺛﻨﺎء أﻋﻤﺎل اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻲ واﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﺑﺤﺜﴼ ﻋــﻦ ﺣـﻘـﻮل وآﺑــﺎر اﻟـﺒـﺘـﺮول. وﻗــﺪ ﻛــﺎن ﻟﺸﺮﻛﺔ »أراﻣــﻜــﻮ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ« دور ﻣﻠﺤﻮظ ﻓـﻲ ذﻟــﻚ اﻟـﻮﻗـﺖ ﻣـﻦ ﺧــﻼل ﺑﺤﻮﺛﻬﺎ اﻟﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ. وﻳﺤﺴﺐ ﻟﻠﺠﻴﻮﻟﻮﺟﻴﲔ اﻟﻌﺎﻣﻠﲔ ﻓـــﻲ اﻟــﺸــﺮﻛــﺔ ﻣـــﻊ ﺑــﻌــﺾ اﳌــﺴــﺘــﺸــﺮﻗــﲔ اﻷﺟـــﺎﻧـــﺐ، اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄﻋﻤﺎل اﻟﺘﺴﺠﻴﻞ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﻠﻤﻮاﻗﻊ اﻷﺛﺮﻳﺔ ﻓﻲ اﳌﻤﻠﻜﺔ.
وﻋـــﻠـــﻰ اﻟــــﺮﻏــــﻢ ﻣــــﻦ إدراك اﳌــﻤــﻠــﻜــﺔ اﻟــﻌــﺮﺑــﻴــﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ أﻫﻤﻴﺔ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻜﻪ ﻣﻦ ﺗﺮاث أﺛﺮي ﻣﺘﻨﻮع وﻓـﺮﻳـﺪ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻫﻨﺎك ﻓـﻲ ذﻟــﻚ اﻟـﻮﻗـﺖ ﺟﻬﺔ رﺳﻤﻴﺔ ﻣﺤﺪدة ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﺘﺮاث، وﻛﺎﻧﺖ وزارة اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ ﻫـﻲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺠﻬﺎت واﻷﻓﺮاد ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺮاﺧﻴﺺ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺰﻳﺎرة اﳌـــﻮاﻗـــﻊ اﻷﺛـــﺮﻳـــﺔ، ﺣـﻴـﺚ ﻟـــﻢ ﺗـﻜـﻦ إدارات اﳌـﻨـﺎﻃـﻖ اﳌﺤﻠﻴﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺘﺠﻮل ﻓـﻲ ﻣـﻮاﻗـﻊ اﻵﺛـــﺎر دون وﺟـــﻮد ﺗـﺼـﺮﻳـﺢ رﺳــﻤــﻲ ﺑــﺬﻟــﻚ. ﻛــﺬﻟــﻚ وﻣــﻨــﺬ ﻫـﺬا اﻟﻮﻗﺖ اﳌﺒﻜﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ اﳌﺴﻤﻮح إﻟﺤﺎق أي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻀﺮر، ﺣﺘﻰ ﻣﺠﺮد ﳌﺲ اﻵﺛﺎر.
وﻓﻲ ﻋﺎم ٤٦٩١م ﺻﺪر اﳌﺮﺳﻮم اﳌﻠﻜﻲ ﺑﺈﻧﺸﺎء إدارة ﺧـﺎﺻـﺔ ﺑــﺎﻵﺛــﺎر واﳌـﺘـﺎﺣـﻒ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺘﺒﻊ ﻓﻲ ﻋـﻤـﻠـﻬـﺎ وزارة اﳌــــﻌــــﺎرف. ﺑـــــﺪأت اﻹدارة اﳌــﻨــﺸــﺄة ﺣﺪﻳﺜﴼ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻣﻦ إﺣﺪى ﻗﺎﻋﺎت ﻣﻌﻬﺪ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ اﻟﻨﻤﻮذﺟﻲ ﻓﻲ اﻟﺮﻳﺎض ﻗﺒﻞ أن ﺗﻨﺘﻘﻞ إﻟﻰ ﻣﻘﺮﻫﺎ اﻟـﺮﺋـﻴـﺴـﻲ اﻟــــﺬي ﺗــﻢ ﺗﺨﺼﻴﺼﻪ ﻟــﻬــﺎ. وﻣــﻨــﺬ ذﻟـﻚ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﺮت اﻹدارة ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮرات اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺐ ﻓﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟـﺘـﺮاث اﻷﺛـﺮي ﺑﺎﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟﻰ ﻣﺪﻳﺮﻳﺔ ﻋـﺎﻣـﺔ ﻟــﻶﺛــﺎر، واﺳﺘﻤﺮ اﻟﺘﻄﻮﻳﺮ إﻟــﻰ أن ﺗﺤﻮﻟﺖ إﻟـﻰ ﻣﺠﻠﺲ أﻋﻠﻰ ﻟـﻶﺛـﺎر ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ وزﻳـﺮ اﳌﻌﺎرف. وﻛﺎن ﻣﻦ إﻧﺠﺎزات وﻛﺎﻟﺔ اﻵﺛـﺎر اﳌﻬﻤﺔ، ﺑﻌﻴﺪﴽ ﻋــﻦ دورﻫـــﺎ اﻷﺳــﺎﺳــﻲ ﻓـﻲ ﺣﻔﻆ وﺻﻴﺎﻧﺔ اﻟــــﺘــــﺮاث اﻷﺛــــــﺮي ﻟــﻠــﻤــﻤــﻠــﻜــﺔ، إﺻــــــﺪار أول ﺣـﻮﻟـﻴـﺔ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻟــﻶﺛــﺎر اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟـﺴـﻌـﻮدﻳـﺔ أﻃــﻠــﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﺳﻢ »أﻃﻼل«. وﻗﺪ ﺻﺪر ﻋﺪدﻫﺎ اﻷول ﻋﺎم ٧٧٩١م ﺑﺎﻟﻠﻐﺘﲔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﻧـﺠـﻠـﻴـﺰﻳـﺔ، وﺗـﻌـﻨـﻰ ﺑﻨﺸﺮ اﳌــﻘــﺎﻻت واﻷﺑـــﺤـــﺎث واﻷوراق اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑــﻨــﺘــﺎﺋــﺞ اﻟــــﺪراﺳــــﺎت اﻟــﺤــﻘــﻠــﻴــﺔ ﻣـــﻦ أﻋـــﻤـــﺎل ﻣﺴﺢ وﺗﻨﻘﻴﺐ ﻓـﻲ اﳌـﻮاﻗـﻊ اﻷﺛـﺮﻳـﺔ ﻓـﻲ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ.
ﻛﺎن إﺻﺪار »أﻃﻼل« ﻣﻦ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺷﺠﻊ اﻟﺒﺎﺣﺜﲔ واﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻨﺸﺮ ﻧﺘﺎﺋﺞ أﻋـﻤـﺎﻟـﻬــﻢ ﻓـــﻲ دورﻳـــــﺔ ﺗـــﺼـــﺪر ﻣـــﻦ داﺧــــﻞ اﳌـﻤـﻠـﻜـﺔ، وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻜﻨﺖ أﻋﻤﺎل اﻟﻨﺸﺮ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣــﻦ اﻟـﺒـﺎﺣـﺜـﲔ ﻣــﻦ دﺧــــﻮل ﻣــﺠــﺎل اﻟـﻨـﺸـﺮ اﻟﻌﻠﻤﻲ ﻷﻋـﻤـﺎﻟـﻬـﻢ وﺗـــﺠـــﺎوز ﻋــﺎﺋــﻖ اﻟــﻠــﻐــﺔ، وﻛــﺎﻧــﺖ ﺑـﺪاﻳـﺔ ﻣﻬﻤﺔ ﻟﻈﻬﻮر أﺑﺤﺎث اﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻌﺮب ﺑﻠﻐﺘﻬﻢ اﻷم إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻠﻐﺎت اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﺘﻲ أﺑﺪﻋﻮا ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﺑﻬﺎ ﻟﺘﻜﻮن ﻣﺘﺎﺣﺔ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ. ﻟﻴﺲ ﻫﺬا ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻟﻘﺪ ﻇﻬﺮت ﻣﻘﺎﻻت ﻟﻌﻠﻤﺎء وﺑﺎﺣﺜﲔ أﺟﺎﻧﺐ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻊ اﻹﺻﺪار اﻷول ﻟﻠﻤﺠﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ، إﻟﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ ﻫﺬا، اﻻﻃﻼع ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ أن أﺗﺎﺣﺘﻬﺎ ﻫﻴﺌﺔ اﻟـﺘـﺮاث ﺑﺎﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻣﺠﺎﻧﴼ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ.
وﻳﺘﺒﻨﻰ ﻗﻄﺎع اﻵﺛﺎر ﻓﻲ ﻫﻴﺌﺔ اﻟﺘﺮاث إﺻﺪار ﻫﺬه اﻟﺤﻮﻟﻴﺔ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ اﻵن، ﺣﻴﺚ ﺗﻨﺸﺮ اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻟﺒﻌﺜﺎت اﻟﺘﻨﻘﻴﺐ اﻷﺛـــﺮي اﳌﻨﺘﺸﺮة ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﳌﻤﻠﻜﺔ ﺗﺤﺖ إﺷﺮاف اﻟﻬﻴﺌﺔ، إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷﺑﺤﺎث واﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻋﻦ اﻵﺛﺎر ﻓﻲ اﳌﻤﻠﻜﺔ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻣﻦ أﻫﻢ اﳌﺠﻼت اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ اﳌﻨﻄﻘﺔ.