Okaz

ازرع حُبّا، حتصد أمنا!

- عزيزة المانع azman3075@gmail.com

إن أعجب فعجب ملن يصرون على إبقاء الكراهية حية في قلوبهم، فكلما دعوتهم إلى التسامح والتغاضي، سخروا منك وعدوك ساذجا ال تحسن تقدير األمور. اإلصرار على رد اإلساء ة بمثلها أو أكبر منها، واالعتقاد بأن التسامح والتغاضي، سلوك سلبي، وأن مقابلة الشر بمثله يــردع املـسـيء ويـصـرف إســاءتــه، انتهى بنا إلى استدامة البغضاء والنفور فيما بيننا، وكلما توغلنا فــي التحريض وإيــغــار الــصــدور ضــد بعضنا بعضا، زاد معيار البغضاء في القلوب، واشتد أوار العداوة، فتعالى التعبير عنها في صورة أفعال الشر. رغم أننا نقرأ قول الله تعالى {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء}، ورغم ما نعرفه من أن الله ملا غضب على اليهود ألقى بينهم العداوة {وألقينا بينهم العداوة والبغضاء}، إال أننا مع ذلك ماضون في تنمية العداوة والبغضاء فيما بيننا!! ولعل ما نعاني منه هذه األيام من تكرر وقوع الجرائم اإلرهابية، يرجع في بعضه إلى ما يوجد في القلوب من نفور وبغضاء وعـداوة، حتى باتت سريعة االستجابة للدعوات التي تحرضها على ارتكاب الجرائم والوقوع في الشر، فطاملا أننا قسمنا أنفسنا إلى فرق وطوائف تـتـنـاحـر فـيـمـا بـيـنـهـا ويــطــعــ­ن كــل مـنـهـا اآلخـــــر: سنة، وشيعة، وليبرالية، وسلفية، إلـخ القائمة التصنيفية، فإن علينا أن نحتمل ما ينتج عن هذه التقسيمات من تعزيز للبغضاء وتوسيع لنطاق الكراهية والنفور. وال يظن أحد أني رومانسية، أدعو إلى خياالت وأحالم، فالواقع يؤكد لنا أن الحرب تجلب الحرب، وأن العداوة تـورث عــداوة، وكل من يقرأ التاريخ يعرف كيف كانت الــحــروب األهــلــي­ــة تـحـصـد أهـلـهـا وتــظــل نــارهــا متقدة سنني طويلة بسبب ما كان بينهم من بغضاء، وكلما زادت البغضاء زادت الـحـرب اشـتـعـاال واشـتـد أوارها، فمنذ حــرب (داحـــس والــغــبـ­ـراء) الـتـي فتكت ضراوتها باآلالف عبر أربعني عاما متواصلة من القتال الشرس بـني قبيلتي عبس وذبــيــان، إلــى حـروبـنـا الحالية في الــعــراق ولـبـنـان وســوريــا وليبيا وغـيـرهـا مــن مناطق الـحـروب األهلية، تظل الكراهية والبغضاء هي النبع الساخن الذي تستقي منه الحرب وقودها. فاللهم ألــف بــني قلوبنا، وأصــلــح ذات بيننا، واهدنا سبل السالم.

للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 االتصاالت أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia