حسابات إباحية وتسامح اجتماعي
قـــد يــكــون مـــا يـفـعـلـه الـــفـــرد فـــي شأنه الـــخـــاص فـــي حــالــة تـتـخـطـى حواجز املثالية التي يدعيها في ظاهره العام أحيانا، فيما أن كل األساليب والنظم التي تسببت في كبت املجتمع زادت عن حدها حتى انقلبت إلى ضدها، وهذا يظهر فـي تـزايـد الحسابات اإلباحية املـــجـــهـــولـــة عـــلـــى مـــــواقـــــع التواصل، يتخفى أصحابها خلف صور وأسماء مـسـتـعـارة تجعل انـدفـاعـهـم الغريزي محور التعبير األول عن شخصياتهم. بــالــنــظــر إلـــــى حـــســـابـــات تستخدمها الفتيات في نشر هذا النوع من الصور، فــســنــجــد أن ذلــــــك مــــصــــدر لإلعجاب والـتـجـمـهـر وال يـعـد إشــكــاال طــاملــا أن املرأة تخفي هويتها، هذا ما نستطيع استنتاجه إذا الحظنا أنــواع الهجوم عـلـى الـنـسـاء الــالتــي يـظـهـرن كاشفات الــوجــه، وبــرغــم أن الــتــصــرف فــي هذه الحالة يعني بالضرورة مسؤوليتها األخــالقــيــة عـمـا تـقـولـه وتفعله بـمـا ال يسمح أن تكون عرضة لالنتقاص، إال أنـهـا تـعـانـي مــن ذلـــك، وهـــذا ال يحدث مع األخـرى التي ال تشعر باملسؤولية تــــجــــاه فـــعـــلـــهـــا، مــــا يــجــعــلــهــا تلتقي باهتمام جماهيري واسع، بينما نجد أن التسامح االجتماعي مع هذه الحالة ساعد في تناميها وانتشارها. تعامل تغطية الوجه في هـذه الحالة كأسلوب للتنكر، وهذا يعني استخدام أداة الــســتــر الــتــي فــرضــت اجتماعيا لتحقيق املظهر األخالقي في ممارسة ســلــوكــيــات يـــجـــرم املــجــتــمــع فاعلها، مـن حيث ال يمكن معاقبته طـاملـا هو مــجــهــول الــهــويــة، فــاالمــتــثــال الفردي يأتي طبقا لرفض املجتمع أو قبوله، وبــغــض الـنـظـر عــن املــعــيــار األخالقي للفعل إال أن تعريف الهوية الشخصية للمرأة من خالل الوجه هو األمر الذي يشكل محور النزاع في القضية، فكثير مــمــن يــســتــنــكــرون عــلــى املـــــــرأة كشف وجهها ال يفعلون ذلك مع التي تغطي وجــهــهــا وتــكــشــف عـــن جــســدهــا طاملا أنها تتفانى في تقديم املتعة. التربية االجتماعية تهتم بالفضيلة مــن ظــاهــرهــا، وهـــذا مــا جعلها تعمل كـغـطـاء عـلـى الــفــســاد األخـــالقـــي، ومن خالل دراسة الحالة يمكن أن نستنتج أن هذا النوع من املمارسات املتخفية تـأتـي كاستجابة لـحـاجـات ذاتــيــة، ما يعني أن جوهر التعامل مع املجتمع من أجل تحقيق الرغبات قد يصل إلى درجــة الضد التي ال يــدرك فيها الفرد مــقــدار الــضــرر الــــذي يــوقــع فــيــه ذاته، فـتـطـويـق املـجـتـمـع وتـجـويـع عاطفته إلـــى هـــذا الــحــد يـفـضـي بـالـبـعـض إلى االنــقــيــاد خــلــف ســلــوكــيــات متناقضة وغير سوية دافعها األساسي «إرضاء الــــذات»، مــن ذلــك تنتج حـالـة الصراع الـنـفـسـي الــتــي يعيشها الــفــرد بــني ما يريد أن يفعل وبــني مـا يتوجب عليه فعله، وعلى ذلــك يمكن قياس الكثير مــن األشــيــاء الـتـي تحرمه مــن أن يجد تــنــاســقــا بـــني أفــــكــــاره ومـــبـــادئـــه التي تتحقق منها أفعاله في النتيجة.