زواج االستثمار وزواج االستغالل
حسب املتحدث الرسمي لـــوزارة الــعــدل، كما نـشـرت «عــكــاظ» أمس، فإن عدد عقود زواج السعوديات من أجانب وزواج السعوديني من األجنبيات بلغ نحو 2312 خــال الـعـام الـحـالـي. وألن مـن حـق كل شخص أن يختار شريك حياته فليس لـدي اعـتـراض على ذلــك، بل إنني أؤيـد الخروج من ضيق املجتمع الـذي يفرض الــزواج من ابن العم أو القريب أو ابن البلد إلى سعة في العاقات والزواجات طاملا أن األمـــور مضبوطة والــحــقــوق مـحـفـوظـة، خـاصـة حـقـوق األطفال ومستقبلهم. ما لفت نظري، أيضا، في هذا الخبر هو مطالبة املحامي بدر الروقي بضرورة صياغة اتفاق أمني وقضائي بني اململكة وموطن الزوج األجـنـبـي مــن أجــل حـمـايـة حـقـوق املــواطــنــة املــتــزوجــة مـنـه فــي حال الطاق أو االحتيال أو االستغال. وقـال الروقي كاما مهما زبدته أن الـزوجـة السعودية قد تستغل من زوجها األجنبي في التجارة والعمل وتوريطها في قضايا مالية في ما يسمى بزواج االستثمار. وإذا كان هذا صحيحا فإنني كنت أتمنى أن نرى كاما عن استغال الــســعــوديــني الــتــاريــخــي لــزوجــاتــهــم األجــنــبــيــات الـــائـــي غــالــبــا ما يرتبطن بهم لحاجات مـاديـة وظــروف أسـريـة قاسية وقـاهـرة. وقد حدث أن تخلى كثير من هؤالء األزواج، في داخل اململكة وخارجها، عن زوجاتهم وأوالدهم وتركوهم با دخل أو مأوى أو أوراق رسمية بــمــجــرد أن قــضــى الـــــزوج وطــــره أو غــيــر رأيــــه فــي مــســألــة ارتباطه بأجنبية. مــن املــهــم أن نـحــافــظ عـلــى بـنـاتـنـا وحــقـوقــهــن فــي حـــال ارتباطهن بأجانب لكن من العدل كذلك أن نلتفت إلى بنات اآلخرين اللواتي طـاملـا تعرضن لـــزواج االسـتـغـال والــــزواج بنية الـطـاق ومسميات أخرى ال أول لها وال آخر. أقرب مظاهر هذا االستغال، فقط للعلم، زواج بعض السعوديني مـن قـاصـرات سـوريـات اضطرتهن ظروف بـلـدهـن ومـعـيـشـتـهـن فــي املــاجــئ إلـــى الــقــبــول بـهـم كـمـا قـبـلـن بكل الجنسيات حتى الغربية منها دون أن يكون هناك مظلة قانونية تحميهن وتحمي أوالدهن من مغبات الزواج الفاشل. الزواج مؤسسة مجتمعية شديدة الحساسية وشديدة التأثير في املجتمع وسامته وأمنه، وبالتالي فـإن كل ما يتعلق بـه، سـواء زواج السعوديات من أجانب أو زواج السعوديني من أجنبيات، يجب أن يحكم قانونيا بحيث ال يضيع حق ألحد وال يتشرد أو يضيع أبناء أحد سواء أكان مرجعهم الوطني سعوديا أو غير سعودي. لنعتبر تسامح السعوديني اآلن في تزويج بناتهم من أجانب فرصة لتصحيح زواج أبنائنا مـن أجنبيات واتـخـاذ كـل اإلجـــراءات التي تضمن أن هذا املتزوج يعرف تماما نتيجة قراره ويتحمل، كما يجب، مسؤولية هذا القرار؛ ألن ما نعرفه عن ما تعانيه بعض الزوجات األجنبيات وأوالدهــن من مشقة الحياة وصعوبتها وضيقها بعد الطاق أو غياب الــزوج املفاجئ بعد سفره من بلد الزوجة أوقعنا في مطبات وإحراجات نحن في غنى عنها؛ وال يصح بأي حال من األحوال أن يدفع املجتمع ثمن خطأ في القرار أو ثمن مزاج عابر.