Okaz

فوائد البنوك السعودية!

- نجيب عصام يماني nyamanie@hotmail.com

كتب الزميل طالل آل الشيخ الوطن )5736( بـــعـــنـ­ــوان الـــبـــن­ـــوك الـــســـع­ـــوديـــة األســــــ­ــوأ في الـعـالـم، اعـتـمـادا على عــدة حقائق أفرزتها بــعــض الــبــنــ­وك الــعــامـ­ـلــة فــي الــوطــن بــعــد عـــدة عــقــود على بـدء نشاطها، ومـع أنها تربح املليارات إال أنـه ال أثـر لذلك على الدعم املجتمعي ألنشطته املختلفة سواء الصحية أو التعليمية أو الفكرية أو على البحث العلمي أو مشاريع اإلســكــا­ن بـاملـسـاه­ـمـة فــي إيــصــال الــخــدمـ­ـات إلـــى األراضي البعيدة، وبناء املساكن وتمليكها للناس بقروض مقبوله أو تبني مبادرات خالقة لصقل املواهب وإرســال البعثات الدراسية لتعود بالنفع على الوطن وأبنائه. الــبــنــ­وك فـعـال تــأكــل بـنـهـم وال تـشـبـع، مــؤيــدا وجــهــة نظره بضرورة إعادة النظر في القوانني التي تختص باملؤسسات الربحية التي لم يجِن منها الوطن ما يعود بالنفع عليه؛ وذلــك باستقطاع جـزء من أرباحها املتضخمة، ووضعها في صندوق مخصص يصب في صالح الدعم املجتمعي مباشرة مما يتوافق والرؤية الوطنية الشاملة، وقد ذكر في سياق موضوعه أن بنوك اململكة الوحيدة في العالم التي ال تعطي فوائد (أرباحا) على الودائع دون إبداء األسباب، وهذا مخالف في حقيقته ملا ذكره مجموعة من أهل العلم مثل ابــن قــدامــة فــي كتابه املـغـنـي، والــقــرا­فــي فــي الذخيرة وابن تيمية في الفتاوى وغيرهم بجواز إتجار املودع عنده بالوديعة املضمونة التي ال تتعني كالدراهم والدنانير من غير علم وال موافقة املــودع واستحقاقه جــزءا فـي العائد على رأس املـال. وحجتهم في ذلك ما أقـره أصحاب رسول الله عليه الصالة والسالم في ما يشبه اإلجماع البني عمر بن الخطاب عبدالله وعبيدالله في إتجارهما بما أودعه عـنـدهـمـا أبــو مــوســى األشــعــر­ي مــن الـدنـانـي­ـر فــي البصرة إليصالها إلى الخليفة في املدينة. فما كان من ابني عمر إال أن أتجرا بهذا املال واستثمرا فــيــه ثـــم أعــــــاد­ا الـــوديــ­ـعـــة إلى صاحبها مع جـزء من الربح واســتــحـ­ـقــا بـــإقـــر­ار عــمــر ومن معه من الصحابه الجزء اآلخر وقـــبـــض­ـــاه، واألصـــــ­ل فـــي هذا قــولــه عليه الــصــالة والسالم (الـخـراج بالضمان) ويقصد بها الحق في الحصول على النفع أو الكسب (العائد أو الربح)، وهي قاعدة فقهية تنص على من ضمن أصل شيء فله أن يحصل على ما تولد عنه مـن فـائـدة. وهــذا الحديث هـو مـا احتج بـه الصحابة على استحقاق ابني عمر لجزء من الربح، بمعنى أن ما استحقه املستثمر على رأس املال بالوديعة املضمونة. كما أنه ينظر إلى هذه األربــاح والحصول عليها من باب تصرف الوكيل الفضولي في مال املوكل، وقد أقر رسول الله عليه الصالة والسالم هذا التصرف في قصة عروة البارقي وذكـــره ابــن قـدامـة الحنبلي فـي املغني أن الــرســول أعطاه ديـنـارا يشتري لـه شــاة فاشترى لـه شاتني فباع إحداهما بدينار فأتى النبي بدينار وشاة فدعا له الرسول ((اللهم بارك له)) في صفقة يمينة فكان من أكثر أهل الكوفة ماال. وجـــاء مـثـل هــذا فــي قـصـة حكيم بــن حـــزام الـتـي ذكرها النووي، فلو لم يكن استثمار املـودع عنده للوديعة بغير إذن املـودع جائزة ملا أقرها الـــرســـ­ول وبــاركــه­ــا، ولـــو لم يـــكـــن لــــلــــ­مــــودع استحقاق فــي الـعـائـد عـلـى رأس املال ملــــــا قــــبــــ­ل الـــــــر­ســـــــول الــــشـــ­ـاه والــــديـ­ـــنــــار، وتـــأكـــ­يـــدا ألخذ الـــفـــو­ائـــد عــلــى الــــودائ­ــــع ما رواه البخاري من حديث ابن عمر في الذي استثمر أجر أجيره وقد غاب عنه سنني ولم يقبض ماله قبل رحيله حتى تضاعف رأس املال فأعطاه إياه عندما رجع، وقد أكـــد ابـــن قــدامــة أن هـــذا أصـــل لـكـل مــن تــصــرف فــي ملك غيره بغير إذنـه، يعضد هذا املعنى قوله عليه الصالة والسالمة أتجروا في مال اليتيم حتى ال تأكله الصدقة، وهـذا توجيه نبوي بالعمل على استثمار ما تحت يد املــرء من أمــوال، واإلتـجـار بالودائع إنما هو ضـرب من أعمال البنوك اليوم. فعلها الزبير بن العوام الذي كان يقوم بأعمال البنوك فيحفظ ودائـــع الـنـاس ويتاجر بها يستثمرها وربما أعادها بزيادة، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فعله هذا، ويحضرني حديث فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع نـشـرتـه االقـتـصـا­ديـة )6232( عــن رأيـــه فــي قـيـام بعض املصارف الربوية بجمع األمــوال على أنها استثمارات فــي عــقــود املــرابــ­حــة اإلســالمـ­ـيــة ثــم يـتـم اسـتـثـمـا­رهـا في خزانة املصرف على شكل ودائــع ربوية صريحة فكان جوابه أن ذلك جائز شرعا واملطلوب عدم الخوض في مثل هذه التجاوزات البسيطة، فلماذا تمتنع بنوكنا عن إعطاء فوائد (أربــاح) على الـودائـع لديها وقـد أجازها الشرع، فلماذا ال يأخذ أصحابها أرباحا عليها، فاألولى أخذها واإلنـفـاق منها وصرفها على من يحتاجها أو على األقل وضعها في صندوق خاص بإشراف مؤسسة النقد يصرف منه على أنشطة املجتمع الخيرية وعلى البحوث العلمية، بــدال مـن تركها للبنوك تتكسب من وراء ظهور املودعني دون وجه حق.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia