حلفاء خلمس دقائق !
كانت التحالفات السياسية تمتد لخمسن عاما أو أكثر، أما في أيـامـنـا فقد أصـبـح عمر أي تحالف سياسي ال يـتـجـاوز خمس دقائق ..! فالواليات املتحدة في حقبة أوباما أصبحت تبدل حلفاءها أكثر مما تبدل حسناوات السينما األمريكية مالبسهن أمام الكاميرا، أمــا تركيا بعد االنـقـالب الفاشل فلم تترك خصما لها باألمس القريب إال وتحالفت معه حتى ظن الناس أنها يمكن أن تتحالف مع خصومها األكراد نكاية بما أسمته (الكيان املوازي)!. كل شيء يتغير بسرعة في هذا العالم العجيب ولن تكون مفاجأة كبيرة لو خرج أوباما وهو يهتف: (املوت ألمريكا)، ولم تعد املعاهدات واالتفاقيات القائمة على املصالح اإلستراتيجية بعيدة املدى تعني الكثير للسياسين هـذه األيــام الذين أصبحوا يراجعون قائمة حلفائهم هاتفيا بناء على مصالحهم القريبة التي تتغير يوميا مثلها مثل أسعار سوق الخضار. وعلى الطرف اآلخر يزداد تحالف الشر (موسكو، طهران، دمشق) رسوخا وهو يقترب من مرحلة ضم بغداد التي أصبحت ال تملك من أمرها شيئا ويفكر في ضم أنقرة أو على األقل تقاسم املصالح معها بعد أن أصبحت الظروف سانحة أكثر من أي وقت مضى. هــذه الـتـغـيـرات الهائلة يجب أن تـدفـع دول الخليج وشعوبها إلـــى ردم الــشــقــوق الــتــي طــــرأت عــلــى سفينتهم خـــالل السنوات القليلة املاضية، بسبب لعبة االستقطابات الحزبية أو الطائفية، خــصــوصــا أن الــلــيــلــة ال تـشـبـه الـــبـــارحـــة، فــالــحــلــفــاء األمريكان ينسحبون مـن املنطقة علنا، وأسـعـار النفط هبطت إلـى نصف ما كانت عليه قبل أعوام قليلة، واملحيط العربي تبعثر وتشرذم وتفرسن وتدعشن، لهذا لم يعد ثمة وقت كاف لتبادل املناكفات البائسة والتراشق بالصغائر التي ال تنهي من جوع. الــيــوم تعيش دول الخليج (حــكــومــات وشــعــوبــا) وضـعـا نادرا في منطقة تحترق، فالحياة الهانئة اآلمنة هنا يقابلها املوت الذي يوزع باملجان في الدول املجاورة، والحدود املفتوحة التي تميزت بالتنقل الحر بن دول مجلس التعاون تقابلها قوافل املهجرين ونقاط التفتيش الطائفية داخـل املدينة الـواحـدة في دول الــجــوار، والــحــفــاظ عـلـى هــذا الــوضــع مـسـؤولـيـة حكومات الخليج وشعوبها على حد السواء، وهـذا ال يمكن أن يحدث ما لم نعد إلى إيماننا القديم بأهمية وحدتنا الخليجية والتخلص من العواطف الطائشة التي تتصادم مع مصلحتنا األكيدة في تـقـويـة تحالفنا الخليجي أكــثــر مــن أي وقــت مــضــى، فــهــذا هو الطريق املوثوق للحفاظ على مكاننا الذي نريد في لعبة األمم التي لم تعد تجري خلف الكواليس بل على الهواء مباشرة!.