Okaz

1985

-

تحملت اململكة نتيجة ذلــك الـوضـع االقـتـصـا­دي الصعب، ومــا تــاله من تـكـالـيـف حــرب تـحـريـر الـكـويـت عــام 09، ديــونــا كـبـيـرة وصــلــت ملــا يزيد على 700 مليار ريــال، لقد واجـهـت الـبـالد تلك األزمــة بشجاعة، وشارك املواطنون بلدهم في تحمل أعبائها. كانت أزمــة اقتصادية حقيقية استمرت لسنوات طويلة، وجــرس إنذار بأفول دولة الرفاه، لعل الخطأ الذي تال تلك السنوات املتعثرة كان مشتركا بـني القطاع الـخـاص والــنــاس واملـؤسـسـ­ات املالية واالقـتـصـ­اديـة، فما أن تعافت أسـعـار النفط حتى نسي الجميع تلك العاصفة املـالـيـة، وعادوا لحياة الرفاهية، وعجزوا عن إدارة وفــورات النفط بطريقة تعيد إنتاج املال بدال من احتراقه بال رجعة. مـــع عــــودة الــتــشــ­افــي وارتـــفــ­ـاع املــداخــ­يــل سددت الدولة مديونيتها، وضخت األموال في مشاريع البنية التحتية، ورفعت الرواتب 03٪، وابتعثت 0٥1 ألف طالب وطالبة، وبنت برامج اجتماعية مــتــقــد­مــة، كـــــان أهــمــهــ­ا بـــرنـــا­مـــج حـــافـــز لرعاية العاطلني. اليوم تمر السعودية بظروف أمنية واقتصادية مشابهة بل ربما أصعب من منتصف الثمانينات، وتواجه مجموعة من الحروب التي تستهدف أمنها القومي، تجد نفسها مضطرة لخوضها، حماية لترابها ومستقبلها وأرواح مواطنيها. حرب نفطية إثر انهيار أسعار النفط من 120 دوالرا إلى سعر متوسط طوال العام ال يتجاوز ٥3 دوالرا، وزيادة سكانية وصلت إلى أكثر من ٥2 مليون نسمة، وحرب ضروس ضد التدخل اإليراني في اليمن «جنوبا»، مع ما تحمله من تكاليف مالية يومية ضخمة، وحرب أخرى ضد الكيان اإلرهابي داعش، الذي يشن معارك قتالية داخل املدن والشوارع السعودية، وصراع وجود ضد مشروع الشرق األوسط الجديد، الذي يهدف القتالع الدولة كاملة. السعودية، مواطنني ودولة، أمام تحد اقتصادي مصيري، يستوجب العقل والحكمة، إذا أردنا الخروج من هذه األزمة بسالم، وبناء اقتصاد صلب، يحمي مستقبلنا وحياة أجيالنا القادمة، فال صـوت يعلو فـوق صوت التقشف والترشيد، كما أنه ال صوت يعلو فوق صوت أمننا القومي، الذي يرخص أمامه الغالي والثمني.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia