°øAEAEAEåU²ÝUłò ÷U¹d « tł«u²Ý nO
لم يكن مفاجئًا، قرار الكونغرس األمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب (األربعاء 28 سبتمبر )2016 باالعتراض على الفيتو الذي استخدمه الــرئــيــس بـــــاراك أوبـــامـــا ضـــد قـــانـــون مـــا يـسـمـى «الـــعـــدالـــة ضـــد رعاة اإلرهــــاب»، املسمى اخـتـصـارًا «جـاسـتـا»، واملــعــروف على نطاق أوسع بقانون «مقاضاة السعودية»، على رغم أنه لم يذكرها باالسم. فقد كـانـت نـــذر إصــــداره تـلـوح منذ زمــن بعيد، وهــو األمـــل الـــذي ظل املناهضون للسعودية في ردهــات الكونغرس يحلمون به باعتباره رصاصة لن تطيﺶ لتدمير العالقات التي أرساها البلدان منذ ثمانية عــقــود، بــمــوازاة املــســار نفسه الـــذي ســـارت عليه «الــقــاعــدة» لتخريب العالقات بني البلدين. وظـلـت آمـــال بـعـض أعــضــاء الـكـونـغـرس معلقة عـلـى الـعـثـور عـلـى أي دليل فـي التحقيقات يثبت تــورط اململكة. وملـا خابت تلك اﻵمـــال، لم تجد تأكيدات لجان التحقيق، ووثائق البيت األبيض، و«الصفحات الـ ،»28 في إقناعهم بأن الحقيقة تعلو، وال يعلى عليها. فاتجهوا إلى «نجر» القانون املعيب املذكور، ولم يثنهم عن موقفهم تحذير البيت األبيض، ووزارة الـدفـاع، ووزارة الخارجية، وخبرائهم البارزين في املجاالت األكاديمية والبحثية من أن أمريكا هي التي ستتضرر أكثر من السعودية، وأن املخاطر على رجاالتهم خــارج الـواليـات املتحدة ستكون وباال عليهم. بل تجاهلوا مناشدات االتحاد األوروبـي، وقلق دول مجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية، ومنظمة املؤتمر اإلســالمــي، حتى اضطر أوبـامـا إلــى اسـتـخـدام حـق النقض الرئاسي. وحتى هذا لم يراعوا فيه، ليختطوا سابقة - بمعنى الكلمة- تلغي أهم مبدأ في القانون الدولي، واملعاهدات الدبلوماسية، وهي الحصانة السيادية للدول. ليس هذا مقام تحليل. فقد حدث ما حدث. ولكن من العقل أن نتساءل: ثم ماذا بعد؟ هل ستقف السعودية مكتوفة األيدي واضعة اليد على الخد، وتكتفي بتنديد األشقاء واألصدقاء والحلفاء والخبراء؟ األكيد أن اململكة ستعمد- قبل كل شــيء- إلـى تطبيق مبدأ «املعاملة بــاملــثــل». فــمــا دامــــت مـمـثـلـيـاتـهـا فــي أمــريــكــا ال تـنـعـم بــحــصــانــة، فإن املمثليات األمريكية فـي اململكة لـن تكون محصنة ضـد مـن يريدون مقاضاة الحكومة األمريكية، أو الجيﺶ األمريكي، خصوصًا أن أمريكا لها تاريﺦ حافل بالدم، وقــادت غـزو الـعـراق، وأفغانستان في األلفية الــجــديــدة. كـمـا أن هـنـاك مـتـضـرريـن مــن معتقالتها فــي غوانتانامو وغيرها. واألكثر ترجيحًا أن تلجأ اململكة للرد اقتصاديًا على تعنت أعضاء الكونغرس. ويتوقع بهذا الصدد أن تتباطأ الصفقات التجارية عما كانت عليه حتى األربعاء 28 سبتمبر .2016 وسيعاد النظر في كثير مـن األصـــول واالسـتـثـمـارات األمـريـكـيـة، إذ سـتـواجـه صـعـوبـات جمة، فضال عن أن تدهور ثقة املستثمر في الواليات املتحدة سيجعله يفكر في خيارات أخرى. والشـــك ان الـــرد االقــتــصــادي سيشمل إمــكــان بيع األصـــول السعودية لدى الواليات املتحدة، كسندات الدين السيادي، والودائع، واتفاقات التمويل، وستعمل على بيع سندات الخزانة األمريكية التي تملكها، وهــي بــحــدود 720 مليار دوالر. كما قــد تـقـوم اململكة ببيع أرصدة وموجودات أخرى لحمايتها من قيام املحاكم األمريكية باحتجازها على ان تستثمرها في الداخل وفي بلدان أخرى. والشك أن تمرير «جاستا» قد يدفع السعودية إلى فك ارتباط الريال بالدوالر، وبالتالي عدم تسعير النفط بالدوالر، لتقوم ببيعه بعملة أو عمالت أخـرى، وهو ما سيؤثر في وضع الــدوالر باعتباره العملة االحتياطية للعالم. أما على الصعيد السياسي، فإن السعودية ستستخدم قاعدة تحالفاتها العريضة لبلورة مواقف مشتركة بشأن مستقبلية التعاون مع الواليات املتحدة، ما سيفتح الباب واسعًا أمام الدول املتحالفة ملقاضاة أمريكا في شتى املظالم التي لم تعالج بسبب الطبيعة الدبلوماسية السابقة للعالقات التي تراعي القانون الدولي، ولكن طاملا ألغت واشنطن مبدأ السيادة وستتعامل مع الدول كأفراد، فلغيرها الحق نفسه! وقد أثبتت الدبلوماسية السعودية نجاحًا كبيرًا في حشد التحالفات فــي مـلـفـات عـــدة. وال نستبعد أيــضــًا أن يـتـضـرر الــتــعــاون األمريكي الــســعــودي، والـخـلـيـجـي األمــريــكــي بــوجــه خــــاص، فــي شـــأن مكافحة اإلرهــــاب، طـاملـا أن الــعــرف األمـريـكـي الـجـديـد «املــتــعــاون مـذنـب مهما بلغت بــراءتــه». وكما قـال الخبراء األمريكيون فـإن السعودية لديها عالقات على مستويات رفيعة في آسيا وأوروبــا، ويمكنها أن تتجه إلى تعزيزها مللء الفراغ الذي أراده املناهضون للسعودية في أمريكا مـن خـالل سـن هـذا التشريع «املعيب» الــذي يستحق أن يوصف بأنه قانون «الكاوبوي». وبالطبع فإن السعودية لديها مصادر عدة للتسلح، وليس ضروريًا أن تظل تسعى للعتاد األمريكي الــذي يتحكم باملوافقة عليه أولئك املعادون أنفسهم. وال يستبعد أن تقرر الرياض سحب املوافقات على عبور الطائرات األمريكية األجواء السعودية في رحالتها من القواعد العسكرية األمريكية في املنطقة (العديد وسيلية مثاال). وستكون بال شك ضربة موجعة لحليف قديم تدرك السعودية أن عددًا من ساسته يقدرون دورهــا املؤثر، ومساعيها لكبح اإلرهــاب، وثقلها الكبير في العاملني العربي واإلسالمي. األكيد أن «جاستا» أضحى أمــرًا واقعًا لن ينكره أحــد؛ وال يستهدف الــســعــوديــة وحــــدهــــا، كــمــا أن املــعــركـــة لـــم تــنــتــه بــمــجــرد إقـــــــراره من الكونغرس، وقـد يبدأ الرافضون للمشروع حملة مطالبات بتشريع آخـر يعرقل تنفيذه. كما أن اململكة لـن تقف مكتوفة األيــدي لحماية سيادتها وشعبها ومكتسباتها، وستركز جهودها ومــواردهــا على تمتني عـالقـاتـهـا ورفـــض الـتـغـول اإليــرانــي واجــتــثــاث اإلرهــــاب الذي يستهدفها، ويستهدف حلفاءها الوثيقني، غير عابئة بالتعاون مع األبعدين، وستبقى قوة ال يستهان بها في مجابهة جماعات التطرف والعنف. لقد غير «جاستا» قوانني اللعبة. ولـم تعد الرياض مطالبة بتعاون واسع مع واشنطن كما كان سابقًا. وهـــو تــحــد لــن تــخــشــاه، بــل سـتـخـوضـه بــفــريــق مــؤهــل إلدارة األزمة وستتجاوز «جاستا» مثلما أقدمت على مواجهة ضغوطات وتحديات عدة.. ونجحت.