Okaz

صناعة القيم

- يزيد محمد الزهراني yazeed600@gmail.com

ما أثارني لكتابة هذا النص، مقطع ظهر مؤخرا، يتحدث عن مشاهير الـتـواصـل االجتماعي، وكيف أصبحوا رمــوزًا فـي املجتمع! ومدى فداحة ظهور هؤالء كشخصيات مؤثرة وناجحة أمام الناس. في حني أن القيم التي يقدمها جلهم هي صفر مطلق، أو لنقل البعض من السخرية والحماقة االستهزاء باآلخرين ونحو ذلك! ومن األشياء الــتــي صــعــدت بـهـم مـكـانـا عليا أنــهــم اسـتـطـاعـ­وا إضــحــاك املاليني، بالسخف، هم أصبحوا مشاهير يشار إليهم بالبنان والبعض منهم أصبح من األرقام الصعبة ماليًا! ولكن، هل هذا ما نحتاجه في هذا الزمن؟ هل هم من نرغب ألطفالنا أن يقتدوا بهم؟ وإن كانوا كذلك فما القيم التي يقدمها مثل هؤالء للجيل الناشئ؟ في السابق كان الطبيب يظهر بإنسانيته والعالم بعلمه املفكر بفكره والرياضي بلياقته وقـوتـه، ويتشرب الصغار مـنـهـم قـيـمـا مــتــعــد­دة تـــدور حـــول الـعـلـم والــصــحـ­ـة الـثـقـافـ­ة والفكر، والكثير من األخالقيات الحميدة! وهـــذا مــا نـفـتـقـده فــي هــذا الــوقــت الــراهــن، الـقـيـم الـنـافـعـ­ة، البناءة، املثمرة، التي نستطيع بها مستقبال صناعة جيل مبدع، مبتكر يدرك فعليا قيمة ما يملك، وتظل هذه القيم إرثا خالدا ألجيال قادمة، الكل اآلن يلتفت ويبحث عن النجومية، وكيف الطريق نحو الشهرة التي تجلب املال والثناء والسمعة وربما املنصب أحيانًا، وباتت الحماقة، أقصر الطرق نحو “روما” التواصل االجتماعي! كل ما حققه هــؤالء أشبه ما يكون بفقاعة الصابون، الضخمة في الحجم الخاوية من الـداخـل، هشة ورقيقة البنيان، مهما طـال بها األمد ستنفجر في النهاية وكأن شيئًا لم يكن. رأينا كثيرًا من هؤالء النجوم حني سقطوا سقوطًا مدويًا، وخرجوا للعيان كأوعية فارغة ال تحمل بداخلها أبسط أبجديات الثقافة والعلم. هناك قاعدة نصت على أن األشياء التي تأتي بسرعة تذهب بسرعة أيضا، وكذلك هي نجومية هؤالء وأمثالهم، أما من صنعهم نجومًا ونصبهم رمــوزًا يمثلون قيمنا ومجتمعاتنا وثقافتنا، فهي تلك األيــادي الباحثة عن املـال بأي طريقة كانت، دون مراعاة ألي شيء آخر. ونـحـن أيـضـًا أخـطـأنـا حـني صنعناهم ومنحناهم الحجم والدعم الذي ال يستحقونه، وحري بنا أن نبحث عن القيم السامية ثم نصنع نجومنا من خاللها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia