سلمان بن حمد.. وقصة الرؤية 2030

دائما ما تبدأ قصص النجاح برؤية، وأنجح الرؤى عندما تأتي من صميم الواقع لتعكس مكامن القوة واملسؤولية وااللتزام وطموحات األمــة للتغلب على أي تحد بإتقان ومهنية لتذليل أيــة صعوبات أو تهديدات. من هنا كانت رؤيـة البحرين 2030 التى عكست رؤيـة بعيدة املدى لولي عهد مملكة البحرين األمير سلمان بن حمد آل خليفة التي اتسمت بأسلوب يسابق الزمن، فقد وضع سموه من أولويات اهتماماته معالجة ملفات مهمة تمس املـواطـن بشكل مباشر، لتحقيق الـتـوازن الدقيق بني الـواقـع القائم بكافة أبعاده والتحدي الداخلي والتهديدات الخارجية. كما تحمل سموه مسؤوليات جساما، وأدار ملفات حساسة بعقلية مثقفة شابة وواعية تحمل مبادئ لم يحد عنها منذ توليه والية العهد في (مارس )م1999 ثم تعيينه نائبًا أول لرئيس مجلس الـوزراء في (مارس .)م2013 فـقـد كــان لـسـمـوه دور أســاســي فــي مـواجـهـة األحداث املؤسفة التي مــرت بها اململكة في (فبراير ،)م2011 عـنـدمـا كـلـفـه املــلــك حـمـد ومـنـحـه كــامــل الصالحيات إلجــراء حــوار مـع جميع األطــراف السياسية الحتواء األزمــة، حيث قام سموه بجهود جبارة للتواصل مع املعارضة لبحث الحلول لتهدئة األوضاع التي اتخذت مـن شـعـارات حماية حقوق اإلنـسـان عناوين مضللة ملطالبها، وكانت سببًا مباشرًا في إدراك سموه لخطورة املوقف وحساسيته في ظل التغييرات التي اجتاحت األمة العربية. هنا كانت الرؤية التي قرأت جزئيات وتفاصيل املوقف العام املتوتر داخليًا وإقليميًا ودوليًا، فطرح (مبادرة النقاط السبع للحوار) التي استندت على املناقشات التي جرت بني سموه شخصيًا وقيادات املعارضة، إال أن مواقفها املتذبذبة واملتناقضة أدت إلى فشل جميع الجهود، حيث أطلقت (وثيقة املنامة) وأعلنتها السقف الذي ال يمكن التراجع عنه للحل السياسي لألزمة، وأسست أطراف منها (التحالف من أجل الجمهورية) بهدف إسقاط النظام امللكي الدستوري وتأسيس (الجمهورية) كنسخة طبق األصل من نظام والية الفقيه في إيران. كما أسس سموه نهجًا ثابتًا للعمل على إرسـاء أسس الوحدة الوطنية وترسيخ دعـائـم الــدولــة الحديثة املستقلة ذات الـسـيـادة والقائمة على أهـــداف االستدامة والتنافسية والــعــدالــة كما ورد فــي (رؤيـــة البحرين االقـتـصـاديـة ،)2030 ودعم اإلصــالحــات الـدسـتـوريـة والتشريعية مــن أجــل بـنـاء املجتمع البحريني امللتزم بقيمه وتراثه وحضارته وإنجازاته. وكــانــت لــســمــوه رؤى سـيـاسـيـة وتـنـظـيـمـيـة هــائــلــة وجــهــود ال تــعــرف الــيــأس أو التردد تسعى لبناء اإلنسان البحريني الحر في دولة املؤسسات التي تؤكد دوره وحضوره القوي كمواطن فاعل في عالم يموج بالتطورات املختلفة وغير املتوقعة على مختلف األصعدة في إطار استراتيجية وطنية هدفها حماية الوطن من كافة التهديدات والصراعات الطائفية في املحيط اإلقليمي. ومن جانب آخر فإن لسموه رؤية في السياسة العاملية تقوم على: • ال ɝɝ ش ɝɝ راك ɝɝ ة األم ɝɝ ن ɝɝ ي ɝɝ ة اإلق ɝɝ ل ɝɝ ي ɝɝ م ɝɝ ي ɝɝ ة ب ɝɝ ن دول مɝ ج ɝ ل ɝ سال ɝɝ ت ɝɝ ع ɝɝ اون لɝ ل ɝ ح ɝ ف ɝاظ ع ɝɝ ل ɝɝ ى األمن واالستقرار واألمــن املشترك في إطــار من التنسيق والتعاون والتكامل للوصول إلى االتحاد الخليجي الذي يراه تطورًا طبيعيًا يساعد على سيادة واستقالل دول املجلس. • الشراكة من أجل صيانة السلم واألمن في العالم مع الحلفاء لتثبيت األمـن واالستقرار في املنطقة، وإيجاد الحلول السياسية واالقتصادية املناسبة فـــي إطــــار مـــن الــتــعــاون الـــدولـــي يــكــون فــيــه لألمم املـتـحـدة دور أســاســي يحقق أهــدافــهــا فــي ترسيخ قــواعــد الــســلــم واألمـــــن الــدولــيــني وتـنـمـيـة عالقات الصداقة والتعاون بني األمم والشعوب. إن الـحـديـث حــول الـــدور الــهــام لـولـي العهد يطول كثيرًا، خاصة فيما يتعلق بتعزيز وتأكيد رؤيته نحو مجتمع بحريني تترسخ فيه مبادئ ودعـائـم الـدولـة الوطنية الحديثة القائمة على التوجه الديمقراطي ودولـة املؤسسات وسيادة القانون وحماية حقوق اإلنسان والتركيز على برامج الـتـنـمـيـة املستقبلية الـشـامـلـة الــتــي تــقــوم عـلـى الـشـفـافـيـة والــتــعــاون املجتمعي واملـسـاواة والعدالة واملشاركة الشعبية وتوفير فـرص العمل والرعاية الصحية وتدفق املعلومات املستمر للمواطنني دون عائق، مع األخذ بعني االعتبار الوالء الكامل والتام للدولة الوطنية وليس ألي جهة خارجية دينية أو سياسية، وإيمانه وثقته التامة باملواطن البحريني كأساس للتنمية والبناء والتطوير ومشاركته في اتخاذ القرار لخلق بيئة مواتية تحقق التوافق بني عناصر املجتمع املدني والسلطة التنفيذية والتشريعية لتسهيل التفاعل والتعاون بني الدولة واملجتمع للمساهمة الفاعلة في أنشطة التنمية املتكاملة.

)*( المحلل السياسي للشؤون اإلقليمية