مجتمع إسالمي بثقافة عصرية

(الــتــنــويــريــون) -فــــي هــــذا الــعــصــر الــــذي تعيشه األمــة اإلسـالمـيـة- هـم أصـحـاب الفكر املبني على العلم الحديث والحياة املدنية املؤسسة على فكر إســالمــي يستقي تـوجـهـاتـه مــن مـسـار الحضارة اإلسالمية وتاريخها املجيد. هذا الفكر التنويري هو الذي ينتج حياة عصرية تستطيع أن تحمل لواء (صالح اإلسالم لكل زمان ومـــكـــان) بـمـفـهـومـه الـتـطـبـيـقـي والـعـمـلـي وليس فلسفة نظرية ال تنتمي للواقع وال تنطبق عليه. في ظل أشباح األفكار املتطرفة واملصالح الخاصة، أطـلـق املــتــشــددون عـلـى كــل الــذيــن يحملون فكرا تنويريا مصطلحات سلبية، وألصقوا بها أبشع الصفات؛ كالكفر واالنــحــالل والتفسخ والعمالة لــلــغــرب.. وكـــل مـــا يــجــود بـــه خــوفــهــم مـــن تنوير املجتمع اإلسالمي، ألنهم يعرفون تماما أن وعي املجتمع يعني نهاية تحكمهم في إجابة السؤال األزلي: كيف يعيش اإلنسان حرا؟ الــفــرد الـعـربـي املـسـلـم -فــي هــذه الـفـتـرة تحديداعرف أن األحزاب والطوائف املوسومة باسم الدين ليست سوى خداع بصري ال يصدقه سوى السذج الــقــابــلــن ألن يــوحــى إلــيــهــم دون إعــمــال عقلهم لفحص الـخـطـاب الـديـنـي املتكلس الــذي يعكس صـورة الفكر االرتجاعي الخالي من أي برنامج يتعايش مع العصر الحديث، ذلك الخطاب الذي لــم يـــؤد أي دور إيــجــابــي، بــل عـلـى الـعـكـس أخذ املجتمع إلــى أوديــة اإلحــبــاط؛ فعندما يستخرج املجتمع كوميديا هزلية مـن املـواقـف واألحداث الـــســـوداويـــة الـــتـــي يــمــر بـــهـــا، عـــوضـــا عـــن وضع الحلول، فهو يعيش درجات عالية من اإلحباط. املجتمع الـعـصـري املـتـديـن يبنيه العلم وتبنيه الحقائق وليس له أي عالقة بالتيارات العاجزة عـــن مـــســـايـــرة الــــواقــــع، الـــتـــيـــارات الـــتـــي يتمركز طــمــوحــهــا حــــول أخــــذ املــجــتــمــع إلــــى زمــــن قديم، اعــتــقــادا مــنــهــا أن الـــعـــودة لـلـمـجـد اإلســـالمـــي ال تــتــم إال بــتــكــرار آلــيــة الــحــيــاة بـنـفـس مواصفات الزمان واملكان، واملحاكاة املرآتية لذلك املجتمع، وبالتالي رفض املعطيات الحياتية التي قدمتها لنا الحضارة اإلنسانية بن تلك الفترة والعصر الراهن الذي نعيشه اآلن. املجتمع اإلســالمــي يمر بمرحلة مــؤامــرة عاملية كـــبـــرى تــــريــــده أن يــعــيــش فــــي مـــتـــاهـــات الجهل والـــشـــتـــات، والـــخـــروج مـــن هـــذه املــرحــلــة يتطلب تنقية العقل من الشوائب، والبعد عن الفنت، وبناء حـيـاة مدنية ترتكز على أســس الـديـن اإلسالمي وتاريخ الحضارة اإلسالمية املجيد.. بمواصفات عصرية.