العقيق.. الزحف «اإلسمنتي» يدهم «سلة غذاء» الباحة!
نقص اخلدمات الصحية وطريق املوت هاجسان يؤرقان األهالي
ﻟﻢ ﻳﺸﻔﻊ ﻟﻠﻌﻘﻴﻖ ﻗﺪﻣﻬﺎ ﻭﺗﺎﺭﻳﺨﻬﺎ ﻭﺍﺷﺘﻬﺎﺭﻫﺎ ﺑﻮﻓﺮﺓ ﻣﺰﺍﺭﻉ ﺍﻟﻨﺨﻴﻞ ﻟﺘﺼﻤﺪ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺗﺖ ﻋﻠﻰ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ، ﻓﻤﻨﺬ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻘﻮﺩ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺍﺣﺔ ﺧﻀﺮﺍﺀ ﻟﻮﻓﺮﺓ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﺳﻠﺔ ﻏﺬﺍﺀ ﻟﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺇﻟﻰ ﻛﺘﻞ ﺇﺳﻤﻨﺘﻴﺔ ﺷﻮﻫﺖ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ. ﺍﻟﻌﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ ﺑﻮﺍﺑﺔ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺒﺎﺣﺔ ﻟﻠﻘﺎﺩﻣﻴﻦ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ، ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮﻯ ٠٠٦ ﻣﺰﺭﻋﺔ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ٨٤ ﺃﻟﻒ ﻧﺨﻠﺔ ﻣﻨﺘﺠﺔ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻜﺲ ﺗﺄﺛﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﺰﺣﻒ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺗﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ، ﻓﻴﻤﺎ ﻻﺯﺍﻟﺖ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻧﺪﺭﺓ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ، ﺇﺫ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﻋﻠﻴﻞ ﻟﻨﻘﺺ ﺍﻟﻜﻮﺍﺩﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﯩﺔ ﻭﻗﺼﻮﺭ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ، ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺸﻜﻞ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺒﺎﺣﺔ - ﺍﻟﻌﻘﻴﻖ ﺍﻟﻤﻤﺘﺪ ﺑﻄﻮﻝ ٥٤ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮﺍ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﺑﺎﻟﻐﺔ، ﻧﻈﺮﺍ ﻟﺘﺼﻤﻴﻤﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﺮﺍﻉ ﻛﺜﺮﺓ ﻣﻨﻌﻄﻔﺎﺗﻪ ﻭﺍﻟﻤﻨﺤﺪﺭﺍﺕ ﻭﻏﻴﺎﺏ ﺩﻭﺭﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﻭﺭﺻﺪ ﺳﺎﻫﺮ.
نخيل العقيق أعجاز خاوية
يخامر الـحـزن مـن عــرف عقيق الباحة واديــــا ال تنقطع مـيـاهـه، وواحــــة غناء بـالـنـخـيـل واألعــــنــــاب، لــم يــعــد العقيق عــقــيــقــا فــــي ظــــل تـــوجـــه الـــبـــعـــض إلى االستعاضة عن مزرعة النخيل بعمارة ال تكلفه أكثر مـن كلفة بنيانها، فيما يرى املواطن إبراهيم املكي أن األهالي استغنوا عن شجر النخيل كونه مكلفا في الــري والتسميد والتلقيح والقطع والــتــعــبــئــة فـــي ظـــل وفـــــرة الــتــمــور في األسواق بسعر أقل.
فــيــمــا عــــزا ســلــيــمــان الـــغـــامـــدي يباس الـنـخـل إلــى شــح املــيــاه، مــا أفـقـد مزارع الــعــقــيــق إرثــــهــــا الــــحــــضــــاري، واصفا الـعـقـيـق بــواحــة إسـمـنـتـيـة وخرسانية بعد أن كانت سلة غذاء للباحة. ويــؤكــد مـحـمـد بــن عــلــي الــغــامــدي، أن املحافظة مؤهلة ألن تكون في مصاف الــواحــات الخصبة إلنـتـاج الـتـمـور في مـنـطـقـة الــبــاحــة، مــوضــحــا أنــهــا كانت تــنــتــج الــتــمــرالــصــفــري الـــــذي يــعــد من أجــود األنــواع فـي اململكة لكبر حجمه وطعمه اللذيذ، وأبــدى أسفه أن نخيل الــعــقــيــق بــــدأ يــعــانــي مــنــذ عــــدة أعــــوام بسبب قلة املـيـاه بشكل كبير وجفاف اآلبــار في بعض املــزارع، وعـزا إلـى سد العقيق واآلبــــار املـغـذيـة للسقيا سببا لشح املياه وانقطاعها تماما من الوادي الــذي كـانـت تمتد على جانبيه مزارع الــنــخــيــل، مــا تـسـبـب فــي الــقــضــاء على الكثير مــن املــــزارع، وتــحــول خضرتها إلــــى أعـــجـــاز نــخــل خــــاويــــة، مـــؤمـــا أن يفتح سـد العقيق ولـو مـرة واحــدة في العام كي تستعيد اآلبار التي تقع على جنبات الــوادي حيويتها وتضخ املاء للمزارع. املـــــــزارع عــبــدالــلــه بـــن عـــايـــض يــــرى أن الـــعـــنـــايـــة بــالــنــخــيــل تــــضــــاءلــــت؛ كون األجيال الشابة ال تعي أهمية النخيل وال تثمن دورهــا التاريخي فـي تأمني حياة إنسان املنطقة، ما يدفع كثيرين إلى تدمير املزرعة وإقامة شقق مفروشة أو عمارة سكنية، مؤكدا مقاومة بعض املــــزارع الــتــي تـقـع فــي أطــــراف العقيق، إذ تــوجــد بــهــا حــيــاة لــشــجــرة النخيل لــوجــود بــعــض املــيــاه الــكــافــيــة إلنتاج بعض التمور لاستهاك املنزلي. ويرصد املزارع علي بن سعد الغامدي تناقصا في النخيل بشكل كبير جدا، مـــؤمـــا مــــن زراعــــــــة املــنــطــقــة التدخل لــحــل بــعــض اإلشــــكــــاالت الـــتـــي تواجه الكثير من املزارعني للحد من انقراض النخل بصورة مفزعة، ودعا الجمعية الـــزراعـــيـــة بــاملــنــطــقــة إلــــى حـــل الكثير مــن املــعــوقــات الكفيلة بــانــقــراض هذه الشجرة الجميلة من املحافظة، مبينا أن الـــتـــزايـــد فـــي الـــعـــمـــران ســبــب إلغاء العديد من املزارع، مشيرا إلى أن بعض أحـيـاء العقيق كـانـت مـــزارع فـي سابق األيــام وأصبحت اآلن عمرانا ومساكن فـيـمـا كـــان الــتــوســع فــي بــعــض الطرق
كـفـيـا أيــضــا بــإلــغــاء بـعـض املــــزارع أو أجزاء منها لخدمة الصالح العام. من جانبها، أوضحت الشؤون الزراعية بــمــحــافــظــة الــعــقــيــق أن عـــــدد املــــــزارع بــمــحــافــظــة الــعــقــيــق ال يـــتـــعـــدى 600 مـــزرعـــة تــحــتــوي عــلــى 48 ألــــف نخلة منتجة، مشيرة إلى عدم توفر إحصاء باملزارع غير املنتجة، وليس هدفنا في املــســح إال املـنـتـج فـقـط فــي وقـــت غزارة اإلنـتـاج، وأقــرت الـزراعـة بـأن شح املياه أجـبـر الكثير مــن األهــالــي إلــى اللجوء إلى شبكة املياه املحاة التي تــــضــــر باملنتج بسبب وجود الـــكـــلـــور في املـــــــــــــيـــــــــــــاه، مــــــؤكــــــدة
تـنـاقـص عــدد املــــزارع سـنـة بـعـد أخرى بسبب شح املياه والتطاول في البنيان، مــوضــحــة أنــهــا نــفــذت دورات توعية للمزارعني. فيما دعا مساعد أمني الباحة املهندس عبدالعزيزاملالكي الجهات املعنية إلى الــحــد مــن الـبـنـاء فــي املـــــزارع، مــا يهدد الرقعة الخضراء -الشحيحة في بعض املواقع- وينذر بتهديد التوازن البيئي. في ظل املصانع والكسارات والخاطات والشاحنات. مستشفى العقيق عليل تطلع أكثر من 40 ألـف مواطن في عقيق الباحة إلــى انتهاء معاناتهم مـع قصور الـــخـــدمـــات الــصــحــيــة عــنــدمــا تـــم افتتاح مستشفى العقيق منذ تسعة أعوام، إال أن الشكوى من املستشفى لم تتوقف، فهناك نقص ملحوظ في األقسام، وتقلص عدد أطــبــاء قـسـم الــطــوارئ مــن ثـاثـة مناوبني عــلــى مـــــدار الــســاعــة إلــــى طــبــيــب واحد، إضافة إلى السرعة في نقل األطباء،
إذ كل ما تم تعيني طبيب ووثق املواطنون به تم نقله إلى خارج املحافظة. ويـــــؤكـــــد املــــــواطــــــن عــــايــــض بـــــن مساعد لـ«عكاظ» أن خدمة املراكز الصحية أفضل من مستشفى محافظة العقيق في الباحة، ويرى أنه قبل نحو تسع سنوات استبشر أهالي املحافظة ومراكزها خيرا بخدمات صحية مميزة، السيما أن محافظة العقيق أكبر محافظات منطقة الباحة من حيث املساحة، ويتبع لها ستة مراكز مترامية األطــــراف، ويــقــارب عــدد سكانها 40 ألف نــســمــة، كـــانـــوا طـــــوال الـــســـنـــوات املاضية يـــعـــانـــون مــــن فــقــر الـــخـــدمـــات الصحية، ويتكبدون في سبيل الـوصـول إلـى أقرب املستشفيات إليهم (مستشفى امللك فــهــد فـــي الـــبـــاحـــة ومستشفى بـلـجـرشـي) مــشــاق السفر وعــــــــــــــــــــــذاب األلـــــــــــــــم، وكــــــثــــــيــــــرا ما يخطف
املــــوت مــرضــاهــم قــبــل الـــوصـــول إلـــى تلك املستشفيات، ويؤكد أن املؤسف في األمر أن سنوات عمر مستشفى العقيق تحولت إلــــى «تــســع عـــجـــاف»، عــــدا بــعــض فترات الــنــقــاهــة الـــتـــي ال تـــكـــاد تـــذكـــر فـــي عقده األول. وأوضح أنه منذ افتتاحه وحتى اآلن لم يقدم ما يشفع له ليستحق مسمى املستشفى العام، بـــــــــــدءا مــــــن سعته الـــــســـــريـــــريـــــة الــتــي ال
تتوازى مع عدد سكان املحافظة املحتاجني للرعاية الصحية، وليس انتهاء بخدماته التي تفتقر إلى التنظيم والجودة، وعدد من شواهد سـوء حـال املستشفى خدمات قسم الطوارئ الذي ال يقدم للمرضى سوى اإلهمال واالنتظار املرير، وأضاف: «ليست األقــســام األخـــرى والــعــيــادات أفـضـل حاال من الطوارئ، في ظل القصور الواضح في الكادر الطبي والتمريضي، والنقص في التجهيزات واملعدات الطبية، وغياب قسم للعناية املـركــزة. ويصفه بمركز للرعاية الصحية األولية تحت مسمى مستشفى».