Okaz

الفلسفة وقراءة في تاريخ األفكار

- كتابة: حنان الحربش

تــعــرف الفلسفة «بـحـب ّالـحـكـمـة»، والحكمة الـــتـــي تــتــوســ­لــهــا اإلجــــاب­ــــة عــــن التساؤالت الكبرى التي طرحها اإلنسان عبر التاريخ، هي أن نعيش على وفـاق مع هذا العالم، أن نتحرر من الخوف من املجهول، أن نتخلص من معاناة العقل وأن نعيش بسعادة. قــــد ال تــخــلــو الـــــقــ­ـــراءة فــــي هـــــذا املــــجــ­ــال من صعوبات، ولكن في حب الحكمة والتعطش للمعرفة ما يغري العقول في خـوض غمار هـذا العالم الــذي تسبح فيه األفـكـار بحرية، فالفلسفة هي قراءة في تاريخ األفكار، ومن خاللها نستقي تـصـورات جديدة ومختلفة عن هذا الكون، عن هؤالء البشر الذين سبقونا إلى هذا الوجود، لكي نسافر في رحلة مثيرة عبر تلك الحقب الفلسفية الكبرى، بــدءًا من السؤال الوجودي األول الذي طرحه اإلنسان مسائال املجرات والنجوم، حتى هذه اللحظة الراهنة في عصر العلوم والتقنية. لقد قــدم لنا «لــوك فــيــري» فــي كتابه املمتع «أجـــمـــل قــصــة فـــي تـــاريـــ­خ الــفــلــ­ســفــة» نبذة بسيطة ومختصرة، عن تلك الحقب الفلسفية الكبرى التي شهدتها البشرية.. مستعرضًا بــإيــجــ­از ذكــــي تــلــك األفـــكــ­ـار واملـــقــ­ـوالت التي أسهمت في تأسيس كل حقبة من الحقب. فـفـي تـلـك الــعــصــ­ور املــوغــل­ــة فــي الــقــدم كتب هــزيــود قـصـة نـشـأة الــرمــوز، وانـبـثـاق­ـهـا من الـــفـــو­ضـــى «كـــــــــ­اوس»، فــكــانــ­ت «جــــايـــ­ـا» هي األرض، و«أورانـــــ­ـــــــوس» هـــو الـــســـم­ـــاء، ومن مظاهر هذا الكون، تبدأ امللحمة األسطورية التي تكشف بذكاء، عن تلك املخيلة اإلبداعية الـــتـــي يــتــمــت­ــع بــهــا اإلنـــــس­ـــــان، ويــــحـــ­ـاول من خــاللـهـا أن يـفـهـم الــعــالـ­ـم، حـتـى جـــاءت تلك اللحظة التي دفعته لتطوير أساليب جديدة لــكــي يــفــهــم، فــابــتــ­كــر املــنــطـ­ـق، واحــتــكـ­ـم إلى العقل.. كما فعل أرسطو وأصدقاؤه. وألن تــاريــخ الفلسفة كـمـا يــرى لــوك فيري، أشـبـه مــا يـكـون بـتـاريـخ الـفـنـون، تتمتع كل حقبة مــن هــذه الـحـقـب بسماتها الخاصة، وخـصـائـصـ­هـا املــمــيـ­ـزة.. فبعد بـــزوغ شمس الـــديـــ­انـــات الــتــوحـ­ـيــديــة الـــتـــي قـــدمـــت رؤية جـــديـــد­ة ومــخــتــ­لــفــة لـــهـــذا الـــعـــا­لـــم، وأصبح ينظر لإلنسان باعتباره فردًا بدال من كونه قطعة منسية في نظام كوني كبير كما ترى الفلسفة اليونانية. وانطالقًا من هذه النقطة دشن عهد اإلنسانيوي­ة األول الذي ينظر فيه إلى اإلنسان فردا مستقال يبحث عن خالصه، ملتمسًا سبال آخرى مختلفة. ومـن هنا، انطلق اإلنسان في سعيه للتقدم مــتــحــر­رًا مـــن كـــل األغــــــ­الل والـــقـــ­يـــود، فطور الــعــلــ­وم والــتــقـ­ـنــيــات، وحــقــق نــجــاحــًا باهرًا ســــرعـــ­ـان مــــا نـــكـــص عـــلـــى عــقــبــي­ــه، فـــهـــو من ناحية، قد استطاع السيطرة على الطبيعة لتسخيرها في خدمته، واستطاع من خالل العلم أن يخترع األسلحة والقنابل الذرية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia