بعض الحقيقة رسوب الـ08 %
ذكــــر لـــي أحــــد األســــاتــــذة الــجــامــعــيــن فـــي إحــــدى الكليات الصحية أن نسبة الــراســبــات مــن املـمـرضـات السعوديات فـــي أحـــد اخـــتـــبـــارات هـيـئـة الــتــخــصــصــات الــصــحــيــة التي أقيمت مــؤخــرا، قــد بلغ ،%80 وهـــذا أمــر لــو حصل فــي أي بلد في العالم لقامت القيامة لحجم ما كـان يترتب عليه في األســاس من أنظمة تعليمية خاطئة، ومـا يفضي إليه من هدر في املال، أو سوء في التأهيل، أو دفع بكوادر غير مؤهلة لسوق العمل. هذه النسبة إن صدقت، تشير إلى أن هذا النمط املتفشي من التأهيل (حتى في التخصصات الصحية) هو «فشوش»، وأن معظم هــذه الجامعات والكليات واملـعـاهـد، مـا فتئت تدفع بخريجن ال يحملون تأهيال مهنيا مقبوال في بعض التخصصات إن لـم يكن فـي معظمها، الـفـارق هنا أن قلة مـن التخصصات يجرى لها اختبار قبول مهني، وبقية التخصصات ال يعمل لها هذا النوع من االختبارات، وبدال من ذلك يزج بها مباشرة في سوق العمل الحكومي بموجب هذه الشهادات الجامعية فقط، أو يتم فرضها على القطاع الــخــاص تـحـت مـسـمـيـات وشـــعـــارات وطـنـيـة فـضـفـاضـة ال تستثنى سوء التأهيل أو اإلعداد املهني، من هذه الشعارات، وكأن قضايا الجودة والتأهيل املهني مسائل ال يهم الوطن منها سوى الوجه اآلخر، وهو شغل الوظيفة فقط !! إذا كنا نضخ ربــع املـــوارد على هــذا التعليم، ثــم نكتشف من أول فحص مهني أو اختبار قياس أن نسبه من يجتاز التأهيل املهني ال تتجاوز %20 إن لم يكن أقل، فنحن إزاء مــؤشــر خـطـيـر وهـــدر كـبـيـر لـيـس فــي املــــوارد املــالــيــة فقط، وإنـمـا فـي مـا هـو أجــدى وأهــم وهــي املـــوارد البشرية التي تعتبر رأسمالنا الوطني الحقيقي واملركب القيمة. هذا امليدان يمثل أولى خطوات الترشيد الحقيقي، وأكثرها اعتمادية وأولوية، وهو «الصندوق» الذي سوف يولد لنا كــوادر بشرية يمكن االعتماد عليها مستقبال، إن لم يكن فـي مسألة توليد الــثــروة ذاتــهــا، فعلى األقــل فـي تنميتها والـحـفـاظ على ديمومتها، وهــو صـنـدوق ثبت أنــه مربح وعالي القيمة بأي حساب اقتصادي أو مالي، والتجارب أمــامــنــا كــتــاب مــفــتــوح، ومــــن دون أن نــتــوصــل إلــــى هذه الحقيقة، فسوف نستمر في اللعب بالوقت بدل الضائع.