السارق الكبير والسارق الصغير!

شخصيا ال أجد فارقا بني من يسرق دجاجة ومن يسرق جمال، فكالهما عندي سارق يجب أن يعاقب أشد العقاب. ولذلك استغربت من دفاع زميلي العزيز صالح الشيحي فــي بـرنـامـج األســبــوع فــي ســاعــة عــن مستغلي وحرامية مالليم الضمان االجتماعي واقتراحه أن تجدول سرقاتهم، بينما حـمـل األجــهــزة الـحـكـومـيـة املـعـنـيـة املـسـؤولـيـة عن تجاوزاتهم وارتكاب هذه السرقات. واستغربت أكثر حني هجم الناس علي، في وسائل التواصل االجتماعي، بعد أن قلت في الحلقة نفسها إنني مع مالحقة هؤالء الحرامية، بــل أرى أنـهـم مـفـسـدون ويـجـب أن يـصـلـبـوا. كــان قصدي طبعا ليس الصلب بمعناه املـعـروف وإنما أن أعبر أشد تعبير عن شديد انزعاجي وانزعاج املجتمع من فعلتهم، وأنــهــم يجب أن يـنـالـوا أشــد الـعـقـاب نظير جـرأتـهـم على أموال الضعفاء. بعض هؤالء اللصوص، كما تواترت األخبار، يملك اثني عشر صكا وخمسة صكوك وبعضهم لديه وظائف يعتاش منها أو معاشات من مصادر أخرى. ومع ذلك لم تمنعهم دناءتهم بـأن يتحايلوا على النظام أو يستغلوا ثغراته ليظفروا ببضعة ريــاالت خصصتها الدولة للمحتاجني واملــعــوزيــن فــعــال. ولــذلــك، رغـــم الــهــجــوم الــكــاســح عـلـى ما ذكــرت، فإنني لو سئلت مـرة سأعيد ما قلت وأؤكــد عليه ألنــه ال عــذر مطلقا ملــن تـجـرأ على املــال الــعــام، فضال عن من تجرأ على مال يتيم أو يتيمة أو مال أرملة عجوز أو مطلقة ليس بيدها حيلة أو مـال (شايب) ال تكاد عصاه تحمله ليقبض 1000 أو 2000 ريال يسدد منها فواتيره ويعتاش عليها شهرا بطوله. هذا شيء والشيء اآلخر هو أنني لست، بطبيعة الحال، في وارد االقتناع بأنه بدال من أن تطارد هؤالء الصغار طارد الكبار الذين شفطوا املاليني واملليارات. هذه بالنسبة لي كلمة حـق يــراد بها بـاطـل. والـبـاطـل هـو أن أتــرك السارق الصغير ألنني غير قــادر على الـسـارق الكبير. املفروض أنــك قــادر على االثـنـني ألن فسادهما وسرقاتهما، كبرت أو صغرت، تضر البلد وأهله وضعفاءه. وإذا ذهب سارق كبير بما ســرق فليس مــن املـعـقـول أن أدافـــع عــن السارق الصغير وأتركه، أيضا، يذهب بما سرق أو أبحث عن حلول تناسب وضعه وسرقاته. في هذه الحالة نصبح مجتمعا تعمه الفوضى والسرقات بينما هو يتسامح مع الحرامية الصغار بقياس أفعالهم املنكرة بأفعال الحرامية الكبار ويسامحهم على هذا األساس. هــذا غير معقول إال إذا كنتم تـريـدون السير على قاعدة (اســــــرق مـــا دمــــت صــغــيــرا فــالــكــبــار يـــســـرقـــون). فـــي هذه الحالة استعدوا للمزيد من الفساد واستعدوا للمزيد من السرقات بأحجام متفاوتة حسب قــدرة كـل حـرامـي على خرق القوانني والتحايل على األنظمة.