Okaz

أيهما السلعة؟

- Azman3075@gmail.com

كـم هـو محبط أن تتداخل فـي أذهـــان كثير مـن الـنـاس صــورة املرأة (الــعــقــ­انــيــة) مــع صــــورة املـــــرأ­ة (املــشــيـ­ـئــة)، كــمــا ظــهــرت فــي معرض إكسس في األسبوع املاضي. فبينما نجد نساء جادات ينافحن بقوة ويــجــاهـ­ـدن بــإخــاص ليتخلصن مــن أغـــال التسلط عليهن بحجة (الوالية)، تأتي نساء ساذجات أعجبهن حسنهن فرضني أن يعرضن أنفسهن جنبا إلى جنب مع السلع املعروضة للتسويق، غير مدركات أبعاد اإلهانة الكامنة في وقفتهن تلك، ليس لهن وحدهن فقط وإنما للنساء جميعا! مشكلة املرأة ليست في الجهات التي تسعى إلى استغالها وتوظيفها في خدمة مصالح خاصة، قـدر ما إنها في غياب الوعي لـدى املرأة نفسها، فعندما تغفل املــرأة عن رؤيــة اإلهـانـة واإلذالل املتضمن في بعض أنــواع العمل الــذي يطلب منها القيام بـه، تكون هي الجانية على نفسها. نحن فـي حـاجـة كبيرة إلــى توعية الـنـسـاء وتنشيط عقولهن ليكن قـادرات على التمييز بكفاءة عالية بني الصواب والخطأ، خاصة أن املـرأة متى أخطأت، حتى وإن كان في نطاق ضيق، سرعان ما يعمم خطأها على النساء كلهن ويمتد أثره ليشوه مطالب املرأة املشروعة، فتوصم بأنها مجرد طريق عبور إلى ما هو غير ذلك. وأظن أن النساء الناشطات في مجال الحركة النسوية، قصرن كثيرا في مجال التوعية، انشغلن باملطالبة بالحقوق والدفاع عنها وغفلن عــن توعية الـنـسـاء الـتـي ال تقل أهـمـيـة، فكثير مــن الـنـسـاء املغيبات فكرا وعقا في حاجة إلى من يوقظهن ليدركن أن عليهن مسؤولية حماية أنفسهن، ومن واجبهن اإلصرار على أن يعاملن باحترام يليق بهن، وأن ينأين بأنفسهن عن البقاء في مرتبة املرأة (الشيء) واملرأة (الدمية). ومــا حــدث قبل أيــام فـي مـعـرض إكـسـس، هـو نـمـوذج واضــح لغياب الوعي وعدم نضج التفكير، فأولئك الفتيات (سـواء كن مواطنات أو غير مواطنات) يظللن نساء، غــررن باملظهر الجميل، وبما يمارس في الدول املتقدمة صناعيا وحضاريا، فغلب على ظنهن أنهن يقمن بعمل يعبر عن التحضر واالنفتاح، وفـات عليهن أنهن يقمن بعمل مهني ال يليق بهن، فضا عن أنه عمل مزدرى حتى في الدول الغربية نفسها وتحاربه الحركات النسوية العاملية. ولإلنصاف، فإن غياب الوعي وعدم القدرة على التمييز بني املقبول وغير املقبول، ليس أمــرا خاصا بـاملـرأة، وإنما هو يكاد يكون سمة عامة تشمل النساء والرجال معا، وذلك بسبب ما يسود في التعليم وفـي املجتمع نفسه من تركيز على نشر ثقافة (االتــبــا­ع)، حتى كاد املجتمع أن ينحصر في فئتني رئيستني: فئة التابعني للقديم وما فيه من ثقافة تقليدية ساكنة تأبى التغيير وترفض كل جديد، بحجة أن فيه مخالفة للدين، وفئة التابعني للثقافة الغربية املعاصرة بكل مـا فيها مـن سيئات وسـقـطـات، بحجة التقدم الـحـضـاري وضرورة االنفتاح والتحرر. ثقافة االتباع التي تنشأ عليها األجيال، من شأنها أن تعطل العقل وتطمس التفكير وتفقد الثقة فــي الـــذات وقـدرتـهـا على االختيار، والنتيجة هي أن صــارت أجيالنا ال تحسن سـوى اتباع أحـد هذين النموذجني: إما نموذج املاضي، وإما نموذج الحاضر الغربي، وبات من النادر أن تجد نموذجا ثقافيا مستقا ينشد خير املجتمع بصرف النظر عن مصدره، من السلف القديم أو الغرب املعاصر. عزيزة المانع

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia