ومن ذا الذي يا عز ال يتغير!
الحظت املعشوقة «عـــزة» وجــود تغير في مشاعر عشيقها بعد أن طال بعدها عنه، فعاتبته على ذلك التغيير فنسج على عتابها هذا البيت: وقــــــــد زعـــــمـــــت تــــغــــيــــرت بعدها
ومــــــــن ذا الـــــــــــذي يــــــا عـــــــــــز ال يتغير؟ وجاء سؤال الشاعر العاشق استنكاريًا موجعًا لعزة التي لم تفهم أن املشاعر والـصـداقـات قـد تتبدل بـني لحظة وأخــرى فجاء سؤاله االستنكاري «ومن ذا الذي يا عز ال يتغير». هــذا فـي مـيـدان العشق والـعـشـاق والــصــداقــات االجتماعية العامة فكيف تكون األحوال في ميادين السياسة واملصالح املادية البحتة، ومـــاذا يقال ملـن يفجع ويرتبك عندما ياحظ تغيرًا فـي العاقات السياسية وتبادل املصالح بني بلده وبني غيره من البلدان: إال أنه ال يعي جيدًا طبيعة تلك العاقات وأنها قد تتغير نتيجة تغير وتبدل املصالح حتى قال ساسة من الغرب قـوال مبينًا: ال توجد صداقات دائـمـة بـل مصالح دائــمــة، ولـذلـك تعجبت مـن قــول كـاتـب أكاديمي عندما وجه نصيحة للدول العربية ومنها دول الخليج بأن عليها أن تبحث عن أصـدقـاء دائمني ال يتغيرون، وكأنه يعيش في عالم رومنسي وليس في عالم مادي رهيب تتقاطع فيه املصالح وتخفت فـيـه أضــــواء الــصــداقــات، ويــأكــل فـيـه الــقــوي الـضـعـيـف. وكـــان على الواهمني بوجود صداقات ال تتبدل وال تتغير أن يعلموا علم اليقني أن تفكيرهم ساذج وغير واقعي وال يوجد حتى في قصص العشاق التي حصلت على أرض الواقع وليست تلك القصص التي فرختها خياالت األدباء والشعراء ورواة الحكايات الشعبية! إن أمــن ومستقبل األوطـــان ال يبنى باألماني واألوهـــام وال ترممه الــلــقــاءات الـبـروتـوكـولـيـة املـتـبـادلـة والــصــور املـلـونـة، وإنــمــا تبنيه األيــدي املخلصة في حب الوطن وتبادل املصالح بناء على قواعد من االحترام واالستقالية في القرار الوطني. أنــــــــــي