تفتح صندوق ألغاز االختفاء الغامــ
اختفى عند مفترق طرق بعد إجازة قصيرة ولـــ
البيروقراطية والروتني يعطالن البدء في إجراءات البحث عنهألكثرمن أسابيع الشرطة تعتقد أنه قرر االختفاء واالبتعاد.. وأسرته تظن أنه تعرض حلادثة جنائية
ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻡ ﻭﻧﺼﻒ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺗﺤﺪﻳﺪًﺍ ﻣﺴﺎﺀ ﻳﻮﻡ ٨٢ ﻣﺎﺭﺱ ٥١٠٢، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺘﻌﺚ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻐﻨﺎﻡ )٥٢ ﻋﺎﻣًﺎ( ﻳﻘﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﺇﺣﺪﻯ ﻣﺤﻄﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻓﻼﺕ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮ ﺃﻭﺭﻟﻴﻨﺰ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻟﻮﻳﺰﻳﺎﻧﺎ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﺠﻬﺔ ﻧﺤﻮ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﺎﻥ ﺃﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺗﻜﺴﺎﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺪﺭﺱ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻬﺎ ﻭﻳﻘﻴﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﺷﻘﻴﻘﺘﻪ ﻭﺯﻭﺟﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﻀﻰ ﺇﺟﺎﺯﺓ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﻟﻴﻮﻣﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮ ﺃﻭﺭﻟﻴﻨﺰ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻟﻮﻳﺰﻳﺎﻧﺎ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﻋﻤﻪ ﻓﺎﺿﻞ ﺍﻟﻐﻨﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺒﻘﻪ ﻭﻏﺎﺩﺭ ﺑﻤﺮﻛﺒﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺮ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺃﺭﻛﺎﻧﺴﺎﺱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﻋﺪ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺑﻌﺪﺓ ﺳﺎﻋﺎﺕ، ﻣﺆﻛﺪﺍ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﺗﻠﻘﻰ ﻣﻨﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻧﺼﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻮﺍﺗﺴﺎﺏ ﺑﻌﺪ ﺍﻓﺘﺮﺍﻗﻬﻤﺎ ﺑﻌﺪﺓ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺑﻬﺪﻑ ﺍﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺪ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺳﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﻭﻻﻳﺔ ﺃﺭﻛﺎﻧﺴﺎﺱ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺳﻠﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻐﻨﺎﻡ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﻪ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻭﻳﺨﺘﻔﻲ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﻫﺐ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺃﺛﺮًﺍ ﻳﻘﺘﻔﻰ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﺣﻞ، ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻓﻀﻰ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﻤﺒﺘﻌﺜﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻏﻤﻮﺿﺎ.
مالبسات االختفاء
في صباح يوم الثالثاء 24 مارس 2015 استقل املبتعث محمد الـغـنـام إحـــدى حــافــالت شركة «جريهاوند» للسفريات )Greyhound( متجها فــي رحــلــة بــريــة إلـــى مــديــنــة هــيــوســن بوالية تـكـسـاس لـاللـتـقـاء بـعـمـه فــاضــل الــغــنــام الذي سـافـر إلــى هـنـاك بمركبته الخاصة قـادمـًا من مقر دراسـتـه بـواليـة أركـانـسـاس إلتـمـام بعض األوراق الــرسـمـيـة فــي الـقـنـصـلـيـة السعودية، وفقا ملا ذكرته وثائق التحقيقات التي أجريت في القضية. وكان االثنان قد اتفقا مسبقًا على السفر إلى مدينة نيو أورلينز بوالية لويزيانا لقضاء إجازة قصيرة هناك. وفـــي مــســاء ذلـــك الــيــوم، تــنــاول مـحـمـد الغنام وعــــمــــه فــــاضــــل وجــــبــــة عــــشــــاء بــــأحــــد مطاعم الوجبات السريعة ثم انطلقا بالسيارة تجاه مدينة نيو أورلـيـنـز ووصــال هـنـاك فـي حدود الــســاعــة الــخــامــســة فــجــرًا مــن يـــوم 25 مارس، وذهــبــا مــبــاشــرة للبحث عــن فــنــدق فــي الحي الفرنسي، ولكن نظرًا الرتفاع التكلفة قررا حجز ثــالثــة أيـــام بــأحــد فــنــادق ضـاحـيـة «ماتيري» بالقرب من الخطوط السريعة، وال يبعد كثيرًا عن األماكن السياحية في املدينة.
الليلة األخيرة
وفي تمام الساعة التاسعة والنصف من مساء يـــوم الـجـمـعـة املــوافــق 27 مــــارس ،2015 قرر فاضل الغنام املغادرة بمركبته الخاصة والــعــودة إلــى مقر دراســتــه في واليــة أركـنـسـاس، على أن يـعـود ابــن أخـيـه محمد فــــــي الــــــيــــــوم التالي بــالــحــافــلــة إلــــى مقر سكنه في تكساس. وقـــــــــــبـــــــــــل أن يــــهــــم بـــــــــاملـــــــــغـــــــــادرة، طلب محمد الغنام من عمه أن يستقله باملركبة إلى شـــارع «بـــوربـــون» وهــو أحد أبرز املناطق السياحية في املدينة، وهـــنـــاك افـــتـــرقـــا، حــيــث غــــــادر فـــاضـــل الغنام باتجاه والية أركانساس. وبــعــد مـنـتـصـف الــلــيــل، أرســــل فــاضــل الغنام رسالة نصية عبر «الـواتـسـاب» طالبا من ابن اخــيــه االتــصــال عـلـيـه، ولــكــن لــم يصله أي رد، وفي الخامسة فجرًا كتب رسالة نصية أخرى أبـلـغ فيها ابــن أخـيـه بـوصـولـه إلــى سكنه في مدينة كــونــواي بــواليــة أركــانــســاس، ثــم جاءه الــرد مـن محمد الغنام فـي الساعة 11:28 من صباح السبت 28 مـارس ،2015 برسالة كتب فـيـهـا: «عــظــيــم.. سعيد لـسـمـاع ذلـــك» واتبعها برسالة أخرى «أتمنى أن ترتاح جيدا»، وكانت هـذه آخـر رسالة تواصل فيها املبتعث محمد الغنام مع عمه فاضل ثم أغلق الهاتف، وانقطع بعدها دون أي أثر. وكان املتوقع أن املبتعث الغنام سيغادر الفندق فــي الـــــ11 صـبـاحـًا مــن يــوم الـسـبـت 28 مارس 2015 ليذهب إلى محطة الحافالت ومن هناك يغادر على إحدى رحالتها إلى مقر سكنه في مدينة ســان أنطونيو بــواليــة تـكـسـاس، وذلك بحسب مــا ذكـــره مسبقًا لعمه فـاضـل وأيضا لشقيقته وزوجها في سان أنطونيو. ولـكـن علمت «عــكــاظ» مــن مــصــادر خــاصــة، أن املبتعث محمد الغنام قرر الخروج من الفندق في الثانية فجرًا إلى جهة غير معلومة دون أن يبلغ أحدًا من ذويه، كما أنه لم يستقل أي حافلة متجهة إلـى مدينة سـان أنطونيو، بحسب ما ذكر في التقارير الخاصة بالتحقيقات.
بيروقراطية اجلهات املعنية أخرت البحث
ووفـقـًا ملـا ذكـرتـه أســرة املبتعث محمد الغنام فــــــإن أنـــظـــمـــة واليـــــتـــــي تـــكـــســـاس ولويزيانا عرقلت إجــــراءات البحث عـن املفقود بطلبات وإجـــــراءات تـعـد بـيـروقـراطـيـة لـلـغـايـة وأخرى يـمـكـن اعــتــبــارهــا تـعـسـفـيـة، فــكــل واليــــة كانت تـــطـــلـــب مــــــن األخــــــــــــرى بعض األوراق املستحيلة وإجراءات يــصــعــب عــلــى أســـــرة املبتعث املــفــقــود تــوفــيــرهــا عــلــى وجه السرعة كالتوكيل أو التمثيل القانوني الستكمال إجراءات الــبــالغ عــن متغيب، ولــذلــك لم تــبــد شــركــات الــنــقــل والهاتف املــحــمــول والــبــنــك أي تجاوب مـع أســرة املـفـقـود حــول تقديم مـعـلـومـات كـــان مــن املـمـكـن أن
تقود ملكانه أو سبب اختفائه. ومـــا زاد األمــــر صــعــوبــة هـــو أن املــديــنــة التي شهدت واقعة االختفاء (نيو أورلينز) رفضت إصـــدار أي مـذكـرة أو بــالغ عـن اخـتـفـاء محمد الغنام خالل الثالثة أسابيع األولى من الواقعة، معللة األسباب بأن املفقود شخص بالغ ولم تر أي نوع من الخطورة على حياته. وحتى بعد أن تواصلت السفارة السعودية وأسرة الطالب املختفي مع وزارة الخارجية األمريكية، كانت هناك مماطلة وتأخير غير مبررين في التفاعل مع الحالة. وفي اتصال أجرته «عكاظ» مع يحيى التمار ابن عمة املبتعث املفقود وزوج شقيقته والذي كــــان يــســكــن مــعــه فـــي مــديــنــة ســــان أنطونيو، أوضـــح فــي حـديـثـه عــن تـفـاصـيـل الــواقــعــة، أن املفقود بقي ليلة إضافية بعد مغادرة عمه في أحد الفنادق بضواحي مدينة نيو أورلينز ثم كــان مـن املـفـتـرض أنــه غــادر صباحًا متوجهًا إلى محطة حافالت )Greyhound( للعودة إلى مـديـنـة ســان أنـطـونـيـو، بحسب مــا أبلغهم به مسبقًا، ولكن انقطع االتصال به تمامًا، مشيرا إلى أنهم أبلغوا أقسام الشرطة في مدينة سان انطونيو بوالية تكساس ومدينة نيو أورلينز بـواليـة لـويـزيـانـا، ولــم يبد أي قسم مـن أقسام الشرطة فـي املدينتني خــالل األسابيع الثالثة األولــــــى أي تـــعـــاون حــــول الــقــضــيــة لتسجيل الــغــنــام كــشــخــص مــفــقــود )Missing Person( حتى تتحرك الجهات األمنية وفرق التحريات للبحث عنه. وأفاد التمار أن محققا في شرطة الجامعة التي يدرس بها املفقود الغنام أقـــــنـــــع قــــســــم شـــــرطـــــة سان أنــــطــــونــــيــــو بتسجيل الــــقــــضــــيــــة كشخص مــــفــــقــــود فــــــي نطاق واليــة تكساس فقط، مــــــؤكــــــدا أنـــــــه توجه إلبـالغ املسؤولني في قـنـصـلـيـة املــمــلــكــة في هيوسن بعد خمسة أيام مــن حــادثــة اخــتــفــاء الغنام، إال أنـهـم أبلغوه بــضــرورة إرسال طلبه بالبريد اإللـكـتـرونـي فـقـط، ولــم يتم التجاوب معه. وأوضــــــــح أنـــــه قـــــرر االتـــــصـــــال بـــالـــســـفـــارة في واشــنــطــن، ووعـــــده املــســؤولــون فـيـهـا بتعيني محقق خاص، وظل ينتظر ألكثر من أسبوعني دون أن يــأتــي أي رد مـــن الـــســـفـــارة، كــمــا عبر عـن استيائه مـن الـجـهـات املختصة فـي والية لويزيانا لعدم إدراجها املبتعث محمد الغنام ضمن حاالت املفقودين عند اإلبالغ عن الحالة من البداية. وبعد أن يئست أســرة الغنام من عـدم تجاوب الجهات املعنية في واليتي تكساس ولويزيانا وأيــــضــــًا الــــســــفــــارة الـــســـعـــوديـــة فــــي واشنطن والقنصلية في هيوسن خالل الثالثة أسابيع األولــى مـن اختفائه، قـال التمار إنهم اتجهوا إلـــى الــبــحــث عــن شـقـيـق زوجــتــه بـــاإلبـــالغ عن الحالة عبر وسائل التواصل االجتماعي التي ساعدتهم في لفت انتباه املسؤولني في السفارة السعودية بواشنطن ودفعتهم إلـى التواصل املـبـاشـر مـع أســرة الـغـنـام بعد مضي أكـثـر من 17 يوما دون أي مستجدات، حيث كشف علي الـغـنـام الـشـقـيـق األكــبــر للمبتعث املـفـقـود عن تلقيه اتصاال من األستاذ عادل الجبير سفير املـمـلـكـة فــي الـــواليـــات املــتــحــدة آنـــــذاك، والذي أوضــــح لــه أن الــســفــارة قــامــت بـتـشـكـيـل فريق مختص ملتابعة حـالـة اخـتـفـاء أخـيـه واتخاذ كافة اإلجـــراءات الـالزمـة والـتـواصـل مـع وزارة الخارجية األمريكية لحل لغز االختفاء، مؤكدا حـيـنـهـا حـــرص الــســفــارة عــلــى جـمـيـع طالبها املبتعثني. وكانت أسـرة املبتعث الغنام قد قامت حينها بتخصيص وسم (هاشتاق) في موقع «تويتر» بــعــنــوان: #املـبـتـعـث_مـحـمـد_الـغـنـام وناشدت مـن خالله التعرف عليه مـن خــالل نشر صور ومــعــلــومــات عــنــه، كــمــا ســاهــم أيــضــا فـــي ذلك الــحــني نــــادي الـــطـــالب الــســعــوديــني فـــي «سان أنطونيو» بالدعوة إلى اإلدالء بأية معلومات تقود إلى مكان وجود الغنام.
السجالت البنكية والكاميرات
وبـــعـــد مــــــرور شــهــريــن على اخــــتــــفــــاء املـــبـــتـــعـــث محمد الغنام في الواليات املتحدة، تـــوســـع نـــشـــاط الـــبـــحـــث عن املــفــقــود، إذ كــانــت الجهات األمنية األمريكية تعمل على البحث فـي سجالت الطالب
البنكية ملعرفة آخــر العمليات التي أجـراهـا من حسابه، وآخر عملية سحب أو إيـداع أمـوال، كما كانت تعمل على رصد محتوى الكاميرات املثبتة على مباني البنوك أو املـواقـع التي أجــرى فيها معامالت بنكية والتي تفيد املحققني في رصد تـحـركـاتـه بـعـد مــغــادرتــه للفندق الـــذي أقـــام فيه بوالية لويزيانا. وقـــــامـــــت الــــجــــهــــات األمــــنــــيــــة أيــــضــــًا بتمشيط املستشفيات والسجون في مدينة سان أنطونيو حيث يــدرس الطالب، وقـامـت بــاإلجــراء ذاتــه في مدينة نيو أورلينز بوالية لويزيانا، في حني لم تظهر سجالت املسافرين عبر مطارات الواليات املتحدة مغادرته إلى خارجها أو تنقله داخليا.
فشل جهود البحث
وبعد مرور ثمانية شهور على اختفاء الغنام، لم تستطع السلطات في مدينة نيو أورلينز أن تعثر على أي خيط يمكن أن يــدل على مـكـان املفقود أو مـصـيـره. وذكـــرت صحيفة «ذا نيو أورليانز أدفــوكــات» أن شرطة املدينة قامت بالتركيز في بحثها على الـرسـائـل الـتـي أرسلها املبتعث من هاتفه والرسائل املوجودة في هواتف أصدقائه وأقــاربــه، كما أخــذت عينة مـن الحمض النووي DNA الــخــاص بـاملـبـتـعـث لـتـحـلـيـلـهـا، لـكـنـهـا لم تتمكن من الوصول إليه أو إلى سر اختفائه. ومن جهة أخرى، قالت الشرطة إن محمد الغنام ربما غادر مدينة نيو أورلينز بعد مغادرة عمه، لكنها لم تعثر على أي دليل على سفر الغنام أو بقائه في نفس املدينة.
إسقاط الغنام من كشوفات اجلامعة
بـــــعـــــد مــــــــــــرور فصلني دراســــيــــني عــلــى تغيب املبتعث املـفـقـود محمد الــــغــــنــــام، قـــامـــت جامعة تــكــســاس بـــإســـقـــاط الغنام من سجالتها الجامعية، فيما ال يعتقد أساتذته أن تكون نتائجه الدراسية سببًا في اختفائه، بحسب ما نقلته بعض وسائل اإلعالم األمريكية.
شغفه بالتصوير
مـــن الــنــقــاط املــهــمــة الــتــي لــفــتــت االنـــتـــبـــاه خالل متابعة حــادثــة اخـتـفـاء املبتعث محمد الغنام، هي شغفه الكبير بالتصوير، حيث اعتبر الغنام نفسه محترفًا في مجال التصوير الفوتوغرافي بحسب ما ذكره في سيرته الذاتية املدرجة على موقع «لنكد إن» الخاص بالسير الذاتية، وكتب في مقدمة سيرته: «أنا مصور لدي كامل املعدات لتغطية كل ما تريدونه في املناسبات والحفالت وحـتـى الـصـور الشخصية، أنــا أحــب هــذا العمل لذلك إذا كنت تريد أن تكون ذكرياتك في يديك فبإمكانك االتصال على الرقم املدون باألسفل». كـمـا لفتت الـعـديـد مــن الــصــور االحـتـرافـيـة التي نشرها املبتعث الغنام قبل حادثة اختفائه، سواء على حساباته الشخصية في موقع «انستغرام» و«فيسبوك» أو ما تم تداوله في وسائل التواصل االجتماعي وهــو يـمـارس هوايته فـي التصوير االحترافي، االنتباه إلى أنه كان يحمل خالل تنقله كاميرا احترافية باهظة الثمن، وهـذا األمـر دفع «عكاظ» إلى توجيه سؤال إلى شقيقته وزوجها
يحيى التمار بعد عدة أيام من حادثة االختفاء، حول ما إذا كان الغنام يحمل معه تلك الكاميرا أثـنـاء رحلته األخـيـرة إلــى نيو أورلـيـنـز، فأجابا حينها بأن الكاميرا غير موجودة باملنزل، أي أنه من املحتمل أنه أخذها معه في رحلته األخيرة، وهذا النوع من الكاميرات يصل سعرها إلى أكثر من خمسة آالف دوالر، وهو ما أثار الشكوك بأن املبتعث الغنام ربما كان مستهدفًا بدوافع السرقة لحمله مثل هذه الكاميرا باهظة الثمن.
اختفاء الكاميرا !
بــالــرغــم مـــن تــأكــيــدات شـقـيـقـة املــبــتــعــث محمد الـــغـــنـــام وزوجــــهــــا يــحــيــى الـــتـــمـــار بـــعـــدم وجود الكاميرا االحترافية في مقر سكنه في تكساس، وهو ما أعطى انطباعا أنه حملها معه في رحلته األخيرة، إال أن عمه فاضل الغنام أكد لـ«عكاظ» أنــه لـم يشاهد تلك الكاميرا أثـنـاء تـواجـده معه، مـوضـحـًا أن جميع الــصــور الـتـي التقطت خالل رحــلــة نــيــو أورلــيــنــز تـــم الــتــقــاطــهــا عــبــر كاميرا املــوبــايــل فــقــط. ومـــن جــهــتــه، أشــــار عــلــي الغنام الشقيق األكبر للمبتعث املفقود إلى أنه بحث عن الكاميرا وســأل أصدقاء شقيقه حـول ما إذا كان أحـدهـم قـد استعار الـكـامـيـرا، ولكنه لـم يجد أي إجابة عن مكان وجودها.
احلياة في نيو أورلينز
مـن األمـــور الجوهرية الـتـي كــان ال بد مــن اإلشــــارة إلـيـهـا، هــي طبيعة الــــحــــيــــاة فـــــي مـــديـــنـــة نيو أورلــــيــــنــــز، فـــبـــرغـــم أنها تستضيف الـعـديـد من الـــفـــعـــالـــيـــات الجاذبة لـــــلـــــســـــيـــــاحـــــة، إال أن اإلحـــصـــاءات الرسمية عن العام 2014 أشارت إلى أن مدينة نيو أورلينز تقع ضمن قائمة أخطر املدن عـلـى مـسـتـوى الــعــالــم مــن حيث تفشي الـجـريـمـة، إذ تحتل املـرتـبـة الرابعة على مستوى الواليات املتحدة و23 على مستوى العالم، وتشير التقارير إلى أن تاريخ هذه املدينة حافل بالجريمة، ففي العام 2011 تصدرت قائمة أكثر املدن من حيث جرائم القتل بمعدل 57 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة واملرتبة 27 على مستوى الــعــالــم مــن حــيــث جــرائــم الــعــنــف املـخـتـلـفـة، وفي الفترة التي تلت إعصار كاترينا املدمر في 2006 إلــى الــعــام 2015 ارتـفـعـت مــعــدالت الـجـريـمـة في نيو أورلينز ،%200 وعلى عكس بقية املدن كلها، تعتبر هــذه املدينة الـوحـيـدة بـالـواليـات املتحدة التي معدل الجرائم بها يزداد سنويًا. هذا العامل كان مهما طرحه، الحتمالية ارتباطه بمالبسات اختفاء املبتعث الغنام في هذه املدينة الـتـي تعج بالجريمة، كما أن كثيرا مــن الطالب املـبـتـعـثـني غــيــر مـلـمـني بــهــذه الــعــوامــل املحيطة والخطر املحدق بهم أثناء التجول بمفردهم في مثل هذه املدن، والشواهد على ذلك كثيرة. ولكن ال يزال مصير املبتعث الغنام مجهوال حتى يومنا هذا، وال تستحضرنا في هذه الظروف الغامضة الـــتـــي أحـــاطـــت اخـــتـــفـــاءه ســـــوى خـــاطـــرة معبرة ومـلـفـتـة، كتبها مـحـمـد الــغــنــام عـلـى حـسـابـه في انستغرام: «الناس سوف تنسى ما قلته، والناس سـوف تنسى ما فعلته، ولكن لن ينسى أحـد أبدا كيف جعلتهم يشعرون نحوك».