Okaz

تفتح صندوق ألغاز االختفاء الغامــ

اختفى عند مفترق طرق بعد إجازة قصيرة ولـــ

-

البيروقراط­ية والروتني يعطالن البدء في إجراءات البحث عنهألكثرمن أسابيع الشرطة تعتقد أنه قرر االختفاء واالبتعاد.. وأسرته تظن أنه تعرض حلادثة جنائية

ﻗﺒﻞ ﻋﺎﻡ ﻭﻧﺼﻒ ﺍﻟﻌﺎﻡ، ﻭﺗﺤﺪﻳﺪًﺍ ﻣﺴﺎﺀ ﻳﻮﻡ ٨٢ ﻣﺎﺭﺱ ٥١٠٢، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺘﻌﺚ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻱ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻐﻨﺎﻡ )٥٢ ﻋﺎﻣًﺎ( ﻳﻘﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﺇﺣﺪﻯ ﻣﺤﻄﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻓﻼﺕ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮ ﺃﻭﺭﻟﻴﻨﺰ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻟﻮﻳﺰﻳﺎﻧﺎ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﺭﺣﻠﺘﻪ ﺍﻟﻤﺘﺠﻬﺔ ﻧﺤﻮ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺳﺎﻥ ﺃﻧﻄﻮﻧﻴﻮ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺗﻜﺴﺎﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺪﺭﺱ ﺑﺈﺣﺪﻯ ﺟﺎﻣﻌﺎﺗﻬﺎ ﻭﻳﻘﻴﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﺷﻘﻴﻘﺘﻪ ﻭﺯﻭﺟﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﻀﻰ ﺇﺟﺎﺯﺓ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﻟﻴﻮﻣﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻧﻴﻮ ﺃﻭﺭﻟﻴﻨﺰ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻟﻮﻳﺰﻳﺎﻧﺎ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﻋﻤﻪ ﻓﺎﺿﻞ ﺍﻟﻐﻨﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺒﻘﻪ ﻭﻏﺎﺩﺭ ﺑﻤﺮﻛﺒﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺮ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﺃﺭﻛﺎﻧﺴﺎﺱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﻋﺪ ﺭﺣﻠﺔ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﺑﻌﺪﺓ ﺳﺎﻋﺎﺕ، ﻣﺆﻛﺪﺍ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺃﻧﻪ ﺗﻠﻘﻰ ﻣﻨﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻧﺼﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻮﺍﺗﺴﺎﺏ ﺑﻌﺪ ﺍﻓﺘﺮﺍﻗﻬﻤﺎ ﺑﻌﺪﺓ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺑﻬﺪﻑ ﺍﻻﻃﻤﺌﻨﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺪ ﻭﺻﻮﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺳﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﻭﻻﻳﺔ ﺃﺭﻛﺎﻧﺴﺎﺱ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻫﻲ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺳﻠﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻐﻨﺎﻡ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﻪ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﻭﻳﺨﺘﻔﻲ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﻫﺐ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﺮﻙ ﺃﺛﺮًﺍ ﻳﻘﺘﻔﻰ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﻭﺇﻟﻰ ﺃﻳﻦ ﺣﻞ، ﻭﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻓﻀﻰ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻲ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺣﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﻄﻼﺏ ﺍﻟﻤﺒﺘﻌﺜﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻏﻤﻮﺿﺎ.

مالبسات االختفاء

في صباح يوم الثالثاء 24 مارس 2015 استقل املبتعث محمد الـغـنـام إحـــدى حــافــالت شركة «جريهاوند» للسفريات )Greyhound( متجها فــي رحــلــة بــريــة إلـــى مــديــنــ­ة هــيــوســ­ن بوالية تـكـسـاس لـاللـتـقـ­اء بـعـمـه فــاضــل الــغــنــ­ام الذي سـافـر إلــى هـنـاك بمركبته الخاصة قـادمـًا من مقر دراسـتـه بـواليـة أركـانـسـا­س إلتـمـام بعض األوراق الــرسـمـي­ـة فــي الـقـنـصـل­ـيـة السعودية، وفقا ملا ذكرته وثائق التحقيقات التي أجريت في القضية. وكان االثنان قد اتفقا مسبقًا على السفر إلى مدينة نيو أورلينز بوالية لويزيانا لقضاء إجازة قصيرة هناك. وفـــي مــســاء ذلـــك الــيــوم، تــنــاول مـحـمـد الغنام وعــــمـــ­ـه فــــاضـــ­ـل وجــــبـــ­ـة عــــشــــ­اء بــــأحـــ­ـد مطاعم الوجبات السريعة ثم انطلقا بالسيارة تجاه مدينة نيو أورلـيـنـز ووصــال هـنـاك فـي حدود الــســاعـ­ـة الــخــامـ­ـســة فــجــرًا مــن يـــوم 25 مارس، وذهــبــا مــبــاشــ­رة للبحث عــن فــنــدق فــي الحي الفرنسي، ولكن نظرًا الرتفاع التكلفة قررا حجز ثــالثــة أيـــام بــأحــد فــنــادق ضـاحـيـة «ماتيري» بالقرب من الخطوط السريعة، وال يبعد كثيرًا عن األماكن السياحية في املدينة.

الليلة األخيرة

وفي تمام الساعة التاسعة والنصف من مساء يـــوم الـجـمـعـة املــوافــ­ق 27 مــــارس ،2015 قرر فاضل الغنام املغادرة بمركبته الخاصة والــعــود­ة إلــى مقر دراســتــه في واليــة أركـنـسـاس، على أن يـعـود ابــن أخـيـه محمد فــــــي الــــــيـ­ـــــوم التالي بــالــحــ­افــلــة إلــــى مقر سكنه في تكساس. وقــــــــ­ـــبــــــ­ـــــل أن يــــهــــ­م بـــــــــ­املـــــــ­ــغـــــــ­ــادرة، طلب محمد الغنام من عمه أن يستقله باملركبة إلى شـــارع «بـــوربـــ­ون» وهــو أحد أبرز املناطق السياحية في املدينة، وهـــنـــا­ك افـــتـــر­قـــا، حــيــث غــــــادر فـــاضـــل الغنام باتجاه والية أركانساس. وبــعــد مـنـتـصـف الــلــيــ­ل، أرســــل فــاضــل الغنام رسالة نصية عبر «الـواتـسـا­ب» طالبا من ابن اخــيــه االتــصــا­ل عـلـيـه، ولــكــن لــم يصله أي رد، وفي الخامسة فجرًا كتب رسالة نصية أخرى أبـلـغ فيها ابــن أخـيـه بـوصـولـه إلــى سكنه في مدينة كــونــواي بــواليــة أركــانــس­ــاس، ثــم جاءه الــرد مـن محمد الغنام فـي الساعة 11:28 من صباح السبت 28 مـارس ،2015 برسالة كتب فـيـهـا: «عــظــيــم.. سعيد لـسـمـاع ذلـــك» واتبعها برسالة أخرى «أتمنى أن ترتاح جيدا»، وكانت هـذه آخـر رسالة تواصل فيها املبتعث محمد الغنام مع عمه فاضل ثم أغلق الهاتف، وانقطع بعدها دون أي أثر. وكان املتوقع أن املبتعث الغنام سيغادر الفندق فــي الـــــ11 صـبـاحـًا مــن يــوم الـسـبـت 28 مارس 2015 ليذهب إلى محطة الحافالت ومن هناك يغادر على إحدى رحالتها إلى مقر سكنه في مدينة ســان أنطونيو بــواليــة تـكـسـاس، وذلك بحسب مــا ذكـــره مسبقًا لعمه فـاضـل وأيضا لشقيقته وزوجها في سان أنطونيو. ولـكـن علمت «عــكــاظ» مــن مــصــادر خــاصــة، أن املبتعث محمد الغنام قرر الخروج من الفندق في الثانية فجرًا إلى جهة غير معلومة دون أن يبلغ أحدًا من ذويه، كما أنه لم يستقل أي حافلة متجهة إلـى مدينة سـان أنطونيو، بحسب ما ذكر في التقارير الخاصة بالتحقيقات.

بيروقراطية اجلهات املعنية أخرت البحث

ووفـقـًا ملـا ذكـرتـه أســرة املبتعث محمد الغنام فــــــإن أنـــظـــم­ـــة واليـــــت­ـــــي تـــكـــسـ­ــاس ولويزيانا عرقلت إجــــراءا­ت البحث عـن املفقود بطلبات وإجـــــرا­ءات تـعـد بـيـروقـرا­طـيـة لـلـغـايـة وأخرى يـمـكـن اعــتــبــ­ارهــا تـعـسـفـيـ­ة، فــكــل واليــــة كانت تـــطـــلـ­ــب مــــــن األخــــــ­ــــــرى بعض األوراق املستحيلة وإجراءات يــصــعــب عــلــى أســـــرة املبتعث املــفــقـ­ـود تــوفــيــ­رهــا عــلــى وجه السرعة كالتوكيل أو التمثيل القانوني الستكمال إجراءات الــبــالغ عــن متغيب، ولــذلــك لم تــبــد شــركــات الــنــقــ­ل والهاتف املــحــمـ­ـول والــبــنـ­ـك أي تجاوب مـع أســرة املـفـقـود حــول تقديم مـعـلـومـا­ت كـــان مــن املـمـكـن أن

تقود ملكانه أو سبب اختفائه. ومـــا زاد األمــــر صــعــوبــ­ة هـــو أن املــديــن­ــة التي شهدت واقعة االختفاء (نيو أورلينز) رفضت إصـــدار أي مـذكـرة أو بــالغ عـن اخـتـفـاء محمد الغنام خالل الثالثة أسابيع األولى من الواقعة، معللة األسباب بأن املفقود شخص بالغ ولم تر أي نوع من الخطورة على حياته. وحتى بعد أن تواصلت السفارة السعودية وأسرة الطالب املختفي مع وزارة الخارجية األمريكية، كانت هناك مماطلة وتأخير غير مبررين في التفاعل مع الحالة. وفي اتصال أجرته «عكاظ» مع يحيى التمار ابن عمة املبتعث املفقود وزوج شقيقته والذي كــــان يــســكــن مــعــه فـــي مــديــنــ­ة ســــان أنطونيو، أوضـــح فــي حـديـثـه عــن تـفـاصـيـل الــواقــع­ــة، أن املفقود بقي ليلة إضافية بعد مغادرة عمه في أحد الفنادق بضواحي مدينة نيو أورلينز ثم كــان مـن املـفـتـرض أنــه غــادر صباحًا متوجهًا إلى محطة حافالت )Greyhound( للعودة إلى مـديـنـة ســان أنـطـونـيـ­و، بحسب مــا أبلغهم به مسبقًا، ولكن انقطع االتصال به تمامًا، مشيرا إلى أنهم أبلغوا أقسام الشرطة في مدينة سان انطونيو بوالية تكساس ومدينة نيو أورلينز بـواليـة لـويـزيـان­ـا، ولــم يبد أي قسم مـن أقسام الشرطة فـي املدينتني خــالل األسابيع الثالثة األولـــــ­ـى أي تـــعـــاو­ن حــــول الــقــضــ­يــة لتسجيل الــغــنــ­ام كــشــخــص مــفــقــو­د ‪)Missing Person(‬ حتى تتحرك الجهات األمنية وفرق التحريات للبحث عنه. وأفاد التمار أن محققا في شرطة الجامعة التي يدرس بها املفقود الغنام أقـــــنــ­ـــع قــــســــ­م شـــــرطــ­ـــة سان أنــــطـــ­ـونــــيــ­ــو بتسجيل الــــقـــ­ـضــــيـــ­ـة كشخص مــــفــــ­قــــود فــــــي نطاق واليــة تكساس فقط، مــــــؤكـ­ـــــدا أنـــــــه توجه إلبـالغ املسؤولني في قـنـصـلـيـ­ة املــمــلـ­ـكــة في هيوسن بعد خمسة أيام مــن حــادثــة اخــتــفــ­اء الغنام، إال أنـهـم أبلغوه بــضــرورة إرسال طلبه بالبريد اإللـكـتـر­ونـي فـقـط، ولــم يتم التجاوب معه. وأوضــــــ­ــح أنـــــه قـــــرر االتـــــص­ـــــال بـــالـــس­ـــفـــارة في واشــنــطـ­ـن، ووعـــــده املــســؤو­لــون فـيـهـا بتعيني محقق خاص، وظل ينتظر ألكثر من أسبوعني دون أن يــأتــي أي رد مـــن الـــســـف­ـــارة، كــمــا عبر عـن استيائه مـن الـجـهـات املختصة فـي والية لويزيانا لعدم إدراجها املبتعث محمد الغنام ضمن حاالت املفقودين عند اإلبالغ عن الحالة من البداية. وبعد أن يئست أســرة الغنام من عـدم تجاوب الجهات املعنية في واليتي تكساس ولويزيانا وأيــــضــ­ــًا الــــســـ­ـفــــارة الـــســـع­ـــوديـــة فــــي واشنطن والقنصلية في هيوسن خالل الثالثة أسابيع األولــى مـن اختفائه، قـال التمار إنهم اتجهوا إلـــى الــبــحــ­ث عــن شـقـيـق زوجــتــه بـــاإلبــ­ـالغ عن الحالة عبر وسائل التواصل االجتماعي التي ساعدتهم في لفت انتباه املسؤولني في السفارة السعودية بواشنطن ودفعتهم إلـى التواصل املـبـاشـر مـع أســرة الـغـنـام بعد مضي أكـثـر من 17 يوما دون أي مستجدات، حيث كشف علي الـغـنـام الـشـقـيـق األكــبــر للمبتعث املـفـقـود عن تلقيه اتصاال من األستاذ عادل الجبير سفير املـمـلـكـ­ة فــي الـــواليـ­ــات املــتــحـ­ـدة آنـــــذاك، والذي أوضــــح لــه أن الــســفــ­ارة قــامــت بـتـشـكـيـ­ل فريق مختص ملتابعة حـالـة اخـتـفـاء أخـيـه واتخاذ كافة اإلجـــراء­ات الـالزمـة والـتـواصـ­ل مـع وزارة الخارجية األمريكية لحل لغز االختفاء، مؤكدا حـيـنـهـا حـــرص الــســفــ­ارة عــلــى جـمـيـع طالبها املبتعثني. وكانت أسـرة املبتعث الغنام قد قامت حينها بتخصيص وسم (هاشتاق) في موقع «تويتر» بــعــنــو­ان: #املـبـتـعـ­ث_مـحـمـد_الـغـنـام وناشدت مـن خالله التعرف عليه مـن خــالل نشر صور ومــعــلــ­ومــات عــنــه، كــمــا ســاهــم أيــضــا فـــي ذلك الــحــني نــــادي الـــطـــا­لب الــســعــ­وديــني فـــي «سان أنطونيو» بالدعوة إلى اإلدالء بأية معلومات تقود إلى مكان وجود الغنام.

السجالت البنكية والكاميرات

وبـــعـــد مــــــرور شــهــريــ­ن على اخــــتـــ­ـفــــاء املـــبـــ­تـــعـــث محمد الغنام في الواليات املتحدة، تـــوســـع نـــشـــاط الـــبـــح­ـــث عن املــفــقـ­ـود، إذ كــانــت الجهات األمنية األمريكية تعمل على البحث فـي سجالت الطالب

البنكية ملعرفة آخــر العمليات التي أجـراهـا من حسابه، وآخر عملية سحب أو إيـداع أمـوال، كما كانت تعمل على رصد محتوى الكاميرات املثبتة على مباني البنوك أو املـواقـع التي أجــرى فيها معامالت بنكية والتي تفيد املحققني في رصد تـحـركـاتـ­ه بـعـد مــغــادرت­ــه للفندق الـــذي أقـــام فيه بوالية لويزيانا. وقـــــامـ­ــــت الــــجـــ­ـهــــات األمــــنـ­ـــيــــة أيــــضـــ­ـًا بتمشيط املستشفيات والسجون في مدينة سان أنطونيو حيث يــدرس الطالب، وقـامـت بــاإلجــر­اء ذاتــه في مدينة نيو أورلينز بوالية لويزيانا، في حني لم تظهر سجالت املسافرين عبر مطارات الواليات املتحدة مغادرته إلى خارجها أو تنقله داخليا.

فشل جهود البحث

وبعد مرور ثمانية شهور على اختفاء الغنام، لم تستطع السلطات في مدينة نيو أورلينز أن تعثر على أي خيط يمكن أن يــدل على مـكـان املفقود أو مـصـيـره. وذكـــرت صحيفة «ذا نيو أورليانز أدفــوكــا­ت» أن شرطة املدينة قامت بالتركيز في بحثها على الـرسـائـل الـتـي أرسلها املبتعث من هاتفه والرسائل املوجودة في هواتف أصدقائه وأقــاربــ­ه، كما أخــذت عينة مـن الحمض النووي DNA الــخــاص بـاملـبـتـ­عـث لـتـحـلـيـ­لـهـا، لـكـنـهـا لم تتمكن من الوصول إليه أو إلى سر اختفائه. ومن جهة أخرى، قالت الشرطة إن محمد الغنام ربما غادر مدينة نيو أورلينز بعد مغادرة عمه، لكنها لم تعثر على أي دليل على سفر الغنام أو بقائه في نفس املدينة.

إسقاط الغنام من كشوفات اجلامعة

بـــــعـــ­ــد مـــــــــ­ـــرور فصلني دراســــيـ­ـــني عــلــى تغيب املبتعث املـفـقـود محمد الــــغـــ­ـنــــام، قـــامـــت جامعة تــكــســا­س بـــإســـق­ـــاط الغنام من سجالتها الجامعية، فيما ال يعتقد أساتذته أن تكون نتائجه الدراسية سببًا في اختفائه، بحسب ما نقلته بعض وسائل اإلعالم األمريكية.

شغفه بالتصوير

مـــن الــنــقــ­اط املــهــمـ­ـة الــتــي لــفــتــت االنـــتــ­ـبـــاه خالل متابعة حــادثــة اخـتـفـاء املبتعث محمد الغنام، هي شغفه الكبير بالتصوير، حيث اعتبر الغنام نفسه محترفًا في مجال التصوير الفوتوغراف­ي بحسب ما ذكره في سيرته الذاتية املدرجة على موقع «لنكد إن» الخاص بالسير الذاتية، وكتب في مقدمة سيرته: «أنا مصور لدي كامل املعدات لتغطية كل ما تريدونه في املناسبات والحفالت وحـتـى الـصـور الشخصية، أنــا أحــب هــذا العمل لذلك إذا كنت تريد أن تكون ذكرياتك في يديك فبإمكانك االتصال على الرقم املدون باألسفل». كـمـا لفتت الـعـديـد مــن الــصــور االحـتـراف­ـيـة التي نشرها املبتعث الغنام قبل حادثة اختفائه، سواء على حساباته الشخصية في موقع «انستغرام» و«فيسبوك» أو ما تم تداوله في وسائل التواصل االجتماعي وهــو يـمـارس هوايته فـي التصوير االحترافي، االنتباه إلى أنه كان يحمل خالل تنقله كاميرا احترافية باهظة الثمن، وهـذا األمـر دفع «عكاظ» إلى توجيه سؤال إلى شقيقته وزوجها

يحيى التمار بعد عدة أيام من حادثة االختفاء، حول ما إذا كان الغنام يحمل معه تلك الكاميرا أثـنـاء رحلته األخـيـرة إلــى نيو أورلـيـنـز، فأجابا حينها بأن الكاميرا غير موجودة باملنزل، أي أنه من املحتمل أنه أخذها معه في رحلته األخيرة، وهذا النوع من الكاميرات يصل سعرها إلى أكثر من خمسة آالف دوالر، وهو ما أثار الشكوك بأن املبتعث الغنام ربما كان مستهدفًا بدوافع السرقة لحمله مثل هذه الكاميرا باهظة الثمن.

اختفاء الكاميرا !

بــالــرغـ­ـم مـــن تــأكــيــ­دات شـقـيـقـة املــبــتـ­ـعــث محمد الـــغـــن­ـــام وزوجــــهـ­ـــا يــحــيــى الـــتـــم­ـــار بـــعـــدم وجود الكاميرا االحترافية في مقر سكنه في تكساس، وهو ما أعطى انطباعا أنه حملها معه في رحلته األخيرة، إال أن عمه فاضل الغنام أكد لـ«عكاظ» أنــه لـم يشاهد تلك الكاميرا أثـنـاء تـواجـده معه، مـوضـحـًا أن جميع الــصــور الـتـي التقطت خالل رحــلــة نــيــو أورلــيــن­ــز تـــم الــتــقــ­اطــهــا عــبــر كاميرا املــوبــا­يــل فــقــط. ومـــن جــهــتــه، أشــــار عــلــي الغنام الشقيق األكبر للمبتعث املفقود إلى أنه بحث عن الكاميرا وســأل أصدقاء شقيقه حـول ما إذا كان أحـدهـم قـد استعار الـكـامـيـ­را، ولكنه لـم يجد أي إجابة عن مكان وجودها.

احلياة في نيو أورلينز

مـن األمـــور الجوهرية الـتـي كــان ال بد مــن اإلشــــار­ة إلـيـهـا، هــي طبيعة الــــحـــ­ـيــــاة فـــــي مـــديـــن­ـــة نيو أورلــــيـ­ـــنــــز، فـــبـــرغ­ـــم أنها تستضيف الـعـديـد من الـــفـــع­ـــالـــيـ­ــات الجاذبة لـــــلـــ­ــســـــيـ­ــــاحــــ­ـة، إال أن اإلحـــصــ­ـاءات الرسمية عن العام 2014 أشارت إلى أن مدينة نيو أورلينز تقع ضمن قائمة أخطر املدن عـلـى مـسـتـوى الــعــالـ­ـم مــن حيث تفشي الـجـريـمـ­ة، إذ تحتل املـرتـبـة الرابعة على مستوى الواليات املتحدة و23 على مستوى العالم، وتشير التقارير إلى أن تاريخ هذه املدينة حافل بالجريمة، ففي العام 2011 تصدرت قائمة أكثر املدن من حيث جرائم القتل بمعدل 57 جريمة قتل لكل 100 ألف نسمة واملرتبة 27 على مستوى الــعــالـ­ـم مــن حــيــث جــرائــم الــعــنــ­ف املـخـتـلـ­فـة، وفي الفترة التي تلت إعصار كاترينا املدمر في 2006 إلــى الــعــام 2015 ارتـفـعـت مــعــدالت الـجـريـمـ­ة في نيو أورلينز ،%200 وعلى عكس بقية املدن كلها، تعتبر هــذه املدينة الـوحـيـدة بـالـواليـ­ات املتحدة التي معدل الجرائم بها يزداد سنويًا. هذا العامل كان مهما طرحه، الحتمالية ارتباطه بمالبسات اختفاء املبتعث الغنام في هذه املدينة الـتـي تعج بالجريمة، كما أن كثيرا مــن الطالب املـبـتـعـ­ثـني غــيــر مـلـمـني بــهــذه الــعــوام­ــل املحيطة والخطر املحدق بهم أثناء التجول بمفردهم في مثل هذه املدن، والشواهد على ذلك كثيرة. ولكن ال يزال مصير املبتعث الغنام مجهوال حتى يومنا هذا، وال تستحضرنا في هذه الظروف الغامضة الـــتـــي أحـــاطـــ­ت اخـــتـــف­ـــاءه ســـــوى خـــاطـــر­ة معبرة ومـلـفـتـة، كتبها مـحـمـد الــغــنــ­ام عـلـى حـسـابـه في انستغرام: «الناس سوف تنسى ما قلته، والناس سـوف تنسى ما فعلته، ولكن لن ينسى أحـد أبدا كيف جعلتهم يشعرون نحوك».

 ??  ?? صورة تعبيرية لواقع حياة الجريمة والبؤس في نيو أورلينز.
صورة تعبيرية لواقع حياة الجريمة والبؤس في نيو أورلينز.
 ??  ?? ضوئية من آخر محادثة نصية جرت بين المبتعث محمد الغنام وعمه فاضل.
ضوئية من آخر محادثة نصية جرت بين المبتعث محمد الغنام وعمه فاضل.
 ??  ?? يحيى التمار زوج شقيقة المبتعث المفقود.
يحيى التمار زوج شقيقة المبتعث المفقود.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia