صورة مقربة للمنتف!

اآلن بعد هذه الصولة الجامحة التي قام بها املستشارون والخبراء االقتصاديون وجيوش املحاسبني لضبط األحوال املالية بشكل عاجل، نحتاج صولة موازية من خبراء علم االجتماع واألطباء النفسيني لــدراســة آثــار هــذه اإلجــــراءات التقشفية على املواطن (املنتف) الذي وجد نفسه فجأة في مواجهة واقع جديد لم يعتده مــن قــبــل، ثــم الــعــودة مــن جــديــد إلــى املـسـتـشـاريـن االقتصاديني وجـيـوش املحاسبني إلبـالغـهـم بحجم الكلفة املـالـيـة (املوازية) التي تحتاجها البالد ملعالجة املشكالت االجتماعية األمنية التي يمكن أن ينتجها أي تقشف غير متوازن. نـعـم.. الـوضـع الـيـوم يحتاج إلــى سـاعـة هــدوء مـع فنجان قهوة بنكهة الزعفران.. والتفكير العميق في قدرة ماليني الناس الذين يتشبثون عبثا بحافة الطبقة املتوسطة كي ال يسقطوا في حفرة الطبقة الفقيرة، حيث الحياة الخانقة الصعبة التي تتعزز فيها أسباب الجهل والجريمة واإلرهاب، وال يخفى على عاقل أن كلفة مواجهة مثل هـذه األخطار األمنية واالجتماعية قد تزيد على املبالغ التي تم توفيرها من اإلجراء ات التقشفية العاجلة وهكذا: (وكأنك يا أبو زيد ما غزيت)!. أمامنا صورة قد ال تكون مرئية للخبراء االقتصاديني، ولكنها موجودة في كل حي وشارع، صورة باألبيض واألسود لرب أسرة (منتف) طـارت البدالت من راتبه، وزادت كلفة رسـوم الخدمات التي يدفعها، وعليه أن يتحول إلى بهلوان عجيب كي يستوعب هذه الحسبة الجديدة، ويعتاد هو وأفــراد عائلته على التكيف مـع منحنياتها الخانقة، وفـي الـوقـت ذاتــه مـن واجـبـه أن يرعى أوالده ويعلمهم تعليما جيدا؛ كي يكونوا قادرين على املشاركة في تطوير الوطن من خالل رؤية .2030 رب األسرة (املنتف) هذا نحتاج بشدة اليوم أن نضع صورته الغائبة في منتصف القاعة؛ ألنه حجر الزاوية في تحقيق كل ما نطمح إليه وفي تجنب كل ما نخشاه. ال بد من استراحة موقتة للمحاسبني والتفكير في تجنيب بعض الـشـرائـح مـحـدودة الـدخـل اآلثــار الطاحنة ألزمتنا االقتصادية ودعــمــهــا إن دعـــت الــــضــــرورة.. أعــــرف بـــأن كــلــمــة (دعـــــم) ليست مستحبة هذه األيام، ولكنها في بعض الحاالت ضرورية وتقي من كلفة أضعاف كلفتها.