التعاقد مع املعيدين
مــن عــجــائــب االقـــتـــراحـــات ذلـــك االقـــتـــراح الــــذي اقترحته اللجنة املؤقتة املكلفة بأعمال مجلس التعليم العالي على الجامعات السعودية، والذي رأت فيه عدم تعيني املعيدين في الجامعات، واستقطابهم بنظام التعاقد لفترة معينة، ثم يتم تعيينهم بعد االطمئنان إلى مستواهم العلمي. والعجب العجاب ليس فيما يسببه ذلك االقتراح من قلق ملن تقوم الجامعات باختيارهم كي يكونوا معيدين على مستقبلهم املعلق بـني التعاقد والتعيني فـي مرحلة هم أحوج ما يكونون فيها للتفرغ لدراساتهم العليا، العجب العجاب ليس في ذلك فحسب وإنما تجاهل أن الجامعات إنما تقوم عـادة باختيار املعيدين من بني الذين درسوا فــي كـلـيـاتـهـا، وهـــذا يعني أنــهــا تابعتهم طـــوال سنوات أربــع أو خمس عرفتهم خاللها حـق املعرفة وعـرفـت من هـو الـجـديـر منهم بــأن تـخـتـاره معيدا وتتيح لـه فرصة استكمال دراساته العليا كي ينضم إلى هيئة التدريس فيها، ولذلك ال يصبح معنى ملا اقترحته تلك اللجنة التي يبدو أنها في واٍد واآللـيـة املتبعة الختيار املعيدين في وا ٍد آخر. األزمــة الحقيقية التي فاتت على اللجنة املؤقتة والتي تمثل مشكلة حقيقية فـي كثير مـن الجامعات إنما هي تلك األزمة التي تبدأ بعد حصول املعيدين واملحاضرين على درجة الدكتوراه وتعيينهم أساتذة مساعدين، فكثير منهم ال يلبث أن يخلد إلى الراحة مكتفيا بما كتبه في رســالــتــي املـاجـسـتـيـر والـــدكـــتـــوراه، وربــمــا مكتفيا كذلك بما قـرأه خـالل إعــداده للرسالتني من كتب، ولعل الوجه الــظــاهــر لـتـلـك األزمــــة مــا تـشـهـده الــجــامــعــات مــن تكدس لــأســاتــذة املـسـاعـديـن فيها حـتـى بــات الـحـاصـلـون على درجـة األستاذية قلة قليلة وكثير منهم يتوقف مشواره العلمي بـعـد حـصـولـه عـلـى درجـــة األســتــاذيــة الـتـي بقي يطاردها بأبحاثه التي يستهدف من خاللها الترقية فإذا ما حصل عليها راح يغط في نـوم عميق ال يوقظه منه غير التقاعد.