تلك احلقيقة بال رتوش!
أضحت نيات التوسع اإليراني في املنطقة هاجسا مؤرقا، ليس للدول الخليجية وحدها؛ بل العربية والعاملية. ومهما تم جرد العوامل التي تعني طهران على مد نفوذها، فإن الحقيقة املؤملة التي تنبغي مواجهتها بجرأة وقولها بكل صراحة، وصدق مع النفس، تتمثل في أن طابور إيران في الدول الخليجية والعربية، من أحد أهم أسباب االختراق وتمدد النفوذ اإليراني، الذي يأتي «كامل الدسم»! بمعنى أنه ينتقل من مرحلة الدعم الطائفي واملذهبي إلى مرحلة تفكير إيران في الهيمنة على الدول املستهدفة. يــجــب أال نــلــطــف الــجــمــل والـــعـــبـــارات عــلــى حـــســـاب أمن واســتــقــرار بلداننا ونسيجها االجـتـمـاعـي، ونــواجــه بكل حزم كل هؤالء املنافقني املتلونني الذين فضحت األزمات قــوة والءاتــهــم لـسـيـاسـات «الــولــي الـفـقـيـه» وحنقهم على بلدانهم، وأولهم حسن نصر الله. ومـمـا يـؤسـف لــه أن هـنـاك دوال تتجمل أمـــام إيــــران، كأن تـوددهـا لطهران سينجيها من قوائم التوسع والهيمنة اإليرانية، ولم تتعلم من الدروس الراهنة، وما وصل إليه الـحـال فـي سـوريـة والــعــراق والـيـمـن ولـبـنـان. وهــي بلدان استقلت منذ بضعة عقود مـن االستعمارين البريطاني والــفــرنــســي، فـكـيـف تـغـفـل عــن اسـتـعـمـار إيــرانــي إجرامي أضحى يراه رأي العني - الشرق والغرب؟ وعلى رغم تلك السلوكيات واألجندات اإليرانية التوسعية الخبيثة، ال تزال هناك دول خليجية تستقبل مجموعات مــمــا يــســمــى بـــ«املــســتــثــمــريــن» اإليـــرانـــيـــني الـــذيـــن يأتون إليها، ويسمح لهم بسذاجة أو حسن نية أو عـدم معرفة تامة باألجندات اإليرانية للتغلغل فيها، والتخطيط من داخلها. يـجـب أن يعلم الــكــل، أنــه ال يسمح ألي إيــرانــي بمغادرة طهران، وممارسة أي نشاط تجاري أو استثماري خارج حـدودهـا، إال بمعرفة نظام املرشد علي خامنئي، وهـو - كما هو معروف - نظام أمني عسكري مهووس بالغزو، ومـــد الــنــفــوذ، ومــصــادمــة الــقــوى األخــــــرى، إلقــامــة إيران الكبرى (اإلمبراطورية الفارسية) على أنقاض العواصم العربية املتهاوية. ويـجـب أن نـكـون صــادقــني مــع أنفسنا حــني نـقـول إن من يذعن إليران، ويفتح لها األبواب لتتسلل إلى املجتمعات العربية والـتـدخـل فـي شؤونها الـداخـلـيـة، غالبيتهم من شيعة لبنان والعراق وبعض دول الخليج من على شاكلة الــهــارب دشـتـي، الـذيـن أتــاحــوا إليـــران تمديد نفوذها في بلدان عربية عـدة، واملنافحة عن السياسات اإليرانية في كل محفل عبر تسويق األكاذيب. علما، أن هناك في املقابل رجاالت وطنيني حتى النخاع من شيعة الباد الخليجية والعربية، ويـرفـضـون بكل قــوة كـل املـمـارسـات اإليرانية، وما أكثرهم. وهل مثل هذا القول حول وجود العماء والخونة يعوزه دليل؟ أولــــم يظهر فـي السعودية نبت شيطاني إرهــابــي، خلية الــــ٢٣ عميا إليــــران، الــذيــن كــانــوا يعملون وفــق أجندات إيرانية ويخططون للتخريب والتدمير، كما قد تم قبل عامني القبض على املجرم أحمد املغسل بعد سنوات من املاحقة والتخفي فـي إيــران وبــيــروت، وهــو املـتـورط في تفجير الخبر عام ٦991؟ أليسوا هم الذين يهاجمون رجال األمن في القطيف؟ أليس من هؤالء من هم تامذة أولئك األشرار في طهران. ولننظر إلــى الـيـمـن: ألـيـس بــدر الــديــن الـحـوثـي هــو أكبر عـمــاء إيـــران هــنــاك؟ هــل كــان الـيـمـن وصــل إلــى مــا وصل إلــيــه لــوال الشيطنة اإليــرانــيــة وتـوجـيـهـات قــم، وتحويل املدنيني البسطاء إلى ميليشيات، ومقاتلني، وانتحاريني، وحــاملــني بالسيطرة على الـيـمـن، أرضــا وشعبا وموارد؟ لننظر إلى البحرين، وهي دولة صغيرة املساحة، تكتوي بنيران مهاجمي رجال األمن، والسجون، وتفجير املساجد واملـنـشـآت الحيوية، بسند قــوي مـن عـمـاء إيـــران، بـل من إيران بشكل مباشر، كما أثبتت التحقيقات مرارا. لكنهم لم يجنوا سوى الحصرم! ولنذهب إلى العراق... من يمارس الطائفية النتنة، ويقتل السكان على الهوية، ويدخل املـدن املحررة ليسوم أهلها تعذيبا، وتقتيا، واغتصابا؟ هل هناك من يشارك «داعـش» سوى امليليشيات الشيعية الطائفية؟ أليس من يرغم أهالي املحافظات السنية على مــغــادرتــهــا لـيـصـبـحـوا نـــازحـــني داخــــل وطــنــهــم هـــم قادة وعناصر «الحشد الشعبي»، و«منظمة بـدر»، و«عصائب أهل الحق»، و«النجباء»؟ واألنكى أن تلك املنظمات الطائفية املجرمة تتولى قيادتها إيـــران مـبـاشـرة، ودونــكــم قـاسـم سليماني الــذي أنـشـأ تلك امليليشيات ويقودها ميدانيا بدعوة من رئيس الحكومة حيدر العبادي، وبتحريض من رئيس الحكومة السابق الننت نـوري املالكي. ومن سخافات التاريخ أن سليماني يتمتع بـكـامـل االمــتــيــازات والـحـمـايـة والـتـدخـل فــي عمل الجيش العراقي ألنه يشغل منصبا رسميا في الحكومة العراقية: مستشار حكومة بغداد! والطموح اإليــرانــي للهيمنة على دول خليجية وعربية ليس وليد اليوم، وال األمس القريب. فقد كشفه امللك الراحل فهد بن عبد العزيز قبل 7٢ عاما، بحسب وثائق رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت تاتشر التي نشرتها «عكاظ» أخيرًا. وحذر منه قبل أكثر من ثاثة عقود العاهل األردني الراحل املـلـك حـسـني بــن طــال بـقـولـه لـلـقـادة الــعــرب «قــم ستحكم العالم العربي إذا استمرت فرقتنا». األكـيـد أن الـسـكـوت عـن دور املـذعـنـني املستطربني إليران ووالية الفقيه، مثل النعامة التي تدفن رأسها في الرمال، ظنا منها أن ذلك سيحميها من الخطر الذي يدهمها. إيــران تجاهر بالعداء لباد خليجية وعربية بمساعدة «طــــابــــور عـــمـــاء» يـــنـــدس بـــني الـــصـــفـــوف بـــجـــواز عربي وبمهنة «مستثمر» بهدف حد السكني للرؤوس ومن داخل
بلداننا.. تلك الحقيقة با رتوش!