Okaz

جحا أولى بلحم ثوره

-

دخول ترمب للبيت األبيض أفسح املجال ألن تتنبه كل دولة إلى خيراتها من أجل تحسني حياة الرفاهية لشعبها (أمريكا أوال).. قد يكون هذا الشعار الوحيد الذي تنبه له الجمهور األمريكي الذي حضر تنصيب الرئيس الـ54 ألكبر دولة في العالم، التي لم تسلم من الهلع على مواطنيها وحياتهم بسبب ارتفاع كلفة الحياة، وربما تكون كلمة الرئيس بحماية حدود بلده وعودة رجال الجيش إلى ديارهم فاتحة إلنهاء «املعصرة» الحربية التي عصرت الدم العربي ووسعت رقعته، وأي مصيبة ال بد وأن يكون لها جانب إيجابي في اتجاهات أخرى، فلعل هذه السياسة القادمة ترحمنا مـن تطاير الـدمـاء العربية فـي كل مكان. وتــرمــب جـــاء عـاصـفـا بـــدءا مــن حملته االنـتـخـا­بـيـة وانتهاء بوصوله إلى منصة التتويج مقسما على حماية األمريكيني واستعادة األمجاد للواليات املتحدة في كل مناحي الحياة. أقـول جاء عاصفا بعدما أراد أن يلغي كثيرا مما ألف العالم عـلـيـه مــن ســيــاســ­ات خــارجــيـ­ـة، وفـــي مــقــدمــ­ة تــلــك السياسات مطالبته بإلغاء حلف الناتو كآخر تصريح مزاجي قبل تسلم السلطة، وربما تكون بعض تصريحاته السابقة لفوزه برئاسة أمريكا سوف يتم تشذيبها من خالل نائبه السيد مايك بينس حاكم والية إنديانا، فالرئيس قادم من خارج اللعبة السياسية وال يمتلك دهاء السياسيني وال لغتهم الرصينة، بينما نائبه رجـل سياسي ربما يكون كابح جماح مزاجية الرئيس، وقد يمثل عهد ترمب أن الوجه األول في أمريكا هو وجه النائب وليس الرئيس (هذا إذا أرادت أمريكا املحافظة على حلفائها وعلى سياساتها الخارجية). وإن كـان ترمب قد جـاء من خــارج الحزبني العتيدين (ممثال للجمهوريني) فقد اعتمد في خطابه على دروس اإلنجيليني املـحـافـظ­ـني كــي يـكـون داخـــل الــبــروز انـتـمـاء وسـعـيـا لتحقيق الوعد املقدس، لذلك سوف تكون لغته أكثر حدة مع القضايا اإلســالمـ­ـيــة مـثـلـهـا مــثــل بـقـيـة الــقــضــ­ايــا الــتــي يــراهــا بمنظار مـتـطـرف، فــإن كــان الــواقــع يظهر متطرفا فــي أمــاكــن عــدة من العالم فالنظرة القادمة اتخذت التطرف سبيال للتعبير عن مــواقــفـ­ـهــا الــقــادم­ــة، فــهــل إذا ضـــرب الــتــطــ­رف بــتــطــر­ف مقابل يساويه في االتجاه وردة الفعل يكون الخير للعالم (هـذا ما سوف نراه خالل فترة رئاسة ترمب). وفعال نحن أمام عصر جديد ورؤية جديدة وهذه ليست جمال إعالمية وإنما اتساق مع واقـع سـوف يبدأه الرئيس الجديد برؤى ربما تمثل آراء من هم خارج السياسة.. فهل ينجح رجال األعمال في استعادة وضع امليزان على استواء الكفة الواحدة... مع أن منطقية الحياة قائمة على ميالن كفة على أخرى.. املهم في خطاب ترمب أنه نبه الدول لتحقيق أحالم ورفاهية شـعـوبـهـا، مــا يعني إرســـاء رفـاهـيـة املــواطــ­ن وخــيــرات الدولة ذاتها بهذين العنصرين املقدمني على أي شيء آخر ستكون السياسة القادمة... وهي نصيحة عربية صرفة لم يتم االنتباه لها جيدا (جحا أولى بلحم ثوره).. أعتقد أن من واجبنا اآلن ترديد هذا املثل في كل املحافل الدولية واإلقليمية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia