مدرسة أشواق وفاطمة!
وقفة مطولة يستحقها الخبر املثير الذي نشرته «عكاظ» أمس األول على صفحتها الرئيسية متناوال قصة بطولية للطالبتني السعوديتني (أشـــواق بخش وفاطمة الصعب) اللتني أنقذتا زمياتهما مـن موت محقق عبر السيطرة على الحافلة املـدرسـيـة الـتـي تقلهن بعد دخــول سائقها في غيبوبة سكر وانحرافها عن الطريق بشكل كاد يودي بحياة الجميع. وقعت الحادثة بحسب الخبر في محافظة الجموم ملجموعة من طالبات مدرسة أبي عـروة، وهي باملناسبة مدرسة تستمد اسمها من اسم القرية التي تقع فيها ال اسم شخصية تاريخية كما قد يتوهم البعض، ما يجعل الحدث فرصة جيدة ليصبح للمدرسة اسم جديد مستقل بدال من نسبتها للمكان، أقترح أن يكون (مدرسة أشواق وفـاطـمـة) تكريما لهما وتـخـلـيـدا لبطولتهما، وحـتـى يـتـذكـر بـعـد ســنــوات طويلة أبناء وأحـفـاد الطالبات الناجيات فضل الطالبتني ويفخروا دائما بقريتهم التي أنجبتهما. األمر الذي أخشاه أن وزارة التعليم لم تعرف شيئا عن الحادثة إال من خبر الصحيفة، خصوصا أن الشكر الـذي تلقته الطالبتان حتى لحظة نشر الخبر مصدره مكتب تعليم الجموم ال مكتب الوزير، أو مكتب مدير تعليم املنطقة على األقـل، ربما ألن الــوزارة مشغولة حاليا بتكرار وضـع كتب املناهج على أجهزة وزن (الخضراوات والــفــواكــه) بـدعـوى مـحـاولـة تخفيف وزن الحقيبة املـدرسـيـة على الـطـالـب املسكني الذي أحدودب ظهره من حملها مع أنه يعيش في زمن التقنية الذي يمكن مسؤولي الــوزارة من جمع مناهج املراحل الدراسية كلها في (فـاش يو إس بي) ال يتجاوز وزنه 10 جرامات، لكن هذا لألسف أمر يصعب فهمه على من يعيشون بأجسادهم في عام 2017 أما عقولهم فتعيش في ستينات القرن املاضي إن لم تكن تهيم في عصور أقدم. ميزة بطولة فاطمة وأشــواق أنها جــاءت في زمـن ال تقود فيه النساء السعوديات السيارات الصغيرة فضا عن الحافات، ما يعلي من شأنها بشكل فنتازي، ولو تلقفت الخبر غدا صحيفة مثل نيويورك تايمز أو ديلي ميل ألصبحت الواقعة حديث نشرات األخبار في العالم أجمع ولتسابقت املنظمات الدولية لتكريم الطالبتني قبل أن يرتد لوزارة تعليمنا طرفها، أو لنقل قبل أن تبدل كتاب العلوم بكتاب الفقه على ميزان الخضراوات الـذي تصور بجانبه أحـد كبار مسؤوليها ونشر الصورة عبر حسابه في شبكة تويتر ليضحك علينا العالم دون أن يشعر. إجماال نقول ال ينبغي أن تمر بطولة أشواق وفاطمة كخبر صحافي عابر مثل غيره من أخبار الحوادث املرورية التي تنشر يوميا في الصحف السعودية، وينبغي إن لم يستوعب عظمة وأهمية الحدث السيد املسؤول في وزارة التعليم، أن يستوعبه املجتمع وتطلق مبادرات أهلية لتكريم الطالبتني ابتداء من قرية أبي عروة وليس انــتــهــاء بـكـل بـقـعـة فــي هـــذا الــوطــن تـحـمـل بـنـاتـهـا حـقـائـبـهـن كــل صــبــاح متجهات ملدارسهن دون أن يعلمن إن كن سيعدن ملنازلهن أو سيذهنب ضحية غيبوبة سائق حافلة مريض أو إبل سائبة دون أن يهتم بمصيرهن أحد من خارج أسرهن.