مؤمتر الرابطة في باكستان: مواجهة الفتاوى الشاّذة والتصدي لتيارات التطرف
تلميح وتصريح
طـــالـــب املــؤتــمــر الــــدولــــي «الـــخـــطـــاب الــوســطــي واألمــــن املجتمعي»، بالحد من تأثير الفتاوى الـشـاذة بوضع الضوابط الشـرعية التي تنظم الفتوى وتراعي متغيرات الواقع، وتشجيع الفتاوى الجماعية في النوازل والشأن الــــعــــام، والــعــنــايــة بــالــشــبــاب والـــتـــواصـــل مــعــهــم لحل مشكالتهم، وتصويب مفاهيمهم، وتحصني أفكارهم، بالعلم الصحيح واألسلوب الحكيم، وتشجيع البحوث والدراسات التي تؤصل ملبادئ اإلسالم وقيمه النبيلة، وتفند شبهات املتطرفني وتعالج أفكارهم املنحرفة. كما طالب املؤتمر الذي نظمته رابطة العالم اإلسالمي في العاصمة الباكستانية إسالم آباد في بيانه الختامي أمس (األربعاء) بتطوير الخطاب الــوســطــي بــمــا يـــراعـــي فــــــوارق الزمان واملكان، ويتوافق مع ثوابت اإلسالم الـــقـــائـــمـــة عـــلـــى االعــــــتــــــدال، ويعالج مشكالت املجتمع املـعـاصـرة، بعيدًا عن االنفعال الذي يعبر عن ردة فعل آنية تغفل عن اآلثار البعيدة. ودعــــــا إلـــــى الـــتـــصـــدي لـــتـــيـــارات الغلو والتطرف، وتوضيح جنايتها على صحيح اإلســـــــالم مـــع تــحــصــني الـــشـــبـــاب مـــن أخـــطـــارهـــا بنشر ثقافة االعــتــدال، والــنــأي بهم عما يـؤجـج الـفـن ويثير عـداء اآلخرين لإلسالم وحضارته وأبنائه، وتصحيح املفاهيم املغلوطة عن اإلسالم وأحكامه، من خالل بيان تعاليم الكتاب والـسـنـة، ودعوتهما للوسطية سلوكا ومنهجا، وتحذيرهما من الغلو والجفاء. وأشــــــاد الــبــيــان بــالــجــهــود الــكــبــيــرة لـــخـــادم الحرمني الشريفني امللك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد وولي ولي العهد، لجمع كلمة الدول اإلسالمية وتحقيق األمن والسالم واالستقرار ورفع شعار الوسطية واالعتدال في مواجهة التطرف واإلرهاب. وعـــبـــر املـــشـــاركـــون فـــي املــؤتــمــر عـــن عــظــيــم امتنانهم وتــقــديــرهــم لـلـمـمـلـكـة الــعــربــيــة الــســعــوديــة فــي تكوين التحالف اإلسالمي العسكري ملحاربة اإلرهــاب، ليكون درعًا واقيًا وحصنًا منيعًا ضد اإلرهاب وتحقيق السلم واألمـــن الـعـاملـي، ومـواجـهـة رسـائـل التطرف وتفكيكها بوصفها الجذور املغذية للتطرف، والتأكيد على ملء مساحة الفراغ السابقة في التصدي لألفكار اإلرهابية. وأهـــــابـــــوا بــالــعــلــمــاء والـــــدعـــــاة وأســـــاتـــــذة الجامعات ورجــــال الـتـربـيـة واإلعــــالم لــبــذل جــهــد جـمـاعـي منسق لفضح افتراءات املتطرفني، وكشف شبهاتهم، وتعريف الناس بزيف شعاراتهم وبطالن دعــاواهــم، مـؤكـديـن على أهمية بيان حقائق اإلسالم بنشر العلم الشرعي الصحيح املنبثق من أصول الدين، بعيدًا عن تحريف الغالني، وانتحال املــــبــــطــــلــــني، وتـــــــأويـــــــل الجاهلني، مـــــع دعــــــــوة املــــؤســــســــات التعليمية والتربوية والدعوية باالهتمام بتعزيز الخطاب الوسطي في مهماتها، وتقديم رؤية إسالمية عميقة، وترشيد مناهج التربية والتعليم بما يتوافق مع املنهج اإلسالمي الحق، ويعزز من قدراتها التعليمية للوقاية من الفكر املتطرف. وشــددوا على أهمية العناية بتأهيل العلماء والدعاة النابهني، ملعالجة الــواقــع ومــا يـجـد فيه على نــور من الــكــتــاب والــســنــة، وبـــذل الــجــهــود الـحـكـومـيـة واألهلية الـعـلـمـيـة والــدعــويــة والــفــكــريــة والــتــربــويــة واإلعالمية لـوضـع خطة إستراتيجية شاملة ومتكاملة ملواجهة الــفــكــر املـــتـــطـــرف بــجــانــب حــمــايــة املــجــتــمــع مـــن آثــــاره ونتائجه، وتعزيز وحدة املنهج، والتخلي عن الشعارات واألسماء واألوصاف الخارجة عن اسم اإلسالم الجامع. وعد املؤتمر أي دعوة تصدر خارج هذا اإلطار الحاضن الضامن بـإذن الله لجمع الكلمة واأللفة والسكينة هو من التصعيد في املنطقة امللتهبة، وأن من أخرج أحدا من أهل الدين الحق عن سنة املسلمني وجماعتهم فهو داعية ضاللة وفرقة وفاتح باب شر على اإلسالم وأهله، مبينا أهـمـيـة تـوحـيـد صــف املـسـلـمـني وجــمــع كلمتهم ليقوموا بـالـدور الحضاري لإلسالم خدمة لإلنسانية ورحمة بالعاملني بعيدًا عن الصدام الديني والطائفي وعـــن مـطـامـع الـسـيـاسـة وجــنــوح الــتــطــرف واضطالعًا باملسؤولية املتكاملة حيال مواجهة اإلرهاب. وفيما يتعلق بمعالجة الخالف بني املــســلــمــني أوصـــــى املـــؤتـــمـــر بتعزيز الـــتـــعـــاون فــــي املـــشـــتـــركـــات، ورفـــــض الـــتـــعـــصـــب واالنــــــغــــــالق فـــــي األســــمــــاء واألوصـــــــاف والـــشـــعـــارات الـــطـــارئـــة على اســم اإلســالم الـجـامـع، وفـتـح بــاب الــحــوار، مع االلـتـزام بــأدب الـخـالف، والـرجـوع إلـى الحق، والتحلي باإلنصاف. وبــــني املـــؤتـــمـــر أهــمــيــة أن تـــكـــون املــلــتــقــيــات العلمية والدعوية والفكرية جامعة لكلمة املسلمني، بعيدة عن التصنيف واإلقـصـاء تحت أي شعار غير شعار واسم ووصـف اإلسـالم الجامع، محذرة من األبعاد الخطيرة لهذا االنجرار السلبي في ظل األخطار املحدقة بسمعة اإلســالم التي تستدعي تضافر الجهود إلبــراز حقيقة اعتداله وسماحته، مع ترسيخ اإليمان بالسنة الكونية فــي االخــتــالف والــتــنــوع والــتــعــدديــة، وتـوجـيـه وسائل اإلعـــالم إلــى اإلســهــام فــي نشر ثقافة الــســالم والتفاهم واالعتدال، والتحلي باملصداقية واملوضوعية، والنأي عن الترويج لثقافة العنف والكراهية، وإشاعة ما يكدر صفو العالقات األخوية، وإثارة التوتر والشقاق. وتبنى البيان الختامي للمؤتمر دعـوة رابطة العالم اإلسالمي للتعاون مع املؤسسات الرسمية والشعبية في باكستان لتنفيذ برامج مشتركة هدفها تصحيح املفاهيم املغلوطة عن الدين وبيان الحق فيها، والرد على الشبهات املضللة؛ لحماية الشباب من الوقوع في شراك الشبهات والتطرف. كـمـا تـبـنـى الــدعــوة إلـــى تــعــاون الـهـيـئـات في الـــرابـــطـــة مـــع الــجــمــعــيــات واملؤسسات الـــتـــعـــلـــيـــمـــيـــة واالجـــــتـــــمـــــاعـــــيـــــة في بـاكـسـتـان، ملــســاعــدة املـسـلـمـني على مــواجــهــة تــحــديــات الـفـقـر واملرض والـــــــجـــــــهـــــــل، وتــــــقــــــديــــــم مــــشــــاريــــع تنموية، إلى جانب دعوة املسلمني إلــــى االعـــتـــصـــام بــحــبــل الـــلـــه املتني، ومـــواجـــهـــة املـــشـــاريـــع الــطــائــفــيــة التي تستهدف وحدة العمل اإلسالمي الحضاري واســـتـــقـــرار دولـــــه، والــتــنــديــد بــاملــمــارســات البغيضة لبعض الـــدول واألحــــزاب الـتـي تستغل الـديـن لتمرير أهـدافـهـا السياسية والـتـوسـعـيـة، وأن توظيف الدين ملكاسب سياسية يعتبر فـي طليعة الـجـرائـم فـي حق اإلسالم. وقــــدم املــشــاركــون فــي املــؤتــمــر الــشــكــر لــرابــطــة العالم اإلســالمــي على مــا تبذله مــن جـهـود فــي نشـر مبادئ اإلسـالم السمحة والتصدي لتيارات الغلو والتطرف، ودعوها إلى إقامة املزيد من املناشط والبرامج التي تــعــزز الــســلــم االجــتــمــاعــي والــعــاملــي وتــرســخ مفاهيم الدين الحق.