زمن احلرب املعلوماتية

عشنا خالل هذا األسبوع أزمة تصدرت املشهد اإلعالمي بعد أن أشغلت كثيرا من الجهات الرسمية واستنفرتها من أجل محاصرتها وإنهائها بأقل األضرار. هــي أزمـــة الـهـجـوم اإللـكـتـرونـي بـواسـطـة فــيــروس شــامــون «ولــيــس شمعون، بحسب أحـد أساتذة األمـن اإللكتروني في جامعة امللك سعود»، وهـذا يؤكد أن اململكة في حرب أخـرى ال تقل هـوادة عن الحرب العسكرية أو املواجهات السياسية الساخنة، بل ربما تكون في بعض الجوانب أشد خطرًا منها. لم يعد السالح العسكري وحــده آلـة الحرب وعدتها ألن مفهوم الحرب ذاته تغير، فلم يعد اليوم مهمًا قتل جنود العدو أو احتالل أرضه، األهم من ذلك هـو احتالله معلوماتيا واسـتـخـدام معلوماته ضــده مـن خــالل التحكم بها وتوظيفها لتدمير مــقــدراتــه ومكتسباته وإربــــاك خططه وبــرامــجــه فــي كل املجاالت. وفي حلقة برنامج الثامنة مساء الثالثاء التي استضافت باإلضافة إلى خبراء ومسؤولي األمن اإللكتروني شابني من الهاكرز سابقا، أكد هذان الشابان أن بعض الجهات الحكومية تستخدم برامج حماية مستنسخة بشرائها جاهزة أو حتى استخدامها من شبكة اإلنترنت كما يفعل أي شخص ال يعي خطورة اختراق حاسوبه، وإذا صحت هذه املعلومة فإن هذا تساهل خطير وإهمال جسيم، إذ ماذا تعني أقسام تقنية املعلومات واألمن اإللكتروني فيها، وأين تذهب امليزانيات الضخمة املرصودة لها. أتذكر قبل سنوات عديدة أن أحد املستشفيات األمريكية كان يكلف قسم املعلومات بفحص كل أجهزة الحاسب اآللي بشكل دوري، وأحيانا كل أسبوع، للتأكد من أنها محمية بشكل جيد، مع أننا نتحدث عن معلومات طبية وليس معلومات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية، وذلك ما يشير إلى أن كل معلومة تخص املجتمع أو الدولة لها نفس األهمية، ويجب حمايتها بنفس القدر من االهتمام. الحروب اليوم ال تعني بالضرورة تحريك الجيوش، وعلينا أن نعي جيدًا أن فيروسا إلكترونيا قد يتسبب في أضرار فادحة يستمر تأثيرها لوقت طويل.