حمزة.. أوقد مشعل األمل ورحل
مثل أي شاب منطلق في أحضان الحياة كان الشاب حمزة إسكندر يركض في طرقات العطاء واإلبداع، قبل أن يداهمه املرض الخبيث وهو الذي ولد أصال بقلب معتل. كان نقيًا حد البياض لكنه مقلوب لألسفل مثلما أكده األطباء في ذلــك الـوقـت، وخضع إثــر ذلــك لعمليات كثيرة واسـتـطـاع بإيمانه العميق وتفاؤله الكبير أن يتجاوز ذلـك اإلشـكـال في قلبه املورق بالحياة.. ليمضي حياته يسابق اللحظات من أجـل تقديم نفسه وتحقيق ذاته تسبقه ابتسامته العريضة التي تقفز على محياه، حني يقابل اآلخرين في هذه الحياة العريضة.. لكنه يومها فوجئ بإعياء يداهم جسده النحيل وارتـفـاع في درجــة الـحـرارة وقبلها الحـظ أن وزنــه بـدأ بالنقصان على غير الـعـادة، ليكتشف حقيقة لحظة حاسمة فـي حياته حـني علم أنــه مصاب بمرض السرطان الخبيث، وقبلها أمضى وقتا طويال في رحلة تشخيص حائرة لم يوفق فيها املستشفى الذي احتضنه ألول مرة من تشخيص واضح لحالته فمضى الوقت وهو يعاني، لكنه قطع الشك باليقني عندما قـرر الـذهـاب ملركز متقدم في الـواليـات املتحدة األمريكية وهناك تـأكـد أنــه مـصـاب بــاملــرض! قـابـل األمـــر بـاإليـمـان والــرضــا بقضاء الله.. وبدأ رحلة العالج واألمـل بقناعة شجاعة وروح عالية قلما تصاحب أصحاب األمــراض العضال.. ليحول مرضه القاسي إلى رحلة أخــرى في التوعية في مواجهة السرطان بالعقل والثقافة واإليمان ثم راح يظهر بشكل مكثف عبر السناب شات وعبر تويتر معلنا أنــه يـحـارب املــرض بابتسامته ليدشن حملة أسماها (أنا أحــارب السرطان بابتسامتي)، لـيـزرع بـاقـات مـن األمــل للمرضى واملنومني هنا وهناك. نجح حمزة كثيرا في بث رسائل متفائلة حد اإلقناع في عوالم السوشيال ميديا أخيرا، لكن قضاء الله كان أكبر من كل شيء فرحل يرحمه الله أمس األول، وانقضت رحلته في الحياة شابا في مقتبل العمر محاطًا بـآالم املـرض ومسكونًا برائحة املوت زارعًا ابتسامته البيضاء على محياه البريء.