Okaz

وعادت ليالي الفن

-

كـان مؤثرًا منظر الرجل الستيني وهـو يتراقص طربًا في مركز امللك فهد الثقافي بـالـريـاض على أنـغـام أغنية محمد عـبـده مـسـاء الخميس، لقطة تداولتها وسـائـل الـتـواصـل بكثافة مـع تعليقات مختلفة كلها تشير إلى انبعاث البهجة في روحـه وانتعاش النشوة في وجدانه. ربما تكون املرة األولى التي دخل فيها املركز، إذ ما الذي سيحفزه على دخول مبنى ضخم وفخم بمسارحه وتجهيزاته لكنه خــال وخــاو ال نبض فيه. ليلتها امتأل املركز تمامًا ونشر موقعه على تويتر صورًا ألشخاص وهم ينصرفون بعد امتالئه، ولو كانت هناك آالف الكراسي اإلضافية المتأل املسرح أيضا، حدث ذلك رغم أنها حفلة ملواهب شابة وليست لنجوم معروفني. في الوقت نفسه، أعلنت الشركة املنظمة لحفل جدة يوم ٠٣ يناير أن جميع التذاكر أوشكت على النفاد، وربما لم يعد هناك اليوم مقعد شاغر. ذلك الرجل الستيني يمثل جيال انقطعت عنه منابع البهجة وهو في شرخ شبابه، أكثر من ثالثني عاما لم يشاهد الناس حفلة فنية عامة في الرياض، بعد أن كـان املـسـرح الـعـام فـي املـربـع يستضيف الفنانني فـي حفالت عامة لفناني اململكة، إضافة الى األسابيع الثقافية لبعض الـدول. شاهدنا على ذلــك املـسـرح محمد عـبـده، طــالل مــداح، عبدالوهاب الـدوكـالـ­ي، عبدالهادي بلخياط، فـرقـًا فنية مـن الـجـزائـر والخليج والـيـمـن، لكن كـل شــيء اختفى فجأة، وران الصمت والشحوب على كل األماكن التي شهدت ليالي ال تنسى، دون حدوث أي مشاكل أو تجاوزات. ابتهج الناس بحفلة الرياض وكأنها مناسبة الفن األولــى فيها مـع أنها كانت زاخــرة بمناسبات الفن املتكررة التي لم يشاهدها الشباب في عمر الثالثينات اآلن. لقد كانت حفلة الرياض مـتـواضـعـ­ة مــن حـيـث نجومية الـفـنـانـ­ني لكنها رائــعــة مــن حـيـث الحضور والروح السائدة بينهم. وبالتزامن مع تلك الحفلة كان فنان العرب محمد عبده يشدو في األوبرا السلطانية العمانية، وكثير من السعوديني قــرروا حضور حفالته هناك، وأيضا كانت اإلعالنات تتوالى عن حفالت هال فبراير التي سيكون نجومها الفنانني الـسـعـودي­ـني، محمد عـبـده وراشـــد املــاجــد وربــمــا غيرهما أيضا، وسيحضرها أيضا عدد غير قليل من أبناء الشعب السعودي الذي ضربه الجفاف الفني وأصبح متنقال بني العواصم العربية ملشاهدة فناني وطنه. اآلن، هل يمكن اعتبار ما حدث في الرياض وما سيحدث في جدة نوعًا من االستفتاء على استمرار الحفالت الفنية إذا كان البعض يريد ذلك، رغم أنه ال حاجة أبدًا للزج بشيء طبيعي وإنساني في مثل هذا املأزق، ألنه ال أحد مجبورًا على حضورها، لكن الذي ال يريد ال يجب أن يمنع غيره أو يفرض رأيه على من يريد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia