األبناء ولعبة القط والفأر!
ﺃﺩﻭﺍﺭ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺘﺮﺑﻮﻳﺔ ﻣﻊ ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ
إن أهـم املبادئ اإلرشـاديـة التي يمكن أن تتخذها األســرة في وقـايـة األبــنــاء مـن السلوكيات الخاطئة أثـنـاء التعامل مع اآلخــريــن أو فــي مــواقــع الـتـواصـل االجـتـمـاعـي، وتحفيزهم ذاتيًا على املـبـادرة وإحسان التصرف وتعديل السلوك هو التعامل املنفتح واملتفهم الـصـريـح مــع األبــنــاء داخـــل األسرة بحيث يـشـعـرون بــاالرتــيــاح فــي الـحـديـث مــع األب أو األم كـــعـــادة يــومــيــة لــهــم، حـــول أي مــوقــف قـــد يــواجــهــهــم في تفاعاتهم اليومية مـع اآلخــريــن أو مـن خــال أنشطتهم الترفيهية بألعاب الفيديو أو ما قد يعرض في وسائل اإلعام املختلفة. ويجب اعتياد األبناء على استعمال حوادثهم اليومية في مادة قصصية يتفاعلون ويسامرون بها مع األب واألم وأعضاء األسرة اآلخرين، وعدم لومهم على أخــطــاء أو سهو سلوكي ارتــكــبــوه، بــل الـتـشـاور والتوجيه لسلوك أفضل في مواقف مشابهة الحقة، يجنبهم مع األسـرة كثيرًا من محاوالت ومناورات «املراقبة البوليسية» ثم لعبة «القط والفأر» التي قد يلجأ إليها األبناء عند التشدد الزائد من األسرة، وفرض الرقابة الصارمة على تحركاتهم مهما كانت بسيطة أو ال تستحق أحيانًا. ليس أخطر على نمو األبناء وعذاباتهم النفسية، وشعورهم بالضياع والــتــشــتــت واالنــــحــــراف مـــن وضــــع األســـــرة املــمــزقــة نـفـسـيـًا واجتماعيًا بالنزاعات أو الـشـجـارات واملـصـادمـات اليومية، أو بانفصال الوالدين بــخــروج أحــدهــمــا مــن نــظــام وحــيــاة األســــرة مـرحـلـيـًا (جــزئــيــًا) أو كليًا بالطاق. فتتحول األســرة إلـى نصف أسـرة في الواقع بمعيل واحــد، هو األب أو األم أو الجد، بكل ما يتطلبه ذلك من هموم نفسية واجــتــمــاعــيــة واقــتــصــاديــة وإداريـــــــة وتــربــويــة يومية، خصوصا إذا تعدد األبناء وضاقت اإلمكانيات املادية، وتـدنـت ثقافة أو درجــة تعليم األب أو األم، ثـم ضعف انتماء أو تركيز أو اهتمام الواحد منهما باألبناء في األسرة املنكسرة. ومـن هنا على الوالدين في أدوارهــمــا التربوية اليومية مع أبنائهما أن يدركا تنوع طرائقهما وتعاماتهما في املواقف املختلفة وأن ال يقتصرا على أسلوب محدد وثابت وإال فإن األبناء سيكونون سترًا وجدرًا ووسائل دفاعية نفسية يستطيعون من خالها أن يحدوا ويقللوا من تأثير اآلبــاء خصوصًا فيما يرونه غير مستساغ في شخصيات اآلباء كالحزم وكثرة النصح وتقييد الحريات. كذلك فالتفريغ الوجداني ملا في صدور األبناء شيء مهم للغاية التقاء الـحـيـل واملــكــر والـتـصـنـع مـنـهـم، فــاالبــن الـــذي يجيش صـــدره بـهـمـوم أو يمتلئ بمواقف سلبية تـجـاه مـا يحيط بـه سيلجأ بـا شـك إلــى الحيل املختلفة في املواقف املختلفة، لذلك أنصح الوالدين أن يفتحا ألبنائهما مجاال واسعًا للتعبير والتحدث والوصف وبيان آرائهم فيما حولهم من البيئة واملواقف والناس واملجتمع.