Okaz

حزبية أوباما.. واستقاللية ترمب

- بدر عبدالعزيز Badr.alghamdi.kfsh@hotmail.com

غـــادر أوبــامــا الـبـيـت األبــيــض مـاسـحـًا دمــوعــه ولـكـنـه لم يـسـتـطـع مــســح الــصــفــ­ة الـــبـــا­رزة لــفــتــر­ة حـكـمـه املوسومة بـاالسـتـق­ـطـاب الــحــزبـ­ـي الـــذي بـــدأ مـنـذ األســابــ­يــع األولى لرئاسته، حينها أدرك الجمهوريون أن حملته االنتخابية قامت على الحزبية كما وصفها مراسل الـ «التايم» مايكل غرنوول، ساعده في ذلك خسارة الجمهوريني ملقاعد في الكونغرس، إضافة لكونهم أصبحوا أقلية في مجلسي الشيوخ والنواب. كانت أمريكا كلها بني يدي الرئيس في اليوم األول لحكمه حسب وصف املستشار اإلستراتيج­ي «فريدريك لينتز» وكان يستطيع إعادة تشكيل السياسة الوطنية كما فعل «روزفلت»، ولكن هذا األمل بدأ ينهار باعترافه هو نفسه عندما قـال إن هدفه برفع مستوى الـحـوار بني السياسيني وتقليل النزاع الحزبي قد فشل. الشك أن االستقطاب الحزبي كان كرة ثلج تــدحــرجـ­ـت خـــال ســنــواتـ­ـه الـثـمـانـ­ي ومرت بعدة مراحل ملقية بظالها على سياسة واشنطن ومسببة خلا وظيفيا أثر على قدرة الحكومة على العمل. املـــرحــ­ـلـــة األولـــــ­ــى مــــن االنـــقــ­ـســـام بني الحزبني بدأت منذ استام أوباما لزمام السلطة في أسوأ أزمـة اقتصادية منذ الكساد الكبير 1929 ومن هنا بدأ االخــتــا­ف الحقيقي والــخــاف بــني الـحـزبـني فــي كيفية التعاطي مع األزمة االقتصادية حيث رأى الجمهوريون الـــحـــل فــــي إعــــطـــ­ـاء حــــوافــ­ــز ألربــــــ­ـاب الـــعـــم­ـــل بــيــنــم­ــا رأى الديمقراطي­ون الحل في توسيع اإلنفاق الحكومي. واتسعت الفجوة بينهما بالخطة التحفيزية حيث اقترح أوباما إنقاذ مالكي البيوت األفراد، فكانت نقطة التحول فــي الــســيــ­اســة األمــريــ­كــيــة بــنــشــو­ء أقــــوى حــركــة سياسية أمريكية في العصر الحديث (حركة حزب الشاي)، وساعد فـي تنامي شعبيتها التغطية اإلعـامـيـ­ة السلبية التي صـــورت للمواطنني أن 800 مـلـيـار سيتم إنـفـاقـهـ­ا على مشاريع غير ذات جدوى، ما أرغم أوباما الذي يزين مكتبه بعبارة (األشــيــا­ء الصلبة صلبة) إلظهار مرونة غير معتادة بذهابه إلى مقر الجمهوريني للتحدث معهم حول إقرار الخطة. وظل هذا التصدع يزداد حتى طرح قانون الــرعــاي­ــة الـصـحـيـة الـشـامـلـ­ة (أوباماكير) الــــــذي اعـــتـــب­ـــره حــتــى بــعــض مستشاريه انتحارًا سياسيًا. كان أوباما يمرر قراراته مستندًا إلى التكتل الديموقراط­ي ودون أي صــــوت جــمــهــو­ري حــتــى انــقــلــ­ب الــســحــ­ر على الـسـاحـر بـاسـتـحـو­اذ الـجـمـهـو­ريـني عـلـى مجلس النواب 2010 ليواجه أوباما بعدها العقبات في طريق تمرير أي قرارات. وحتى حينما تمت إعادة انتخاب أوباما لدورة رئاسية ثانية 2012 قابلها اكتساح الجمهوريني ملجلس النواب فـــازداد االسـتـقـط­ـاب وقــام املجلس بـإغـاق الحكومة في مـحـاولـة إلجــبــار الـبـيـت األبــيــض عـلـى إلــغــاء كــل قرارات الفترة الرئاسية األولى!! فتطور االنقسام. ثـم تـهـاوت آمــال التعاون بـني أوبـامـا ومجلسي الشيوخ والنواب عام 2014 بتزعم «ميتش ماكانول» لألغلبية. كل مخلفات أوباما هي عامات نهاية عصر اإلمبراطور­ية األمريكية إذا لم يتم حلها بشكل جذري خال فترة ترمب الــــذي يـــرى نـفـسـه صــاحــب رؤيــــة جــديــدة مـخـتـلـفـ­ة وأنه مستقل فكريًا عن كا الحزبني.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia