اجلاد والساخر وما بينهما فاتر
لي فترة ليست بالطويلة عندما بدأت أكون كاتبا راتبا، وأرجو أال يتسرع القارئ فيظن أني أتحصل من كتاباتي ماال، وإن كان ذلك مستحبا، ولكني هاو ولست محترفًا، وخــال هــذه الفترة قـد يكون أصبح لــدي عــدد مـن القراء ال بأس بهم، وأتوقع أنهم ال يزيدون بالتأكيد عن اثنني، ولكن دون مـزح وبجد فلو كـان هناك قـارئ واحـد فا بد أن تعمل حسابه وتحترم رأيه، املهم أني أقابل في بعض املناسبات بعض من يحسنون الظن بي فينتقدون برقي أو يــمــتــدحــون بــتــدبــر، وبـعـضـهـم يــقــول إن الــنــقــد الجاد أفضل، ويحثون عليه، ومن وجهة نظري وإجابتي لهم أن الجاد له كتابه وهم كثر ولله الحمد، وأنا لم أضع خطة ملا أكتب وما الذي ال أكتبه، إنها مقاالت تكتب نفسها، وأنا ثقافة طرحي ونقاشاتي ساخرة، سخرية ال تسمن الذئب وال تفني الغنم. الكتاب الـسـاخـرون قلة، وأتـحـدث هنا بالعموم، وأعتقد أنهم ال يشكلون إال نسبة ال تكاد تذكر، من كتاب األنماط األخرى، فالكتابة إما جادة أو ساخرة، وما بينهما فاتر، فهي إلــى حــد مــا رمــاديــة، وأجـــد نفسي أكـثـر فــي الكتابة الــســاخــرة، وأرى وفــق رأيـــي املــتــواضــع أن أقـــوى عبارات النقد هــي املسبكة على نــار الـسـخـريـة، فـالـنـاس تـريـد أن تضحك، «باش» يا سيدي ال داعي أن نكون كراما معهم «وانبعزق» ليس بالضرورة يضحكون يا أخي يحمدون الله أنهم يبتسمون. ملت القلوب من حرب وعليها تعليق يفلق القلب «مو اللي فينا مكفينا»، أرجع وأقول إن النقد الجاد نحتاجه كثيرا ولـه كتابه وفيهم ثلة «يـخـزي» الـعـني، قـوة كلمة وجمال أسلوب وأفكار رائعة، وآراء ونقد ال أقوى وال أروع، أثروا الساحة بــالــروح النقدية، وكــانــوا صــوت املــواطــن النبيل الـوفــي الــذي يـطـرح القضايا بــروح املـسـؤولـيـة الوطنية، ويعبر في الوقت ذاتـه عن طموح املواطن وأمانيه، ربما حـديـثـي هـــذا ال يـعـنـي إال الـشـخـصـني الــلــذيــن يــقــرآن لي، أحدهما يريدها ساخرة، واآلخـر يريدها جـادة، لذا أقول لهما ابشرا مرة «هيك» ومرتني «هيكني» حسب ما قسم، املــهــم أن يــكــون فــي مــا أكــتــب فــائــدة وأن أســلــوبــي كـــذا أم (كذاك) يوصل الفكرة. وأقول إن األحداث املتسارعة والباوي «املتلتلة» على دماغ معظم الــبــاد الـعـربـيـة واإلســامــيــة مــع األســـف حكمت أن أكون «حمش حبتني» حبة فوق وحبة تحت، ولكن دعوني أسخر مرارا وأجد مرة، فليس بالجد تسلم كل جرة. يقول الشاعر ناصر سالم الكلدي: تصدق بابتسامتك الجميلة على مستعفف طال اغتمامه. تــــداويــــه ابــتــســامــتــك الـــعـــريـــضـــة. وتـــنـــزع عــنــه ديجور القتامة.