Okaz

احلقيقة بني العاطفة والعقل

- بندر السالم balotaibi@hotmail.com

دائما ما تكون مخاطبة العاطفة ودغدغة املشاعر أسرع تـأثـيـرًا فـي تشكيل قـنـاعـات الـنـاس وتـوجـيـه الـــرأي العام، رغم أن تلك القناعات غالبًا ما تـزول بنفس السرعة التي تشكلت بها، ألنها تتنافى مع العقل واملنطق، لذلك تسعى شركات اإلعان ملخاطبة العواطف عند تسويق املنتجات والخدمات، وكثيرًا ما تنتشر هذه املنتجات رغم رداءتها وذلـــــك بــســبــب الــهــالـ­ـة اإلعـــامـ­ــيـــة الـــتـــي تـــصـــور­هـــا بشكل جـذاب، وكذلك الحال بالنسبة للساسة فنجدهم يسوقون بــرامــجـ­ـهــم االنــتــخ­ــابــيــة عــبــر دغــدغــة عــواطــف الجماهير والـــوعــ­ـود املــعـســ­ولــة بتلبية رغــبــاتـ­ـهــم وتــجــد الجماهير تتسابق لترشيحهم، والهتاف لهم رغم يقني الغالبية بعدم مصداقية هذه الوعود ولكنها العاطفة عندما تطغى على العقل، كما أن أصحاب األفكار الضالة ال يروجون أفكارهم إال من خال دغدغة العواطف واستغال املآسي. وهــــذا مـــا حــــدا بــبــعــض الــكــتــ­اب والــبــاح­ــثــني عـــن الشهرة الستغال كل قرار أو حدث من أجل ركوب موجة أصوات الــجــمــ­اهــيــر لــلــوصــ­ول لــلــشــه­ــرة وكــســب املــتــاب­ــعــني، فنجد الصحف تمتلئ باملقاالت التي يرغب املتابعون قراءتها وليس املقاالت التي يجب أن يقرأوها والتي تشرح الواقع بالعقل واملنطق، كما نجد اللقاء ات التلفزيوني­ة مجرد كام إنشائي خال من الحقائق والتحليات املنطقية، وليست وسائل التواصل االجتماعي بأفضل حاال من غيرها، بل إنها أصبحت بيئة خصبة للراغبني في التاعب بعواطف اآلخرين. وســـأضـــ­رب مــثـــا بــمــوضــ­وع رؤيـــــة املــمــلـ­ـكــة 0٣02، فإذا استثنينا املطبلني الذين يمجدون ملجرد التمجيد أو من أجـل تحقيق مصالحهم الشخصية فـإن أكثر املعترضني واملنتقدين لهذه الرؤية تجدهم استغلوا تذمر البعض من إلغاء البدالت وزيادة أسعار بعض الخدمات، وسبحوا مع تيار املتشائمني، وانتقدوها بأسلوب عامي يفتقد ألبسط أدوات الـنـقـد الـعـلـمـي، املـبـنـي عـلـى الــخــبــ­رة االقتصادية واالجتماعي­ة، مع أنه من املفترض بهم أن يفندوها بشكل علمي وفق القواعد التحليلية، حسب ما تقتضيه األمانة العلمية والعملية، لذلك تجد الكثير من الهاشتاقات التي تعلن بأن فانا من الناس يمثلني وعند الرجوع لكامه تجده كاما عاطفيا ال يغني وال يسمن من جــوع، وعلى العكس تجد بـأن من يتحدث بصوت العقل غير مرغوب ومحارب، وحتى ال أكـون من املطبلني وال من املتشائمني فأنا من املتفائلني بنجاح الرؤية، وذلك لحسن ظني بالله أوال، ولثقتي باملسؤول األول عنها ثانيًا، وأخيرًا لقناعتي التامة بـأن املجتمع يحتاج إلـى هـزة اقتصادية يواكبها تطوير لسياسة التعليم لتعيد صياغة ثقافته وتحولها

من ثقافة استهاكية إلى ثقافة إنتاجية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia