احتراف يديره هواة
في الوسط الرياضي السعودي دائما نحن على موعد مع العجائب، لقد برهنا املرة تلو األخرى على قدراتنا املدهشة في خلق وابتكار القضايا اإلشكالية املعقدة، لقد أنهكتنا واستنزفتنا هذه القضايا واألزمات العبثية. قضية العويس بكل تشعباتها، ليست القضية األولــى ولـن تكون األخـيـرة، فنظامنا االحترافي الــــذي يــديــره أشــخــاص هــــواة ويــجــري تطبيقه بـطـريـقـة انـفـعـالـيـة ومـرتـجـلـة، قـــادر عـلـى إنتاج املـــزيـــد مـــن الــقــضــايــا الــتــي سـتـجـعـل مــنــا قريبا الـزبـون األكثر تــرددا على فيفا طلبا للمساعدة فـي فـك العقد التي نتفنن فـي ربطها بكثير من اإلصرار والتحدي. أجــــل، احــتــرافــنــا يــديــره هــــواة تــعــوزهــم الخبرة والــتــمــكــن واإلملــــــام والـــقـــدرة عــلــى الــتــعــاطــي مع القضايا املستجدة بالحكمة والحنكة والذكاء. ويـزداد الطني بلة في نظامنا االحترافي عندما تتدخل غريزة العناد والتحدي والشخصنة في التعاطي مع القضايا املطروحة، حيث يريد كل طرف أن ينتصر لنفسه ولو بلوي أعناق النظام وبنوده ولوائحه. وكما حــدث فـي قضايا سابقة تكرر املشهد في قـضـيـة الــعــويــس، فـقـد بـرهـنـت لـجـنـة االحتراف بـــاالتـــحـــاد الـــســـعـــودي، وقــبــلــهــا نـــــادي الشباب والنادي األهلي ومعهم بالطبع الالعب العويس عـلـى جهلهم بـالـنـظـام والــلــوائــح، وتــعــاطــوا مع املوضوع بالكثير من االرتجالية والتسرع مما أوقعهما في مخالفات صريحة وصارخة لنظام االحــتــراف، وهـم بذلك يـؤكـدون مـجـددا الحقيقة الــتــي لــم تــعــد تـقـبـل الــنــقــاش، وهـــي أن نظامنا االحــتــرافــي مــا زال يــقــوم عـلـيـه أشــخــاص هواة ال يتقنون شيئا أكـثـر مــن إتـقـانـهـم الــوقــوع في األخطاء. الوضع في األندية أكثر سوءا من غيره، ونظرة ســريــعــة عــلــى بــيــانــات نــــادي الــشــبــاب الصادمة التي كتبت بلغة خشبية تشبه اللغة التي كان يـسـتـعـمـلـهـا كـــتـــاب املــنــتــديــات املــجــهــولــون في نقاشاتهم الغامضة، تكشف املستوى الضعيف مــن املـهـنـيـة الــتــي يـــدار بــه املــلــف االحــتــرافــي في أنديتنا الرياضية. وإذا ذهبنا إلى لجنة االحتراف ورئيسها «نمبر ون» الــدكــتــور عــبــدالــلــه الــبــرقــان، فــإنــنــا ندعوه بـكـثـيــر مـــن االحــــتــــرام أن يــتــواضــع كــثــيــرا، وأن يتخلى عـن الـــروح املتحدية الـتـي يتعاطى بها مع النظام ومع األندية، خصوصا بعد خسارته املــريــرة رهــان الـتـحـدي فـي قضية سعيد املولد، وهــو اآلن يـتـصـرف كــاألســد الـجـريـح، ويــريــد أن يــثــأر مــن خــصــومــه بـتـسـجـيـل نــقــاط عـلـيـهـم في قضايا أخرى، وهذا يجعله أكثر عرضة للوقوع في أخطاء جديدة. ودعك من الالعبني، ودعك من اإلعالم الذي ظهر كالعادة في نقاشاته حول هذه القضية بوضع هـــش ومـــــــزر، بــســبــب املــنــاكــفــات والخصومات واالنحياز على حساب املهنة وشرفها. والسؤال الـذي ما زال يبحث عن إجابة هو: إلى مــتــى هـــذا الــعــبــث، وإلــــى مــتــى هـــذا التخبيص؟ أليست رياضتنا تستحق شيئا أفضل مما
يحدث لها اآلن؟